«نو دو مود».. اسم باريسي لماركة لندنية ذات أصول هندية

تتلخص استراتيجيتها في التركيز على قطع محدودة تؤدي أدوارًا متعددة

من تصاميم ماركة «نو دو مود»  -  الأختان هارديب ومانديب  -  العارضة وفتاة المجتمع أوليفيا باليرمو في معطف من دون أكمام بتوقيع «نو دو مود»
من تصاميم ماركة «نو دو مود» - الأختان هارديب ومانديب - العارضة وفتاة المجتمع أوليفيا باليرمو في معطف من دون أكمام بتوقيع «نو دو مود»
TT

«نو دو مود».. اسم باريسي لماركة لندنية ذات أصول هندية

من تصاميم ماركة «نو دو مود»  -  الأختان هارديب ومانديب  -  العارضة وفتاة المجتمع أوليفيا باليرمو في معطف من دون أكمام بتوقيع «نو دو مود»
من تصاميم ماركة «نو دو مود» - الأختان هارديب ومانديب - العارضة وفتاة المجتمع أوليفيا باليرمو في معطف من دون أكمام بتوقيع «نو دو مود»

«نو دو مود» Nom De Mode، وترجمته الحرفية اسم الموضة، ليست ماركة باريسية كما يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى، بل لندنية تقف وراءها أختان توأمتان في عمر الزهور: هارديب ومانديب شوهان. أول ما تقابلهما لا تشعر بوجود تشابه كبير بينهما، لكن ما إن تجلس معهما حتى تصاب بالحيرة، لأن الفروقات الجسدية بينهما تذوب سريعا لتقع في فخ تذكر اسم كل واحدة منهما، بسبب تشابه أفكارهما وحركاتهما وإكمال كل واحدة منهما كلام الأخرى، وأحيانا الجمل. هارديب درست الأدب بينما مانديب القانون، لكن صوت الموضة كان يناديهما دائما وزاد إلحاحا بعد تخرجهما وعملهما في مجالات لم تشعرا فيها بالاكتفاء الذاتي. تقول مانديب: «نظرا لأصولنا الهندية، كبرنا ونحن نستنشق رائحة الأقمشة المترفة ونتابع اهتمام المرأة بمظهرها ومدى ثقتها بنفسها وهي ترتدي أزياء في غاية الأناقة، وهو ما انعكس على أسلوبنا الذي نتوخى فيه تقديم تصاميم تجسد كل هذا ولا تعترف بزمن».
تقول مانديب إن حب الموضة من القواسم المشتركة بينهما، إضافة إلى اعتزازهما بجذورهما الهندية وثقافتهما اللندنية. وتعترف أيضا بأنهما كانتا دائما تريدان العمل بعضهما مع بعض، لكن بقيت الفكرة سجينة التمني إلى أن زارتا الهند في إحدى المرات، ووقع بين أيديهما ألبوم قديم للعائلة، انبهرتا وهما تتصفحانه. تلتقط هارديب خط الحديث لتعلق: «كانت النساء أنيقات وبسيطات في الوقت ذاته، فقد كانت أزياؤهن منمقة ومصنوعة من أقمشة مترفة ورائعة..كانت هذه هي اللحظة التي تيقنا فيها أن الموضة قدرنا».
بعد ذلك بدأتا تكتشفان الأسواق الشعبية بنظرة مختلفة تماما عن ذي قبل. فما كان مجرد أسواق مثيرة لشراء هدايا، أصبح منجما يحتوي على كنوز يمكن الاستفادة منها وتوظيفها في أزياء عصرية تأخذ بعين الاعتبار احتياجات المرأة وأسلوب حياتها الجديد. لم يمر سوى وقت قصير حتى قفز اسم «نو دو مود» لذهنهما واستقرا عليه، لتبدأ عملية تنفيذ الفكرة، وهي فكرة بسيطة للغاية تستهدف تقديم تشكيلات محدودة تتلخص في معاطف من دون أكمام و«كابات» مبتكرة وقطع منفصلة يسهل تنسيقها، لكن دائما بحرفية عالية.
من البداية، قررتا أن تكون الانطلاقة بقطعة واحدة تتفننان فيها، وهي معطف طويل من دون أكمام، تلعبان عليه بأشكال متعددة لكي يناسب امرأة عصرية، عاملة ولا تريد أن تتنازل عن أناقتها. بعبارة أخرى يجب أن يخدمها شكلا ومضمونا. ورغم أن الكثير من المصممين طرحوا نفس التصميم، فإنه بتوقيع «نو دو مود» له نكهة «الساري» إلى حد ما. فهو دافئ بسحر شرقي لا يقاوم. وتؤكد هارديب أنهما تحرصان على طرح تصاميم كلاسيكية لا تعترف بتغيرات الموضة الموسمية، من خلال اختيار الخامات والتفاصيل التي تضيفانها بشكل يمكن أن يروق لكل الأذواق. كل هذا من دون أن تتجاهلا جذورهما الهندية، التي تظهر في التطريز حينا والألوان حينا آخر.
من النظرة الأولى لا تعطي الانطباع أنها مستوحاة من الهند لأن خطوطها غربية محضة، لكن ما إن تقترب منها وتلمسها وتكتشف حرير البروكار في الجوانب والتطريزات الدقيقة حتى تغير رأيك. ومع ذلك تصر الأختان على أنها مزيج بين الشرق والغرب، لأن صناعتها وتنفيذها يتم في بريطانيا، وهذا مهم، لأنهما يريدان تسويقها تحت شعار «صنع في لندن» وليس العكس. ثم أن «بريطانيا تتمتع بإرث عريق في صناعة الأزياء» حسب قول مانديب، مضيفة: «مهم أيضا أن نكون قريبتين من المعامل ومواقع الإنتاج حتى نشرف على كل صغيرة وكبيرة بجدية ونتحكم في الجودة». ولا تنكر أيضا أن الوجود في بريطانيا يعطي الماركة مصداقية أكبر، فهذا يعني أنهما تصممانها وتنفذانها عوض الإلقاء بهذه المسؤولية على الغير. أما الهند فتبقى دائما مصدر إلهام ومنجم للأفكار والخامات التي يعشقانها من البروكار والحرير إلى التطريزات، كما تبقى في القلب حسب قول هارديب وهي تنظر لتوأمها وكأنها تتكلم بلسانها أيضا.
الطريف أن المعطف من دون أكمام الذي تلعبان عليه بأشكال متنوعة توجه أساسا لمناسبات النهار، لكنه بفضل التطريزات دخل الآن مناسبات المساء والسهرة: «ففكرتنا هي أن تكون هذه القطعة خاصة بالنهار لكن بمثابة درع ثمين لا يقي صاحبته من عوامل الطقس والتعقيدات الحياتية الأخرى فحسب، بل يحملها من النهار إلى المساء بأناقة وثقة. فعندما يكون إيقاع حياتها سريعا، لا تحتاج لما يُعقده أكثر»، حسب رأي هارديب.
تجنب التعقيدات أمر باتت الأختان تتقنانه جيدا، بدليل أنهما حين بدأتا التعريف بأنفسهما في أوساط الموضة، اعتمدتا طريقة بسيطة وعضوية بالمشاركة في أسبوع لندن، بقطع قليلة حتى لا يؤثر الكم على الكيف، ونجحت إستراتيجيتهما، لأنهما في الموسم الماضي قررتا المشاركة في الأسبوع لكن بعرض خاص استقطب حضورا مهما. الآن تظهر تصاميمهما في المجلات البراقة، كما عانقتها نجمات وفتيات المجتمع مثل أوليفيا باليرمو وغيرها، لكن التحدي لا يزال قائما وهو إقناع كل وسائل الإعلام بقدراتهما. فعدم دراستهما للموضة في أي من معاهد لندن الشهيرة، إسوة بالمصممين الشباب الذين يحاولون فرض أنفسهم بالنحت على الصخر، يراه البعض نقطة ضعف، لا سيما وسائل الإعلام البريطانية التي تعتبر شهادات التخرج من هذه المعاهد مسألة ضرورية وبديهية، وبالتالي قلما تعير أي اهتمام للدخلاء. ومعنى الدخلاء هنا من لم يدرسوا الموضة، ولا يغيروا نظرتهم إلا إذا فرضت موهبتهم نفسها عليهم، وهو ما يحصل إلا في حالات نادرة، يمكن اعتبار تجربة «نو دو مود» واحدة منها. فنظرة سريعة للتغطيات التي حصلتا عليها في وقت وجيز، تؤكد أنهما كسرتا القاعدة، ونجحتا في إقناع خبراء الموضة بوجهة نظرهما. ورغم ذلك، فإن الجميل فيهما أنهما لا تدعيان القدرة أو الرغبة في منافسة كبريات بيوت الأزياء، ولا حتى المصممين الشباب الذين يحصلون على دعم مادي من جهات تؤمن بهم، بل فقط الاستمرار في المشي بخطوات حثيثة وواثقة على إيقاعات عصرية وهندية.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.