لبنان: استعدادات مكثفة لعملية تبادل تفضي للإفراج عن العسكريين المختطفين

يتولاها جهاز الأمن العام بالتعاون والتنسيق مع قطر

لبنانية تحمل مع طفلها أمس إطار سيارة لحرقه أمام مقر الحكومة في بيروت احتجاجا على اختطاف جنود لبنانيين في ديسمبر الماضي (غيتي)
لبنانية تحمل مع طفلها أمس إطار سيارة لحرقه أمام مقر الحكومة في بيروت احتجاجا على اختطاف جنود لبنانيين في ديسمبر الماضي (غيتي)
TT

لبنان: استعدادات مكثفة لعملية تبادل تفضي للإفراج عن العسكريين المختطفين

لبنانية تحمل مع طفلها أمس إطار سيارة لحرقه أمام مقر الحكومة في بيروت احتجاجا على اختطاف جنود لبنانيين في ديسمبر الماضي (غيتي)
لبنانية تحمل مع طفلها أمس إطار سيارة لحرقه أمام مقر الحكومة في بيروت احتجاجا على اختطاف جنود لبنانيين في ديسمبر الماضي (غيتي)

برز مساء أمس الجمعة تطور كبير على صعيد قضية العسكريين اللبنانيين المختطفين لدى تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش»، وذلك بعد تقاطع المعلومات حول عملية تبادل قد تتم خلال ساعات تفضي للإفراج عنهم.
مصدر أمني تحدث لـ«الشرق الأوسط» قال: إن هناك «تحضيرات وإجراءات اتخذت تمهيدا لعملية تبادل العسكريين الـ25 المختطفين بعدد من الموقوفين المقربين من التنظيمين المتطرفين ومعظمهم من النسوة الموجودات في السجون اللبنانية»، ولفت إلى أنّه «تم نقل عدد من الموقوفين من أحد مباني سجن رومية إلى مبنى آخر، كما طُلب تجهيز إحدى الموقوفات لدى أحد الأجهزة الأمنية التي ستشملها عملية التبادل».
وأوضح المصدر أن جهاز الأمن العام اللبناني هو الذي يتولى المهمة، باعتبار أن مديره العام اللواء عباس إبراهيم هو من خاض المفاوضات مع الخاطفين عبر وسطاء إقليميين. وتابع المصدر أن كل ذلك يتم بالتعاون والتنسيق مع دولة قطر، مستدركًا «لكن عملية التبادل تبقى غير مؤكدة وغير مضمونة، بانتظار تبلور الأمور في الساعات القليلة المقبلة، خاصة بعد تسريب الخبر إلى وسائل الإعلام مع إمكانية أن ينعكس ذلك سلبًا على عملية التنفيذ».
حسب المصدر فإن بين الموقوفين الذين قد تشملهم المبادلة بالعسكريين، سجى الدليمي الزوجة السابقة لزعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، وجمانة حميد الموقوفة بتهمة نقل متفجرات عبر بلدة عرسال (شمال شرقي لبنان)، وحسين الحجيري، ونزار المولوي وغيرهم. ولقد أعلن عضو هيئة «العلماء المسلمين» الشيخ نبيل رحيم في حديث صحافي أن الأمن العام نقل عددًا من الموقوفين في سجن رومية (شرقي بيروت) بالفعل إلى مركزه في بيروت، مشيرًا إلى أن عملية تبادل العسكريين المخطوفين ستحصل السبت (اليوم).
من ناحية ثانية، تضاربت المعلومات حول ما إذا كانت العملية ستشمل المختطفين لدى تنظيم داعش أم ستقتصر على المختطفين لدى «جبهة النصرة» وما إذا كانت ستتم على دفعات، باعتبار أن مصير الأوائل كان مجهولا تمامًا، كما أنّه لم يكن هناك أي خط تواصل مع «داعش» قبل أشهر قليلة، وهو ما أكّده عباس إبراهيم. فبعكس «جبهة النصرة» التي تعمدت البقاء على تواصل مع الأهالي وبثت الفيديوهات والصور للعسكريين بين الفينة والفينة، تعمد «داعش» الغياب التكتيكي، وقد بثّ فيديو واحدا بعد عملية الاختطاف في ديسمبر (كانون الأول) 2014 أظهر 3 من العسكريين بلباس الإعدام البرتقالي وبدأ أحد العناصر المتشددة يتحدث باللغة الفرنسية، محذرا رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع من «تعاونهم» مع حزب الله.
هذا، وسيطر الترقب على أهالي العسكريين الذين تجمعوا في «مخيّمهم» في ساحة رياض الصلح بوسط بيروت، لمتابعة الأخبار الواردة نظرا لأن أحدا من الرسميين لم يضعهم في أجواء آخر التطورات. وأشارت صابرين، زوجة الرقيب أول في قوى الأمن الداخلي المخطوف زياد عمر في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى أن «الخوف والتوتر يسيطران على معظم الأهالي، خاصة أنّها ليست المرة الأولى التي يتحدثون فيها عن إيجابيات لا تلبث أن تتبخر مع مرور الساعات». وأردفت «لقد مررنا في هذه التجربة أكثر من مرة، لذلك لا نريد أن نبني آمالا واهية تزيد من إحباطنا وآلامنا... لكننا نأمل خيرا».
أما ماري خوري، شقيقة العسكري المخطوف جورج خوري، فتحدثت عن تبلغهم بأن «الإفراج عن العسكريين المخطوفين سيتم خلال ساعات». ومن جهته، حسين يوسف، والد أحد المخطوفين، فضّل في حديث صحافي التكتم راهنًا، قائلا: «لدينا تجارب مرة مع الوعود، ما يمكنني قوله: إن الأمور بنسبة 80 في المائة جيّدة، لكنني أخاف من الـ20 في المائة المتبقية».
جدير بالذكر، أن التطورات الأخيرة التي شهدها ملف العسكريين المختطفين تزامنت مع إعلان الجيش اللبناني توقيف السوري علي أحمد لقيس الملقب بـ«أبو عائشة» الذي اعترف بإعدام الجندي محمد حمية الذي كان مختطفا لدى «جبهة النصرة». وأفاد الجيش في بيان أنّه أوقف «الإرهابي الخطر، السوري علي أحمد لقيس الملقب بـ(أبو عائشة) لانتمائه إلى أحد التنظيمات الإرهابية، وذلك أثناء محاولته مغادرة لبنان، مستخدما جواز سفر مزورا».
وبيّنت التحقيقات مع الموقوف، أنه «بايع جبهة النصرة وتدرب على تصنيع العبوات الناسفة وأتقن تحضيرها، واستعمل عددًا منها، وتربطه علاقة وثيقة بالمدعو أبو مالك التلي (قائد النصرة في القلمون)، حيث أقام مع مجموعته في جرود عرسال، كما اعترف الموقوف بأنه أقدم على قتل الجندي الشهيد محمد حمية الذي خطف إثر معركة عرسال عام 2014». وأوضح البيان أن الموقوف «أدلى بمعلومات عن عدد من الأشخاص المتورطين في ملف العسكريين المخطوفين، وتستمر التحقيقات معه لكشف معلومات أخرى».
يُذكر أن عملية اختطاف العسكريين تمت في أغسطس (آب) 2014 أثناء تصدي الجيش اللبناني لمحاولة تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» احتلال بلدة عرسال الحدودية الواقعة شرقي البلاد، ما أدّى لخطف التنظيمين عشرات من عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي، فقتلوا 4 منهم وما زالوا يحتجزون 25 آخرين.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.