الحكومة اليمنية تتحرك لنقل وزارة المالية من صنعاء إلى عدن

مجاميع قبلية جديدة تنضم إلى المقاومة في البيضاء

يمنيون على شاطئ عدن الشهر الماضي بعد أن استقر الأمن في العاصمة المؤقتة (أ.ف.ب)
يمنيون على شاطئ عدن الشهر الماضي بعد أن استقر الأمن في العاصمة المؤقتة (أ.ف.ب)
TT

الحكومة اليمنية تتحرك لنقل وزارة المالية من صنعاء إلى عدن

يمنيون على شاطئ عدن الشهر الماضي بعد أن استقر الأمن في العاصمة المؤقتة (أ.ف.ب)
يمنيون على شاطئ عدن الشهر الماضي بعد أن استقر الأمن في العاصمة المؤقتة (أ.ف.ب)

أكد مصدر مسؤول مقرب من وزير المالية اليمني، منصر القعيطي، لـ«الشرق الأوسط»، وجود تحركات مكثفة وعلى نطاق واسع، تبذل لنقل عمل ونشاط وزارة المالية من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، التي يتخذ منها الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة مقرا لتسيير شؤون البلاد، ولإدارة معركة الشرعية واستعادة مؤسسات الدولة من قبضة ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح من أيادي الانقلابين.
وقال المصدر المسؤول إن وزارة المالية تسعى جاهدة لعودة جميع المرافق والمكاتب التابعة لها في صنعاء لممارسة عملها من العاصمة المؤقتة عدن خلال الأيام القليلة المقبلة، مشيرا إلى أن من بين تلك المكاتب البنك المركزي والضرائب والجمارك وغيرها، وهناك جهود حثيثة تبذل لأجل ذلك منذ أسبوع برئاسة وزير المالية، وبإشراف مباشر من الرئيس هادي.
وأشار المصدر إلى أن الخطوة التي تحضر لها وزارة المالية تهدف إلى سحب كامل الصلاحيات من أيدي الميليشيات الانقلابية في العاصمة المحتلة صنعاء. ولم يؤكد المصدر صحة ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن موافقة الحكومة الشرعية على بقاء البنك المركزي اليمني في أداء مهامه من صنعاء بناء على طلب جهات دولية مالية لم يسمها، وقال إن ذلك يأتي بمباركة المجتمع الدولي ذاته.
وكان وزير المالية منصر القعيطي يشغل رئيس مجلس إدارة بنك التسليف التعاوني الزراعي التابع للدولة، قبل أن يعينه الرئيس هادي وزيرا للمالية في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقدم إلى مدينة عدن الأسبوع الماضي، وقام بزيارة فرع البنك المركزي اليمني بمدينة عدن القديمة «كريتر»، كما قام بزيارات للبنوك الأهلية، وعقد عددا من اللقاءات المهمة مع الجهات ذات الاختصاص بالمالية بالعاصمة المؤقتة عدن.
وفي تطورات ميدانية بمحافظة البيضاء، وتحديدا جبهة مديرية الزاهر، تجددت أمس المعارك بشراسة أثناء محاولة ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع علي عبد الله صالح تمرير تعزيزات عسكرية كبيرة من الجهة الغربية للمدينة ناحية مناطق آل حميقان، التي تخوض معارك التصدي للميليشيات منفردة، في حين تمكنت المقاومة بالزاهر من التصدي للتعزيزات العسكرية للحوثيين مخلفة تدمير آليات عسكرية ومقتل وجرح العشرات من عناصر الميليشيات.
ميدانيا، كشف لـ«الشرق الأوسط» الشيخ محمد عبد القوي الحميقاني، القيادي البارز في مقاومة الزاهر بالبيضاء، عن تطور جديد على صعيد المواجهات مع تحالف ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع صالح، مؤكدا انخراط رجال القبائل في منطقة ذي ناعم بقيادة الشيخ أبو جبر إلى صفوف المقاومة ورجال قبائل آل حمقيان في التصدي لتعزيزات عسكرية للميليشيات كانت في طريقها إلى منطقة سد جرجرة من الجهة الغربية للمنطقة.
وقال الحميقاني إن تعزيزات عسكرية للميليشيات كانت في طريقها إلى منطقة الدقيق القريبة من ذي ناعم، في محاولة فاشلة من الحوثيين للالتفاف على قبائل الحميقاني بالمنطقة، وإن قوة من مقاومة الزاهر ورجال الحميقاني تقدمت لمواجهة الميليشيات في منطقة الناصية بمشاركة مقاتلين من ذي ناعم بقيادة أبو جبر، في أول تحول نوعي لانضمام مقاتلين من القبائل الأخرى للتصدي للميليشيات في جبهات ذي ناعم والزاهر بمحافظة البيضاء.
وأوضح الحميقاني، لـ«الشرق الأوسط»، أن رجال قبائل آل حميقان وإخوانهم من ذي ناعم تصدوا، أول من أمس، لتعزيزات عسكرية كبيرة للميليشيات في منطقة سد جرجرة، ودارت معارك شرسة في الناصية تمكن خلالها رجال القبائل من التصدي لمحاولة التفاف للحوثيين وتدمير 4 مدرعات وطقمين عسكريين للميليشيات، وقتل وجرح العشرات من عناصرها، في حين سقط في صفوف المقاومة «شهيدان» من آل حميقان، و«شهيد» من آل عمر، وجُرح آخرون.
وأكد الحميقاني سيطرة رجال القبائل والمقاومة على مناطق ومواقع جديدة كانت بيد ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع صالح بعد دخول أبناء منطقة ذي ناعم في صفوف المقاومة للمرة الأولى في مواجهة الحوثيين بالمنطقة، مجددا تأكيده على سيطرتهم على منطقة الدريقات والناصية ومواقع أخرى كانت تحت سيطرة الميليشيات للأسبوع الفائت.
إلى ذلك، أفادت مصادر محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش اليمني في محافظة مأرب نفذ فجر أمس الخميس هجوما ناجحا على مواقع لميليشيا الحوثيين وقوات صالح في جبهة مشجح القريبة من جبل هيلان الاستراتيجي شمال غربي مأرب، أسفر عن مقتل 4 وجرح 6 آخرين واحتراق مدرعة عسكرية لميليشيات الحوثي، بينما «استشهد» جندي من رجال الجيش الوطني خلال الهجوم الذي وصفته المصادر بالناجح، مؤكدة انسحاب الجيش اليمني بعد نجاح الهجوم بسبب عدم وجود إسناد مدفعي لاستمرار تقدمه، على حد قولها.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».