المغرب الأول مغاربيًّا والثاني أفريقيًّا في جذب الاستثمارات الخارجية

السفير الروسي لـ «الشرق الأوسط» : موسكو عازمة على تطوير استثماراتها في المملكة

المغرب الأول مغاربيًّا والثاني أفريقيًّا في جذب الاستثمارات الخارجية
TT

المغرب الأول مغاربيًّا والثاني أفريقيًّا في جذب الاستثمارات الخارجية

المغرب الأول مغاربيًّا والثاني أفريقيًّا في جذب الاستثمارات الخارجية

وقعت أمس في الصخيرات (جنوب الرباط) عدة اتفاقيات بين المؤسسات التابعة للبنك الإسلامي للتنمية ومجموعات مغربية ودولية خاصة بهدف مساهمة البنك في تمويل مشاريعها الاستثمارية والتجارية بالمغرب، وذلك على هامش ملتقى منتدى شراكة دوفيل للاستثمار في المغرب، الذي عرف مشاركة قادة أعمال وسياسيين من أربعين دولة، ونظمت خلاله لقاءات أعمال ثنائية لبحث فرص الشراكة والأعمال إضافة إلى ندوات للتعريف بالمغرب وقدراته الاقتصادية وفرص الاستثمار التي يتيحها. ومن بين الاتفاقيات التي وقعت مساهمة البنك الإسلامي للتنمية في ثلاثة مشاريع عقارية ضخمة لبناء أحياء إدارية وتجارية وجامعية بالرباط في إطار شراكة بين شركة ماريطا العقارية، ذات الرساميل المغربية الخليجية، وشركة بوليشنترو الإيطالية المتخصصة في إنشاء الأحياء الإدارية والمولات التجارية.
ويتعلق المشروع الأول بإنشاء الحي الإداري والتجاري والسكني في ضفة أبي رقراق على مساحة 130 ألف متر مربع قرب مارينا الرباط، ويهم المشروع الثاني إنشاء الحي الإداري في شارع المهدي بن بركة في منطقة السويسي على مساحة 41 ألف متر مربع مغطاة، أما المشروع الثالث فيتعلق بإنشاء حي جامعي جديد على مساحة سبعة هكتارات، وتصل طاقته الإيوائية إلى 2300 سرير. وتبلغ الكلفة الإجمالية لهذه الاستثمارات 2.5 مليار درهم.
ووقعت الشركة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، التابعة للبنك الإسلامي للتنمية، بدورها، اتفاقية تعاون مع صندوق أجيال للاستثمار حول المشاريع والبرامج الاستثمارية للصندوق في المغرب. كما تعهد الطرفان بدعم مشاريع القطاع الخاص المغربي عبر التمويل والمساهمة.
وقال أحمد محمد علي، رئيس البنك الإسلامي للتنمية، إن الملتقى يهدف إلى تحفيز تدفق الاستثمارات الدولية إلى المغرب، خاصة من الدول الثماني المشاركة في منتدى دوفيل ومن تركيا ودول الخليج. وثمن محمد علي الإنجازات التي حققها المغرب بفضل الإصلاحات الكبرى التي قام بها، والتي منحته القدرة على تحقيق نتائج تنموية إيجابية وجعلت منه وجهة مفضلة للمستثمرين على الصعيد الجهوي. وعبر أحمد علي عن أسفه لتعثر اتحاد المغرب العربي، مشيرا إلى أن دراسة أنجزها البنك الإسلامي للتنمية كشفت عن أن المبادلات الزراعية بين دول المنطقة المغاربية مرشحة للارتفاع بنسبة 45 في المائة في حال إخراج مشروع الاندماج المغاربي من حالة الجمود، كما يتوقع البنك ارتفاع المبادلات في باقي القطاعات بنسبة 20 في المائة، وزيادة تدفقات الاستثمارات الخارجية إلى المنطقة المغاربية بنسبة 34 في المائة.
وثمن محمد علي التوجه المغربي للتوسع والاستثمار في أفريقيا، ودعا رجال الأعمال المغاربة الراغبين في ولوج الأسواق الأفريقية إلى الاعتماد على المؤسسات التابعة للبنك الإسلامي للتنمية في مجالات تمويل وضمان الاستثمارات والمبادلات التجارية.
ومن جهته، أشار إدريس الأزمي الإدريسي، وزير الموازنة المغربي، إلى التقدم الذي أحرزه المغرب في السنوات الأخيرة في مجال تحسن مناخ ممارسة الأعمال وجاذبية الاستثمار بفضل الإصلاحات الكبرى التي أطلقها وبفضل الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص واتخاذ الكثير من الإجراءات، منها إحداث لجنة وزارية متخصصة لدراسة وحل كل العراقيل التي يواجهها المستثمرون في المغرب، إضافة إلى إحداث لجنة مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص لتطوير وترقية مناخ الأعمال. وأشار الأزمي إلى أن المغرب بدأ يجني ثمار هذه السياسات إذ كسب سبع درجات على السلم الدولي لمناخ الأعمال الذي تصدره هيئة «دوينغ بيزنس» خلال العام الماضي، وكسب 40 درجة خلال السنوات الخمس الأخيرة على السلم نفسه.
وأضاف الأزمي أن المخططات التنموية القطاعية التي اعتمدها المغرب شكلت فرصا حقيقية للمستثمرين، مشيرا إلى أنها بدأت تأتي أكلها، خاصة في مجالات صناعة السيارات وصناعة الطائرات والصناعات الغذائية. وقال الأزمي إن المغرب نجح كذلك في الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الأساسية، مشيرا إلى تمكن الحكومة من تخفيض عجز الميزانية إلى 5.4 في المائة في 2013 مقابل 7.3 في المائة في 2012 وأنها تعمل في أفق حصر العجز في نسبة ثلاثة في المائة مع حلول سنة 2016، كما تمكنت الحكومة من تخفيض عجز الميزان التجاري للمبادلات الخارجية إلى ثمانية في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي في العام الماضي مقابل 9.7 في المائة في العام الأسبق، وتعتزم الحكومة تخفيض مستوى هذا العجز إلى خمسة في المائة في 2016.
وقال فاليري فوروفيوف، السفير الروسي في الرباط، الذي تترأس بلده منتدى دوفيل، لـ«الشرق الأوسط»، إن روسيا عازمة على تطوير استثماراتها في المغرب. وقال: «مبادلاتنا التجارية جيدة وتناهز ثلاثة مليارات دولار. لكن الاستثمارات الروسية لا تزال متعثرة. ونحن الآن نبحث سبل تشجيعها مع المسؤولين المغاربة، في إطار الإعداد لانعقاد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين في مارس (آذار) المقبل».



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».