الإعلام الروسي في حملة كاملة العدد لفضح «تورط» إردوغان مع «داعش»

بوتين يشارك بقوله «إن الله عاقب القيادة التركية بأن سلبها العقل والوعي»

الإعلام الروسي في حملة كاملة العدد لفضح «تورط» إردوغان مع «داعش»
TT

الإعلام الروسي في حملة كاملة العدد لفضح «تورط» إردوغان مع «داعش»

الإعلام الروسي في حملة كاملة العدد لفضح «تورط» إردوغان مع «داعش»

الإعلام الروسي كان في معظمه، ولا يزال، منفتحًا أكثر على الارتباط بمراكز صناعة القرار في الكرملين. وليس في ذلك غضاضة بطبيعة الحال ما دام يتسق مع أبسط بدهيات العمل الإعلامي، وبما يتفق مع خدمة المصلحة العامة وحق المواطن في الحصول على المعلومة والحقيقة، بعيدًا عما يقال بشأن «النسبية» والخلط بين «الخاص» و«العام». وقد جاء حادث إسقاط الطائرة الروسية «سو - 24» فوق الأراضي السورية واشتعال الموقف على ضوء توجيه الاتهامات للقيادة التركية بالتورط في «جريمة» إسقاط الطائرة الروسية لأسباب قالوا إنها تتعلق بتورطها في علاقة آثمة مع «داعش» والإرهابيين، ليلقي بالمزيد من الزيت في أتون الخلافات التي كانت موسكو حرصت على التخفيف من حدتها. ولذا كان من الطبيعي أن تنطلق الحملات الإعلامية المناهضة لتركيا وقيادتها السياسية، والتي تتواصل في موسكو على مدى الأسابيع القليلة الماضية في كل الاتجاهات.
ولم تقتصر هذه الحملات على الصحف وقنوات التلفزيون ومنها القنوات الإخبارية الرسمية الروسية، وتجاوزتها إلى المؤتمرات الصحافية التي شارك فيها الكثيرون من ممثلي المؤسسات والوزارات الروسية ومنها وزارة الدفاع ورئاسة الأركان. وحتى الخطاب السنوي لرئيس الدولة الذي يحرص فيه بوتين على مصارحة شعبه وطرح الاتجاهات الرئيسية للتطور في المرحلة المقبلة، لم يخلُ من نشر الكثير من «الوقائع» والطرائف التي تنال من شرف وكرامة، بل وذمم كبار المسؤولين في تركيا. ومن هذا المنظور، وتأكيدًا لما سبق وتحدثت عنه القيادة الروسية في أكثر من مناسبة حول تورط القيادة التركية وأسرة الرئيس رجب طيب إردوغان شخصيًا في علاقات مشبوهة مع «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى في الأراضي التي احتلتها في العراق وسوريا، عقدت وزارة الدفاع الروسية مؤتمرًا صحافيًا دعت إليه ما يزيد على 300 من ممثلي الصحافة المحلية والعالمية، وكذلك الملحقون العسكريون الأجانب المعتمدون في موسكو.
وفي المؤتمر جرى عرض مجموعة كبيرة من الصور والخرائط التي توضح مسارات نقل النفط الذي يجري تهريبه من سوريا والعراق إلى داخل الأراضي التركية لحساب ما وصفه المتحدثون في المؤتمر «الطغمة الحاكمة في تركيا». وأشار ممثلو وزارة الدفاع الروسية ورئاسة الأركان إلى تورط ابن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي قالوا إنه يملك واحدة من أكبر شركات النفط التركية، وكذلك صهره الذي جرى تعيينه وزيرًا للطاقة في الحكومة التركية الجديدة، في هذه الجرائم. وقالوا أيضًا إن هناك من يتربح من هذه الجرائم بما قيمته 3 ملايين دولار يوميًا، أي ما يقرب من ملياري دولار سنويًا على مدى ما يزيد على 4 سنوات. وقال أناتولي أنطونوف نائب وزير الدفاع، إن ما تقدمه وزارة الدفاع من خرائط وصور التقطتها الأقمار الصناعية الروسية مجرد مقدمة لسلسلة فعاليات لاحقة تأكيدًا لما في حوزتها من أدلة تقول بتورط القيادة التركية في تمويل الإرهاب. وردًا على تهديد الرئيس التركي إردوغان بالاستقالة في حال إثبات ما تردده موسكو من اتهامات، قال أنطونوف: «نحن نعرف قيمة كلمات إردوغان. القادة لا يستقيلون، وخصوصًا السيد إردوغان، ولا يعترفون بشيء، حتى لو تلطخت وجوههم بالنفط المسروق». وفيما أشار إلى أن روسيا لا تستهدف بذلك استقالة «السيد إردوغان»، لأن ذلك أمر يخص الشعب التركي، عاد ليناشد مستمعيه ومشاهديه عبر القنوات التلفزيونية التحقق مما طرحته وزارة الدفاع الروسية من صور وخرائط، والمساهمة في كشف «جرائم» إردوغان وأسرته.
واستطرد ليقول: «إن التدفقات المالية الناتجة عن الاتجار بالمشتقات النفطية موجهة ليس إلى تراكم ثروات القيادة السياسية والعسكرية في تركيا وحسب، بل وأيضًا من أجل تمويل شراء الأسلحة والذخيرة وتجنيد المرتزقة الجدد للانضمام إلى صفوف الإرهابيين. وقد استعرض المشاركون في المؤتمر الصحافي عددًا من الصور الفضائية والخرائط التي تكشف عن 3 مسارات أساسية لتهريب «داعش» للنفط من سوريا إلى تركيا الأول من ناحية شمال غربي العراق شمالاً في اتجاه الأراضي التركية، والثاني من شمال شرقي سوريا إلى وسط الأراضي التركية فضلاً عن المسار الثالث «الغربي» الذي يربط بين شرق سوريا وميناء الإسكندرون شمال شرقي البحر الأبيض المتوسط.
من جهته، قال الجنرال سيرغي رودسكوي رئيس إدارة العمليات العامة لدى رئاسة أركان القوات المسلحة الروسية، إن «ناقلات نفط (داعش) بعد عبورها الحدود السورية مع تركيا تذهب إلى الموانئ وتنقل عبر السفن إلى بلد ثالث لتكريره». وأضاف أن «تفاصيل هذه الخرائط وأسماء المدن والنقاط المأهولة التي تقع فيها مصانع التكرير ونقاط استخراج النفط موجودة على الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع الروسية». ولم يقتصر هذا الأمر على ممثلي وزارة الدفاع حيث تطرق إليه في الكثير من إيجازاته ومؤتمراته الصحافية سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية، وقال إن ما صدر عن موسكو من معلومات بهذا الشأن سوف يصل إلى الهيئات الدولية المعنية بما في ذلك الأمم المتحدة. وكان لافروف التقى مؤخرًا نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في بلغراد على هامش مؤتمر وزراء خارجية منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، وقال إنه لم يكشف عن شيء في ما يتعلق باحتمالات الانفراجة في العلاقات التركية - الروسية. ولم يكن اللقاء يمكن أن يحقق مثل هذه النتيجة تحت وطأة تشدد الجانب الروسي وتصعيد حملاته الإعلامية التي انضم إليها الرئيس بوتين شخصيًا صباح يوم ذلك اللقاء. فقد تعمد الرئيس الروسي التوقف طويلاً في خطابه السنوي إلى الأمة عند ما وصفه بجرائم المسؤولين الأتراك وتورطهم في الاتجار مع الإرهابيين. وفي معرض انتقاد القيادة التركية بسبب إسقاط الطائرة الروسية في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ذكر بوتين «أن الله وحده أعلم لماذا فعلت ذلك». ومضى ليقول: «إن الله أيضًا عاقب القيادة التركية بأن سلبها العقل والوعي». وإذ عاد ليشير إلى تورط القيادة التركية في دعم وتمويل الإرهاب، قال الرئيس الروسي بضرورة العمل من أجل الحيلولة دون عقد أي صفقات مع الإرهابيين، مؤكدًا «استحالة نسيان الخيانة» التي قال: «إنه طالما اعتبرها ويعتبرها عارًا لا يغتفر، وليعلم ذلك من أقدم على طعننا في ظهورنا، ومن يستمرئ النفاق ويحاول تبرير فعلته والتستر على جرائم الإرهابيين». واتهم الرئيس بوتين القيادة التركية بعقد صفقات نفط مع الإرهابيين، قائلاً: «إننا نعرف جيدًا من أولئك في تركيا الذين يملأون جيوبهم ويساعدون الإرهابيين في الحصول على عائدات النفط المسروق في سوريا. ونتذكر أن تركيا كانت الملجأ والملاذ للإرهابيين من شمال القوقاز في مطلع القرن الحالي. إننا لن ننسى ما أغدقته على أولئك الإرهابيين من مساعدات مادية ومعنوية للإرهابيين». وتوعد بوتين القيادة التركية بالرد في إطار من المسؤولية والابتعاد عن الهستيرية، مؤكدًا أن بلاده لن تلجأ إلى استعراض ما تملكه من أسلحة، لكنه وإذا كان هناك من يعتقد أنه يمكنه بعد ارتكاب مثل تلك الجريمة الغادرة وقتل العسكريين الروس الإفلات من أي عقاب فإنه يخطئ كثيرًا، لأن روسيا لن تكتفي بالطماطم والقيود التي تفرضها على مجالات البناء والعقارات عقابًا لتركيا»، في إشارة إلى ما أقرته الحكومة الروسية من عقوبات اقتصادية شملت وقف استيراد الطماطم والخضراوات والفواكه من تركيا، إلى جانب حظر نشاط الأتراك في مجالات البناء والعقارات.
واستطرد ليقول: «إننا سنذكرهم مرارًا بما ارتكبوه، وسيندمون كثيرًا عليه مرة بعد مرة. ونحن نعرف ما علينا القيام به». ولم تكتفِ موسكو بذلك، حيث واصلت تناول هذه المسألة من خلال الكثير من البرامج الحوارية «التوك شو» ومنها «أمسية مع فلاديمير سولوفيوف» الأشهر على خريطة الإعلام الروسي. وفي هذا البرنامج استضاف فلاديمير سولوفيوف الذي سبق وتحدثنا عنه على صفحات «الشرق الأوسط» عددًا من كبار الخبراء والمسؤولين وأعضاء البرلمان، حيث انخرط الجميع في «حملة كاملة العدد» تقول بصحة ما يتردد من «حقائق» حول تورط القيادة التركية في هذه «الجرائم»، وهو ما يثير في طياته الكثير من التساؤلات.. أهمها.. هل علمت موسكو بهذه «الحقائق» اليوم فقط؟ ألم تكن تعلم بمثل هذه الحقائق وتورط القيادة التركية في مثل هذه الجرائم، إلا بعد إسقاط الطائرة الروسية «سو - 24»؟، وألم تكن تعلم بكل ذلك يوم سارعت بإعلان تحويل سائحيها من المنتجعات المصرية إلى المقاصد السياحية التركية، وكأن تركيا «واحة للأمن والأمان» و«لا علاقة لها بالإرهاب والإرهابيين»؟ وذلك ما تطرحه اليوم على استحياء بعض الصحف والأقلام، ومنها المصرية، وإن أدركت ضرورة إعلاء المصالح، التي عادت موسكو لتؤكد الحقيقة التاريخية التي تقول إن مصلحة الوطن وكرامته أعلى من أي مصالح.



الانتخابات الرئاسية الأميركية عزّزت وضع «بلوسكاي» منافساً لـ«إكس»

العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
TT

الانتخابات الرئاسية الأميركية عزّزت وضع «بلوسكاي» منافساً لـ«إكس»

العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)

يبدو أن انتخابات الرئاسة الأميركية، التي أُجريت يوم 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، عزّزت مكانة منصة «بلوسكاي» منافساً رئيساً لـ«إكس»، ما أثار تساؤلات بشأن مستقبل المنصتين، ولمَن ستكون الغلبة في سباق منصات التواصل الاجتماعي للتنافس على زيادة عدد المستخدمين. وفي حين عدّ خبراء حاورتهم «الشرق الأوسط» أن «بلوسكاي» قد تكون «بديلاً» لـ«إكس»، فإن هؤلاء توقّعوا أن هذا التغير قد يحتاج لسنوات.

من جهتها، أفادت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية بأن منصة «بلوسكاي» شهدت زيادة مليون مستخدم جديد خلال الأسبوع الذي أعقب الانتخابات الأميركية، وعلّقت قائلة «في الوقت الراهن يبحث بعض مستخدمي (إكس) عن منصة بديلة للتفاعل مع الآخرين ونشر أفكارهم». أما صحيفة «الغارديان» البريطانية، فأوردت في تقرير نشرته منتصف الشهر الحالي، أن كثيراً من المستخدمين «يسعون الآن للهروب من (إكس)، وسط تحذيرات من زيادة خطاب الكراهية والمعلومات المضلّلة على المنصة». وحقاً، وفق «بلوسكاي» ارتفع عدد مشتركيها «من 10 ملايين في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى 16 مليون مستخدم حالياً».

رائف الغوري، المدرّب والباحث المتخصّص في الذكاء الاصطناعي التوليدي، أرجع ازدياد الإقبال على منصة «بلوسكاي» إلى «فقدان منصة (إكس) مكانتها تدريجياً». وأردف أن جاك دورسي نقل الخبرات والتجارب الناضجة لـ«تويتر» سابقاً و«إكس» عند تأسيس «بلوسكاي»، ما منح المنصة «عناصر قوة تظهر في مزايا اللامركزية، والخوارزميات التي يستطيع المستخدم أن يعدلها وفق ما يناسبه». وتابع: «انتخابات الرئاسة الأميركية كانت من أهم التواريخ بالنسبة لبلوسكاي في ظل ازدياد الإقبال عليها».ولذا لا يستبعد الغوري أن تصبح «بلوسكاي» بديلاً لـ«إكس»، لكنه يرى أن «هذا الأمر سيحتاج إلى وقت ربما يصل إلى سنوات عدة، لا سيما أن بلوسكاي حديثة العهد مقارنة بـ(إكس) التي أُسِّست في مارس (آذار) 2006، ثم إن هناك بعض المزايا التي تتمتع بها (إكس)، على رأسها، تمتعها بوجود عدد كبير من صنّاع القرار الاقتصادي والسياسي والفنانين والمشاهير حول العالم الذين لديهم رصيد واسع من المتابعين، وهذا عامل يزيد من صعوبة التخلي عنها».

ويشار إلى أن «بلوسكاي» تتمتع بسمات «إكس» نفسها، ويعود تاريخها إلى عام 2019 عندما أعلن جاك دورسي - وكان حينئذٍ لا يزال يشغل منصب المدير التنفيذي لـ«تويتر» («إكس» حالياً) - عن تمويل الشركة تطوير منصة تواصل اجتماعي مفتوحة ولا مركزية تحمل اسم «بلوسكاي». وفي فبراير (شباط) 2022 تحوّلت إلى شركة مستقلة، لتطلق نسختها التجريبية مع نهاية العام.

من جانبه، قال محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «منصة (بلوسكاي) في طريقها بالفعل للاستفادة من التغيّرات الجذرية التي تشهدها منصات كبيرة مثل (إكس)». وأوضح أن «النموذج اللامركزي الذي تعتمده (بلوسكاي) يمنحها ميزةً تنافسيةً ملحوظةً، لا سيما مع ازدياد الوعي حول الخصوصية والتحكم في البيانات، أضف إلى ذلك أن المستخدمين اليوم يبحثون عن منصات توفر لهم الأمان، لا سيما بعد التحوّلات الكبيرة التي شهدتها (إكس) تحت قيادة ماسك... ومن هذا المنطلق يبدو أن لدى (بلوسكاي) فرصة حقيقية للنمو، إذا استمرت في تعزيز مبادئها المتعلقة بالشفافية وحرية التعبير».

الصاوي أشار أيضاً إلى أن عمل ماسك مع ترمب قد يكون له تأثير مزدوج على منصة (إكس)، بشأن الرقابة على المحتوى، وقال: «إن العلاقة الحالية بينهما قد تدفع نحو تغييرات دراماتيكية في إدارة (إكس) وتوجهاتها المستقبلية، ما يزيد ويبرّر الحاجة إلى منصات بديلة أكثر استقلالية مثل (بلوسكاي)».