سينما الأكشن الصينية: مغامراتها سطحية وصراعاتها مضحكة

غرام وانتقام ومعارك أبطالها غرباء

«غراند ماستر»: حركات الأصابع
«غراند ماستر»: حركات الأصابع
TT

سينما الأكشن الصينية: مغامراتها سطحية وصراعاتها مضحكة

«غراند ماستر»: حركات الأصابع
«غراند ماستر»: حركات الأصابع

المشهد
أنا هو...
* سأله المقدم: «من أنت؟»... قال له: «مخرج أعيش في لندن». وطفق يروي كيف وصل إلى لندن وكيف «عانى» بحثا عن فرص العمل، «وهي قليلة، ولا أنصح أي أحد أن يفعل ما قمت به إلا إذا كان مستعدا للتضحية والبذل من دون سؤال». قال ذلك «المخرج»، ووافقه ذلك «المقدم»؛ وطفقا يتكلمان عن مشروعه الذي ينوي تحقيقه والذي «أنا رأيي أنه سيحدث انقلابا في مفهوم السينما العربية»... صحيح. الانقلاب بدأ: المخرج ليس مخرجا والمقدم شرب المقلب وبعض المشاهدين كذلك.
* كلنا يمر بفترة نتخيل فيها أننا أناس آخرون: الكاتب يريد أن يصبح مثل توفيق الحكيم أو إرنست همنغواي، الممثل غارق في حب مارلون براندو أو آل باتشينو ويتصور أنه كان يمكن له أن يصبح أحدهما أو ثالثا أفضل منهما. المخرج يحلم بأن يكون المخرج ذاته الذي سيصعد منصـة «الأوسكار» ويرفع الجائزة بيده ثم يمضي الدقيقة الممنوحة له في شكر الماما والبابا والمحامي ووكيل الأعمال ولا تنسى الزوجة. ها هي تجلس هناك وتتساءل إذا ما كان سيتذكرها في لهفته أم لا.
* لكن، هناك فريق متزايد من الناس لا يتوقـف عند حدود التخيـل ولا التمني، بل ينتقل ليعيش في وهم الشخصية الأخرى التي تروق له. ما المطلوب؟ انتحال وظيفة؟ لم لا؟ «هو يفهم أصحاب الوظائف أكثر مني؟». إنه مخرج لأنه قال عن نفسه إنه مخرج. ناقد سينمائي لأنه يعتبر نفسه ناقدا سينمائيا.
* هذا انتحال كان لا بد أن يصدر فيه قانونا يحرمه كما يحرم القانون ذاته قيام شخص بانتحال شخصية طبيب أو صاحب مؤسسة وهمية لابتزاز الناس. فالناقد ليس من شاهد فيلما كل شهر أو حتى كل أسبوع وكتب رأيا ما عنه. هو حالة يـصاب بها عاشقون متيمون بالسينما من سنوات مبكرة، يبدأون خلالها مشاهدة الأفلام عوض استنشقاء الهواء، ومتابعة السينما بدلا من وجبات الطعام، يدخلون الصالات المعتـمة بدل معاكسة البنات أو يسهرون ليلا على شاشة فيلم قديم يعرضه التلفزيون عنوة عن مشاهدة «أراب آيدول». النقاد عشـاق متيمون، يملكون القدرة على عدم البوح بذلك العشق إلا لمن يثقون به، ويتابعون عالم السينما على نحو غير مجزأ، يذهبون إلى أوروبا لدراسة القانون أو طب الأسنان أو التخرج مهندسا «قد الدنيا»، لكنهم في السر يقعون في حب صالات السينما وما تعرضه.
* المخرج ليس كل من لديه كاميرا ديجيتال راح يصور بها بعض المشاهد وينتظر من يعاونه تكملتها. ليس كل من أخرج فيلما قصيرا أو اثنين - أو ربما اشتغل على فيلم كليب موجود على «اليوتيوب»، وليس من لم يصنع فيلما واحدا في حياته... لكن كل ذلك لا يهم. المهم أن يشير بأصبعه إلى صدره ويقول: أنا سينمائي؟ إذا كنت أنت سينمائي، إذن من كان يوسف شاهين أو محمد خان أو مارتن سكورسيزي أو أندريه تاركوفسكي؟ تلاميذك؟!
* قيمة التواضع ليست وحدها المفقودة فيما سبق، بل قيمة الوعي بالذات والمسؤولية التي يجب على كل فرد أن يحملها، قيمة الصدق بين المرء ونفسه أولا، ثم بينه وبين الآخرين. والدرب متاح لمن يرغب وكل يستطيع أن يحقق فيه، رغم الصعاب (بل إن الصعاب جزء من الرحلة)، قدرا حقيقيا، لكن ألا ينجز شيئا مما يقوله وينسب لنفسه الصفات، فإن ذلك يجعله، إذا لم يكن يعلم، أضحوكة من يعلم.

* أمامك اليوم نوعان من السينما الصينية: نوع ممل، ونوع مثير. نوع لا يتحرك إلا باللكز، ونوع لا يتوقـف. إذا ما كنت ترفض النوعين وتبحث عن سينما صينية ذات سمات فنية وإبداعية حقيقية، بات عليك أن تعود إلى عشرين سنة خلت عندما طالعتنا موجة جديدة من المخرجين الصينيين الذين أنجزوا نجاحات فنية مبهرة وأطلقوا أفلاما تسابقت عليها المهرجانات الرئيسة طمعا في الفوز بعرضها. بعد سبع سنوات من ذلك العهد، نفذ الأكسجين، تسرب الهواء من البالونات الملونة وتحول ربيع السينما الصينية إلى سراب.
بالطبع، هناك أنواع أخرى، مثل الكوميديا والدراما الاجتماعية وأفلام الرومانسيات، لكن ما أخذت المهرجانات تتخاطفه هو: إما أفلام تدعـي أنها مصنوعة للفن، وإما أخرى لا تدعي شيئا من هذا القبيل، لكن ليس لديها ما توفـره للمشاهد سوى مشاهد الأكشن ومقارعة السيوف وصعود الممثلين وهبوطهم من الأرض وإليها ربما بمصاعد كهربائية خفية.
طبعا، الغلبة هي لهذه الأفلام البراقة التي استمدت منوالها من أيام ما قام بروس ويليس بترويج سينما الكونغ فو في السبعينات بنجاح. مئات الأفلام تبعت خطاه، أنتجتها استديوهات هونغ كونغ. لكن الحاصل اليوم أن بيكينغ نفسها باتت المنتج الأول لها.
الحكايات ما زالت - على نحو أو آخر - هي ذاتها: غرام وانتقام. أسياد وعبيد. فرح وحزن. خير وشر. ظالمون ومظلومون، وذلك الصراع الذي يؤمـه فارس غريب ومجهول كانت سينما الوسترن سبقت إلى تقديمه في أفلام أفضل شأنا وقيمة.
في «غراند ماستر» لكار واي وونغ، نشاهد ذلك الرجل الآتي من مكان مجهول والذي لن تستمر الحياة من بعد وصوله كما كانت عليه قبل ذلك. قصـة «إب مان»، كما هو اسمه (وكما لعبه توني ليونغ تشيو واي) الذي درب بروس لي نفسه. المناسبة كانت نادرة للتعرف عليه وعلى كيف سنحت له فرصة ذلك ولقراءة بعض التاريخ الواقعي، لا سيما أنه شخصية حقيقية. لكن في نحو ساعة و110 دقائق شاهدنا كل شيء ما عدا المطلوب. شاهدنا نقاط المطر تنهمر بسرعة 30 ثانية للنقطة، وغبارا يرتفع عن الأرض كلما داس عليها أحد، وقفزا في العالي ومجابهة في الواطي والكثير من حركات الأصابع المعكوفة التي تليها ضربات مدروسة لا تحتمل الخطأ.
طريقها إلى العالمية
قبله، شاهدنا «تضحية» لتشن كايغي، الذي كان أحد عناوين السينما الصينية الجديدة قبل عقدين، والذي دار في تلك الفترة التي كانت لوردات الصين تتنازع على المناطق المختلفة من البلاد، وواحدة من تلك الأسر الكبيرة تتعرض لعملية فناء على أيدي رجال عصابة تنتمي إلى أسرة معادية. الناجي الوحيد منها هو طفل صغير، ولكي يدافع طبيب العائلة عنه يضحـي بولده هو، موهما الأعداء بأنه ابن العائلة الحاكمة. بعد عشرين سنة، ها هو الصبي قد شب وبات على شاكلة الممثل زاو ونهاو الذي يؤدي دور البطولة. وهو الآن منصرف إلى مواجهة المتآمر الذي قتل والده وتسبب في انتحار أمه وتشتيت المملكة.
الفيلم ملحمي، لكنه ليس بالحجم الكبير الذي صاغه كايغي من قبل. وهو بالتأكيد ليس بحجم أفلام تاريخية من النوع نفسه، يؤمـها اليوم مخرجون صينيون كثيرون، من بينهم زانغ ييمو، الذي كان ثاني أشهر المخرجين المحتفى بهم حول العالم، والأكثر نشاطا من كايغي تشن في هذا المضمار، فهو أنجز سلسلة من الأفلام المثقلة بفرسانها وبطولاتها وعناصرها الإنتاجية الكبيرة كما بحكاياتها الهاربة من مشاكل اليوم إلى الأمس البعيد. من بين أعماله: «بطل»، و«بيت الخناجر الطائرة»، و«لعنة الوردة الذهبية»، و«امرأة، مسدس ودكان نودل»، وكلها في خلال السنوات العشر الأخيرة وحدها.
إنه ليس خفيا أن السينما الصينية باتت ترى هذا النوع من الأفلام طريقها إلى العروض العالمية. أفلام هذا النوع هي التي تعرض في عواصمنا العربية، وفي العواصم الأوروبية وفي المدن الأميركية والكندية الرئيسة. قبل خمسة أعوام، حقق فيلم «سادة الحرب» (The Warlords) نجاحا كبيرا داخل وخارج الصين (كما نال جوائز محلية)، وهو عبارة عن ثلاثة رجال يتعاهدون على القتال معا في فترة سلالة كينغ التي حكمت الصين ما بين 1644 و1912. مثله في هذا الاهتمام فيلم «سبعة سيوف» الذي ينحو بنفسه للحديث عن بداية حكم تلك السلالة واضطلاع قلـة من المحاربين للوقوف في وجه الحكـام المتسلطين. ودائما، في هذه الأفلام، هناك أسباب جوهرية، فالمحاربون يريدون العدالة لهم ولمجتمعاتهم، بينما يحاول المسيطرون على الحكم القضاء عليهم. بما أن البطولة للقلـة، فإن الناتج هو معارك فادحة ومستفيضة، مع مشاهد من نوع فانتازي كأن يقفز المتحاربون في الفضاء، مقاومين نظرية الجاذبية، بل لاغين إياها من الوجود، فعلى علو بضع عشرات من الأمتار يستطيعون الجمود في مكانهم فلا يسقطون بينما يتبادلون القتال بالسيف.
أما استخدام الأسلحة بأنواعها، فهو أيضا جنوح شديد، إذ إن بعض تلك الأسلحة لها عقل يقرر بنفسه أين يتجه وكيف يصيب الهدف.
وإذا كانت السينما الهندية عـرفت بميلودرامياتها الغنائية - الكوميدية - العاطفية مع خلطة من المغامرات، واليابانية عرفت بأفلام الساموراي، والأميركية سابقا بأفلام الغرب، والبرازيلية بأفلام المصارعين المقنعين، فإن خروج هذا العدد الكبير من أفلام القتال الصينية ليس مفاجئا. كل ما هنالك هو أن الصين تنتج مئات الأفلام الأخرى، لكنها لا تصدر للخارج إلا أفلام السكاكين.
هذا هو السائد حاليا، لكن هناك سينما أخرى تختلف ولو أن ليس كل اختلاف أمرا محمودا. أحد أحدث الأفلام الصينية الجديدة «المختلفة» هو «إلى أن يفرقنا الجنون» لوانغ بينغ الذي يحصر نفسه لأكثر من ساعتين في مستشفى للمصابين بأمراض عصبية وللمجانين، ويلاحق بعض شخصياتهم على نحو من لا يعلم أن من شروط السينما التأمـلية أن يكون الموضوع المنوي تأمـله مثيرا للتأمل وصالحا للغاية، وإلا فإن العملية كلها تطويل ورتابة مع عوارض من الصداع والرغبة في مشاهدة فيلم آخر للتو، لربما ساعد في تذويب آثار التجربة.

هوليوود صينية

* تمر السينما الصينية اليوم برواج تجاري يجعلها متلهـفة للاستفادة منه. عشرات من أفلامها ما هي إلا نسخ من تلك التي عرفتها السينما الأميركية طويلا. سينما السيوف وفنون القتال اليدوية هي بديل للوسترن الأميركي، والأفلام التي تدور حول المقاومة الصينية للاحتلال الياباني تنتمي إلى نوعية سينما الحرب الأميركية في الخمسينات. أما أفلامها البوليسية (وأحد أنجحها أخيرا فيلم بعنوان «شارة الغضب»)، فما هي إلا استنساخات من أعمال بروس ويليس على طريقة غيت لي.

وحيد في آخر الكون
* الفيلم: Riddick
- إخراج: ديفيد تووهي.
- أدوار أولى: فين ديزل، مع جوردي مولا، مات نابل، كاتي ساكوف
- النوع: مغامرات- رعب [ الولايات المتحدة - بريطانيا - 2013]
- تقييم: *** (من خمسة)

* تعني «الوحدة» شيئا مختلفا بحسب اختلاف الشعوب. في السينما المصرية، كان فريد الأطرش، رحمه الله، يحب أن يحمل اسم وحيد في الأفلام، خصوصا تلك التي تصوره على أنه وحيد ومنقطع عن العالم. وحدته كانت حزنا كأغانيه وسمات وجهه. والذروة كانت حين تقع في حبـه البطلة بسبب ذلك الحزن البادي عليه.
لكن الوحدة في الأفلام الأميركية، هي من مفهوم آخر: الوحيد قد لا يكون بالضرورة رجلا باكيا أو مهموما، لكنه بالتأكيد شخص يرفض محيطه الاجتماعي لدرجة رفضه الأصحاب وازدرائه العواطف. ريديك، كما يؤديه فين ديزل في هذا الفيلم الذي يحمل اسم شخصيته والذي أنتجه ديزل نفسه، هو من هذا النوع. وحيد حتى العظم، أو - ببعض المرح - حتى آخر نقطة ديزل في مشواره فوق تلك الصقاع المظلمة على سطح كوكب فيه مخلوقات ناهشة للجسد.
نرى ريديك في مطلع الفيلم بساق مكسورة وعليه أن يعالج تلك الساق سريعا وإلا تناوبت عليه المخلوقات المتوحـشة التي تطارده. إنه مضحك بالفعل عندما يداوي البطل في أي فيلم كسرا في اليد أو الساق أو القدم بنفسه. لكن، ما الذي يستطيع ريديك فعله؟ إنه وحيد في آخر الكون وليست هناك مستشفيات حوله.
طوال الفيلم ينجو ريديك من خطر ليقع في خطر آخر: من وحوش على أربعة إلى أخرى على قدمين، ومن مخلوقات شيطانية إلى عاصفة هوجاء تقترب. ليس أنه يخلو من قصـة تربطه وشخصيات بشرية أخرى، لكن الأساس هنا هو أن ريديك فرد يحب الوحدة ويراها ملجأ نفسيا يتماشى وشخصيـته المنطوية والواثقة بأنها تعرف ما تريد وتستطيع الوصول إليه منفردة أفضل وأسرع من الوصول إليه بصحبة آخرين.
فين ديزل في الدور هو طينة أخرى غير تلك التي يبدو عليها كلما أبدى سعادته وراء مقود واحدة من سيارات سلسلة «سريع وغاضب». إنه يملك الهيئة البدنية التي تساعده على أن يبدو واقعيا في أدوار الخطر، ثم تلك الملامح الهادئة التي تكشف عن نفس حسـاسة. وهو اعتاد هذا الدور كونه صاحب السلسلة من عام 2000 عندما قام والمخرج تووهي بتقديم «سوداء داكنة» كأول فيلم من بطولة هذه الشخصية المغامرة. ذلك الفيلم كان جيدا ومتينا. الثاني تخلـف قليلا. هذا الثالث أفضل من الثاني ومواز للأول في متانته التنفيذية. لا يخجل من أن يكون مصنوعا للترفيه لأنه يوفر لونا فنيـا فيه، مبتعدا عن السهل والصارخ والمبتذل. لا يخجل الفيلم أيضا من تقديمه، كشخصية، كرجل يعيش في الوقت المستعار من الموت. كما يقول في التعليق: «لا أعرف كم مرة تم شطبي من الحياة».
للفيلم دكانة مرغوبة في الأجواء كما في اللون وفي التحليل النفسي لشخصية بطله. أكثر من مرة يبتدئ الكوكب الذي لا يحمل اسما كما لو كان الصراع الأخير قبل القيامة. والفيلم يستعير فعلا أجواء أحد مشاهد فيلم فرنسيس فورد كوبولا «سفر الرؤيا... الآن». المشهد الذي نرى فيه مارتن شين وهو يخرج من الماء بوجه يسيل عليه الدم.
ربما المشهد أقوى من أن يتحمـله البعض، لكن الفيلم موجـه إلى البعض الآخر. وفي كل الأحوال هو استعادة لسينما ترفيهية مضبوطة الصنعة.

* TOP 10

1 (-) Cloudy with a Chance of Meatballs 2: $34.017.930 **
المخترع فلينت يجد أن الشركة التي يعمل لها تغش في العناصر المؤلـفة لاختراعه فيستقيل ويحاول إعادة الأمور إلى سيرتها الأولى في هذا الأنيماشن المتوسط.
2 (1) Prisoners: $10.865.262 ***
الفيلم الثاني من بطولة هيو جاكمن خلال أسابيع قليلة بعد «وولفرين». «سجناء» مختلف في أنه فيلم تشويقي، لكنه ممتزج بوضع درامي فاعل حول رجل يبحث عن ابنته المخطوفة.
3 (-) Rush: $10.014.920 ****
منافسة شديدة بين سائقي سيارات سباق؛ هما: جيمس هانت (كريس همسوورث)، ونيكي لاودا (دانيل برول) في هذه الدراما المشوقة المأخوذة من أحداث وشخصيات حقيقية.
4 (-) Baggage Claim: $9.031.102 **
دراما عاطفية نسائية في معالجتها (رغم أن مخرجها وكاتبها رجل هو ديفيد تالبرت) حول امرأة بلغت أواخر الثلاثينات في حياتها وما زالت بلا عريس.
5 (-) Don Jon: $8.677.009 **
الممثل جوزيف غوردون - ليفيت ينجز هنا أول فيلم من إخراجه: دراما خفيفة حول رجل يبحث عن معنى الحياة راغبا في الوقوع في حب من تستأهل شغفه العاطفي.
6 (2) Insidious Chapter 2: $6.552.114 *
قفزة رباعية إلى الوراء لفيلم الرعب الذي يدور حول عائلة تحاول معرفة لماذا البيت الذي انتقلت إليه مسكون لتتلقـف مفاجآت. مع باتريك ويلسون وروز بيرن في البطولة.
7 (3) The Family: $3.743.432 **
يحمل «العائلة» على عاتقه التوجـه إلى الجمهور السائد، لكنه لا ينجز المطلوب تماما: عائلة ذات تاريخ مافياوي تنتقل للعيش في النورماندي حيث لا تستطيع ترك ماضيها وراءها.
8 (4) Instructions Not Included: $3.466.408 **
كوميديا صغيرة عن يوجينيو دربز في دور رجل مرتبط بابنته ذات السنوات الست منذ أن هجرتها والدتها.
9 (6) We're the Millers: $2.887.472 *
كوميديا حول عائلة مزيـفة يشيدها تاجر حشيشة الماريوانا لتساعده في تجنـب السلطات ولاتخاذها كواجهة لاستمرار نشاطاته. مع جنيفر أنيستون وإيما روبرتس.
10 (7) The Butler: $2.400.739 **
يتراجع هذا الفيلم مجددا ولو ببطء. دراما حول رئيس خدم البيت الأبيض وتاريخه من حين كان طفلا. فورست ويتيكر ربما يغازل «الأوسكار» هذا العام.

* سنوات السينما: 1937
- درة فرنسية
* بين الأفلام الأكثر بروزا من إنتاجات هذا العام الذي ما زلنا بصدده، فيلم بعنوان «Pépé le Moko» قام به المخرج الفرنسي جوليان ديفيفييه وقام ببطولته جان غابان. يفتح الفيلم على خريطة حائط في مركز لإدارة البوليس في الجزائر وفي وسطها كلمة «القصبة» - ذلك الحي الذي بقي عصيـا على القوات الفرنسية خلال الثورة الجزائرية والذي رفع فيلم «معركة الجزائر» (جيلو بونتيكورفو - 1962) من شهرته كما سنرى لاحقا.
محور الفيلم أن بيبي فرنسي مطلوب من البوليس لذلك لا يغادر حي القصبة، لكن حبـه لامرأة يقضي على حذره ومناعته إثر أحداث تجمع جيدا بين الدراما والتشويق وتم تحقيقها لاحقا بنسخ أخرى.
يتبع...



السينما في 2025... عام مفصلي لتطور تقنيات الإبهار

«سريع وغاضب» واللامعقول (يوينڤرسال)
«سريع وغاضب» واللامعقول (يوينڤرسال)
TT

السينما في 2025... عام مفصلي لتطور تقنيات الإبهار

«سريع وغاضب» واللامعقول (يوينڤرسال)
«سريع وغاضب» واللامعقول (يوينڤرسال)

في مجمله، كان عام 2025 نقطةً مفصلية في مسار السينما على أكثر من صعيد. بدقّة عالية يمكن تحديد العام الحالي على أساس نقطة تفصل بين ما قبله وما بعده، تماماً كما حدث عندما داهم وباء «كورونا» العالم قبل 5 سنوات، فوجدت السينما، كغيرها من القطاعات، نفسها في موقع التحدي والمواجهة.

لكنّ ما يحدث هذه المرّة يختلف؛ فالسينما تدخل عصراً جديداً تبلورت ملامحه في الأعوام السابقة، ثم تجسّد عام 2025 بوصفه واقعاً ثابتاً وقوة مؤثرة في مختلف عناصر الصناعة. الإحاطة بهذه التطورات تكشف حجم تأثير دخول التقنيات إلى عمق البنية الصناعية للسينما.

«بوليت» المطاردة تبدو واقعية لليوم (وورنر)

استبدال شامل

حتى سنوات قليلة مضت، ظلّ إنتاج الأفلام يجري بالطريقة التقليدية: الموافقة على المشروع، ومن ثَم تطويع كل الإمكانات الفنية والتقنية لخدمته وفق موضوعه ونوعه. وكان من المعتاد اللجوء إلى تقنيات الكمبيوتر غرافيكس لإتمام ما يصعب تحقيقه واقعياً، مثل مشاهد مطاردات السيارات في أفلام مثل «بولِت» (Bullitt) 1968، و«ذَ فرنش كونكشن» (The French Connection) 1971، و«رونَن» (Ronin) 1998، التي كانت تُنجز بجهود بشرية شاقة وبمخاطر حقيقية.

اليوم تغيّر القاموس التنفيذي بالكامل. بات في الإمكان تصوير ممثل يركض في «شوارع باريس»، وهو في الحقيقة واقف داخل ستوديوهات «يونيڤرسال»، أمام شاشة خضراء. ويكفي عقد مقارنة بين تلك الأفلام الكلاسيكية وأي فيلم من سلسلة «Fast and Furious» للتأكد من حجم التحوّل.

لكن المدّ لا يتوقف هنا. فالاعتماد على الذكاء الاصطناعي شهد هذا العام قفزة جديدة. صار من الممكن، تنفيذ الفيلم من السيناريو إلى الشاشة عبر منظومة غير بشرية بالكامل: كتابة، إخراج، تصوير، مونتاج، بل وحتى أداء الممثلين.

دافع رئيس

قبل أسبوعين، اعتلى المخرج غييرمو دل تورو منصّة «أميركان فيلم إنستتيوت» لتسلُّم جائزته عن فيلمه الجديد «فرانكنستين»، ونال تصفيقاً حاراً حين أعلن: «فيلمي فني في كل لقطة. خالٍ بنسبة 100 في المائة من الذكاء الاصطناعي».

وعلى الرغم من هذه المواقف، يبقى الدافع الأساسي لاعتماد التقنية واضحاً: تقليص الميزانيات الضخمة للأفلام التجارية. فالذكاء الاصطناعي قادر على خفض التكاليف إلى النصف تقريباً، بحيث تبقى الرواتب هي العبء الأكبر وحدها.

وهذا يتقاطع مع استعداد جمهور واسع لقبول كل ما يقدّم له ما دام يحتوي على جرعات عالية من الأكشن والخيال، دون الاكتراث بما إذا كان الفيلم «بشرياً» أم مُنتجاً آلياً.

«فرانكنستين» 100 في المائة سينما (نتفليكس)

تفكير بالنيابة

يرى المدافعون عن الذكاء الاصطناعي (AI) أنّه يطوّر بصريات الفيلم ويجوّد مؤثراته، لكن هذا صحيح بقدر محدود. فالسينما بلغت قممها على أيدي فنانين أكفّاء صنعوا روائع مثل «ووترلو»، أو «بوني وكلايد»، أو «لورنس العرب»، أو «صنست بوليڤارد»، أو «القيامة الآن».

ما يطلبه الذكاء الاصطناعي ببساطة هو: «لا تفكّر... سأفكّر نيابةً عنك».

وهو ما يشبه ما حدث مع الهواتف الذكية وخرائط «غوغل»: استبدال الجهد الذهني بالاعتماد التام على التقنية.

ولا يعمل الذكاء الاصطناعي وحده في هذا المسار. فعام 2025 هو الامتداد الأكثر شراسة لما بدأ قبل سنوات مع المنصّات المنزلية، التي توفّر عليك مهمّة الانتقال إلى صالات السينما. غايتها ليست راحتك ولا حتى مساعدتك على الحد من النفقات (لم ترتفع أسعار التذاكر إلى المستوى الحالي إلا كرد فعل على انخفاض الإقبال) بل مد أصابعها إلى محفظتك كل شهر. أنت بالتالي، وعلى عكس روعة الحضور الفعلي لصالة السينما، لست أكثر من رقم محفوظ ومصمم لكي تُفيد جهة لن تقوم مطلقاً بتوفير أفلام فنية أو تعالج موضوعات جادّة بفاعلية طالما إنها ليست مطلب الجمهور.

وفي هذا السياق جاء هجوم «نتفليكس» الأخير لشراء «وورنر»، في خطوة توسّع رقعة هيمنة المنصّات. بينما جاء دخول «باراماونت» على خط الاستحواذ لعرقلة هذا التفرّد وإعادة بعض التوازن إلى المنافسة.

لكن السينما المناوئة لم تُهزم بعد وتجد في المهرجانات الفنية مساحة كبيرة للمقاومة كما في مواقف مخرجين يدركون جيّداً أن عليهم الصمود في وجه هذه التيارات.


شاشة الناقد: ثلاثة أفلام من مهرجان «البحر الأحمر» تكسر المعتاد

«العميل السري» (مهرجان البحر الأحمر)
«العميل السري» (مهرجان البحر الأحمر)
TT

شاشة الناقد: ثلاثة أفلام من مهرجان «البحر الأحمر» تكسر المعتاد

«العميل السري» (مهرجان البحر الأحمر)
«العميل السري» (مهرجان البحر الأحمر)

THE SECRET AGENT ★★★★

إخراج: ‪ كلايبر مندوزا فيلو‬

البرازيل | تشويق سياسي

عروض 2025: مهرجان «البحر الأحمر»

يتألّف هذا الفيلم الذي شهد عرضه الأول في مهرجان «ڤينيسيا» هذا العام واستُقبل جيداً في مهرجان البحر الأحمر قبل أيام من 3 أقسام، كل منها بعنوان مختلف، لكن ليس بغرض سرد 3 حكايات مختلفة، بل لربط أحداث كل فصل وشخصياته بخيط واحد يتناول، بالإيحاء غالباً، الجريمة السياسية في البرازيل سنة 1977. وسواء تحدّث القسم الأول عن جرائم قتل ارتكبها نظام تلك الفترة ضد المواطنين، أو رغبة بطل الفيلم مارسيلو (واغنر مورا) في البحث في أرشيف الدولة عن تاريخ عائلته (القسم الثاني)، أو لجوئه للتخفي بعيداً عن أعين مطارديه في محاولته لإعادة فهم وتقييم الواقع المُعاش (عموم الأقسام الثلاثة)، فإنه يوفّر من خلال شخصية بطله نظرة جامعة لأثر الاضطهاد السياسي على حياته فرداً وحياة الآخرين مجموعةً. وهو يفعل ذلك بدراية كاملة وبحرية فنية تجعل الفيلم أكثر إشباعاً لمحبي السينما وتمنح المُشاهد معالجة تبدو كما لو كانت مستقاة من خطوط أحداث لا نراها، بل نعايشها كما نعايش الماثل أمامنا. هذا كان شغل فيلو منذ فيلمه الأول «أصوات مجاورة» (Neighboring Sounds) وما زال شغله الآن، حيث ما نراه وما لا نراه يتساويان في الإيحاء والأهمية.

يستخدم فيلو السينما مرآة تعكس ذاكرة تقض المضاجع. مارسيلو يعيش في ماضيه كما في واقعه الحالي. يلجأ إلى بلدة تعيش طقوساً احتفالية لا يأبه لها كثيراً، إذ إن غايته إعادة الوصل بينه وبين ابنه الذي يعيش في الخيال. كل هذا والشعور بأن السلطة والعاملين فيها أو متعاملين معها موجودون عن قرب، حتى وإن لم نرَ لهم حضوراً فعلياً.

يتحرك الفيلم بحرية بين موضوعاته وأقسامه، غير مرتبط بمنهج سرد معيّن، ولكثرة مشاغله وما يود البحث فيه هناك تطويل يطغى، لكنه يبقى قادراً على جذب الاهتمام طوال الوقت. ما يتبلور على الشاشة هو عمل يجمع بين سيرة شبه شخصية لرجل يرفض نسيان الأمس وبين حب السينما كلغة تعبير، وثقة المخرج بالكيفية التي ينجز فيها مفرداته هذه.

BLACK RABBIT‪,‬ WHITE RABBIT ★★★

إخراج: شهرام مقري

طاجيكستان/ الإمارات العربية

المتحدة | دراما

عروض 2025: مهرجان «البحر الأحمر»

هذا فيلم غريب يُقدّر لحريّة المخرج في معالجته المبنية، بوضوح، على الخروج من شروط السرد المعتمد عادةً إلى آخر يتطلّب من المُشاهد التحرك بالاتجاه نفسه، متجاوزاً بدوره ما اعتاد عليه.

«أرنب أسود، أرنب أبيض» (مهرجان البحر الأحمر)

يدور في أرض تعود إلى استوديو حيث يُصوَّر فيلمان معاً في رقعة واحدة. رغبة المخرج مقري تعتمد على الإكثار من استخدام حريّته في رصف الفيلم الذي يريد كما يريده. هذا يخلق وضعاً تتكرر فيه المشاهد والحوارات، كما الحال عادةً خلال صنع الأفلام. نرى المشهد نفسه مع تغيير طفيف أكثر من مرة، تبعاً لرؤية مخرج يهوى التجريب ويراه مدخلاً مناسباً لسينماه. امرأتان ورجل ومسدس قديم هم محور ما يدور، لكن في وسط ما يبدو تكراراً، حضور لطبقات جديدة تتوالى الظهور.

من حسنات الفيلم التصوير (لمرتضى غايدي)، الذي يؤسس لنظام عمل متكامل يتواكب مع رغبة المخرج في تشغيل مخيلة المُشاهد وتعزيز أسلوبه. في أحيان كثيرة، يؤدي ذلك، ولو بالقصد، إلى الخلط بين الحدث الذي يقع في الفيلم الذي نراه، وذلك الحدث الآخر الذي ينطوي عليه الفيلم داخل الفيلم.

LOST LAND ★★★

إخراج: أكيو فوجيموتو

اليابان/ ماليزيا/ فرنسا

دراما عن الهجرة

عروض 2025: مهرجان «البحر الأحمر»

لا بد أن الشعور الإنساني في صميمه هو ما يدفع مخرجاً يابانياً للانتقال إلى بنغلاديش لتصوير موضوع محلي الحدث مع شخصيات محلية بدورها.

«أرض مفقودة» (مهرجان البحر الأحمر)

في «أرض مفقودة» متابعة لمصير صبي في الرابعة من العمر وشقيقته ابنة التاسعة، وقد قررا الاشتراك في رحلة تبدأ في حافلة تقل عشرات الأشخاص وتنتهي بهما بعد أيام من المشاق، وقد أصبحا وحيدين. مما يتبدى أن غاية المخرج فوجيموتو هي الحديث عن الهجرة غير الشرعية عموماً، مع تمهيد للشخصيتين قبل التحوّل عنهما لتصوير آخرين يؤمّون الهدف نفسه ويعيشون مصاعبه. سيعود المخرج للصبي شافي وأخته سميرة لاحقاً بعد أن يؤسس صورة عامة.

رغبة هذين الولدين هي ترك بنغلاديش في محاولة للقاء والديهما اللذين كانا قد هاجرا إلى ماليزيا. ليس هناك كثيراً لتداوله حول ظروف ما قبل قرارهما بالهجرة، لكن الحكاية تنتهي بهما وقد وجدا نفسيهما في تايلاند. على ذلك، يلتقي هذا المنهج مع حقيقة أن الشخصيات المحيطة تهاجر من دون القدرة على اتخاذ قرارات صائبة. في عموم الفيلم، هم آملون بمستقبل أفضل في عالم لا أمل فيه بالنسبة إليهم على الأقل.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


شهد أمين لـ«الشرق الأوسط»: «هجرة» يكسر نموذج المرأة الواحدة

شهد أمين في حوار معها من داخل مهرجان البحر الأحمر (المهرجان)
شهد أمين في حوار معها من داخل مهرجان البحر الأحمر (المهرجان)
TT

شهد أمين لـ«الشرق الأوسط»: «هجرة» يكسر نموذج المرأة الواحدة

شهد أمين في حوار معها من داخل مهرجان البحر الأحمر (المهرجان)
شهد أمين في حوار معها من داخل مهرجان البحر الأحمر (المهرجان)

بين حضور دولي، بدأ مع فيلم «سيدة البحر» عام 2019، وصولاً إلى اختيار فيلمها الجديد «هجرة» لتمثيل السعودية في سباق الأوسكار 2026، تبدو المخرجة السعودية شهد أمين أكثر وضوحاً في صياغة رؤيتها السينمائية، خاصة أن الفيلمين يتقاطعان في السرد النسوي، حيث يقدمان نظرة لأحوال المرأة ومعالجة عميقة لقصصها.

وفي حوار أجرته معها لـ«الشرق الأوسط» من داخل مهرجان البحر الأحمر السينمائي بجدة، حيث يشارك فيلمها في المسابقة الرسمية، جاء السؤال الأول عن هذا التقاطع، لتجيب: «كنتُ واعية تماماً وأنا أعمل على (هجرة)، فأنا لا أريد تكرار نفسي، ولا تقديم فيلم يشبه (سيدة البحر)... أردتُ أن أكتب من نقطة مختلفة، من اللحظة التي نعيشها الآن، ومن السؤال الذي يشغلني شخصياً: ما الذي أريد قوله للعالم اليوم؟».

نساء الأجيال الثلاثة

أمين، التي تقدم في «هجرة» رحلة المرأة السعودية عبر 3 أجيال، تشير إلى انزعاجها من الفكرة الدارجة اليوم حول تصوير «المرأة المعاصرة» بوصفها النسخة الوحيدة الصحيحة، وكأنها جاءت لتُصحّح أخطاء الأجيال السابقة من الأمهات والجدات وكل النساء السابقات، مضيفة: «شعرتُ أن هذه النظرة فيها قدر من النرجسية». وتتابع: «نحن نرى الحياة اليوم من منظور معاصر ومختلف جذرياً، لكن هذا لا يعني أن تفكيرنا هو الصحيح وتفكيرهنّ هو الخطأ... كنتُ أريد أن أعطي حقاً للنساء اللواتي جئن قبلنا».

وتمضي لشرح رؤيتها التي تشكلت في «هجرة» قائلة: «أردتُ أن أقدم أجيال النساء من دون أحكام... نعم، هناك صراع بين الأجيال، لكنه صراع ينتهي بتفاهم، وبإدراك أن اختلافنا طبيعي وليس تهديداً. اليوم، العالم كلّه يضغط ليجعلنا نموذجاً واحداً، وفكرة واحدة... بمعنى: إذا لم تشبهني فأنت مخطئ أو شرير أو مريض. بينما الحقيقة أننا يمكن أن نختلف، ونظل نتقبّل بعضاً».

فيلم هجرة يتناول العلاقات المتشابكة بين أجيال من النساء (الشرق الأوسط)فيلم «هجرة» يتناول العلاقات المتشابكة بين أجيال من النساء (الشرق الأوسط)

«هجرة»... الحكاية العميقة

حضرت «الشرق الأوسط» عرض فيلم «هجرة» في المهرجان، حيث شهد إقبالاً كبيراً وبيعت التذاكر بالكامل، والفيلم الذي يأتي من بطولة خيرية نظمي ونواف الظفيري والوجه الصاعد لمار فادن، تعود قصته لعام 2001، حين تقرر الجدة اصطحاب اثنتين من حفيداتها لأداء فريضة الحج، وبعد أن تتوه واحدة منهما، تقرر الجدة في لحظة صعبة أن تترك الحج وتبحث عن حفيدتها الضائعة، وخلال الرحلة يتكشف الكثير من الأسرار.

شهد أمين حرصت على إظهار واقعية العلاقة الإنسانية بين الجدة والحفيدة، بعيداً عن الحوارات المطولة والتعابير المبالغ بها، حيث برزت لغة العيون والإيماءات بشكل أكبر في أداء كل شخصية، كما أظهرت تفاصيل ما يحدث حول رحلة الحج ذاتها، والشخصيات الهامشية التي تعيش على بيع السبح وماء زمزم وتوصيل الحجاج، والطقوس التي تعصف بالمكان في تلك الفترة الغنيّة بالقصص والأحداث، ما يجعله فيلماً ينحاز للعمق وصدق التجربة.

الأوسكار... الواقعية قبل الحلم

وبواقعية شديدة، تجيب أمين حول سؤالها عن فرص فيلم «هجرة» في الوصول إلى القائمة القصيرة ومن ثم النهائية للأوسكار، قائلة، «دعينا نقول إن الوصول إلى القائمة القصيرة هو الخطوة الأهم... وبصراحة، كل مخرج يكون لديه قدر من التفاؤل في هذه المرحلة، لكن يجب أن نكون واقعيّين؛ لأن الوصول إلى الأوسكار لا يعتمد فقط على جودة الفيلم، بل يحتاج أيضاً إلى حملة إعلامية ضخمة في لوس أنجليس».

وتستكمل حديثها: «نتمنى الوصول إلى القائمة القصيرة، لكني أرى أن الوصول إلى القائمة النهائية صعب جداً... ومع ذلك، لم لا؟ نقول إن شاء الله... في هذا العام أفلام عربية جميلة وقوية، وجودتها عالية، وأتوقع أن يصل أحدها إلى الأوسكار... نتمنى أن نكون نحن، لكن قد يكون فيلماً عربياً آخر، لا أحد يعلم!».

أحدث جلسة تصوير لشهد أمين في مهرجان البحر الأحمر (المهرجان)

أفلام المهرجانات أم السينما التجارية؟

ولأن أفلام شهد أمين دائماً حاضرة في المهرجانات السينمائية بخلاف دور العرض التجارية، تحتم علينا سؤالها إن كانت مخرجة لأفلام المهرجانات، لترد: «بصراحة، نعم. أفلامي تُصنَّف عادة ضمن أفلام المهرجانات، صحيح أن (سيدة البحر) عُرض في صالات السينما، لكن حضوره كان أفضل في المهرجانات».

وترى أمين أن هناك فرقاً كبيراً بين أفلام شباك التذاكر والأفلام التي تُقدَّم للمهرجانات، وعن ذلك تقول: «الأفلام التجارية تستهدف السوق مباشرة، وتُبنى على فورمات معروفة تشبه ما اعتدنا عليه في السينما الأميركية أو نوع الأفلام الخفيفة التي يعرف الجمهور شكلها مسبقاً، بحيث يدخل المشاهد الفيلم وهو يعرف تقريباً الإيقاع المتوقع، والنهاية المحتملة، والمشاعر التي سيخرج بها».

وتضيف: «أفلام المهرجانات شيء آخر... فهي أفلام تحاول أن تأخذ الجمهور في رحلة مختلفة، بتجربة بصرية أو سردية غير مألوفة. ليست مصممة لاسترضاء الجميع، وقد لا تحظى بقبول واسع، لكنها دائماً تحمل طبقات وعمقاً وتجريباً أكبر من الأفلام التجارية، ولهذا السبب نجد المهرجانات تبحث عن هذا النوع من الأعمال؛ لأنها تضيف صوتاً جديداً وشكلاً جديداً للسينما».

وبالسؤال عن طرح «هجرة» في صالات السينما السعودية، تكشف أمين عن أن الموعد «قريب جداً»، وقد يكون «في مطلع عام 2026 تقريباً»، لكنها تؤكد أن القرار يعود للموزّعين والمنتجين. وتضيف: «الحلم الحقيقي لأي صانع أفلام هو تحقيق المعادلة الصعبة: فيلم يحمل عمقاً فكرياً وشاعرية، وفي الوقت نفسه يمنح الجمهور تجربة ممتعة ومؤثرة... إذا نجح (هجرة) في ذلك فسأكون ممتنّة جداً».

المخرجة العربية... خارج القوالب

وعند الحديث عن حضور المخرجات العربيات، من هيفاء المنصور إلى كوثر بن هنية ونادين لبكي وشيرين دعيبس، في المهرجانات الدولية، ترى أمين أن الصورة أكثر تعقيداً مما يبدو، قائلة: «في الغرب، وخصوصاً في أميركا، تعمل المخرجات غالباً في مساحة السينما المستقلة؛ لأن السينما التجارية ما زالت ذكورية... القصص يكتبها رجال، ويُنتجها رجال، وتُساق ضمن قوالب مألوفة».

وتشير إلى أن السينما المستقلة تمنح المخرجات مساحة أكبر لتقديم رؤية مختلفة، مضيفة: «في العالم العربي اليوم، عدد المخرجات الشابات أكبر من عدد المخرجين، ولهذا نراهن كثيراً في المهرجانات العالمية... البعض يظن أن وجود المرأة في هذه المنصات هو مجرد (مجاملة)، وهذا غير صحيح إطلاقاً... كل الأسماء التي نراها - من الخليج إلى شمال أفريقيا - قدّمت أفلاماً تستحق مكانتها».

وتختم المخرجة شهد أمين حديثها بالقول: «دائماً ما يُسألني الناس: ما الصعوبات التي واجهتها لأنك امرأة؟ الحقيقة أن المخرجات السعوديات والعربيات اليوم أكثر حضوراً من نظيراتهن في أوروبا... وأنا فخورة جداً بذلك».