اتهام وكالة الاستخبارات المركزية بالتجسس على مجلس الشيوخ الأميركي

إدارة تفتيشها الداخلي تحقق في الادعاءات

اتهام وكالة الاستخبارات المركزية بالتجسس على مجلس الشيوخ الأميركي
TT

اتهام وكالة الاستخبارات المركزية بالتجسس على مجلس الشيوخ الأميركي

اتهام وكالة الاستخبارات المركزية بالتجسس على مجلس الشيوخ الأميركي

تحقق إدارة التفتيش الداخلي في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في ادعاءات حول تجسس الوكالة على موظفين في مجلس الشيوخ، كانوا يحققون في برنامج استجواب مشتبه بهم في إطار "الحرب على الارهاب" مطلع القرن الحالي.
وأكدت السناتورة الديمقراطية دايان فاينستاين، رئيسة لجنة الاستخبارات، اجراء التحقيق الذي اظهر للعلن هذه المواجهة بين لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ ووكالات التجسس التي تخضع لإشراف اللجنة.
وقالت فاينستاين، في حديث إلى الصحافيين، إن المسألة باتت لدى المفتش العام لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) بعد نشر صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا كشف غضب مجلس الشيوخ من تصرفات موظفي وكالة الاستخبارات.
وذكرت الصحيفة أن التحقيق بدأ عندما اشتكى برلمانيون من ان الـ"سي آي إيه" تتجسس على موظفي وأعضاء لجنة الاستخبارات.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول، طلب عدم الكشف عن هويته، قوله ان وكالة الاستخبارات المركزية نجحت في اختراق أجهزة الكمبيوتر التابعة لموظفي لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الذين يحققون في برنامج الوكالة للاعتقالات والاستجواب.
وأمضى موظفو اللجنة سنوات في البحث وكتابة تقرير من ستة آلاف صفحة ينتقد بشدة برنامج الوكالة المذكور، والذي بدأ تحت إدارة الرئيس السابق جورج بوش.
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2012، وبعد موافقة لجنة الاستخبارات على التقرير، وصفت فاينستاين إنشاء معتقلات سرية خارج الولايات المتحدة أطلقت عليها اسم "مواقع سوداء" واستخدام وسائل تحقيق مثل الايهام بالغرق بـ"الخطأ الهائل".
وجاء في التقرير الذي أعد بعد تحقيق استمر ثلاث سنوات ونصف السنة إن الوسائل العنيفة التي استخدمت في عمليات الاستجواب مثل الايهام بالغرق لم تؤد الى الحصول على معلومات حول مكان وجود أسامة بن لادن الذي قتل عام 2011 في باكستان.
ولم ترفع السرية عن هذا التقرير حتى الآن.
من جهة أخرى، نقلت وكالة "مكلاتشي" الإخبارية أن المحقق العام طلب من وزارة العدل التحقيق في القضية. إلا أن مدير "السي آي ايه" جون برنان دافع عن الوكالة وانتقد بعض المشرعين لما اعتبره ادعاءات خاطئة.
وقال برينان "إنني مستاء جداً لأن بعض أعضاء مجلس الشيوخ يتفوهون بادعاءات باطلة وغير مدعومة بحقائق عن نشاطات الوكالة". وأضاف "لدي ثقة كبيرة بأن السلطات المعنية بمراجعة القضية ستحدد موضع الخطأ، إن وجد، في الجانبين التنفيذي أو التشريعي". وذلك حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وخلال الأشهر الماضية، برزت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ كمؤيد قوي لبرامج التجسس التي تقوم بها وكالة الأمن القومي، ومن بينها تلك التي كشف عنها المتعاقد السابق مع الوكالة إدوارد سنودن.
وعبر بعض المشرعين عن الغضب من تهديد محتمل يطول مبدأ فصل السلطات المنصوص عليه في الدستور الأميركي في حال تبين صحة المزاعم.
أما السناتور الجمهوري جون ماكين، فقال: "اذا كان هذا ما قاموا به، فأنا أشعر بغضب شديد". واضاف "لا يمكن ان نتسامح مع امر كهذا في دولة ديمقراطية. هناك فصل للسلطات بين الجانبين التشريعي والتنفيذي".
ويبدو أن السناتور مارك يودال هو من أثار المسألة، حيث نقلت "نيويورك تايمز" أنه رفع شكوى الى الرئيس باراك أوباما يوم الثلاثاء الماضي. وجاء في رسالته، وفقا للصحيفة، أنه "وكما تعلم، اتخذت السي آي ايه مؤخراً خطوات ضد لجنة مجلس الشيوخ المعنية بمراقبة أعمالها، وأنا أجد تلك التصرفات تمس بمسؤوليات اللجنة وبديمقراطيتنا".
لكن برينان اعتبر أن على أعضاء مجلس الشيوخ عدم التعليق على المسألة، حتى ينتهي التحقيق، لعدم توتير العلاقات بين وكالات الاستخبارات والكونغرس.
من جهتها، طالب الاتحاد الاميركي للحريات المدنية بتحقيق كامل في هذه القضية.
وقال مستشار الجمعية كريستوفر اندرس "اذا تبين ان الـ"سي آي ايه" كانت تتجسس على لجنة مجلس الشيوخ التي تشرف على وكالة الاستخبارات، فسيشكل ذلك انتهاكا خطيرا للفصل بين السلطات". وأضاف أن "السي أي ايه ممنوعة من التجسس داخل الولايات المتحدة، وقد توجد انتهاكات أكبر لهذا المبدأ من التجسس على موظفي الكونغرس الذين ينفذون العمل الذي كلفهم به الدستور، ألا وهو مراقبة عمل وكالة الاستخبارات".



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.