الكونغرس يقيد تأشيرات الدخول من أوروبا

لمنع عناصر «داعش».. وجمهوريون يستعجلون أوباما

بنجامين إرنست، نائب مستشارة الرئيس أوباما للأمن الوطني (نيويورك تايمز)
بنجامين إرنست، نائب مستشارة الرئيس أوباما للأمن الوطني (نيويورك تايمز)
TT

الكونغرس يقيد تأشيرات الدخول من أوروبا

بنجامين إرنست، نائب مستشارة الرئيس أوباما للأمن الوطني (نيويورك تايمز)
بنجامين إرنست، نائب مستشارة الرئيس أوباما للأمن الوطني (نيويورك تايمز)

بعد إنذارات تنظيم داعش المكررة بعد هجمات باريس الأخيرة بأنه يخطط لشن هجمات في الولايات المتحدة ستكون أكبر من هجمات تنظيم القاعدة في 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، سارع جمهوريون في الكونغرس وقدموا مشروع قانون لمراقبة الذين يدخلون إلى الولايات المتحدة من أوروبا، وخصوصا الذين يستعلمون إعفاءات تأشيرات الدخول بين أوروبا والولايات المتحدة.
وانتقد زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب، كيفين مكارثي (ولاية كاليفورنيا) أمس، ما سماه «تلكؤ» إدارة الرئيس باراك أوباما في وضع «إجراءات متشددة» لمنع من سماهم «الذين زاروا دولا فيها نشاطات إرهابية» من دخول الولايات المتحدة. وقال مكارثي إن مشروع القانون الجمهوري الذي سيناقشه الكونغرس سيفرض إجراءات متشددة، منها:
أولا: تصدر الدول الأوروبية جوازات سفر إلكترونية لمواطنيها لاستعمالها عند دخول الولايات المتحدة.
ثانيا: تبلغ الدول الأوروبية الشرطة الدولية (إنتربول) عند فقدان أو سرقة أي من هذه الجوازات.
ثالثا: تغرم شركات الطيران غرامات أكبر مما هي الآن إذا نقلت أي مسافر إلى الولايات المتحدة كان زار «مناطق قتال».
وقال جيمس كارافانو، خبير في مؤسسة «هيرتدج» اليمينية في واشنطن: «نحتاج إلى قانون يحقق التوازن الصحيح بين الفوائد الاقتصادية والأمن الوطني. نحتاج إلى تشديد في القيود دون تهديد السياحة (الأجنبية في الولايات المتحدة)». وأضاف: «يجب أن نفعل هذا دون تخويف أو عرقلة أو إحراج السياح الأجانب (الذين يأتون إلى الولايات المتحدة)». لكنه قال إن احتمال وصول أي داعشي إلى الولايات المتحدة بجواز سفر إلكتروني «يظل ضئيلا. لو أنا داعشي، سأعبر الحدود الكندية».
ولمجاراة مشروع القانون الجمهوري في الكونغرس، أصدر البيت الأبيض أمس أمرا جمهوريا بزيادة غرامة شركات الطيران التي لا تتأكد من هويات الذين تنقلهم إلى الولايات المتحدة. واعترف البيت الأبيض بأهمية التعاون مع الكونغرس الجمهوري في هذا المجال.
في باريس، خلال حضور الرئيس باراك أوباما قمة نظافة البيئة، قال بنجامين إرنست، نائب مستشارة الرئيس أوباما للأمن الوطني: «إننا نرى خطرا كبيرا من المقاتلين الأجانب القادمين إلى الولايات المتحدة من أوروبا».
وحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، يظل الهدف من إعفاءات تأشيرة الدخول للأوروبيين هو تسهيل تدفق السياح الأوروبيين، وغيرهم من دول حليفة أو صديقة.
في الوقت الحاضر، تسمح هذه الإعفاءات بدخول أكثر من 20 مليون سائح أجنبي إلى الولايات المتحدة كل عام، وذلك دون استجوابهم في القنصليات والسفارات الأميركية، كما هو الحال بالنسبة إلى مواطني أغلبية دول العالم.
وتشمل الإعفاءات مواطني 38 دولة، أغلبيتها أوروبية، بالإضافة إلى دول مثل: اليابان، وأستراليا، وشيلي، ونيوزيلندا. وبينما تسبب إعفاءات تأشيرات الدخول قلقا وسط المسؤولين عن الأمن، أعربت شركات سياحة وشركات طيران كثيرة عن قلقها من أن تشديد الإجراءات سيكون على حساب عائدات الاقتصاد الأميركي من السياحة. وحسب تقرير أصدره الاتحاد الأميركي لتشجيع السياحة، يأتي إلى الولايات المتحدة كل عام أكثر من عشرين مليون زائر، ويصرفون 100 مليار تقريبا.
في المؤتمر الصحافي في باريس أول من أمس، وردا على سؤال من صحافي عن هذه الأرقام، قال إرنست إن الأمر الجمهوري الذي أصدره الرئيس أوباما «يسهل السفر الدولي، ويسهل السفر الذي له تأثيرات إيجابية على اقتصادنا». وردا على سؤال عن «ما هي مناطق النشاطات الإرهابية؟»، قال إنها «دول مثل العراق وسوريا». وبالإضافة إلى قلق المسؤولين الأميركيين تحسبا لوصول عناصر «داعش» إلى الولايات المتحدة، أعربوا عن قلقهم من زيادة نفوذ «داعش» وسط الشباب الأميركيين.
في الشهر الماضي، قال جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي)، أمام لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأميركي، إن من بين الذين يرغبون في الانضمام إلى «داعش» عشرات الشبان والشابات. وأضاف أن تحديد الذين تجذبهم شعارات «داعش» من خلال مواقع الإنترنت يشكل «تحديا يشبه البحث عن إبرة في كوم من القش في حجم البلاد (الولايات المتحدة)». وقال كومي، في حضور وزير الأمن الداخلي جيه جونسون، إن «داعش» ضخ مؤخرا «طاقات جديدة لجذب المتطرفين العنيفين الذين ترعرعوا على الأراضي الأميركية».
في وقت لاحق، أبلغ كومي الصحافيين أن أكثر من عشرة أشخاص كانوا اعتنقوا فكر «داعش» عبر الإنترنت اعتقلوا خلال شهر واحد.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.