مقتل 3 فلسطينيين.. و«الخارجية» تنبه إلى نوعية واحدة من السكاكين بجانب الجثث

لواء إسرائيلي يحاصر الخليل والجيش ينشر مزيدًا من الحواجز

رجال إنقاذ بمحطة الحافلات المركزية في غوش عتصيون حيث قتل الجيش فلسطينيا (إ.ب.أ)
رجال إنقاذ بمحطة الحافلات المركزية في غوش عتصيون حيث قتل الجيش فلسطينيا (إ.ب.أ)
TT

مقتل 3 فلسطينيين.. و«الخارجية» تنبه إلى نوعية واحدة من السكاكين بجانب الجثث

رجال إنقاذ بمحطة الحافلات المركزية في غوش عتصيون حيث قتل الجيش فلسطينيا (إ.ب.أ)
رجال إنقاذ بمحطة الحافلات المركزية في غوش عتصيون حيث قتل الجيش فلسطينيا (إ.ب.أ)

قتل جنود إسرائيليون ومستوطنون، أمس، 3 فلسطينيين، بينهم شاب تمكن من قتل مستوطنة إسرائيلية قرب مدينة الخليل المحاصرة، وآخر عند مفرق عسكري قرب أريحا، وفتاة دهسها مسؤول المستوطنات السابق في الضفة الغربية، قرب نابلس.
وتمكن شاب فلسطيني من قتل مستوطنة طعنا بالسكين عند مفرق غوش عتصيون، بين بيت لحم والخليل، جنوب الضفة الغربية، على الرغم من التعزيزات العسكرية التي وصلت إلى المدينة في اليومين الماضيين، واتخاذ قرارات لتغيير الوضع الأمني فيها. وأقدم عصام ثوابتة (18 عاما) من بلدة بيت فجار، القريبة من غوش عتصيون، على طعن مستوطنة تبلغ من العمر 20 عاما وأصابها بجراح خطيرة، وجرى نقلها، على أثرها، إلى مستشفى «شعاري تسيدك» في القدس، قبل أن يعلن عن وفاتها لاحقا، فيما قضى ثوابتة برصاص الجيش الإسرائيلي في المكان.
وكان ثوابتة قد نفذ عمليته بعد ساعات من إقدام أحد قادة المستوطنين وجنود الاحتلال، على قتل صبية فلسطينية تبلغ من العمر 16 عاما، على حاجز عسكري قرب نابلس. وقام مسؤول مستوطنات شمال الضفة السابق، غرشون مسيكا، بدهس الطفلة أشرقت قطناني، قبل أن يشترك مع جنود الحاجز في إطلاق النار عليها، بزعم محاولتها تنفيذ عملية طعن.
وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن الفتاة وصلت إلى مفترق طرق جنوب مدينة نابلس، وهناك حاولت طعن مستوطن، «لكن القوات وأحد المارة، ردوا فورا على تهديد فوري وأطلقوا النار على منفذة الهجوم».
وقال مسيكا إنه دهس الفتاة بعد أن رآها تحاول طعن فتاة تقف في محطة حافلات، كان يقف فيها عدد من الإسرائيليين. مضيفا بتفاخر: «لم أفكر مرتين، قمت بدفع عجلة القيادة إلى اليمين، دست على الدواسة بأقصى سرعة واصطدمت بها».
وعلى طريق سريع يوصل إلى مدينة أريحا في الأغوار، قتل مستوطنون أيضا سائق سيارة فلسطينيا بتهمة أنه اصدم بسيارة أخرى ومن ثم ترجل حاملا سكينا. وأعلن وزارة الصحة أن السائق هو شادي خصيب من رام الله، وقضى فورا برصاص المستوطنين. واتهم ناشطون المستوطنين بإعدامه بدم بارد بعد حادثة اصطدام عادي.
وأدانت الحكومة الفلسطينية الإعدامات الميدانية في الشوارع. وعدت جريمة دهس وقتل الطفلة أشرقت طه قطناني، «جريمة حرب وحشية ضد الإنسانية والطفولة، تضاف إلى سلسلة الجرائم المتواصلة التي ترتكبها قوات الاحتلال وعصابات المستوطنين بحق أبناء شعبنا وأطفالنا».
وقالت الحكومة في بيان لها، إن إسرائيل «تتجاوز كل الاتفاقيات الدولية التي تحمي الطفولة والأطفال، وتتنكر لكل أحكام القانون الدولي والإنساني، وقد امتهنت قلب الحقائق لصرف الأنظار عن تماديها في ارتكاب الجرائم، وذلك باتهام أي ضحية لجرائمها بأنه كان يحمل سكينا أو تلقي إلى جانبه سكينا بعد (استشهاده)».
وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية عمليتي الإعدام اللتين نفذهما مستوطنون بحق الطفلة قطناني والشاب خصيب. وقالت إن «الظاهرة أصبحت مألوفة للجميع، يكفي أن يصرخ أحد الإسرائيليين أن الفلسطيني القريب منه هو مخرب، حتى يتم إطلاق النار عليه فورا، ومن دون التأكد من صحة الادعاء، أو محاولة اعتقاله للتحقيق معه. ويكفي أن يوجد الفلسطيني في مكان مفتوح أو أعزل، حتى يتم الاعتداء عليه من قبل المستوطنين، أو بإطلاق النار عليه، ومن ثم الادعاء أنه قد حاول طعن جندي أو مستوطن. وفي كل مرة، يجري زرع نوعية السكين نفسها، وكأن كل فلسطيني ينوي طعن إسرائيلي يشتري أو يملك نوع السكين نفسها، أو أن هناك من يوزع السكاكين مجانا لمن يرغب».
ويشير بيان «الخارجية» إلى نوعية سكاكين معينة، بمقبض بني اللون، توجد دائما إلى جانب الضحايا.
ودعت الخارجية المؤسسات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان للانتباه لهذه الظاهرة، ومتابعتها ضمن القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومن منطلق واجباتها الإنسانية.
وأكدت أنها ستواصل جهودها لتسليط الضوء على هذه الظاهرة الإرهابية وفضحها، على أمل أن تتحرك مؤسسات حقوق الإنسان لتوثيق هذه الجرائم وفق القواعد الدولية المطلوبة، لكي تتمكن الخارجية من رفعها للجهات الدولية صاحبة الاختصاص.
وجاءت هذه التطورات الميدانية بعد أن زجت إسرائيل بلواء كامل من الجيش إلى الضفة الغربية، وتحديدا إلى الخليل، في محاولة لكبح العمليات. وأحكمت إسرائيل أمس إغلاق منطقة الخليل، مما حولها إلى مدينة معزولة عن باقي الضفة الغربية.
واضطر كثير من أبناء المدينة إلى اتخاذ طرق التفافية طويلة ومرهقة وخطرة، من أجل الخروج من المدينة، التي دعا وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان إلى منع التجول فيها عقابا جماعيا لأهلها على سلسلة العمليات التي نفذها سكانها في الأسبوعين الأخيرين.
وقال ليبرمان، أمس، إن على إسرائيل فرض منع تجول في مدينة الخليل وحولها، وتفتيشها بيتا بيتا لاعتقال مشتبهين، ردا على منفذي العمليات الذين خرجوا منها. وجاءت تصريحات ليبرمان قبل أن تتمكن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من اعتقال منفذ عملية الطعن في مدينة كريات غات، جنوب تل أبيب، ليلة السبت وأسفرت عن إصابة 4 مستوطنين.
وقالت القوات الإسرائيلية، أمس، إنها اعتقلت الشخص الذي قام بطعن 4 أشخاص، بعد 5 ساعات من المطاردة، وإنه من منطقة الخليل وكان يعمل في إسرائيل بصورة غير قانونية. وقالت الشرطة إنه اعتقل من ساحة منزل خاص في المدينة وبحوزته سلاح. وشجع هذا مستوطنين من مستوطنات الخليل أمس، على التظاهر أمام مقر الحكومة الإسرائيلية للفصل بينهم وبين الفلسطينيين في الشوارع.
وكان الجيش نشر مزيدا من الجنود والحواجز، وقرر بناء جدران في الشوارع التي يسير عليها مستوطنون، لفصلها عن الأحياء العربية في محيط الخليل، إضافة إلى سحب 1200 تصريح، وإغلاق طرق وإذاعات، وتنفيذ اعتقالات واسعة، عقابا للفلسطينيين في المدينة الأكبر، التي توصف بأنها «عاصمة الاقتصاد الفلسطيني».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم