قال بنك «كريدي سويس» إن مجموع ثروات 17 شعبًا عربيًا قد انخفضت بـ102 مليار دولار ما بين منتصف 2014 ومنتصف 2015، لتصل إلى 5.2 تريليون دولار. موضحًا أن السبب الرئيسي في هذا الانخفاض هو تغير أسعار الصرف، حيث انخفضت ثروات شعوب الدول غير المرتبطة بالدولار، مع استقرار أو ارتفاع ثروات شعوب الدول المرتبطة عملاتها بالدولار، مثل السعودية والإمارات.
وتصدر السعوديون قائمة الثروات العربية بـ678 مليار دولار، وفي المركز الثاني جاء الإماراتيون بـ560 مليار دولار، وفي المركز الثالث المصريون بـ379 مليار دولار.
ويقوم التقرير بقياس الثروة عن طريق جمع الأرصدة المالية في البنوك وأسواق المال مع الأصول غير المالية، مثل الأراضي والعقارات مخصوما منها الديون.
وبينما يتصدر السعوديون قمة ترتيب الثروات، يتصدر القطريون الترتيب من حيث متوسط ثروة الفرد البالغ، حيث يبلغ متوسط ثروة المواطن القطري 157 ألف دولار، وفي المركز الثاني يأتي المواطن الإماراتي بـ144 ألف دولار، ثم الكويت بـ113 ألف دولار.
وارتفع متوسط ثروة مواطني 6 دول، على رأسها قطر والسعودية، المرتبطان بالدولار، وانخفض في 11 دولة أخرى، وكان الانخفاض الأكبر من نصيب الكويتيين، حيث انخفض متوسط ثروة الفرد بـ9.4 ألف دولار، ليصل المتوسط إلى 113.4 ألف دولار. وعلى خلاف معظم دول الخليج يرتبط سعر الدينار الكويتي بسلة عملات وليس بالدولار منذ عام 2007، مما أدى إلى تأثر الدينار السلبي بالارتفاع الكبير في قيمة الدولار مقابل باقي العملات في العام الماضي. كما انخفض متوسط الثروة في دول الصراعات، ليبيا وسوريا ومصر بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى المغرب التي فقدت عملتها قرابة الـ16 في المائة من قيمتها أمام الدولار خلال عام.
ويقسم معهد الأبحاث ببنك «كريدي سويس»، في تقريره الذي تم بمشاركة خبراء عالميين، دول العالم من حيث متوسط ثروة الفرد، فالدول الأغنى هي التي يبلغ متوسط الفرد فيها أكثر من 100 ألف دولار، وتأتي على رأس هذه الدول سويسرا بمتوسط ثروة للفرد 567 ألف دولار، وهي الدولة الوحيدة في العالم القادرة على كسر حاجز الـ500 ألف دولار لكل مواطن، تليها نيوزيلندا بـ400 ألف دولار متوسط ثروة للمواطن، وأستراليا بـ365 ألف دولار.
أما ثاني قسم فيضم الدول ذات الثروات المتوسطة، ما بين 25 ألف دولار ومائة ألف دولار متوسط ثروة للفرد، ويضم هذا القسم دول منطقة اليورو الصغيرة مثل اليونان والبرتغال وسلوفينيا، ودول الخليج السعودية وعمان والبحرين بالإضافة إلى لبنان.
أما القسم الثالث فيضم الدول الموجودة على حدود أو حافة الثروة، ويضم معظم الدول كثيفة السكان كمصر والصين وروسيا والبرازيل، بالإضافة إلى دول أخرى في الشرق الأوسط مثل المغرب والجزائر والأردن، ويبلغ متوسط ثروة الفرد في هذه الدول ما بين 5 آلاف دولار و25 ألف دولار.
وفي آخر الأقسام تأتي الدول الفقيرة، التي يبلغ متوسط ثروة الفرد فيها أقل من 5 آلاف دولار، وعلى رأسها الهند ودول أفريقيا جنوب الصحراء.
وعن توزيع الثروة حول العالم، يقول التقرير إن النصف الأفقر من سكان العالم يملكون أقل من 1 في المائة من الثروات، بينما يملك أغنى 1 في المائة من السكان 50 في المائة من ثروات العالم، ويملك أغنى 10 في المائة من السكان 87.8 في المائة من الثروات.
أما عن قيمة الثروات، فيقول التقرير الصادر الشهر الماضي إن الـ71 في المائة الأفقر من سكان العالم يمتلكون 3 في المائة من الثروات، ولا تزيد ثروة الفرد فيهم عن 10 آلاف دولار، ممثلة في الأصول المالية وغير المالية، بينما يمتلك 0.7 في المائة من سكان العالم ثروة أكثر من مليون دولار، وهم يمتلكون 45 في المائة من أصول العالم.
ووضع التقرير حدودًا دنيا لانضمام الأفراد لكل فئة من فئات الثروة، فإذا كانت ثروة الفرد البالغ أكثر من 3210 دولارات، فهو من النصف الأغنى في العالم، وإذا تجاوزت ثروة الفرد 68800 دولار، فهو من أغنى 10 في المائة في العالم، بينما يمتلك أعضاء نادي الـ1 في المائة الأغنى 760 ألف دولار على الأقل.
وقد تجاوزت ثروات شعوب العالم 250 تريليون دولار في منتصف 2015، بانخفاض 12 تريليون دولار مقارنة بمنتصف 2014، وانخفض متوسط ثروة الفرد من 55.9 ألف دولار في منتصف 2014 إلى 52.4 ألف دولار في منتصف 2015، وكان السبب الرئيسي في هذا الانخفاض، وفقًا للتقرير، ارتفاع سعر الدولار أمام معظم العملات باستثناء اليوان الصيني، حيث انخفضت قيمة الأصول غير المقومة بالدولار بشكل كبير، وإذا تم تجاوز تغير أسعار العملات، سيكون متوسط ثروة الفرد للبالغ قد زاد بـ1920 دولارًا.
وكانت أكثر الشعوب استفادة في العالم، مواطنو هونغ كونغ والصين والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسعودية، حيث ارتفع متوسط ثروة الفرد في هونغ كونغ بـ6.7 في المائة، وفي الصين بـ5.9 في المائة، والولايات المتحدة بـ4.5 في المائة، والمملكة المتحدة بـ1.7 في المائة، والسعودية بـ0.9 في المائة.
وباستثناء المملكة المتحدة التي تتعامل بالجنيه الإسترليني، فعملات هذه الدول لم تنخفض أمام الدولار خلال فترة الدراسة.
وارتفعت ثروات السعوديين بـ25 مليار دولار خلال هذه الفترة نتيجة ارتفاع قيمة العقارات بالأساس، وارتباط سعر الريال بالدولار. أما مصر فقد انخفضت ثروات شعبها بـ13 مليار دولار، مما يوازي 5.3 في المائة، في نفس الفترة، ارتباطا بانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار بـ6.3 في المائة.
وعلى المستوى العالمي، فإن شعوب أوكرانيا وروسيا كانوا الأسوأ حالا، حيث انخفضت ثروات هذه الشعوب بنحو 40 في المائة، ارتباطًا بانخفاض قيمة عملتي الدولتين أمام الدولار.
ويقيس التقرير معدل النمو الحقيقي للثروات ما بين عام 2000 و2015، بارتفاع أو انخفاض قيمة ثروة الوسيط، والوسيط هو الشخص الذي يتوسط دخله المجتمع، حيث تقل ثروة 50 في المائة من المجتمع عن ثروته، أفقر 50 في المائة، ويمتلك 50 في المائة من المجتمع ثروة أكبر من ثروته، أغنى 50 في المائة.
وخلال الـ15 عاما الأولى من الألفية، ارتفعت ثروة الوسيط حول العالم بـ2 في المائة، وكانت الصين الأفضل أداء.
عدالة توزيع الثروات
اهتم تقرير هذا العام بشكل موسع بعدالة توزيع الثروات في دول العالم، حيث تتركز الثروات بشكل واضح في الولايات المتحدة وأوروبا، وتسيطر الصين على الطبقة المتوسطة في العالم، بينما يقبع معظم الهنود والأفارقة في الدرك الأسفل من الفقر.
ويوجد قلة من الصينيين في قائمة الأغنى والأفقر في العالم، ولكن الجزء الأهم أن 40 في المائة من أعضاء نادي الطبقة المتوسطة العليا في العالم صينيون.
أما الجارة الهندية فتسيطر على ربع سكان النصف الأفقر من العالم، ويقع نصف البالغين الأفارقة في فئة أفقر 20 في المائة من سكان العالم.
أما في الجانب الغني، فتسيطر أميركا الشمالية وأوروبا على 63 في المائة من سكان العُشر الأغنى، فهناك 123800 شخص حول العالم يملكون أكثر من 50 مليون دولار، 48 في المائة منهم في الولايات المتحدة، وتأتي الصين في المركز الثاني بـ8 في المائة فقط.
وأفرد التقرير فصلاً كاملاً عن الطبقة المتوسطة، وقال إن حجم وموارد وصحة الطبقة المتوسطة هي مفتاح تحديد مدى سرعة واستمرارية التنمية الاقتصادية في أي دولة، كما أن الطبقة المتوسطة تكون دائما في قلب الحراك السياسي والتوجهات الاستهلاكية الجديدة، وهم أيضًا الممولون لمشاريع رجال ورواد الأعمال.
ويعرف التقرير الطبقة المتوسطة بأنها ليست ضمن الأفقر أو الأغنى، وأنها الطبقة التي تعيش حياة مريحة ولكنها ليست كريمة في كل مناحي الحياة، فهي الطبقة التي تمتلك الأصول مما يجعلها صامدة أمام التغيرات الاقتصادية، ومُعرضة بشكل أقل لخطر الفقر، مما يجعلها أكثر حرية لعرض القضايا التي تهم المجتمع في المدى الطويل.
ويؤكد التقرير أن ربط تعريف الطبقة المتوسطة بالدخل يفتقد لمفهوم الحريات المالية والأمن المالي، فعلى سبيل المثال من الممكن أن تؤدي موجة من ارتفاع معدلات البطالة في دولة ما إلى «تبخُر» الطبقة المتوسطة، أما تعريف الطبقة المتوسطة القائم على ربطها بالثروة فهو يعني قدرة ومرونة أكبر في مواجهة الأزمات والنكسات المؤقتة، فالثروة رصيد والدخل تدفق.
وتم تحديد الطبقة المتوسطة وفقًا للقوة الشرائية للعملات في كل دولة، حيث يؤدي اختلاف الأسعار إلى اختلاف قيمة «الثروة الدنيا» للطبقة المتوسطة من دولة لأخرى، وتصل قيمة «الثروة الدنيا» لقمتها في سويسرا، حيث تبلغ 72.896 دولار، حيث يملك 50 في المائة من السويسريين ثروة أكبر من 567122 دولارًا، أما أبناء الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة هم من تتراوح ثرواتهم بين 50 ألف دولار و500 ألف دولار. وتنخفض قيمة الثروة الدنيا لأعضاء الطبقة المتوسطة تدريجيا وتصل إلى 31.3 ألف دولار في الإمارات، و30.6 ألف دولار في قطر، و25.9 ألف دولار في الكويت، و21.4 ألف دولار في السعودية، و14.5 ألف دولار في مصر، و13.7 ألف دولار في الهند و11.3 ألف دولار في أوكرانيا.
ووفقًا لهذا التصنيف، فإن الطبقة المتوسطة تمثل 14 في المائة من السكان حول العالم، وتسيطر هذه الفئة على 32 في المائة من ثروات العالم، وإذا ما تمت إضافة الشريحة الأعلى من الطبقة المتوسطة، ستكون النسبة 16 في المائة من السكان و92 في المائة من الثروات.
وتضم هذه الطبقة 5.8 مليون سعودي، و3 ملايين جزائري، و2.7 مليون مصري، و2.5 مليون عراقي. كما يشير التقرير إلى أن هناك 2.2 مليون إماراتي يمكن تصنيفهم كأبناء للطبقة المتوسطة، و1.7 مليون تونسي، و1.3 مليون كويتي، و738 ألف قطري.
وعن مدى سيطرة هذه الطبقة على التركيبة السكانية، يقول التقرير إن أستراليا بها أكبر طبقة متوسطة بالعالم، حيث يصنف 66.1 في المائة من الأستراليين البالغين على أنهم من الطبقة المتوسطة، وتصل هذه النسبة إلى 56.4 في المائة في الإمارات، و33.1 في المائة في السعودية، وتنخفض في الصين إلى 10.7 في المائة، وفي مصر إلى 5 في المائة، وتحتفظ الهند بأصغر طبقة متوسطة في العالم، حيث يحظى 3 في المائة فقط من سكانها البالغين بعضوية نادي الطبقة المتوسطة.
ويشير التقرير إلى أن الطبقة المتوسطة في مصر قد انخفض عددها إلى النصف منذ عام 2000، في الفترة التي زاد عدد أبناء الطبقة المتوسطة في الصين وحدها بـ43.3 مليون شخص، وزاد عدد أعضاء الطبقة المتوسطة عالميا بـ139.7 مليون، ليصل إجمالي عدد أعضاء الطبقة المتوسطة والأعلى منها عالميا إلى 664 مليونًا، مقارنة بـ524 مليون في عام 2000، كما زادت ثرواتهم بـ122.6 تريليون دولار خلال نفس الفترة.
ارتفع متوسط ثروة مواطني 6 دول على رأسها قطر والسعودية المرتبطان بالدولار (رويترز)