رغم تمسكها بالشكليات.. المحكمة الاتحادية العراقية تلغي ضمنًا منصب نواب رئيس الجمهورية

رئاسة الجمهورية توصي المقالين بتقديم طعون بوصفهم مواطنين متضررين

رغم تمسكها بالشكليات.. المحكمة الاتحادية العراقية تلغي ضمنًا منصب نواب رئيس الجمهورية
TT

رغم تمسكها بالشكليات.. المحكمة الاتحادية العراقية تلغي ضمنًا منصب نواب رئيس الجمهورية

رغم تمسكها بالشكليات.. المحكمة الاتحادية العراقية تلغي ضمنًا منصب نواب رئيس الجمهورية

بعد جدل قانوني وسياسي بشأن القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية (نوري المالكي، أسامة النجيفي، إياد علاوي) خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، الذي صادق عليه مجلسا الوزراء والنواب، ردت المحكمة الاتحادية العليا في العراق الدعوى القضائية التي أقامها أسامة النجيفي أمام المحكمة حول لا دستورية قرار الإلغاء.
وبينما أجبر قرار المحكمة الاتحادية، الذي تغيب عن التوقيع عليه رئيس مجلس القضاء الأعلى، مدحت المحمود، الطبقة السياسية على الدخول في جدل جديد بشأن مفهوم الرد الشكلي للدعوى دون المرور بجوهر الإلغاء والطعن، فإن خبيرا قانونيا عراقيا بارزا أشار إلى أن القرار أكد أن الإصلاحات التي اتخذها رئيس الوزراء حيدر العبادي دستورية وقانونية.
وكانت المحكمة الاتحادية في العراق ردت، أول من أمس، شكليا الدعوى التي أقامها أمامها ناب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي بصفته نائبا لرئيس الجمهورية، بينما أقام محاميه الخاص دعوى شخصية أمام المحكمة، حيث جاء الرد شكليا لجهة عدم مشروعية تقديم النجيفي طعنا بصفته نائبا للرئيس سواء لجهة إلغاء المنصب ومصادقة البرلمان عليه أو لجهة عدم مشروعية التظلم في حال كونه لا يزال يحمل هذه الصفة. وحول ما إذا كان القرار أنهى رسميا علاقة نواب رئيس الجمهورية الثلاثة بمناصبهم أم أن هذا القرار فتح الباب أمام خلافات جديدة، قال المستشار القانوني في رئاسة الجمهورية أمير الكناني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «القرار الصادر عن المحكمة الاتحادية الذي تغيب عنه رئيسها مدحت المحمود لأنه لا يريد إدخال نفسه في إحراج أمام الشارع العراقي الغاضب والرافض لهذه المناصب، بصرف النظر عن دستوريتها أم لا. وبالتالي، فإن المحكمة الاتحادية التي حاولت تجنب الرد واللجوء إلى التأجيل اضطرت أخيرا إلى رد الدعوى، لكن من الناحية الشكلية. وبالتالي، فإنها في الوقت الذي تريد أرضاء الشارع والعبادي، الذي قرر إلغاء هذه المناصب، وبين فتح المجال أمام النواب الثلاثة لكي يتقدموا بطعون جديدة مستوفية لشروطها غير الشكلية، والأهم في ذلك هو تقديم طعون بوصفهم مواطنين متضررين وليسوا نوابا لرئيس الجمهورية، مما يعني أن المحكمة أرادت أن تقول إن الطعون ليست موجهة بالشكل القانوني الصحيح». وأضاف أن «ذلك يأتي في وقت أن القوانين التي تصدر عن الجهات الرسمية العراقية ليست محصنة، بل هي كلها قابلة للطعن أمام المحكمة الاتحادية».
وأشار إلى أنه «رغم أن الأساس القانوني للقرار الذي اتخذه رئيس الوزراء بشأن إلغاء تلك المناصب خاطئ، لأن هناك قانون ينظم عمل نواب رئيس الجمهورية، وبالتالي لا بد من أن يكون الإلغاء بقانون أيضا، فإن المحكمة الاتحادية ارتأت ألا تكون هي بوجه المدفع لجهة الضغوط الجماهيرية وضغوط المرجعية، وضرورة القيام بإصلاحات جذرية سواء على صعيد المناصب العليا أو الرواتب والامتيازات أو مكافحة الفساد».
لكن مقربا من نائب رئيس الجمهورية المقال، أسامة النجيفي، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه، أن «قرار المحكمة الاتحادية كان في الواقع قرارا سياسيا وليس شكليا، لأن كل الإجراءات التي قام بها المحامي استوفت الشروط الشكلية لتقديم الطعون وبالاتفاق مع المحكمة الاتحادية».
وأضاف أن «الدعوة أقيمت ضد مجلس الوزراء، بعد أن كانت ضد مجلس النواب، إلا أن المحكمة ارتأت ذلك، كما طلبت أن تكون الدعوة شخصية لا رسمية، وهو ما قام به المحامي، لكن يبدو أن المحكمة أرادت التهرب من إصدار قرار واضح وعدم تحمل المسؤولية، فلجأت إلى الشكليات، يضاف إلى ذلك أن رئيسها مدحت المحمود تجنب التوقيع على قرار الرد»، مبينا أن «لدى المحامي الخاص بالنجيفي جولة أخرى للطعن يتم فيها تلافي الشكليات التي وردت في رد الدعوى».
غير أن الخبير القانوني المعروف طارق حرب أكد أن «قرار المحكمة الاتحادية، وإن تضمن جانبا شكليا، وهو أمر متعارف عليه في مثل هذه القضايا القانونية الملتبسة، لكنه واضح لجهة الإلغاء دون أي التباس». وقال حرب في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «النجيفي أقام دعويين أمام المحكمة الاتحادية الأولى بصفته نائبا لرئيس الجمهورية، فكان رد المحكمة إن المنصب تم إلغاؤه ولم يعد قائما بمصادقة البرلمان، فضلا عن أنه لا ينبغي لك تقديم دعوى تظلم طالما أنك تعتقد بأنك نائب رئيس جمهورية، وبالتالي فقد تم رد هذه الدعوى. وفي مقابل ذلك، قدم طعنا بوصفه مواطنا عاديا، وأبلغته المحكمة بأن المنصب ألغي، وهو ما يعني، حتى ولو كان شكليا، عدم وجود أساس قانوني للمنصب المطعون به».
وأشار إلى أن «المحكمة الاتحادية حتى في مثل هذه المحاولة التي رجحت فيها الجوانب الشكلية بعدم قبول الدعاوى، تريد أن تقول إن الإصلاحات التي أقدم عليها رئيس الوزراء صحيحة». وفيما إذا كان رد طعن دعوى النجيفي ينسحب على منصبي المالكي وعلاوي، قال حرب إن «المحكمة الاتحادية ناقشت المبدأ، وبالتالي فإن ما ينطبق على أي أحد منهم يشمل الباقين».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.