لبنان: العسكريون المختطفون لدى «النصرة» إلى الحرية

إطلاق سراح 25 شخصًا بينهم طليقة «البغدادي» وشقيقة «أمير الجبهة» بالقلمون

جندي لبناني يساعد عنصرا من قوات الأمن المفرج عنهم من قبل «جبهة النصرة» أمس (أ.ف.ب)
جندي لبناني يساعد عنصرا من قوات الأمن المفرج عنهم من قبل «جبهة النصرة» أمس (أ.ف.ب)
TT

لبنان: العسكريون المختطفون لدى «النصرة» إلى الحرية

جندي لبناني يساعد عنصرا من قوات الأمن المفرج عنهم من قبل «جبهة النصرة» أمس (أ.ف.ب)
جندي لبناني يساعد عنصرا من قوات الأمن المفرج عنهم من قبل «جبهة النصرة» أمس (أ.ف.ب)

أسدل الستار يوم أمس على قضية 16 عسكريا لبنانيا، كانوا مختطفين لدى «جبهة النصرة» منذ نحو سنة و4 أشهر، في صفقة تمّت عبر مبادلتهم مع موقوفين في السجون اللبنانية والسورية وتسليم الجبهة مساعدات غذائية، وذلك بعد نحو ثلاثة أيام من التوتّر والأنباء المتضاربة حول تعثّر تنفيذ العملية.
وقد أكّدت مصادر شاركت في المفاوضات لـ«الشرق الأوسط»، أنّ المشكلات خلال الأيام الماضية لم تكن سوى حول آلية التنفيذ نتيجة الثقة المعدومة بين الطرفين، الدولة اللبنانية و«النصرة»، التي كانت تحتاج إلى طرف ثالث يقوم بدور الكفيل ويضمن تنفيذ الشروط، التي كان هناك توافق على خطوطها العريضة منذ البداية، ولوائح الأسماء موجودة لدى الطرفين ومن بينهم طليقة أبو بكر البغدادي.
وأشار المصدر، إلى أنّ مبادرة حسن النيّة التي أعطت الضوء الأخضر لانطلاق عملية التبادل، كانت بإطلاق النظام السوري سراح عائلة سورية ليلا، كان أفرادها موقوفين في سوريا، وتم في المقابل تسليم الدولة اللبنانية فجرا جثّة العسكري محمد حميه الذي كانت النصرة أعدمته بالرصاص في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، ليبدأ عند الساعة العاشرة صباحا، تنفيذ البنود الأخرى تباعا، إلى أن تم تبادل المطلوبين من الطرفين وتسلّم الوسطاء العسكريين اللبنانيين. ولفت المصدر إلى أنّه إضافة إلى العائلة التي أطلق سراح أفرادها ليلا، كانت شقيقة أمير «النصرة» في القلمون أبو مالك التلي، من الذين أفرج عنهم من السجون السورية، بينما كان جميع الموقوفين الآخرين في السجون اللبنانية.
وكشف مصدر لبناني مطلع على مسار المفاوضات لـ«الشرق الأوسط» أن «جبهة النصرة» حصلت على مبالغ مالية كبيرة، تولى الجانب القطري دفعها، فيما قال مصدر سوري معارض إن حصيلة هذه الأموال كانت 25 مليون دولار حصل عليها أمير الجبهة أبو مالك التلي.
من جهته، أكّد مدير مؤسسة «لايف» نبيل الحلبي، الذي لعب دور الوسيط في المفاوضات، أنّ التعثّر الذي واجه عملية التبادل كان في التوقيت وآلية التنفيذ، مشيرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن ما حصل خلال اللحظات الأخيرة كان مرتبطا بحرص «النصرة» على التأكّد من هوية الموقوفين المخلى سبيلهم، الذين فضلوا جميعهم البقاء في لبنان، كما حصلت بعض التعقيدات لجهة تنفيذ الإجراءات، إنما عادت وسلكت الأمور طريقها للتسوية، لا سيما فيما يتعلّق بإيصال المساعدات.
ومن بين السجناء الذين أطلقت السلطات اللبنانية سراحهم سجى الدليمي وهي عراقية وزوجة سابقة لـ«البغدادي»، وقد أوقفت في نهاية عام 2014، وعلا العقيلي التي أوقفت في الفترة نفسها، وهي زوجة أحد قياديي جبهة النصرة، وخالدية زينية شقيقة التلي وثلاثة أطفال، وجمانة حميد، وهي لبنانية من عرسال أوقفت في فبراير (شباط) 2014 بينما كانت تقود سيارة مفخخة.
وقامت قطر بدور فعال في عملية التفاوض منذ انطلاقها قبل عام. وأعلنت وزارة الخارجية القطرية بعد إتمام عملية التبادل، أمس، أن الوساطة القطرية «نجحت في إطلاق سراح 16 من الجنود اللبنانيين المختطفين مقابل 25 أسيرا بينهم 17 امرأة وأطفالهن»، وهو ما أكّده المصدر المشارك في المفاوضات، لـ«الشرق الأوسط».
في المقابل، تؤكد مصادر الأمن العام اللبناني أن عدد السجناء الذين تم الإفراج عنهم 13، بينما أوردت الخارجية القطرية رقم 25 الذي يلتقي مع لوائح أسماء نشرتها جبهة النصرة على حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي. وتقول الجبهة إنها تسلمت 19 شخصا كانوا معتقلين في لبنان، وستة في منطقة التل شمال دمشق، ما يرجح أن هؤلاء كانوا معتقلين في سجون النظام السوري وشملتهم الصفقة. علما بأن «النصرة» تحصي أيضا بين الذين أطلق سراحهم في لبنان عددا من الأطفال كانوا مع أمهاتهم في السجن، ولا تعدهم السلطات اللبنانية سجناء، إنما بقوا برفقة أمهاتهم.
وظهر العسكريون في لقطات تلفزيونية بثتها بشكل حصري قناتا «الجزيرة» القطرية و«إم تي في» اللبنانية، وهم يرتدون ثيابا رياضية شتوية وقد أرخيت لحاهم. وكانوا داخل سيارات رباعية الدفع يقودها مسلحون ملثمون أطلقوا الهتافات رافعين الرايات السوداء. وكانت السلطات اللبنانية اقتادت السجناء الذين أفرجت عنهم إلى المنطقة الحدودية. وبثت قناة «الجزيرة» صورا ظهرت فيها سجى الدليمي وهي تصرح أنها ترغب في العودة إلى بيروت، على أن تتوجه مع عائلتها بعدها إلى تركيا. وبالتالي، لم تنضم إلى «جبهة النصرة».
وشملت صفقة التبادل دخول خمس شاحنات مساعدات على الأقل إلى جرود عرسال ومنها إلى مناطق سيطرة جبهة النصرة المحاذية للحدود اللبنانية السورية.
وفي نقطة التبادل المحددة على بعد أقل من كيلومتر عن آخر حاجز للجيش اللبناني في وادي حميد في جرود عرسال، انتقل العسكريون في سيارات تابعة للصليب الأحمر الدولي إلى الحاجز حيث تسلمهم الأمن العام.
ووجه رئيس الحكومة تمام سلام الشكر والتقدير إلى كافة الدول والقيادات التي ساهمت وسعت من أجل تحقيق هذه الفرحة، وخصوصا دولة قطر، ومؤسسة الأمن العام وعلى رأسها للواء عباس إبراهيم، مضيفا: «لن أنسى الصليب الأحمر اللبناني، هذا الجندي المجهول الذي يواكب كل مصاعبنا، وكان له اليوم الدور المميز».
من جهته، شكر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق دولة قطر على «جهودها في صفقة الإفراج عن العسكريين بين لبنان وجبهة النصرة»، مشددا على أن «لبنان سينفذ كل الصفقة مع جبهة النصرة بالكامل».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».