الرياض تستضيف أكبر تظاهرة في عالم الكاكاو

سوق الشوكولاته في السعودية تنمو بنسبة 50 %

أحد أجنحة المعرض (تصوير: خالد خميس) و جانب من المعرض
أحد أجنحة المعرض (تصوير: خالد خميس) و جانب من المعرض
TT

الرياض تستضيف أكبر تظاهرة في عالم الكاكاو

أحد أجنحة المعرض (تصوير: خالد خميس) و جانب من المعرض
أحد أجنحة المعرض (تصوير: خالد خميس) و جانب من المعرض

خمسة آلاف زائر تزاحموا في اليوم الأول، على أبواب ومداخل معرض الرياض الدولي للشوكولاته والقهوة، الذي قدرت سوقه بالسعودية بـ15 مليار دولار تدرّها سنويا، مع زيادة نمو متسارعة تتراوح بين 3 و4 في المائة، في حين شهدت سوق الشوكولاته نموا بلغ خلال العامين الماضيين 50 في المائة، وفق المعنيين بهذه الصناعة.
أمّ المعرض العديد من الجنسيات وشرائح المجتمع وأسر وعزاب، ليظفروا بإشباع رغبتهم في التمتع بمذاقات لنوعيات مختلفة من حلويات الشوكولاته ومشروبات القهوة العربية والتركية والإسبريسو وغيرها، التي تتجاوز منتجاتها الألف منتج، مما يفسّر حجم الزحام والصفوف أمام صرافات البنوك بالمعرض.
وارتفعت مبيعات الحلويات والشوكولاته والقهوة إلى حد الرضا من قبل الزائرين والمشاركين، حيث الكل تضيء تقاسيم وجوههم، صغارا وكبارا، لأنهم يشعرون بسعادة يُعتقد أن الشوكولاته جلبتها لهم، على حد قول البعض. ولأن الكل إما يتناولون حلوى شوكولاته أو قهوة عربية أو تركية أو إسبريسو، فلا مجال لشيء آخر غير الشعور بالفرح والسعادة، على الرغم من الصرف الباذخ.
أسامة يسري، مدير تسويق في إحدى شركات الحلوى، قال لـ«الشرق الأوسط»: «جئنا لنعرض منتجاتنا بدءا من (الشوكولاته الخام) إلى (كريمة الشوكولاته بالبندق)، وطورنا الأخيرة المشهورة لدى الجميع، وزودنا فيها كميات البندق بجانب الحليب والكاكاو، فأصبحت تحمل طعم بندق وطعم سوداني وطعم السيومي لمن لديه مشكلة في الحليب، وخصصنا نوعيات خاصة من الشوكولاته للفنادق والمطاعم والكافيهات بداية من منتج وزن كيلوغرام، وأربعة كيلوغرامات و10 كيلوغرامات، ويحضرها شيف متخصص، يقدر ويحدد حجم ونوع السكر والكاكاو».
بينما أوضح عمر عبد المعطي، مدير عام مصنع «فاركو» بالرياض، لـ«الشرق الأوسط»، أن «مبيعات الشوكولاته والقهوة في السعودية تنمو السوق بنسبة من 3 إلى 4 في المائة، لأن المجال أصبح جاذبا جدا لجميع أفراد الأسرة، مع محبة خاصة لتناول حلاوة البقر مع القهوة العربية كل صباح، ولكن يعتبر عيدا الأضحى والفطر أفضل مواسمنا».
في حين ذكر باسل دبالوني، اختصاصي في شركة «باجة»، أن هناك نموا ضخما جدا هذا العام بالنسبة للقهوة العربية يتراوح بين 10 و12 في المائة، والمكسرات بين 5 و7 في المائة، وأن السوق السعودية أكثر استعداد لاستيعاب كميات أخرى جديدة، مبينا أن الكميات الحالية غير كافية للسوق السعودية بسبب زيادة إقبال السعوديين عليها، مشيرا إلى أن القهوة العربية لها علاقة بالثقافة السعودية.
مازن مطر، مسؤول تسويق من شركة «آني وداني»، أكد أن المعرض يشهد حاليا خمسة آلاف زائر منذ أول يوم، مبينا أن أكثر من 200 شركة سعودية منها 10 شركة عالمية تشارك في المعرض، بهدف عرض منتجاتها الجديدة ولكسب عملاء أكثر والتطوير من خلال الاستماع إلى بعض الملاحظات.
وقال مطر لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نستورد شوكولاته من أوروبا كمواد خام، ويعاد تصنيعها في مصانع الشركة السعودية بالرياض لعدة منتجات، وتوزع على الفروع، ومن حيث عدد المنتجات لدينا أكثر من ألف نوع من الشوكولاته حتى نلبي جميع طلبات العملاء، والسوق السعودية تستوعب زيادة الطلب على الشوكولاته خاصة بعد أن أثبتت الأبحاث العلمية الفوائد الطبية الكثيرة لنبات الكاكاو، خصوصا أن السعودية بها أراض تزرع فيها الكاكاو، الأمر الذي ساعد على زيادة إطلاق شركات كثيرة في ظل زيادة الطلب على منتجات الشوكولاته، على الرغم من أن المنافسة بين الشركات أصبحت عالية جدا».
وقال: «خلال العامين الماضيين تفيد بعض التقارير بأنه زاد الطلب على الشوكولاته بنسبة 50 في المائة، بسبب انتشار ثقافة أساليب التسويق، وكونها سهلة، وأي أحد يمكن أن ينتج ويسوق، فضلا عن فوائد الكاكاو، غير أننا نستهدف الشوكولاته الغربية وليست الشرقية».
وشاركت الباريستا (معدة القهوة بشكل احترافي) سارة العلي، الحاصلة على ماجستير أدب فرنسي من جامعة ألبرتا في كندا، وفازت بالمركز الثالث على مستوى الشرق الأوسط لتحضير القهوة التركية باستخدام الركوة (أداة لإعداد القهوة على الرمل مصنوعة من النحاس)، في دبي 2014، ومؤهلة للمشاركة في بطولة العالم ضمن معرض «غولف فود» المقام في فبراير (شباط) 2016 بدبي، حيث برعت في تحضير القهوة على الرمل أمام زوار المعرض، مقدمة شرحا عن طريقة إعداد القهوة التركية بحسب ما يفضله الشخص من المرارة أو الحموضة أو الحلاوة، ومجيبة عن استفسارات الزوار وطريقة شراء البن حسب تاريخ التحميص.
بينما احتشد عدد كبير من الأطفال عند «جدار الشوكولاته» الممتد على طول 7 أمتار، وهو من فكرة المتطوعة خولة الخليفة، التي بينت أن فكرة الجدار الخشبي نبعت من أن الشوكولاته تثير السعادة وتمتلك مذاقا فريدا، وهي المحبوبة من أغلب الناس صغارا وكبارا، ولها فوائد غذائية متنوعة للجسم على حسب أنواعها والإضافات التي توضع معها من الفواكه أو البسكويت، حيث يقوم الأطفال بشراء الحلويات من المحلات في المعرض ثم تثبيتها عليه، وفي نهاية المعرض تتشكل لوحة مفعمة بالألوان والأشكال تجمع لتوزع على الجمعيات الخيرية كجمعية النهضة النسائية الخيرية وجمعية الأيتام «إنسان» وبعض دور الحضانة الاجتماعية وغيرها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».