روسيا تسرّع تحقيق حلمها «السوفياتي» في سوريا وتعدّ لافتتاح قاعدة ثانية قرب حمص

المتحدث باسم الكرملين رفض التعليق على المعلومات حول الموضوع

سحابة من الدخان الكثيف تتصاعد من شاحنتين تنقل مواد إغاثية في ريف محافظة حلب الشمالي بشمال سوريا، في أعقاب تعرضها لقصف من الطيران الحربي الروسي (غيتي)
سحابة من الدخان الكثيف تتصاعد من شاحنتين تنقل مواد إغاثية في ريف محافظة حلب الشمالي بشمال سوريا، في أعقاب تعرضها لقصف من الطيران الحربي الروسي (غيتي)
TT

روسيا تسرّع تحقيق حلمها «السوفياتي» في سوريا وتعدّ لافتتاح قاعدة ثانية قرب حمص

سحابة من الدخان الكثيف تتصاعد من شاحنتين تنقل مواد إغاثية في ريف محافظة حلب الشمالي بشمال سوريا، في أعقاب تعرضها لقصف من الطيران الحربي الروسي (غيتي)
سحابة من الدخان الكثيف تتصاعد من شاحنتين تنقل مواد إغاثية في ريف محافظة حلب الشمالي بشمال سوريا، في أعقاب تعرضها لقصف من الطيران الحربي الروسي (غيتي)

رفض ديمتري بيسكوف، المتحدث الصحافي باسم الكرملين، التعليق على المعلومات التي تناقلتها وسائل إعلام ونقلها كذلك «معهد دراسات الحرب» عن مسؤول أميركي حول سعي روسيا لإنشاء قاعدة جوية ثانية في سوريا بعد القاعدة الجوية الأولى في مطار حميميم بمحافظة اللاذقية. وفي حديث للصحافيين يوم أمس (الجمعة)، قال بيسكوف في سياق إجابته عن سؤال بهذا الصدد: «لا يمكنني التعليق على هذا الأمر»، ورأى كثيرون في هذه الإجابة شبه تأكيد ضمني للمعلومات، ذلك أنه لو كان الأمر غير ذلك لنفاه المتحدث على الفور.
القاعدة التي يدور عنها الحديث هي مطار الشعيرات الواقع جنوب شرقي مدينة حمص، في الوسط تقريبًا بينها وبين مدينة تدمر. وهذا المطار معروف أيضًا باسم «قاعدة طياس الجوية»، أما الاسم الأكثر شهرة الذي يُطلق عليه فهو «مطار التي فور T4». وبالعودة إلى التاريخ، وتحديدًا الثمانينات من القرن الماضي، يُذكر أن الاتحاد السوفياتي كان قد حدّد هذا المطار على وجه الخصوص ليتحوّل إلى قاعدة جوية وصاروخية، ضمن خطة عسكرية شاملة لإنشاء قاعدة للأسطول البحري السوفياتي في ميناء طرطوس، تتولّى المقاتلات والأنظمة الصاروخية في مطار «تي فور» تأمين غطاء جوي لحمايتها. وجرى اختيار هذه المنطقة حينذاك في العمق، أو «في الخطوط الخلفية» وفق التعبير العسكري، لتكون بعيدة عن الأسطول في حال استهدافه، وبما يضمن لها قدرة مراقبة الأجواء فوق البحر والبر ضمن نطاق واسع حول القاعدة البحرية، والتحرك بسرعة لتنفيذ مهمتها.
وبينما تتحدث المعلومات عن أعمال يقوم بها خبراء روس في «تي فور» بهدف إنشاء قاعدة جوية روسية ثانية على الأراضي السورية، يرى بعض الخبراء في الشؤون العسكرية أن ما يجري في الواقع قد يكون عملية تمهيد لتحقيق ذلك الحلم القديم بإنشاء قواعد بحرية وجوية - صاروخية روسية على الأراضي السورية. ولكن يبقى من غير الواضح ما إذا كانت روسيا ستعمل على نقل قاعدتها الجوية كاملة من مطار حميميم إلى «تي فور»، أم أنها ستنشئ قاعدة ثانية هناك لترسل إليها المزيد من الطائرات والجنود بهدف تعزيز حضورها العسكري في سوريا.
من جهة ثانية، يربط مراقبون سياسيون هذه التطورات العسكرية بأمرين:
- الأمر الأول، تزايد الآمال بإطلاق الحل السياسي في سوريا، وهو يتزامن مع نشاط متزايد من جانب قوات التحالف الدولي ضد الإرهاب، مع احتمال دخول قوات برّية من هذه الدول إلى الأراضي السورية، تحت غطاء «التصدي للإرهاب على الأرض»، إذا أمكن التوصل فعلا لوقف لإطلاق النار بين قوات النظام والمعارضة. ومن هنا، يبدو أن روسيا قد تسارع لتثبيت وتعزيز وجودها العسكري في سوريا بما يضمن لها مصالحها ونفوذها مستقبلاً في ذلك البلد، وفي الشرق الأوسط عمومًا. أي أن الأمر بات أشبه بسباق مع الزمن، قرّرت روسيا فيه استباق أي تحرّك برّي من جانب القوى الأخرى، لحجز «كرسي على الطاولة» يضمن لها مكانة «لاعب رئيسي» يمسك بيده «أوراقا رابحة».
- الأمر الثاني، الذي يرى المراقبون أنه قد يكون الدافع الرئيسي لهذا التحرّك الروسي نحو مطار «تي فور» هو التوتر في العلاقة مع تركيا؛ إذ حيث تشعر موسكو بقلق في أكثر من جانب واتجاه على خلفية الأزمة بينها وبين أنقرة، بما في ذلك احتمال تأثير التوتر الحالي على حركة العبور عبر مضيقي البوسفور والدردنيل، وعلى الاستقرار أيضًا في جنوب روسيا. وفي هذا السياق، فهي تعمل ربما على تعزيز قوتها البحرية في المتوسط وإنشاء قاعدة كبيرة لأسطول روسي في طرطوس. وخطوة كهذه تتطلّب بداية تهيئة البنى التحتية العسكرية، وبصورة أساسية ضمان حماية تلك القاعدة. هذا الأمر يتطلب إنشاء قاعدة جوية تنتشر فيها طائرات تتمتع بقدرات عملياتية تسمح لها بالتصدي لأي هجوم بحري أو بري أو جوي يستهدف الأسطول في القاعدة البحرية. كذلك تؤدي الأنظمة الصاروخية من مختلف الأنواع بمهمة دفاعية أيضًا. وبالنظر إلى انتشار قواعد منظومة صواريخ «إس - 400» الروسي في مطار حميميم حاليًا - أي أنها موجودة كأمر واقع على الأراضي السورية - ولما كانت هذه المنظومة تتمتع بقدرات قتالية تسمح لها بضرب الأهداف الجوية والبرية بدقة عالية، لا يمكن استبعاد احتمال إعادة انتشارها ونصبها لاحقا في مطار «تي فور»، بالتزامن مع نقل مجموعة من الطائرات الروسية إليه من مطار حميميم، وإرسال المزيد من الطائرات لاحقًا إلى المطارين، لتعزيز القوة العسكرية الروسية في سوريا بهدف توجيه رسائل لأكثر من طرف، وفي مقدمتها رسائل لتركيا.
جدير بالذكر، أنه خلال عقد الثمانينات توقفت المفاوضات بين موسكو ودمشق من دون أن التوصل إلى اتفاق على إنشاء قاعدة للأسطول السوفياتي في طرطوس، واقتصر الأمر على «قاعدة الدعم التقني» الحالية التي لم تكن تنفذ سوى مهام التصليح والتزويد بالمؤن خلال توقف السفن البحرية لفترات قصيرة في الميناء السوري. وسبب فشل المفاوضات حينها كان الخلاف حول استخدام الصواريخ السوفياتية لحماية الأجواء السورية أمام أي انتهاك للأجواء من جانب إسرائيل. ويومذاك وافق السوفيات على ذلك لكنهم لم يتمكنوا من إقناع حافظ الأسد (الأسد الأب) بقبول أن يكون قرار استخدام الصواريخ بيد قيادة الأركان السوفياتية، مقابل إصراره على أن تتخذ قيادة أركان الجيش السوري القرار، وفق رؤيتها، بإطلاق الصواريخ ضد طائرات معادية، وعند هذه النقطة انتهى الأمر.
اليوم، اختلف الأمر، وها هي روسيا تنفذ ما تقول إنها مهمة «التصدّي للإرهاب» في سوريا، ودعم ما تعتبره «الحكومة الشرعية» السورية في «حربها ضد الإرهاب»، على حد تعبيرها، وتنسق في آن واحد مع إسرائيل التي شنت طائراتها أكثر من غارة جوية على الأراضي السورية منذ فتح الروس قاعدتهم في حميميم.



«الوزارية العربية الإسلامية» تبحث مع غوتيريش تفعيل الاعتراف بدولة فلسطين

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
TT

«الوزارية العربية الإسلامية» تبحث مع غوتيريش تفعيل الاعتراف بدولة فلسطين

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

بحثت اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بشأن تطورات غزة، الأربعاء، مع أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، دعم الجهود الرامية إلى تفعيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والذي يكفل تلبية حقوق الشعب بتجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.

وترأس الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، الاجتماع الذي حضره الأعضاء: الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، ومحمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية الفلسطيني، وأيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، ووزراء الخارجية بدر عبد العاطي (مصر)، والدكتور عبد اللطيف الزياني (البحرين)، وهاكان فيدان (تركيا)، وريتنو مارسودي (إندونيسيا)، وأمينا جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ومنظمة التعاون الإسلامي حسين طه.

وناقش الاجتماع، الذي جاء على هامش أعمال الأسبوع رفيع المستوى للدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، التطورات الخطيرة في غزة، ومواصلة الاحتلال الإسرائيلي التصعيد العسكري ضد المدنيين العُزل، حيث جدّدت اللجنة موقف الدول العربية والإسلامية الموحَّد الرافض للعدوان، ودعوتها لضرورة الوقف الفوري والتام لإطلاق النار، وضمان حماية المدنيين وفق القانون الدولي الإنساني.

الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع غوتيريش (الأمم المتحدة)

وبحث أعضاء اللجنة أهمية دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» بوصفها ضرورة لا بديل عنها في جميع عمليات الاستجابة الإنسانية بغزة، مشددين على أهمية التصدي للحملات المُمنهجة التي تستهدف تقويض دورها، مع استمرار دعمها لضمان إيصال المساعدات الضرورية للمحتاجين.

وطالبوا بالتصدي لكل الانتهاكات الصارخة التي تُمارسها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وتزيد المأساة الإنسانية، وعرقلتها دخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة، مؤكدين أهمية محاسبة إسرائيل على الانتهاكات المتواصلة في القطاع والضفة الغربية المحتلة، والتصدي لعمليات التهجير القسري التي يسعى الاحتلال لتنفيذها.

ونوّه الأعضاء بأهمية اتخاذ الخطوات الجادة والعاجلة لضمان تأمين الممرات الإغاثية لإيصال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية الكافية والعاجلة لغزة، معبّرين عن رفضهم تقييد دخولها بشكلٍ سريع ومستدام وآمن، ومقدّرين جهود غوتيريش ومواقفه خلال الأزمة، خصوصاً فيما يتعلق بجهود حماية المدنيين، وتقديم المساعدات.

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع غوتيريش في نيويورك (الأمم المتحدة)

من جانب آخر، أكد الأمير فيصل بن فرحان أن صناعة السلام تتطلب الشجاعة في اتخاذ القرارات الصعبة، «فخلف كل تعطيل لمسارات السلام والتسويات السياسية، نجد بعض القيادات السياسية تُغلِّب مصالحها الشخصية واعتباراتها الحزبية على المصالح الجامعة والسلم الإقليمي والدولي، وهو ما انعكس بشكل واضح على كفاءة المنظمات الدولية، ومجلس الأمن على وجه الخصوص، في أداء مهامها».

جاء ذلك خلال مشاركته في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن تحت عنوان «القيادة في السلام»، وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال وزير الخارجية السعودي إن «الاجتماع يأتي في فترة تتصاعد فيها وتيرة الصراعات والأزمات، وتتضاعف التحديات والتهديدات المشتركة، وتتنامى أزمة الثقة في النظام الدولي متعدد الأطراف، وقدرته على تحقيق آمال الشعوب بمستقبل يسوده السلام والتنمية».

وشدد على أن «هذه الظروف تُحتِّم علينا تقييم حالة العمل الدولي متعدد الأطراف، وأسباب تراجعه عن حلّ الأزمات ومعالجة التحديات المشتركة»، متابعاً: «ولعلّ النظر الجاد في الإسراع بعملية إصلاح مجلس الأمن أصبح ضرورة مُلحّة أكثر من أي وقت مضى»، ومنوهاً بأن «استعادة الاحترام للمواثيق والأعراف الدولية تأتي عبر تطبيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومحاسبة منتهكيه دون انتقائية».

وأوضح الأمير فيصل بن فرحان أن التحدي لا ينحصر في عجز منظومة السلم والأمن والمؤسسات الدولية عن الاستجابة للتحديات المشتركة، بل يتعداه ليشمل غياب «القيادة من أجل السلام»، مضيفاً: «للخروج من دائرة العنف والأزمات، يجب علينا تمكين القيادة الدولية المسؤولة، وإحباط محاولات تصدير المصالح السياسية الضيقة على حساب أمن الشعوب وتعايشها».

ولفت إلى أن «غياب التحرّك الدولي الجادّ لإيقاف التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر هو دليل قاطع على ما يعانيه النظام الدولي متعدد الأطراف من قصور وتضعضع في الإرادة السياسية الدولية».

وأبان وزير الخارجية السعودي أن بلاده تؤمن بأن السلام هو الأساس الذي يمهّد للتعاون والتنمية، وهو الحامي لديمومتهما، مؤكداً دعمها النظام الدولي متعدد الأطراف، وسعيها لتطويره وتمكين مقاصده، واستعادة الثقة بمؤسساته، والتزامها بتعزيز العمل الجماعي من أجل تحقيق الأمن والتنمية المشتركة.

وزير الخارجية السعودي يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن حول «القيادة في السلام» (واس)

إلى ذلك، شارك الأمير فيصل بن فرحان في الاجتماع الوزاري بشأن السودان، على هامش أعمال الجمعية العامة، الذي تناول المستجدات، وأهمية تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب السوداني.

كما شارك في الاجتماع الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي و«البينيولكس»، الذي استعرض فرص تعزيز التعاون بين الجانبين بمختلف المجالات، ومن بينها إمكانية زيادة التبادل التجاري، وتطوير العمل التنموي والاقتصادي. كما ناقش آخِر تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية؛ بما فيها حرب غزة، والجهود المبذولة بشأنها.

الأمير فيصل بن فرحان لدى مشاركته في الاجتماع الوزاري بشأن السودان (واس)

من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية السعودي، إن بلاده تؤمن بضرورة تعزيز آليات التشاور بين مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية، مثمّناً القرار التاريخي لسلوفينيا بالاعتراف بدولة فلسطين.

وشدّد خلال مشاركته في اجتماع ترويكا جامعة الدول العربية (السعودية، البحرين، العراق) مع الدول الأعضاء بمجلس الأمن، على دعم الرياض الكامل لجهود الوساطة التي تبذلها القاهرة والدوحة وواشنطن، ورفضها للإجراءات الإسرائيلية التي تعرقلها.

وجدّد الأمير فيصل بن فرحان دعم السعودية لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وتقديرها للجهود التي تبذلها في قطاع غزة.

وزير الخارجية السعودي خلال مشاركته في اجتماع الترويكا العربية مع مجلس الأمن (واس)

وأكد على أهمية تكثيف التعاون والتنسيق بين جامعة الدول العربية ومجلس الأمن والشركاء الدوليين من أجل إحراز تقدم ملموس بقضايا المنطقة، والمساهمة في تعزيز السلم والأمن الدوليين.

وشارك وزير الخارجية السعودي، في الفعالية السنوية لدعم أعمال (الأونروا)، حيث جرى بحث ضرورة توفير الدعم اللازم لها، لضمان استمرار تقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين.