لبنان: رئاسة فرنجية رهن موقف عون

مصادر قريبة من حزب الله تقول إنه يعتقد أنّه يستطيع تحصيل مكاسب أكثر

لبنان: رئاسة فرنجية رهن موقف عون
TT

لبنان: رئاسة فرنجية رهن موقف عون

لبنان: رئاسة فرنجية رهن موقف عون

هدأت الساحة الداخلية اللبنانية التي استنفرت خلال الأيام الماضية على خلفية إعلان تيار المستقبل استعداده تبني ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، الحليف الأساسي لحزب الله والصديق المقرب للرئيس السوري بشار الأسد، لرئاسة الجمهورية. ورصدت بعض الجهات هذا الهدوء بعد ما تبين لها أن المبادرة التي يعد لها رئيس «المستقبل» سعد الحريري لم تنضج بعد، وأن حلفاء فرنجية أنفسهم غير مستعجلين أو متحمّسين للسير بالرئاسة بمعزل عن باقي الملفات المفتوحة وأبرزها قانون الانتخاب.
حزب الله، حسب مصادر في قوى «8 آذار» مقربة من الحزب، يرى أنّه في ظل المتغيرات الكبيرة الحاصلة في المنطقة، يستطيع تحصيل مكاسب أبعد من الرئاسة، ولذلك فهو لن يستعجل بإعلان دعمه ترشيح فرنجية، لا بل سيسعى لرفع سقف شروطه وينتظر ما سيقدمه الحريري ليكون له بحينها الموقف المناسب. وحسب كلام المصادر القريبة من حزب الله في تصريحات أدلت بها لـ«الشرق الأوسط» فإن حزب الله يعي تمامًا أن الإتيان برئيس للبلاد محسوب عليه ليس وحده الضمانة المطلوبة للمرحلة المقبلة، وهو يبني بذلك على تجربة الرئيس السابق إميل لحود الذي قاطعه فريق «14 آذار» ولم يكن قادرا على الخروج من العزلة التي فرضت عليه لمحدودية صلاحياته.
وبمسعى منه لتفادي الإحراج، رمى حزب الله مجددًا بالكرة الرئاسية في ملعب رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون لكي تكون له الكلمة الفصل بترشيح فرنجية، فإذا سار به في إطار تسوية شاملة، أيده الحزب، وفي حال العكس، لا يبدو أن هناك أي مؤشرات حتى الساعة بأن أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بصدد التخلي عن حليفه المسيحي الأقوى، في إشارة إلى عون (الذي ساعده الحزب في الحصول على أكبر كتلة مسيحية نيابية) مصلحة رئاسة فرنجية.
من جهة ثانية، يتفادى معظم الأفرقاء اللبنانيين حاليًا سواء أكان من فريق «8 آذار» أو فريق «14 آذار» الإدلاء بتصريحات علنية، نظرا للإحراج الذي شكله تبني الحريري ترشيح فرنجية لحلفاء الأخير كما لحلفاء «المستقبل»، وخصوصا المسيحيين منهم. أما عون ما سيُطرح عليه من تسوية ليعطي موقفا نهائيا من ترشيح فرنجية، إذ تؤكد مصادر تياره أن أحدًا لم يفاتح الرابية (مقر إقامة عون شرق بيروت) بعد بما تتضمنه مبادرة الحريري، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن عون «لن يقبل بالسير بأي طرح لا يلحظ اتفاقا مسبقًا على قانون جديد تجري على أساسه الانتخابات النيابية».
وبعكس ما توحي الأجواء المسيطرة في الداخل اللبناني عن إمكانية انتخاب فرنجية رئيسًا في الجلسة التي حددها رئيس المجلس النيابي نبيه برّي يوم 16 من الشهر الحالي، يبدو أن ذلك ليس متاحًا نظرا لعدم نضوج الظروف والمعطيات.
وهو ما أشار إليه الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري الذي قال إن «شروط المبادرة لم تكتمل بعد، ولا حتى العناصر التي تجعل الأطراف تلتقي في منتصف الطريق، لاختيار النائب سليمان فرنجية أو غيره»، ونبه إلى أن الإعلان عن المبادرة رهن اكتمال شروطها، وعندها سيقوم الرئيس الحريري بعرض تفاصيلها الأساسية كاملة.
وبدا لافتًا تنبيه الحريري خلال لقاء حواري أقامه اتحاد جمعيات العائلات البيروتية من أنّه «إذا فشلت المبادرة في الوصول إلى التسوية واستمر الفراغ لأشهر عدة، فلن ينتخب رئيس للجمهورية على نار باردة، بل سينتخب بالدماء». ثم تساءل «هل نريد أن نكرر حربا أهلية ثانية؟ وفي حال عدم سريان التسوية ما الذي يضمن ألا يكون هناك مثالثة». ومما قاله الحريري إن «المبادرة يجب أن تأتي تحت سقف تسوية الأمن والاستقرار، لأننا على تواصل يومي مع قيادة الجيش وقادة الأجهزة الأمنية الذين، ورغم ما يقومون به من إنجازات، لم يعد لديهم القدرة على الاستمرار من دون غطاء سياسي، فلنتخيل مسار الأمور إذا حصل ذلك».
من جهتها، اعتبرت النائب بهية الحريري أن مبادرة الرئيس سعد الحريري لتسمية النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجهورية هي مبادرة وطنية، مشيرة إلى أن كل مواطن دفع تكلفة الفراغ الرئاسي القائم بالأمن والاقتصاد وحتى بالصدقية، بالإضافة إلى صورة لبنان أمام الخارج وقيمته وانتظام العمل بداخله. وقالت الحريري خلال استقبالها عددا من الزوار: «يأتي انتخاب رئيس للجمهورية على رأس الأوليات اليوم في لبنان، وبعد ذلك لا بد من ورشة عمل في البلد يكون بندها الأول المصالحة لمعالجة الانقسام العمودي المخيف الحاصل».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.