أوباما يذكر بوتين بمستنقع أفغانستان.. وأن تهديدات «داعش» أهم من بقاء الأسد

تكلفة الحرب الروسية في سوريا ستدفع موسكو لتغيير سياستها

الرئيس الأميركي باراك أوباما يصافح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس قبل اجتماعهما على هامش قمة المناخ المنعقدة في باريس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يصافح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس قبل اجتماعهما على هامش قمة المناخ المنعقدة في باريس (أ.ف.ب)
TT

أوباما يذكر بوتين بمستنقع أفغانستان.. وأن تهديدات «داعش» أهم من بقاء الأسد

الرئيس الأميركي باراك أوباما يصافح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس قبل اجتماعهما على هامش قمة المناخ المنعقدة في باريس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يصافح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس قبل اجتماعهما على هامش قمة المناخ المنعقدة في باريس (أ.ف.ب)

لا يبدو بتاتًا أن الرئيس الأميركي عازم على تغيير رأيه بشأن مساعي باريس لإقامة تحالف عريض يضم روسيا للقضاء على تنظيم داعش. والتصريحات التي أدلى بها باراك أوباما أمس في باريس، خلال مؤتمر صحافي في مقر منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي حضرته «الشرق الأوسط»، يدل على العكس تماما، إذ يبين أن واشنطن هي التي تتوقع أن تنضم إليها موسكو، في النهاية، لمحاربة تنظيم داعش. واختصر أوباما توقعاته بالقول إن موسكو «ستعي في نهاية المطاف أن التهديد الذي يمثله (داعش) على روسيا وشعبها هو الأهم»، أي أهم من بقاء الأسد في السلطة «وأن عليهم التحالف معنا، نحن الذين نقاتل (داعش)».
كلام الرئيس الأميركي جاء بعد سلسلة من اللقاءات التي عقدها على هامش قمة المناخ في باريس وأهمها ثلاثة: أولها، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ظهر الاثنين، وثانيها مع الرئيس الفرنسي ليل أول من أمس بمناسبة حفل عشاء حضره مساعدوه المقربون إلى جانب وزير الخارجية جون كيري وثالثها صباح أمس، مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في بيت السفيرة الأميركية في العاصمة الفرنسية.
الحجة الرئيسية التي يستند إليها أوباما قوامها القول إن الوضع الميداني في سوريا بعد أسابيع كثيرة على بدء الضربات الجوية الروسية، لم يتغير، بل الذي تغير أن روسيا أخذت تحصي خسائرها، إذ إنها فقدت طائرة ركاب مدنية فوق سيناء وخسرت الأسبوع الماضي طائرة قاذفة على الحدود السورية التركية إضافة إلى كثير من الضحايا. وأضاف الرئيس الأميركي: «أعتقد أن السيد بوتين يفهم، نظرا لأن أفغانستان لا تزال ماثلة في الذاكرة، إن تورطه في نزاع أهلي نتيجته غير محسومة، ليس هو الهدف الذي يرغب في تحقيقه»، في إشارة إلى التدخل الروسي في النزاع الأفغاني في الثمانينات الذي استنفد موارد موسكو. وبحسب التفكير الأميركي، فإن تكلفة دعم الرئيس السوري وإبقائه في السلطة ستكون مرتفعة، لدرجة أن موسكو ستكون مرغمة على تغيير استراتيجيتها وسياستها في سوريا التي اختصرها بأنها تهدف فقط إلى إبقاء الأسد في السلطة وليس لمحاربة «داعش».
بيد أن التغييرات التي يتوقعها أوباما في السياسة الروسية «لن تأتي سريعا»، مضيفًا أنه لا يتوقع من الرئيس بوتين أن «يستدير 180 درجة خلال الأسابيع القادمة» خصوصًا أنه منذ سنوات يدعم نظام الأسد، ولذا «سيحتاج للوقت حتى يغير طريقة تفكيره». ولمزيد من الإيضاح كرر أوباما أنه «لا يجب أن نخطئ وروسيا لن تغير مواقفها سريعا».
يعتبر الرئيس أوباما أنه إلى جانب التكلفة المرتفعة التي ستدفع موسكو لتغيير حساباتها، ثمة عنصر آخر سيحفزها على إعادة النظر في مواقفها، وهو الضغوط العسكرية المتزايدة التي سيمارسها التحالف الغربي ميدانيًا، مشيرًا إلى إدخال فرنسا لمزيد من قواها إلى أرض المعركة وانضمام ألمانيا واحتمال انضمام بريطانيا كذلك. وكل ذلك من شأنه أن يدفع موسكو إلى إعادة النظر في حساباتها وربما الانضمام إلى الغربيين في حربهم على «داعش»، باعتبار أن واشنطن لا تؤمن بأن موسكو تحارب «داعش». وتشكل هذه النظرة نقطة اختلاف مع الرؤية الفرنسية التي عبر عنها وزير الخارجية لوران فابيوس الأسبوع الماضي والتي اعتبر فيها أن الروس أصبحوا «صادقين» في حربهم على «داعش».
من المؤشرات التي يتوقف عندها أوباما، قبول روسيا السير في المسار السياسي المتمثل بما نتج عن اجتماعي فيينا الدوليين وصدور خريطة الطريق. وبرأيه أن ذلك يعني أن بوتين «أخذ يعي أنه لا حل عسكريا في سوريا». ولذا، فإن أوباما يؤكد أنه «لا خلاف بينه وبين بوتين على الحل السياسي»، بل على مصير الأسد الذي يعتبره غير مؤهل لأن يقود المرحلة الانتقالية. وأضاف: «ولكن وبغض النظر عن المعادلة الخلافية، فمن الناحية العملية، من المستحيل أن يتمكن الأسد من توحيد البلاد وأن يجمع جميع الأحزاب في حكومة شاملة». وخلاصة أوباما أن روسيا ستوافق «في نهاية المطاف» على رحيل الأسد «الفاقد للشرعية». لكن ذلك «سيستغرق وقتا طويلا». كذلك، فإن أوباما حذر من أن «داعش» لن يختفي بل «سيظل يشكل تهديدا جديا لكثير من السنوات». أما سياسيًا، فأوضح أوباما أن المنتظر من الجهود الدبلوماسية في فيينا هو إشراك جماعات المعارضة المعتدلة «التي وبصراحة لا تجمعنا أشياء مشتركة مع بعضها، ولكنها تمثل فصائل كبيرة داخل سوريا».
أما الموضوع الثاني الذي توقف عنده أوباما فهو تركيا وتوتر علاقاتها بروسيا والدور المطلوب منها في سوريا. وقد دعا أوباما تركيا وروسيا إلى تجاوز خلافاتهما والتركيز على «العدو المشترك»، الذي هو «داعش». وقال أوباما صباحا بعد لقائه إردوغان: «لقد بحثنا كيف يمكن لروسيا وتركيا أن تعملا معا لخفض التوتر وإيجاد مخرج دبلوماسي لحل هذه القضية». وفيما أعلن إردوغان أنه حرص على طي صفحة الخلاف مع روسيا التي فرضت عقوبات اقتصادية على بلاده وامتنع رئيسها عن لقائه في باريس رغم وجود الرجلين في مكان واحد يوم الاثنين بمناسبة قمة المناخ، حرص أوباما على تأكيد دعمه لتركيا قائلا: «أود أن أكون واضحا جدا، تركيا حليف ضمن حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة تدعم حقوق تركيا في الدفاع عن نفسها ومجالها الجوي وأراضيها».
وفي المؤتمر الصحافي، أفاد أوباما أنه لفت نظر الرئيس التركي للحاجة لإغلاق الحدود التركية السورية تماما. ورغم التقدم الذي حصل، فإنه أشار إلى استمرار وجود ثغرة من 80 كلم يستغلها «داعش» كمنطقة ترانزيت للمقاتلين الأجانب ولتصدير النفط وتمويل العمليات العسكرية. وأكد الرئيس الأميركي أن بلاده تتعاون مع تركيا لترى كيفية سد هذه الثغرة مكررًا أن الرئيس إردوغان «يفهم أهمية ذلك».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.