البنتاغون يوسع تحقيقاته حول تمدد «داعش»

تعديلات على تقييمات سرية لمسؤولي الاستخبارات العسكرية وصناع القرار وثقت انسحاب الجيش العراقي

البنتاغون يوسع تحقيقاته حول تمدد «داعش»
TT

البنتاغون يوسع تحقيقاته حول تمدد «داعش»

البنتاغون يوسع تحقيقاته حول تمدد «داعش»

عندما اجتاح مقاتلو «داعش» سلسلة من المدن العراقية العام الماضي، كتب المحللون في القيادة المركزية الأميركية (سينتكوم) تقييمات سرية لمسؤولي الاستخبارات العسكرية وصناع القرار وثقت الانسحاب المذل للجيش العراقي. لكن قبل أن يتم الانتهاء من تلك التقييمات، قال مسؤولون سابقون في الاستخبارات إن رؤساء المحللين أدخلوا عليها تعديلات كبيرة.
وفي الوثائق المعدلة، لم ينسحب الجيش العراقي على الإطلاق، ولكن الجنود «أعادوا الانتشار» ببساطة.
وتقع هذه التعديلات في قلب تحقيق داخلي موسع في البنتاغون للقيادة المركزية، حيث يقول المحللون إن مشرفين عدلوا النتائج ليخفوا بعضًا من الإخفاقات العسكرية الأميركية في تدريب القوات العراقية ودحر «داعش». ويقول هؤلاء المحللون إن مشرفين كانوا حريصين بالأخص على رسم صورة أكثر تفاؤلاً لدور أميركا في الصراع.
وفي الأسابيع الأخيرة، صادر المفتش العام للبنتاغون مخزونًا كبيرًا للرسائل الإلكترونية والوثائق من خوادم عسكرية فيما يعكف على فحص هذه المزاعم، كما استعان بالمزيد من المحققين.
وقدمت هجمات باريس الأسبوع الماضي دليلاً دمويًا على أن «داعش»، الذي كان يعتبر في الماضي تنظيمًا من المتشددين الذين يركزون على الاستيلاء على الأراضي في العراق وسوريا، وسع من دائرة تركيزه لتشمل مهاجمة الغرب. وتحكي الملفات الإلكترونية المصادرة في تحقيق البنتاغون قصة صعود الجماعة، كما رأتها عيون «سينتكوم» التي تشرف على العمليات العسكرية عبر منطقة الشرق الأوسط.
ولا يتضح بالضبط محتوى تلك المستندات، وربما لا يتم نشرها، لأن الكثير من المعلومات الواردة فيها سرية. لكن مسؤولين عسكريين أبلغوا الكونغرس بأن بعضًا من تلك الرسائل الإلكترونية والوثائق ربما جرى حذفها قبل تسليمها للمحققين، حسبما أفاد مسؤول كبير في الكونغرس طلب عدم الكشف عن هويته ليتحدث عن التحقيقات الجارية. وتحدث مسؤولون حاليون وسابقون عن مزاعم مشابهة لـ«نيويورك تايمز»، ولكن شريطة التكتم على هوياتهم. وعلى الرغم من أن نواب الكونغرس يطالبون بردود على تلك المزاعم، لا يتضح ما إذا كان المفتش العام تمكن من التحقق من صحتها أم لا. ورفضت ناطقة باسم المفتش العام التعليق.
وقال المحللون إن المشاكل في العراق تعود جذورها إلى انقسامات سياسية ودينية عميقة لا يمكن حلها بسهولة عبر شن حملة عسكرية، حسبما أفاد مسؤولون حاليون وسابقون. لكن موقف القيادة المركزية الرسمي ما زال متفائلاً في العموم.
ولا يتضح ما إذا كانت تقييمات القيادة المركزية غيرت بشدة في رؤى إدارة أوباما حول «داعش». وبينما تظل القيادة متفائلة وإيجابية إزاء المكاسب الأميركية، كانت وكالات أخرى أكثر تشاؤمًا.
لكن الرئيس باراك أوباما ومسؤولين استخباراتيين كبارًا اعترفوا بأن الصعود السريع لـ«داعش» أصابهم بالدهشة. وعلى أقل تقدير، فإن احتمال تعمد مسؤولين كبار التلاعب باستنتاجات استخباراتية يثير التساؤلات حول مدى مصداقية التقييمات العسكرية لدى أوباما والكونغرس والجمهور العام.
لقد اكتسبت تلك التساؤلات مزيدًا من الإلحاحية منذ وقوع الهجمات الإرهابية في العاصمة الفرنسية باريس، والتي كشفت عن إصرار جديد من جانب «داعش» لتنفيذ هجمات إرهابية تتجاوز الأراضي في العراق وسوريا الذي أعلن قيام «خلافته» بها. وتصاعدت الضغوط على البيت الأبيض للإعلان عن استراتيجية أكثر صرامة وقوة لتفكيك هذا التنظيم، ويدعو حشد من النواب والمرشحين الرئاسيين الجمهوريين إلى شن عملية برية أميركية في سوريا.
وبدأ نواب كبار في الكونغرس تحقيقاتهم الخاصة حول جهاز الاستخبارات العسكرية الأميركية. وقال النائب الجمهوري ماك ثومبيري من ولاية تكساس، الذي يرأس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب خلال مقابلة، إن لجنته تفحص تقييمات استخباراتية صادرة عن القيادة المركزية وقيادات عسكرية أخرى لترى ما إذا كانت هناك مشكلة ممنهجة تتعلق بإسكات قادة عسكريين كبار للأصوات المخالفة.
ويقول: «أي وقت يظهر فيه ادعاء بأن معلومات استخباراتية جرى اختزالها على نحو معين، أو جرى التلاعب بها على نحو معين، فإن ذلك يسبب قلقًا بالغًا».
وقال السيد ثومبيري إن الكونغرس ينبغي أن يحرص على عدم عرقلة تقدم تحقيقات المفتش العام، لكنه أكد أن للنواب «أيضًا وظيفة يؤدونها».
من ناحية أخرى، أفادت مجلة «فورين بوليسي» يوم الخميس الماضي بأن مجموعة من النواب الجمهوريين سيركزون على قضية ما إذا كانت القيادة المركزية تلاعبت في تقييمات استخباراتية حول أفغانستان أم لا.
وكان النائب ديفين نونيز من كاليفورنيا، والرئيس الجمهوري للجنة المكلفة بالإشراف على عمل أجهزة الاستخبارات، متلهفًا إلى توسيع تحقيق لجنته في تقييمات القيادة المركزية. ويعتزم السيد نونيز إرسال خطاب إلى المفتش العام ليسأله عما إذا كانت الرسائل الإلكترونية والوثائق المتصلة بالتحقيق جرى بالفعل حذفها. كما أنه سيطلب نسخًا من أي مواد محذوفة ربما تمكن المحققون من استعادتها من خوادم القيادة المركزية. ويتقدم السيد نونيز بهذا الطلب في الوقت الراهن من دون دعم نظيره الديمقراطي في اللجنة، النائب آدم بي شيف من كاليفورنيا أيضًا. وقال السيد شيف إن التساؤلات حول التلاعب بالتقارير الاستخباراتية ينبغي أن تؤخذ «على محمل الجد»، لكنه أكد على ضرورة السماح للمفتش العام بإنهاء تحقيقاته قبل أن تدرس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب توسيع تحقيقاتها.
كانت اللجنة قد طلبت من البنتاغون الإذن بإجراء مقابلات مع مسؤولين، بمن فيهم أكبر ضابطي استخبارات في القيادة المركزية. لكن الطلب قوبل بالرفض من قبل مسؤولي البنتاغون، بدعوى التحقيقات الداخلية الجارية.
كان التحقيق قد بدأ بناء على شكاوى تقدم بها الصيف الماضي عدد من خبراء العراق المخضرمين في القيادة المركزية، بقيادة غريغوري هوكر، كبير محللي العراق. وعلى نحو ما، تعكس انتقادات الفريق شكاوى تقدم بها قبل عقد من الزمان، عندما كتب السيد هوكر ورقة بحثية قال فيها إن إدارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، ورغم اعتراضات الكثير من المحللين، دافعت عن نشر قوة صغيرة في العراق ولم تستغرق الوقت الكافي في التخطيط للمرحلة التي ستعقب غزو البلاد.
كان نواب الكونغرس قد أعلنوا في البداية أن التحقيق في مسألة القيادة المركزية سوف ينتهي في غضون أسابيع. لكن محققي البنتاغون وجدوا أن العمل مضنٍ ويمكن أن يمتد إلى شهور. وعلاوة على تحديد ما إذا كانت هناك تعديلات أجريت على التقارير الاستخباراتية - وفي حال تأكد ذلك، التوصل إلى المسؤول عن ذلك - يدرس المحققون تقارير من وكالات استخباراتية أخرى صدرت في نفس التوقيت لتحديد ماذا كان يحدث في العراق وسوريا بالضبط عندما كتبت هذه التقارير.
* خدمة «نيويورك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».