هادي يزور «قاعدة العند» الاستراتيجية ومواقع متقدمة في جبهة القتال بجنوب تعز

هاجم «المخطط الفارسي» أمام المقاتلين.. وزيارته لقيت ردود فعل إيجابية

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يستعرض مجموعة من عسكريي قاعدة العند في لحج أمس (إ.ب.أ)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يستعرض مجموعة من عسكريي قاعدة العند في لحج أمس (إ.ب.أ)
TT

هادي يزور «قاعدة العند» الاستراتيجية ومواقع متقدمة في جبهة القتال بجنوب تعز

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يستعرض مجموعة من عسكريي قاعدة العند في لحج أمس (إ.ب.أ)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يستعرض مجموعة من عسكريي قاعدة العند في لحج أمس (إ.ب.أ)

قام الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس، بزيارة مفاجئة إلى قاعدة العند العسكرية الاستراتيجية بمحافظة لحج التي تبعد نحو 90 كيلومترًا، شمال عدن، إضافة إلى زيارته إلى منطقة كرش، في لحج والواقعة جنوب محافظة تعز، حيث تشتد المواجهات العسكرية هناك.
وقال هادي، في كلمة داخل القاعدة العسكرية، إن «الشعب اليمني ظل وعلى مدى قرون من الزمن يعيش في وئام بعيدًا عن المذهبية والمناطقية المقيتة التي أراد الانقلابيون فرضها محاكاة لتجارب مذهبيه عصيبة فاشلة». وأضاف أن أفراد القوات المسلحة سيحظون بـ«الرعاية والتأهيل اللازمين وفي مختلف التخصصات بما يتناسب مع قدراتكم ومهاراتكم وجميع إخوانكم المقاتلين الذين كانت لهم بصمات مشرفة والذين سيتم دمجهم على أسس رفيعة في المؤسسة العسكرية والأمنية». ووفقا لمصادر رسمية، فقد أشاد هادي بـ«جهود قوات التحالف بقيادة السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لما بذلته من دعم وإسناد لقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية والتي كانت شريكة في صنع هذه الانتصارات التي تتحقق على أرض الواقع وإسهاماتهم في مسار البناء والتنمية والخدمات في مختلف المجالات».
وذكرت المصادر أنه عبر عن «رضاه عن سير المعارك والعمليات لتحرير تعز والتي تسير وفقًا للخطة المعد لها». وثمن «روح البسالة والصمود التي يتمتع بها المقاتلون في مختلف الجبهات، كما عبر عن شكره لدول التحالف العربي على تلبية الدعوة لمساندة الشعب اليمني الذي يقف اليوم صامدًا لإفشال المخطط والتمدد الفارسي في المنطقة بصورة عامة». وضمن الزيارة، اطلع هادي على نشاط «غرفة العمليات المتقدمة وحيثيات وإحداثيات تقدم قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المسنودة بقوات التحالف العربي لتحقيق النجاحات والانتصارات الميدانية وفقًا للخطة المرسومة».
ولقيت زيارة الرئيس هادي إلى القاعدة العسكرية الهامة، زخمًا في الأوساط اليمنية الجنوبية. وقال الدكتور محمد الزعوري، الناطق الرسمي باسم المقاومة الجنوبية في مناطق الصبيحة، إن الزيارة «جاءت في الوقت المناسب لتعزيز صمود المقاتلين ورفع معنوياتهم في جبهات القتال في كرش والشريجة». واعتبر الزعوري، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الزيارة «رسالة واضحة الدلالة لكل القوى التي تسعى لزعزعة الأمن في المنطقة وتؤكد أن المقاومة والجيش الوطني وقوات التحالف عازمة على تحرير بقية المحافظات والمناطق التي ما زالت تحت سيطرة الحوثيين وقوات المخلوع علي عبد الله صالح»، إضافة إلى أنها «توضح بجلاء أن الوضع آمن ومستقر في المحافظات المحررة».
وأشار الزعوري إلى أن وجود الرئيس هادي في عدن «يعتبر بحد ذاته رسالة لكل القوى الظلامية التي تسعى جاهدة لتخريب ما تحقق في المحافظات من انتصارات بعد دحر الغزاة الحوثيين، وهذه الزيارة تمثل خطوة متقدمة في مسيرة الأحداث التي تجري في البلد وتشكل خطوة متقدمة لإعادة ترتيب الوضع الأمني والعسكري في المناطق التي تشهد أعمالاً عسكرية بدعم من التحالف وستعطي دفعة قوية للمقاومة لتحقيق مزيد من الانتصارات، وسيكون لقيادته المباشرة أثرها الحاسم في المعارك، وسيغير من مجرى الأحداث برمتها على الصعيد العسكري والأمني والسياسي في اليمن».
من جانبه، قال علي شايف الحريري، المتحدث باسم المقاومة الشعبية الجنوبية، إن «لزيارة الرئيس هادي إلى قاعدة العند إيجابيات كثيرة وأهمها أن يكون قريبًا من المقاومة والجيش، وأن يشاهد بنفسه احتياجات المقاتلين ومتطلبات الحرب كون قاعدة العند قاعدة لها أهميتها الاستراتيجية». وأضاف أن «قاعدة العند قريبة من محافظة تعز وقد تم إعادة تأهيل طيارين جنوبيين لضرب ميليشيات الحوثي إلى جانب قوات التحالف واشتركوا في الطلعات مؤخرًا». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الزيارة تأتي بدرجة رئيسية لحشد الهمم نحو تحرير تعز من ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح».
في السياق ذاته، وقال خبراء عسكريون لـ«الشرق الأوسط»، إن «زيارة الرئيس هادي إلى قاعدة العند، تأتي تأكيدًا لجهوزية القوات الموالية له ولقدرتها على حسم معركة محافظة تعز المحاذية، وكذا المحافظات المجاورة التي ما زالت تحت سيطرت ميليشيات الحوثي والمخلوع، واعتبروا زيارة القاعدة ومعسكر لبوزة، رسالة قوية تحمل كثيرًا من المضامين السياسية والعسكرية، منها أنه مثلما كانت القاعدة العسكرية منطلقًا لقوات الحوثي وصالح لمهاجمة محافظتي لحج وعدن جنوبًا نهاية مارس (آذار) وحتى أغسطس (آب) ستكون القاعدة اليوم منطلقًا لعمليات تحرير محافظات تعز وإب شمالاً».
ووفقًا لمصادر عسكرية، فقد وصل هادي، أمس، إلى القاعدة العسكرية برفقة وفد عسكري وحكومي إلى القاعدة الاستراتيجية الأكبر في اليمن، وذلك لتفقد القاعدة العسكرية بعد تحريرها من ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس المخلوع صالح مطلع أغسطس الماضي وعقب تأهيلها وتجهيزها عسكريا وعملياتيا وتقنيا لتكون مركزا لعمليات قوات التحالف والجيش الوطني والمقاومة الشعبية لتحرير محافظة تعز، وأضافت المصادر أن هادي وصل في موكب كبير من القيادات العسكرية والحكومية والمحلية، وأشارت إلى تفقده مختلف المواقع العسكرية داخل القاعدة العسكرية مطلعا على الأضرار الناجمة عن الحرب وجهود دول التحالف العربي لإعادة تأهيل القاعدة وتجهيزها خلال الأشهر الأربعة التالية لتحريرها من الميليشيات وقوات الرئيس المخلوع، إضافة إلى تفقده مواقع للمقاومة الجنوبية المنتشرة حول القاعدة العسكرية واطلع خلالها على جاهزية أفراد المقاومة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.