مظاهرات واعتقالات في شيكاغو بسبب عودة التوتر العرقي

عقب نشر فيديو يظهر شرطيًا يقتل شابًا أسود بـ16 رصاصة

مظاهرات واعتقالات في شيكاغو بسبب عودة التوتر العرقي
TT

مظاهرات واعتقالات في شيكاغو بسبب عودة التوتر العرقي

مظاهرات واعتقالات في شيكاغو بسبب عودة التوتر العرقي

وجه قائد الشرطة ورئيس البلدية في شيكاغو نداء يدعو فيه للهدوء ليلة أول من أمس، بعيد نشر شريط فيديو يظهر شرطيا أبيض وهو يقتل شابا أسود بـ16 رصاصة، بينما سارع القضاء إلى توجيه تهمة القتل للشرطي.
ومن شأن هذا الفيديو أن يؤجج التوتر العرقي في ثالث مدن في الولايات المتحدة، بعدما تسببت تجاوزات مماثلة قامت بها الشرطة في اندلاع أعمال شغب في مناطق أخرى في البلاد خلال الأشهر الـ18 الماضية، حيث تظاهر العشرات في شوارع المدينة، وأعلنت الشرطة اعتقال ثلاثة أشخاص صباح أمس.
وكشفت المشاهد التي صورت من كاميرا مثبتة في سيارة قوات الأمن الظروف العنيفة التي قتل فيها السنة الماضية لاكوان ماكدونالد، البالغ من العمر 17 عاما. ففي شريط الفيديو يظهر الشاب وهو يمشي في وسط الشارع ويحمل بيده شيئا قالت السلطات آنذاك إنه سكين، ويبدو أنه رفض الانصياع لدعوات الشرطة التي كانت تريد ضبطه، لكنه لم يقم في الوقت نفسه بأي حركة تهددهم. وبينما ابتعد الشاب نحو قارعة الطريق، فتح الشرطي جيسون فان دايك النار عليه، وبعدما بات الشاب ممددا على الأرض واصل الشرطي إطلاق النار بدم بارد، وسط تصاعد الغبار من آثار الرصاص.
وعلى إثر بث هذا الفيديو الذي انتشر بسرعة على الإنترنت، بدأت مدينة شيكاغو تخشى وتتخوف من حصول توترات عرقية، خاصة بعد أن بدأ مئات الأشخاص مساء أول من أمس التجمع في مختلف شوارع المدينة، وقطعوا حركة السير، حسبما أفادت وسائل الإعلام الأميركية. كما حصلت بعض المواجهات مع قوات الأمن.
وحذر غاري ماكارثي قائد شرطة شيكاغو من أن «الناس لديهم الحق في التعبير عن غضبهم، وحق التظاهر والتعبير عن أنفسهم، لكن ليس لديهم الحق في ارتكاب مخالفات.. ونحن لن نتسامح مع أي سلوك إجرامي».
وبحسب صحيفة «شيكاغو تريبيون» فإن السلطات حشدت نحو نصف عدد الشرطة لتفادي حدوت مواجهات أو أي إخلال بالأمن.
من جهته قال رام إيمانويل، رئيس بلدية ثالث أكبر مدينة أميركية، إن «السكان سيصدمون وسيتظاهرون عندما يشاهدون شريط الفيديو هذا.. أعتقد أن هذا الظرف يمكن أن يكون مناسبة لإقامة جسور للتفاهم بدل إقامة حواجز لسوء التفاهم».
وجاء المؤتمر الصحافي المشترك بين رئيس بلدية المدينة وقائد شرطتها بعد ساعات على توجيه التهم إلى جيسون فان دايك (37 عاما) «بالقتل العمد»، رغم أن مثل هذه الملاحقات بحق شرطي نادرة جدا في الولايات المتحدة، وغير مسبوقة عموما منذ عقود في شيكاغو.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.