حزمة إجراءات أمنية غير مسبوقة في أوروبا عقب هجمات باريس

«الشرق الأوسط» ترصد مخاوف الجالية المسلمة في بلجيكا

حزمة إجراءات أمنية غير مسبوقة في أوروبا عقب هجمات باريس
TT

حزمة إجراءات أمنية غير مسبوقة في أوروبا عقب هجمات باريس

حزمة إجراءات أمنية غير مسبوقة في أوروبا عقب هجمات باريس

تسببت التفجيرات الأخيرة في باريس، في إثارة مخاوف لدى أبناء الجالية المسلمة في بلجيكا، من تداعيات هذا الأمر، وخصوصا أن بعض من تورطوا في أحداث باريس جاءوا من بروكسل، وترسخت تلك المخاوف في أعقاب إعلان السلطات البلجيكية حزمة إجراءات لمواجهة الفكر المتشدد والتهديدات الإرهابية، ومن بين تلك الإجراءات إمكانية إغلاق مراكز العبادة؛ ومنها المساجد التي تحرض على التشدد والكراهية والعنف.
وفي تصريحات «للشرق الأوسط» حول هذا الصدد، قال الشيخ نور الدين الطويل، أحد أبرز القيادات الدينية في بلجيكا ورئيس جمعية «المسلمون الجدد»: «مصالح المسلمين في خطر، وسبق أن حذرنا من خطر الفكر المتشدد، وطالبنا بتجديد الخطاب الديني ليتسم بشكل أكبر بالوسطية والاعتدال، وهؤلاء الشباب، للأسف، أساءوا لنا وللمسلمين جميعا، وبدأنا نسمع أصواتا في بعض الحكومات تطالب بإغلاق المساجد، وهذه خطوة خطيرة جدا، وهنا مصالح الجالية المسلمة في خطر، وللأسف ما سبق أن حذرنا منه قبل سنوات نحن فيه الآن، فهناك تشديد الرقابة على المساجد وعلى الأئمة، ويواجه البعض منهم خطر الملاحقة أو الإبعاد إلى خارج البلاد».
من جهته يقول الدكتور جمال صالح مدير المركز الإسلامي والثقافي ببلجيكا، إنه لا يعتقد أن السلطات البلجيكية ستقوم بإغلاق مساجد، لأنها تتفهم الوضع جيدا وتعلم جيدا ما يدور في المركز الإسلامي هنا وفي المراكز والمساجد الأخرى، «وأنا لا أعتقد أن الأحداث الأخيرة سيكون لها تداعيات سلبية على المسلمين».
وأضاف أنه يرى أن مراقبة المساجد بشكل جيد أفضل من إغلاقها؛ لأن الإغلاق لن يصب في مصلحة المسلمين، ومن الأفضل مراقبتها بوضع نظام جيد يحكم الأداء وهذا أفضل. وشدد صالح على أن الخطاب الديني في الوقت الحالي هو خطاب معتدل، منوها بأن المركز الإسلامي يقيم دورات للأئمة والدعاة لتجديد الخطاب الديني ووضعه في القالب الصحيح، الذي يتناسب مع الوقت الذي نعيش فيه. واختتم بالقول: «نشعر ببالغ الحزن والأسى بسبب الأحداث الأخيرة التي وقعت في فرنسا».
وجاءت خطبة الجمعة الماضية في مسجد المركز الإسلامي ببروكسل لتتضمن دعوة إلى التسامح والتعايش السلمي ونبذ العنف، وضرورة عدم الربط بين الإسلام والإرهاب، وهي خطبة الجمعة الأولى في أعقاب تفجيرات باريس، وسبق الصلاة، عقد مؤتمر صحافي للمسؤولين في المركز، ركز على إدانة تفجيرات باريس، والتمسك بالخطاب الديني المعتدل.
وفي تصريحات لـ«لشرق الأوسط» قال عبد الهادي عقل، إمام مسجد المركز الإسلامي ببروكسل، إن خطب الجمعة في المركز الإسلامي دائما تدعو إلى التعايش، والتسامح، ونشر الإسلام الوسطي، وشدد على أن منهج المركز الإسلامي هو «لا إفراط ولا تفريط»، وندعو في هذه الفترة بضرورة التحلي بالصبر وضبط النفس؛ لأنه سيكون هناك ردود أفعال غير مقبولة. وحول إمكانية إغلاق مساجد في بلجيكا، قال الشيخ عبد الهادي: «لم نر شيئا حتى الآن، وربما سمعنا عن ذلك من بعض وسائل الإعلام، ولكن حتى الآن الأمور تسير في مجراها الطبيعي، والمساجد تؤدي دورها، والأئمة يؤدون دورهم بحرية». وأضاف أن إغلاق المساجد ليس هو الحل، ولكن بدلا من ذلك، تتضافر جهود المؤسسات الدينية، والمجتمع المدني، والمنظمات المعنية بالشباب، لحل مشكلات هؤلاء الشباب، حتى نتفادى وقوع مثل هذه الأحداث في المستقبل. واختتم عبد الهادي بالقول: «من يقوم بالتحريض ضد السلام والأمن نحن لسنا معه، بل ضده، لأن هذا يتنافى مع ديننا الذي يدعو إلى التسامح والتعايش مع الآخر». وعقب أداء الصلاة، قال رجل مغربي في نهاية العقد الرابع من عمره، إن المساجد بريئة من أي اتهامات تتعلق بالتشدد؛ لأن المساجد موجودة منذ عقود ولم نسمع من قبل عن هذه المشكلات، وإذا حدث وأن قامت السلطات بإغلاق بعض المساجد سيتنافى ذلك مع الديمقراطية والحرية؛ لأن الدين الإسلامي معترف به هنا في بلجيكا. أما مصطفى وهو مصري في منتصف الأربعين فقال إنه ضد أي مسجد أو مركز عبادة يدعو إلى الفكر المتشدد، لأن المساجد خصصت للعبادة وليس لمعاداة أحد، فكل شخص له الحق في الذهاب إلى المسجد والعبادة، ولكن دون أن يحرض على الكراهية أو التشدد.
خطبة الجمعة الأولى عقب تفجيرات باريس جاءت بالتزامن مع إعلان الحكومة في بروكسل عن إجراءات تهدف إلى تعزيز الأمن وتشديد الرقابة على الحدود الخارجية وتدابير أخرى. وتضمنت الإجراءات الجديدة نشر المئات من عناصر الجيش، وتخصيص أموال إضافية لتعزيز الأمن ومواجهة مخاطر الإرهاب، ومكافحة التشدد على الإنترنت وفي مراكز العبادة غير القانونية، وهي أمور أكد عليها وزير الداخلية البلجيكي جان جامبون على هامش اجتماع وزاري أوروبي ببروكسل، ولكن دون الإشارة إلى مسألة إغلاق مراكز العبادة ومنها بعض المساجد، وقال: «تشديد الإجراءات على الحدود الخارجية أمر مهم، وكذلك نشر مزيد من الجنود ورجال الأمن في الشوارع، وقاعدة بيانات للمسافرين من خلال حزمة إجراءات جديدة، وسنقوم بتقييم الأمور على أرض الواقع، وإذا كان هناك حاجة لإجراءات جديدة سنتخذها، ولكني واثق من أن الإجراءات الأخيرة قوية ويمكن من خلالها أن نحقق نجاحات».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.