عسكري سابق ينصح أوباما بتغيير استراتيجيته ضد «داعش»

قدم خطة لتكثيف الضربات العسكرية وإنزال قوات برية وتقويض جهود روسيا للاحتفاظ بالأسد في السلطة

مايكل فيكرز
مايكل فيكرز
TT

عسكري سابق ينصح أوباما بتغيير استراتيجيته ضد «داعش»

مايكل فيكرز
مايكل فيكرز

قدم مايكل فيكرز من قوات الكوماندوز السابقين الذي شغل منصب نائب وزير الدفاع للاستخبارات ومساعد وزير الدفاع لشؤون العمليات الخاصة السابق، نصائح للرئيس الأميركي باراك أوباما لتغيير استراتيجيته الحالية في مكافحة «داعش».
ودعا المسؤول السابق والخبير الاستراتيجي الذي رأس أكبر وأنجح برنامج للعمل السري في تاريخ وكالة الاستخبارات المركزية (وهو هزيمة الجيش الأحمر في أفغانستان في الثمانينات) إلى خطة من ست نقاط تتضمن تكثيف الضربات الجوية، وإنزال قوات برية تخوض القتال ضد «داعش»، واتخاذ سياسات أقرب إلى سياسات إدارة بوش في التعامل مع طالبان بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، وأقرب إلى سياسات الرئيس رونالد ريغان في أفغانستان في الثمانينات.
ونصح الخبير العسكري والاستخباراتي البارز في مقال بمجلة «بولتيكو» بعدم التعاون مع روسيا وإلحاق الهزيمة بالجيش الروسي الذي يقاتل في سوريا، وتقويض جهود الرئيس بوتين في الاحتفاظ ببشار الأسد في السلطة وملاحقة الجماعات الإرهابية التابعة لـ«داعش» في كل من ليبيا ومصر ونيجيريا.
وقال مايكل فيكرز نائب وزير الدفاع لشؤون الاستخبارات ومسؤول الوحدات الخاصة بالاستخبارات الأميركية: «أحد واجبات المستشار السياسي هي أن يقول للرئيس إن استراتيجيته ليست فعالة، وقد بدا واضحا أن استراتيجيتنا في العراق وسوريا ليست ناجحة، وهناك حاجة ملحة لاستراتيجية أكثر قوة».
وقال: «بصفتي مستشار مكافحة الإرهاب في إدارتي الرئيس جورج بوش والرئيس باراك أوباما، ولعبت دورًا رئيسيًا في حملات مكافحة الإرهاب ضد تنظيم القاعدة وفي غارة أسامة بن لادن، وكنت الاستراتيجي الرئيسي للحرب السرية في أفغانستان ضد السوفيات، فإني أرى أن الوقت ليس في صالحنا لأن (داعش) ليس مجرد جيش من المتمردين، بل مجموعة إرهابية ذات امتداد عالمي، ولا يمكننا الاعتماد على الاستخبارات لتعطيل المؤامرات، وتدفق حاملي جوازات السفر الغربية داخل وخارج سوريا حيث يتلقون التدريب والتخطيط لشن هجمات يشكل خطرًا واضحًا».
ونصح فيكرز بوضع استراتيجية تتكون من ست نقاط، وقال: «الوقت ليس في صالحنا، وعلينا مهاجمة (داعش) قبل أن يقدم على تهديد بمهاجمة واشنطن ونيويورك».
وأوضح: «لا بد من وضع استراتيجية (سوريا أولا) لتحل محل استراتيجية العراق أولا»، التي دفعت بها الإدارة الأميركية حيث ركزت ثلثي الغارات الجوية على العراق. في الوقت الذي يعد التهديد في العراق محليًا بينما التهديد في سوريا عالمي حيث معاقل داعش الرئيسية. نحن بحاجة إلى استراتيجية تستمد الإلهام من حملة الرئيس بوش على أفغانستان عام 2011 واستراتيجية الرئيس ريغان في الثمانينات فـ(داعش) دولة كما يشير اسمها، وتسيطر على الأرض والسكان وتمول عملياتها من الموارد على الأرض. وأفضل شيء يقوم به الجيش الأميركي هو هزيمة قوات تسيطر على الأرض. وقد استغرقنا شهرين في عام 2001 للإطاحة بتنظيم طالبان في أفغانستان. وأسباب النجاح في عام 2001 ترجع إلى شن حملة جوية كثيفة وإرسال قوات برية مقاتلة، تقودها وحدات قوات العمليات الخاصة ومستشارين من وكالة المخابرات المركزية. وقد أجرينا آنذاك الكثير من الغارات الجوية في فترة شهرين أكثر من عدد الغارات الجوية التي تم شنها على سوريا والعراق في ستة عشر شهرًا، ولذا علينا أن نزيد من وتيرة الضربات الجوية والهجمات ضد معاقل (داعش) في سوريا والعراق».
والضربات الجوية وحدها لا تكفي، وعلينا الاستفادة من المعارضة السورية المعتدلة وزيادة تسليح المعارضة لطرد جبهة النصرة ودعم مقاتلي المعارضة السورية بقوة جوية ساحقة وزيادة قوات العمليات الخاصة والمستشارين لمساعدتهم. ولا يعني طرد «داعش» و«القاعدة» من سوريا أن القوات الأميركية عليها احتلال سوريا، فهناك الكثير من الخيارات التشغيلية بين ما فعلناه في العراق وما لم نفعله في ليبيا.
وقال: «علينا ألا نستسلم لأمل زائف. إن إنهاء الحرب السورية هو مفتاح هزيمة (داعش) وعلينا أن نوحد قواتنا مع روسيا (ومع بشار الأسد) للقيام بذلك. ففي هذه الحالة سيكون الفائز الوحيد هو الأسد، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والزعيم الإيراني علي خامنئي. لكن الحرب لن تنتهي وسيزيد ذلك من عزلة شركائنا من السنة وسيزيد من خطر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. فالأسد هو نقطة الجذب الأكبر للتطرف العالمي ولإحداث انتقال سياسي في سوريا، علينا الاستمرار في الضغط على الأسد بمثل ما فعل الرئيس ريغان في أفغانستان في الثمانينات، بينما كان يتفاوض مع ميخائيل غورباتشوف. وعلينا عدم التخلي عن استراتيجية مكافحة الأسد، لأن ذلك سيؤدي إلى نتائج لها تداعيات أبعد من سوريا وعلينا ألا نتعاون مع روسيا، ولا ننسى غزو بوتين لأوكرانيا ورغبته في إسقاط النظام الأوروبي، فروسيا هي قوة هامشية في سوريا، وقد هزمنا الجيش الروسي في الثمانينات الذي كان أقوى بكثير آنذاك، ويمكن أيضًا هزيمة الروس وتقويض جهودهم للحفاظ على الأسد في السلطة. وعلينا تطبيق خطة لتكثيف القوة الجوية والدفع بمستشارين عسكريين في العراق فالمشكلة في العراق سياسية في الأساس، والقبائل السنية لن تقدم على قتال (داعش) دون مشاركة حاسمة من الولايات المتحدة، وقطع خطوط الاتصال الرئيسية بين سوريا والعراق، وعزل (داعش) في العراق».
وأفاد: «علينا قتال كل الجماعات التابعة لـ(داعش) في المنطقة خاصة في ليبيا ومصر ونيجيريا، وعلينا ألا نخفف الضغط على تنظيم القاعدة الذي لا يزال يتآمر في اليمن ويعزز موقعه في أفغانستان».



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.