بين سوريا و«داعش» وإسقاط المقاتلة الروسية هل نحن على أعتاب حرب عالمية ثالثة؟

بين سوريا و«داعش» وإسقاط المقاتلة الروسية هل نحن على أعتاب حرب عالمية ثالثة؟
TT

بين سوريا و«داعش» وإسقاط المقاتلة الروسية هل نحن على أعتاب حرب عالمية ثالثة؟

بين سوريا و«داعش» وإسقاط المقاتلة الروسية هل نحن على أعتاب حرب عالمية ثالثة؟

بعد أيام على هجمات باريس وحالة الذعر التي عمّت نفوس الأوروبيين ودفعت بالعديد من حكومات الاتحاد الاوروبي لرفع حالة التأهب وإعلان الطوارئ، جاءت ضربة القوات التركية التي أسقطت فيها مقاتلة روسية اخترقت أجوائها بالقرب من الحدود التركية - السورية، ألغى سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي، زيارته التي كانت مقرّرة اليوم (الاربعاء) إلى أنقرة بسبب إسقاط الطائرة، وعقد مؤتمرًا صحافيا أعلن فيه ان بلاده لا تعتزم "شن حرب على تركيا"، وقال "موقفنا من الشعب التركي لم يتغير. لدينا تساؤلات بشأن تصرف القيادة الحالية في تركيا". واعتبر أنّ اسقاط الطائرة عمل مدبر، وأنّ موسكو ستعيد النظر بجدية في علاقاتها مع أنقرة".
ولدى سؤاله عن اتخاذ أي إجراءات لمحادثات مستقبلية بين البلدين، أجاب لافروف أنّه لا توجد خطط لارسال أي مسؤولين إلى تركيا وأنّ موسكو لا تعتزم استضافة أي زيارات تركية.
في المقابل أفاد متحدث باسم وزارة الخارجية التركية اليوم، بأنّ لافروف ونظيره التركي مولود تشاووش أوغلو اتفقا على الاجتماع خلال أيام؛ لكن موسكو نفت الأمر فيما بعد.
ولم يتضح على الفور ما إذا كانت زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان المزمعة لموسكو يوم 15 ديسمبر (كانون الاول) ستلغى أم لا.
وفي مقابلة حصرية أجرتها شبكة الاخبار الاميركية الـ(سي ان ان) مع فيل مود محلل شؤون مكافحة الإرهاب والعضو السابق بوكالة الاستخبارات الأميركية، صرح بأن اللوم لا بدّ أن يقع على تركيا في التسبب بحادثة عسكرية دولية بعد إسقاطها لطائرة روسية. وأضاف "لدى روسيا وإيران تأثير على مستقبل الأسد ويجب لوم تركيا لأنها قررت إسقاط طائرة روسية لمجرد دخولها عدة كيلومترات في أجوائها والتسبب بحادثة عسكرية دولية تؤدي إلى إبعاد النظر عن الأحداث الحقيقة الدائرة في المنطقة وتعقّد القضية الأساسية التي تتمثل في إنهاء الصراع الدائر بسوريا وجلب روسيا وإيران إلى طاولة المفاوضات". مبديا استغرابه من دعوة تركيا إلى اجتماع للناتو.
من جهة أخرى، يرى مراقبون أنّ لافروف وجّه أصابع الاتهام مباشرة إلى أنقرة اليوم بأنّها ترعى الارهاب أو تشارك فيه حينما قال "إنّ روسيا ستطلب من مجلس الأمن فحص معلومات بشأن تمويل الارهابيين".
ومن خلال هذه الاحداث العالمية المتسارعة يبرز تساؤل على درجة كبيرة من الأهمية هو هل ان ما نشهده من توترات بين روسيا وتركيا وتعاظم الخطر الارهابي من تنظيم "داعش" المتطرف ووجود قوى عالمية كبيرة في المنطقة مع قدراتها وترسانتها العسكرية الكبيرة، هل من الممكن ان تنطلق شرارة حرب كونية ثالثة؟ أم ستبقى هذه الحرب باردة في أرض بركانية تهتزّ لتشعل المنطقة والعالم؟
من جهة أخرى، فان بين روسيا التي تدّعي محاربة الارهاب المتمثل بتنظيم "داعش" بمساعدة حلفائها نظام الرئيس السوري بشار الاسد وحزب الله اللبناني وإيران، وفي الطرف الآخر التحالف الدولي بقيادة أميركا الذي بدوره أيضًا يحارب التنظيم المتطرف، يرى بعض المراقبين ان القطبين الرئيسين على ما يبدو، يجدان بتنظيم "داعش" حجة تنضوي في كنفه مصالحهم وأهدافهم لتثبيت قواعد لهم في المياه الدافئة. فيما يعتقد محللون آخرون أن إسقاط الطائرة قد يكون عملًا مقصودًا كما قد يكون بتوجيه من دول نافذة للحد من تمدّد النفوذ الروسي في المنطقة وامتلاك أجوائها؛ فتركيا ترغب بتحجيم دور الاكراد على أراضيها، وتسعى كما الدول الأخرى الى اثبات وجودها كقوة فاعلة في المنطقة؛ وهي الدولة التي تصل بين الغرب والشرق، مستغلة بذلك أزمة المهاجرين التي تهدد أوروبا، حسب رأيهم.
وعن مدى خطورة نشوب حرب عالمية ثالثة، يرى العديد من المراقبين أنّه أمر مستبعدٌ، خصوصًا وأن الأسلحة المتطورة أصبحت اليوم قادرة على فناء العالم إن هذه الحرب اشتعلت، فيما يرى آخرون أنّ الحرب الدائرة حاليًا هي حرب عالمية من نوع آخر؛ فجميع عواصم العالم من أوروبا إلى أفريقيا وآسيا وأميركا كلّها تقع في مرمى الإرهاب، وبات الأمن فيها هشًا وعرضة لهجمات تحصد العشرات بل المئات من الارواح وتحت أنظار الحكومات والقوى الأمنية، كما أن حشد القطبين الرئيسين في العالم تحت مسمى التحالف الدولي الذي يضم 60 دولة والضربات الروسية التي هي بدورها تحظى بموافقة دول متحالفة معها وإن لم تكن مشاركة في الحرب بل مؤيدة لها، حرب يشارك بها الجميع.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.