الإعلامية اللبنانية راغدة تثير الجدل ببرنامجها «100 سؤال»

يثير برنامج «100 سؤال» للإعلامية اللبنانية راغدة شلهوب، منذ بداية إذاعته على قناة «الحياة» المصرية، ضجة كبيرة وحالة من الجدل بين المشاهدين من مصر والعالم العربي، بسبب التصريحات النارية والجريئة التي تحصل عليها المذيعة اللامعة من كبار النجوم والفنانين في الوطن العربي، فأصبحت هي حديث مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبح مشتركوها في حالة ترقب دائم لمتابعة الضيف الجديد لراغدة وبرنامجها، مطلقين عليه برنامج «الحوارات الساخنة»؛ في الوقت الذي أصبح فيه الفنانون أكثر تحفظا في الظهور الإعلامي خشية من زلات اللسان في عصر «السوشيال ميديا» التي قد يستغلها البعض لتشويه صورة نجم أو الخفض من رصيده لدى جماهيره.
تصريحات صادمة أطلقها الفنان فاروق الفيشاوي عن علاقاته النسائية ورأيه في الحجاب، وبكاء الفنانتين المصرية دينا، واللبنانية مايا دياب، وأفكار ماجد المصري عن عمل ابنته بالتمثيل ورفضه لذلك، وتصريحات أخرى كثيرة جعلت مقاطع الفيديو للبرنامج تتم مشاركتها بالملايين، كذلك عدد المشاهدات على موقع «يوتيوب» أيضا. وحتى احتل برنامج «100 سؤال» قائمة الأكثر بحثا على موقع «غوغل» خلال الأيام الماضية. وتقول راغدة لـ«الشرق الأوسط»: «لا أتابع الأرقام بدقة، لكن لم أكن أتوقع أن يكون نجاح البرنامج بهذا الحجم، وتصلني ردود الأفعال مباشرة من أناس بسطاء ألقاهم في الحياة اليومية سواء في مصر أو بيروت، وصولا إلى الصحافة في عدة دول عربية والتي باتت تنقل تصريحات الفنانين الجريئة عن البرنامج».
تعتبر راغدة مذيعة من طراز خاص تمتاز بثقافة موسوعية وسرعة بديهة وصوت رصين، فبعد أن عرفها العالم العربي من المحيط إلى الخليج بطلتها الهادئة في برنامج «عيون بيروت» على مدار 15 عاما، انتقلت لقناة «الحياة» المصرية، نهاية العام الماضي، محققة نجاحا كبيرا وتحولا نوعيا في مسيرتها المهنية كإعلامية، كما بثت روحا جديدة في القناة وأعادت لها حصيلة نسب المشاهدة العالية التي تحظى بها قناة الحياة المصرية منذ افتتاحها. ويتميز البرنامج بفكرته غير التقليدية في إدارة الحوار مع الفنانين، فهو لا يجبر الفنانين على الإجابة، بل يدور في إطار لعبة مدتها 60 دقيقة، وتتنوع الأسئلة ما بين أسئلة بنعم أو لا، وأسئلة باختيارات، وصور ليعلق عليها الفنان، ورسائل يرسلها لمن يحب، تمهيدا للحوار الساخن المليء بخبايا الفنانين.
وحول الفكرة والإعداد للبرنامج، تقول: «هي فكرة محسن محمود رئيس التحرير ومعد البرنامج، وأيضا معنا فريق عمل كبير من مصر، نقوم بإعداد الأسئلة معا من خلال معلومات أعرفها ومعلومات هم على دراية بها، وندرس أهم المحطات في حياة الفنان، لكي ألم بكل التفاصيل الخاصة بحياة الفنان، وقد يستغرق الإعداد يوما أو يومين، لأن هناك مواقف تتطلب مني أن أطرح السؤال بعدة طرق بأسلوبي، لأحصل على الإجابات التي أريدها».
وقد لفتت راغدة الأنظار إليها بشكل كبير، واستطاعت بأسلوبها المختلف أن تستقطب شريحة واسعة من المشاهدين حول العالم العربي، حيث إن القناة تبث على النايل سات ولا تتطلب مشاهدتها اشتراكات مثل شبكة قنوات «أوربت». ومن المقرر أن يستكمل البرنامج عدد ضيوفه الـ26، على أن يستمر بعد ذلك لمدة 3 أشهر لكن بإذاعة حلقة واحدة في الأسبوع بدلا من حلقتين.
وتنتمي راغدة لمدرسة إعلامية ترفض استفزاز الضيف أو توجيه الاتهام له بصفته مذنبا، بل تجعل من حوارها أشبه بدردشة حميمية مع الضيف، فهي تعتمد على «أسلوب مهذب من دون فجاجة، وأتحدث مع الفنان بشكل يجعله يتحدث بصراحة، وأقوم بدور المحفز أو المحرك له للإجابة دون تحفظ، حتى لو هناك اتهام فأتحدث عنه بشكل غير مباشر ولطيف»، حسب قولها. ومن التعليقات التي يتداولها كثيرون عن قدرتها على بسط سيطرتها على ضيوفها من كبار النجوم في الوطن العربي، لتخرج منهم أسرارا لم يكشفوا عنها من قبل «بتعمل لهم تنويم مغناطيسي»، و«دول أكيد قابضين فلوس كتير».
لكن راغدة نفسها تتفاجأ في كثير من الأحيان بخروج بعض الضيوف عن سياق الحلقة، وتقول: «تفاجأت بأن بعض الضيوف أخذوا الأسئلة بشكل شخصي، وطلبوا ألا أتصل بهم مرة أخرى. وهذا لا يضعفني بل يجعلني أتخذ موقف الدفاع، وأحاول البحث في فكر الضيف أكثر، كما تفاجأت ببعض الفنانين وفوجئت بعفويتهم وصراحتهم وآرائهم التي قربتهم أكثر من الجماهير في العالم العربي». تعطي راغدة مساحة لضيفها للدفاع عن نفسه، خاصة في ما يتعلق بقضايا تم اتهامه فيها، أو أشياء أشيعت عنه كضريبة للشهرة: «بالفعل وجدت كثيرا من الفنانين تم اتهامهم زورا وكشفوا لي بالوثائق والدلائل صحة كلامهم، وهذا أمر يسعدني، بأن يكون برنامجي منبرا يكشف براءتهم ويوضح الصورة أمام الرأي العام، وهذا هو صميم العمل الإعلامي». وتروي: «قبل تصوير حلقة الفنان فاروق الفيشاوي سألته بصراحة هل تردد في الموافقة على الظهور، فقال: (من يرفض الظهور بالبرنامج وأن يتحدث بصراحة لا تكون عنده ثقة في نفسه ولا في فنه أو جمهوره، ما أريد أن أقوله.. أقوله.. ولا أخشى أحدا)».
تتخذ راغدة شلهوب أساسيات العمل الإعلامي ناموسا لها، فهي تحترم عقلية المشاهد كأولوية، وترفض أن تستهتر بها، تقول: «تم إلغاء حلقات مع بعض الفنانين الذين طلبوا رؤية الأسئلة قبل الحلقات، لأن الضيف إذا رأى الأسئلة ستكون إجاباته مصطنعة ومزيفة، فقد أعد الإجابة مسبقا، وطبيعة البرنامج تعتمد على عفوية الفنان وسرعة بديهيته، وصراحته، وأنا لا أرغب في أن أغش نفسي أو أغش المشاهدين، ويتيح البرنامج لمن يجد الأسئلة محرجة حقه في الاحتفاظ بحق عدم الرد». وتذكر موقفا لها مع المطرب المصري محمد حماقي حينما استضافته ذات مرة في برنامج «عيون بيروت»: «اشترط عدم الخوض في الأسئلة حول أمور معينة وشخصية، لكنه أثناء الحلقة تحدث بأريحية شديدة وأجاب عما كان يرفضه، أيضا في حلقة مايا دياب كانت لأول مرة تتحدث وتُجيب إجابات كاملة عن أسئلة شخصية، وكانت هناك مرات هجوم ودفاع منها ومني، وكانت في أوقات تدافع عن حالها وشعرت بالإجابات تتسرب منها». وتضيف: «هناك نوع من الضيوف يبدأ بقوله (أنا لا أريد أن أتكلم في موضوعات شخصية)، وأفاجأ بأنهم يتحدثون بكل صراحة، وأجدهم في فترات الراحة يبكون أحيانا، يتنفسون الصعداء، ومن ثم يعادون الحديث بكل راحة ويتفاعلون بشكل طبيعي».
رغم أن شعار البرنامج هو «كلام من دون مونتاج»، فإنه في كثير من الأحيان يقوم بعمل مونتاج لبعض التصريحات التي قد تزعج الضيف وتؤرقه. وتؤكد راغدة: «إذا أبلغنا الضيف بأنه قال أشياء تؤذي حرمة بيته، أو عمله، نأخذها بعين الاعتبار بالطبع ونحذفها احتراما لأخلاقيات المهنة، لكن يتوقف الأمر بالطبع على سياق الحديث وطبيعة الموقف، نحن لا يرضينا إيذاء أحد بأي شكل من الأشكال».
وتعتبر برامج الحوار مع الفنانين من أهم ما يجذب الجمهور في أي دولة في العالم، كما أنها بقدر جاذبيتها الإعلامية فإنها تؤرق الإعلاميين والمذيعين لأنها ليست من المقابلات السهلة. وتتفق راغدة مع هذا الرأي: «مقابلة الفنانين مختلفة عن الشخصيات العامة، لأنني طوال حياتي العملية اكتشفت أن الفنان يعيش دوما حالة قلق، تترجم من عدة نواح: المظهر والشكل وطريقة الحديث. هم دوما في موضع منافسة، ودوما هناك حسابات قائمة لديهم في أي حديث يدلون به، ودائما ما آخذ ذلك بعين الاعتبار فأحرص على أن أجعلهم يشعرون بالراحة، وهذه هي صعوبة إدارة حوار مع فنان».
تعرضت راغدة شلهوب بسبب إحدى حلقات برنامجها السابق «كلام في سرك» على قناة «الحياة» لانتقادات بأنها ارتدت ملابس لا تليق بالحداد الذي كانت تعيشه مصر على أرواح 21 شهيدا في سيناء، وحول تأثير تلك الأزمة عليها قبيل بدء برنامجها الجديد قالت لـ«الشرق الأوسط»: «بالطبع كنت متخوفة بعض الشيء، لكن ما كان يدعمني هو وقوف عدد كبير من سيدات مصر معي، ناشطات وجمعيات حقوق إنسان وجمعيات للمرأة، واستحييت فعلا من ذلك، لكني اكتشفت أنه في مصر كل أمر مهما كان يسبب ضجة، والسبب بالطبع مواقع التواصل الاجتماعي. لم يكن أحد يعلم قبل إطلاق الاتهامات أنني أقوم بتصوير 3 حلقات بمصر وأعود لبيروت. وكيف لي كذلك أن أسخر من ضحايا إرهاب وأنا (بنت حرب)؟.. فبيروت أيضا تعاني من الإرهاب ومن الحرب. كما أنني أخذت جيدا بعين الاعتبار اختلاف طبيعة الشعب المصري عن اللبناني، وقمت بتغيير مظهري وملابسي كي تناسب الإطلالة عبر شاشة مصرية».
وعن تجربتها في الإعلام المصري، تقول: «سعيدة جدا بنجاحي في مصر وفي قناة (الحياة)، والإعلامي من الممكن أن يحقق نجاحا من أي منبر إعلامي، ومن المهم أن يكون يأخذ حقوقه جيدا، وعليه أن يهتم فقط بإرضاء الجمهور واحترامه».