العقل المدبر لهجمات باريس خطط للعملية 11 شهرًا

معركة ضارية أودت بحياة أباعود في شمال باريس

أباعود العقل المدبر للهجمات، إجراءات أمنية أمام كاتدرائية نوتردام («نيويورك تايمز»)
أباعود العقل المدبر للهجمات، إجراءات أمنية أمام كاتدرائية نوتردام («نيويورك تايمز»)
TT

العقل المدبر لهجمات باريس خطط للعملية 11 شهرًا

أباعود العقل المدبر للهجمات، إجراءات أمنية أمام كاتدرائية نوتردام («نيويورك تايمز»)
أباعود العقل المدبر للهجمات، إجراءات أمنية أمام كاتدرائية نوتردام («نيويورك تايمز»)

تمثل البقع السوداء والآثار الباهتة لإطلاق النار على الطوب الأحمر لمنزل قيد الإنشاء هنا في شرق بلجيكا، علامة على الموت المعلن لعبد الحميد أباعود. إنه المكان الذي بدأ أباعود فيه - قبل 11 شهرا من إعلان السلطات الفرنسية يوم الخميس، مقتله خارج باريس - التخطيط لحملة إرهابية متقنة في جميع أنحاء أوروبا.
أسفرت مهمة أباعود الافتتاحية للإرهاب هنا عن كارثة لخطته، حيث أودت بأرواح اثنين من أصدقائه المتشددين - كلاهما من حي مولينبيك ببروكسل الذي كان يعيش فيه سابقا - عندما اقتحمت قوات الأمن البلجيكية مخبأهم يوم 15 يناير (كانون الثاني) الماضي.
لكن أباعود لم يكن هناك. وكانت مكالمة هاتفية أجراها قبل وقت قصير من المداهمة في فيرفيرس لنقل تعليمات للمختبئين - بحسب ما قاله مسؤول بلجيكي كبير في مكافحة الإرهاب - آخر أثر يمتلكه أي شخص عن أباعود حتى عثرت الشرطة الفرنسية يوم الأربعاء على ما أصبحت جثته المشوهة عقب تبادل لإطلاق النار جرى في الصباح الباكر شمال باريس.
وظل مكان وجود أباعود مصدر غموض دائم، وتضليل مشتبه من قادته في تنظيم داعش، حتى كشفت الغارة الدموية في ضاحية سان دوني في باريس عن الفجوات الحدودية الموجودة في النظام الأوروبي التي سمحت له بالتسلل إلى فرنسا تحت سمع وبصر أجهزة الاستخبارات في جميع أنحاء القارة.
وقال وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف، خلال مؤتمر صحافي عقده يوم الثلاثاء: «لم نتلق معلومة استخباراتية واحدة من أي دولة أوروبية تفيد بأنه ربما عبر الحدود متوجها إلى فرنسا».
ومع ذلك، دافع كازنوف عن أداء الأجهزة الأمنية الفرنسية، مطالبا بتبادل المعلومات الاستخباراتية بشكل أكبر، قائلا: «هناك حاجة ملحة لأن تعمل أوروبا معا».
وعلى طول الطريق، يُعتقد أن أباعود (27 عاما) نظم سلسلة من الهجمات جعلت أكثر الحديث حوله - ويُحتفى به في الأوساط الجهادية - منذ زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.
وخلص مسؤولو الاستخبارات الفرنسية إلى أن أباعود تورط في أربع مؤامرات إرهابية على الأقل من أصل ست مؤامرات أحبطتها فرنسا منذ الربيع، وفقا لكازنوف.
وقبل أن تبلغ طموحات أباعود القاتلة ذروتها في باريس يوم الجمعة التي قتلت 129 شخصا، كان من بين تلك الهجمات محاولة فاشلة للهجوم على تجمع صباح يوم الأحد في كنيسة باريس، وهجوم على قطار متجه إلى باريس خلال هذا الصيف توقف عندما تغلب الركاب على المسلح.
وقال المدعي العام في باريس فرنسوا مولان - تأكيدا على مقتل أباعود يوم الخميس - إن التأخير في تحديد هوية الجثة - التي كانت مسحوقة تقريبا - كان بسبب استلزامه تحليل بصمات الأصابع. وذكر مكتب مولان: «لا نعرف خلال تلك المرحلة إذا ما كان أباعود فجر نفسه أم لا». وكان من بين القتلى في الغارة امرأة حددها مسؤولو الاستخبارات الفرنسية أنها حسناء أيت بولحسن (26 عاما) التي أطلقت النار على ضباط الشرطة ومن ثم فجرت نفسها بحزام ناسف.
وأنهت وفاة أباعود فصلا من التحقيق الجنائي المكثف الذي بدأ مساء يوم الجمعة، وهو مطاردة استمرت ضد أحد شركائه في هجمات يوم الجمعة صلاح عبد السلام (26 عاما)، وهو مواطن فرنسي، وصديق آخر من مولينبيك.
وألقت السلطات البلجيكية أيضا القبض على تسعة أشخاص في سلسلة من الغارات يوم الخميس - سبعة منهم هم جزء من التحقيق في بلال حدفي (20 عاما)، وهو أيضا من مولينبيك، الذي فجر سترته الناسفة خارج استاد فرنسا في هجمات الأسبوع الماضي. وكان أباعود - تاجر مخدرات سابق من البلدة نفسها في بروكسل - تحت مراقبة القوات الأمنية الغربية منذ أوائل عام 2014، عندما انتقل إلى سوريا، عن طريق مطار كولونيا بون في ألمانيا على ما يبدو، وبدأ يتألق في أشرطة الفيديو الدعائية لـ«داعش».
لكنه أصبح تهديدا مباشرا عندما بدأ في إجراء مكالمات هاتفية من اليونان تحمل تعليمات عن مؤامرة إرهابية لبعض الرفاق المختبئين هنا في «رو دي لا كولين»، وهو شارع سكني هادئ يقع بالقرب من الحدود البلجيكية مع ألمانيا.
وعبر وصفه بأنه «حلقة اتصال» تربط بين التنظيم المتشدد في سوريا والعملاء في أوروبا، قال مسؤول إن أباعود كان يخطط لتنفيذ «هجوم كبير» من فيرفيرس، وهي بلدة صناعية سابقة يقطنها الكثير من المهاجرين ولا يوجد بها فرص عمل كثيرة.
لكن في يناير، عقب رصد خططه عبر الهاتف الجوال، اقتحمت قوات مكافحة الإرهاب البلجيكية المنزل المكون من ثلاثة طوابق استأجره اثنان من أصدقاء أباعود وزملائه المتشددين عبر وسيط قبلها ببضعة أسابيع. وبعد معركة ضارية تشبه تلك التي وقعت في سان دوني وأودت بحياة أباعود، كشفت قوات الأمن عن مخبأ المتفجرات والأسلحة الآلية. ولقي اثنان من المشتبه بهم - كلاهما من مولينبيك، التي ترعرع فيها أباعود - مصرعهما.
وظلت المعلومات بشأن مكان أباعود وخططه مكتومة لدرجة أن مسؤولي الاستخبارات في بروكسل وحتى رئيس بلدية فيرفيرس ورئيس شرطتها لم يدركوا أن تنظيم داعش شيّد منزلا آمنا في بلدتهم وكان يخطط لهجوم كبير.
وقال مارك إلسين، رئيس بلدية فيرفيرس، في وقت هجوم 15 يناير على المخبأ الذي يسيطر أباعود عليه: «سمعت فقط عن أباعود وما كان يفعله من خلال قراءة الصحافة».
وأوضح أنه تلقى مكالمة قبل 15 دقيقة من المداهمة لإخباره بأن «عملية واسعة النطاق» لقوات الشرطة الاتحادية على وشك التنفيذ على بعد مئات الياردات من مكتبه. «بعدها سمعت إطلاق النار. بدا ذلك وكأنه مدفعية ثقيلة»، بحسب إلسين.
وذكر أباعود لمجلة «دابق» التابعة لـ«داعش» أن الرجلين اللذين قتلا في المداهمة كانا «معا في منزل آمن، وكانت أسلحتهم ومتفجراتهم جاهزة». لكن تم التغلب عليهما بواسطة «أكثر من 150 جنديا من القوات الخاصة الفرنسية والبلجيكية»، وأنهما «منعمان بالشهادة»، وأكد لـ«دابق» أن هذا «ما كانا يرغبان فيه منذ فترة طويلة».
ورد المسؤولون البلجيكيون بأن هذا كذب، وأن القوات البلجيكية وحدها هي التي نفذت المداهمة.

* خدمة «نيويورك تايمز»



النتائج النهائية لانتخابات جورجيا تؤكد فوز الحزب الحاكم... والمعارضة تحتج

متظاهرون يتجمّعون ويحمل اثنان منهم علمي أبخازيا وروسيا خارج مبنى البرلمان في منطقة أبخازيا الانفصالية الجورجية (أ.ب)
متظاهرون يتجمّعون ويحمل اثنان منهم علمي أبخازيا وروسيا خارج مبنى البرلمان في منطقة أبخازيا الانفصالية الجورجية (أ.ب)
TT

النتائج النهائية لانتخابات جورجيا تؤكد فوز الحزب الحاكم... والمعارضة تحتج

متظاهرون يتجمّعون ويحمل اثنان منهم علمي أبخازيا وروسيا خارج مبنى البرلمان في منطقة أبخازيا الانفصالية الجورجية (أ.ب)
متظاهرون يتجمّعون ويحمل اثنان منهم علمي أبخازيا وروسيا خارج مبنى البرلمان في منطقة أبخازيا الانفصالية الجورجية (أ.ب)

أكدتْ النتائج النهائية للانتخابات التشريعية المثيرة للجدل، التي جرتْ في جورجيا، نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، فوز الحزب الحاكم المؤيد لروسيا، على ما أعلنت اللجنة الانتخابية، السبت، فيما نددت المعارضة بـ«سرقة» الاقتراع، ودعت دول غربية إلى التحقيق في «مخالفات».

حاز حزب «الحلم الجورجي» 53.93 في المائة من الأصوات مقابل 37.79 في المائة لتحالف من الأحزاب المعارضة، حسب النتائج النهائية التي أعلنتها اللجنة الانتخابية، السبت، في بيان.

وبات للحزب الحاكم 89 مقعداً من أصل 150 في البرلمان الذي تعده المعارضة «غير شرعي» وترفض حضور جلساته.

و«الحلم الجورجي» الذي يتولى السلطة منذ عام 2012 متهم من منتقديه باتباع نهج استبدادي، وباعتماد سياسة موالية لروسيا تسعى لإبعاد البلد عن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وهو ما ينفيه.

وتتهم المعارضة السلطة بالقيام بعمليات تزوير، من ضمنها شراء أصوات وممارسة ضغوط على بعض الناخبين، خصوصاً في المناطق ذات الكثافة السكانية المتدنية.

متظاهرون يتجمعون خارج مبنى البرلمان في منطقة أبخازيا الانفصالية الجورجية (أ.ب)

وعبّر جورجيون، السبت، عن احتجاجهم بعد إعلان لجنة الانتخابات فوز الحزب الحاكم. وتجمّع المئات من مؤيدي المعارضة أمام مقرّ اللجنة الانتخابية في العاصمة تبليسي، في أحدث تحرك لهم منذ سلسلة الاحتجاجات التي نظموها بعد الانتخابات وجمعت أحياناً آلاف الأشخاص.

ونظّمت احتجاجات طالبية، مساء الجمعة، أيضاً في الجامعات، فيما دعت المعارضة إلى تظاهرات حاشدة خلال جلسة افتتاح البرلمان.

وخلال جلسة اللجنة الانتخابية، قام ممثل عن المعارضة برشق وجه رئيس الهيئة غيورغي كالانداريشفيلي بطلاء أسود قبل الإعلان عن النتائج.

وقالت وزارة الداخلية إنها فتحت تحقيقاً في حقّ هذا العضو من المعارضة.

وكشفت الوزارة أيضاً أن الشرطة اعتقلت ثلاثة محتجين معارضين للحكومة كانوا أمام مقر اللجنة الانتخابية.

والاثنين، طالبت رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي، المعروفة بموقفها المخالف لنهج الحكومة بتنظيم انتخابات جديدة. وقالت: «نواجه اليوم أزمة»، مشددةً على ضرورة تنظيم «انتخابات جديدة كي يكون لجورجيا برلمان شرعي وحكومة شرعية».

وتتهم سالومي زورابيشفيلي التي تتمتع بصلاحيات محدودة، روسيا، بالتدخل في شؤون بلدها، ما ينفيه الكرملين من جانبه.

وبعد الإعلان عن النتائج، نددت الرئيسة بنظام تزوير «متطور» اتبع «منهجية روسية»، مؤكدة أن الانتخابات «كانت خاضعة لسيطرة وتلاعب حزب واحد».

وهي رفضت الامتثال لأمر استدعاء من النيابة العامة لعرض اتهاماتها.

وفي مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، كشف معهد للاستطلاع ومنظمة للمراقبين الانتخابيين أن تحليل النتائج يدفع إلى الظن بأن عمليات تزوير واسعة النطاق قد ارتكبت في الدولة الواقعة في القوقاز.

ونددت المعارضة الموالية للغرب بانتخابات 26 أكتوبر، ووصفتها بأنها «مزورة»، في حين دعا الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى التحقيق في «مخالفات» انتخابية.

والاثنين، أعلن رئيس الوزراء إيراكلي كوباخيدزه أن الحزب الحاكم يفكر في حظر أحزاب المعارضة «إذا ما استمرّت بارتكاب أفعال تتعارض مع الدستور».

وهو أكد بعد الاستحقاق التشريعي أن الانتخابات كانت «نزيهة وحرة وتنافسية ونظيفة تماماً»، متعهداً بأن يظل «التكامل الأوروبي الأولوية الرئيسية» لتبليسي، وداعياً إلى استئناف المباحثات مع بروكسل.

والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وكذلك إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، هو من المسائل المدرجة في الدستور الجورجي.

وعدَّ الاتحاد الأوروبي هذا الاستحقاق الانتخابي امتحاناً لجسّ نبض البلد في مساره نحو الانضمام إلى التكتل.

بعد إصدار قانون «النفوذ الأجنبي» في الربيع المستوحى من التشريع الروسي، ويستخدمه الكرملين لتكميم المجتمع المدني والمعارضة، قامت بروكسل بتجميد عملية الانضمام احتجاجاً.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على مسؤولين جورجيين «لقمعهم الوحشي» للاحتجاجات التي أعقبت.

والقانون الذي يقيد حقوق «مجتمع الميم» سبب آخر للخلاف مع الاتحاد الأوروبي.

وكثف بعض زعماء «الحلم الجورجي»، بينهم رئيسه بيدزينا إيفانيشفيلي النافذ والثري، من تصريحاتهم المعادية للغرب.

وأثناء الحملة الانتخابية قدم حزبه نفسه على أنه الوحيد القادر على حماية جورجيا من أن تلقى مصير أوكرانيا، على خلفية العداء بين روسيا والغرب.

ولا تزال هذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها أربعة ملايين نسمة، والمطلة على البحر الأسود، متأثرة بالحرب الخاطفة عام 2008 مع الجيش الروسي.

وبعد هذه الحرب أقامت روسيا القوة التاريخية في المنطقة، قواعد عسكرية في المنطقتين الانفصاليتين الجورجيتين أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، واعترفت باستقلالهما المعلن من جانب واحد.