محافظ مأرب: الحوثيون لا يفون بالتعهدات ويجب أن يحاكموا كـ«مجرمي حرب»

قال لـ «الشرق الأوسط» إن المحافظة فكت الارتباط المالي والإداري مع صنعاء وتحتفظ بإيرادات النفط والغاز

سلطان العرادة
سلطان العرادة
TT

محافظ مأرب: الحوثيون لا يفون بالتعهدات ويجب أن يحاكموا كـ«مجرمي حرب»

سلطان العرادة
سلطان العرادة

قال الشيخ سلطان العرادة، محافظ مأرب النفطية الهامة في شرق اليمن، إن السلطة المحلية في المحافظة قامت بفك الارتباط ماليا وإداريا مع سلطة الحوثيين في العاصمة صنعاء ووقف توريد إيرادات المحافظة، وتحديدا إيرادات النفط والغاز، إلى المركز الرئيسي للبنك المركزي، وذلك بعد أن قام الأخير بفصل نظام التعامل البنكي بين فرع البنك في مأرب والمركز الرئيسي.
وأكد العرادة أن إيرادات النفط وغيرها من الإيرادات أصبحت تورد مباشرة إلى فرع البنك في مأرب، وأن إيرادات الغاز، أيضا، في طريقها إلى التوريد إلى فرع البنك، وفقا لتوجيهات الحكومة.
وذكر أن فرع البنك المركزي بمأرب بات يعمل بالنظام اليدوي وفقا للموازنة العامة، منذ مطلع الأسبوع الماضي، وذلك بعد أن فشلت كافة المحاولات لإبقاء الفرع مرتبطا بالمركز، مشيرا إلى أن الأمور تسير بشكل طبيعي بالنظام اليدوي في فرع البنك المركزي في مأرب، التي تمد الخزينة العامة بنسبة كبيرة من ميزانية الخزينة العامة للدولة.
وجاء قرار محافظ البنك المركزي في صنعاء، محمد بن همام، بفصل النظام عن فرع البنك بمأرب، عقب قيام المحافظ العرادة بتكليف مدير جديد للفرع، بموافقة الرئيس عبد ربه منصور هادي، ونائبه رئيس الحكومة خالد بحاح.
وأكد العرادة أن مدير الفرع «ورغم نزاهته ووقوفه مع الشرعية، فإنه ظل ملتزما بتعليمات البنك في صنعاء، الذي يسيطر عليه المتمردون الحوثيون ويتصرف وكأن اليمن لم يحدث فيها شيء».
وضمن القضايا والإشكاليات التي أكد المحافظ العرادة أنها كانت تمثل عقبة أمام أداء السلطة المحلية الموالية للشرعية في محافظة مأرب، هي الامتناع عن صرف مرتبات قوات الجيش والأمن وكافة الجهات والموظفين الموالين للشرعية من قبل فرع البنك، التزاما بقرار من الحوثيين في صنعاء.
وقال العرادة «إن السلطة المحلية في مأرب، ومنذ البداية لم تقم بقطع أي مصلحة، عامة أو خاصة تتجه إلى الشعب اليمني، رغم أننا كنا نعلم أن هناك من يتقطع لها في الطرقات والمؤسسات وينهبها وأن هناك من يستخدمها ضد الشعب اليمني، لكن صبرنا من أجل الشعب»، مؤكدا أن البنك المركزي «أصبح لا يصرف مرتبات الجيش والأمن إلا عبر مندوبين من الميليشيات وعبر الصرافين التجاريين في صنعاء وهذا أمر يخالف القانون والعرف والأخلاق الوطنية».
وتابع أن «الجيش يعمل في مأرب والمرتبات تصرف في صنعاء، إضافة إلى خصم أكثر من 50 في المائة من ميزانية المحافظة كــ (مجهود حربي) لصالح الميليشيات الحوثية، إنهم يحاربوننا بمخصصاتنا».
وعلى صعيد الأعمال العسكرية، أكد محافظ مأرب أن العمليات العسكرية لم تتوقف في مديرية صرواح، التي ما زالت تخضع لسيطرة الانقلابيين الحوثيين، وأشار إلى أن العمليات تسير وفقا لما هو مدروس ومقر، و«نهدف إلى تحرير صرواح بأقل الخسائر في صفوف المدنيين وفي الممتلكات العامة والخاصة».
وأشار العرادة إلى أن هناك تقدما «وأن أحرار اليمن وأصدقاءها سيسمعون أخبارا جيدة عما قريب، إن شاء الله»، وقال إن «هناك ترتيبات كثيرة تجري في إطار المرحلة الثانية من تطهير مأرب من الميليشيات الانقلابية». وتطرق محافظ مأرب إلى وصول وحدات جديدة من قوات الجيش الوطني إلى مأرب من «اللواء 21»، بقيادة العميد هاشم عبد الله بن حسين الأحمر. وتحفظ العرادة عن الحديث عن تفاصيل تتعلق بمهمة هذه القوات التي وصلت إلى مأرب، وما إذا كانت ستشارك في تحرير ما تبقى من المحافظة وفي عملية تحرير الجوف، لكنه أكد أن لهذه القوات مهام عسكرية قتالية محددة ومقرة من قبل الرئيس هادي القائد الأعلى للقوات المسلحة. وتعليقا على العملية السياسية وتسوية النزاع العسكري القائم، قال محافظ مأرب «إن المواطن اليمني بطبيعته يميل إلى السلم لكننا جربنا كل وسائل السلم والحوار مع هذه الشلة الانقلابية، ورغم ما يقومون به أثناء الحوارات، فقد قبلهم الشعب اليمني المتسامح وحاورهم وشاركهم في الأمر والحوار والمسؤولية، لكنهم دائما من ينقلبون بين لحظة وأخرى ولا يفون بأي التزام على الإطلاق».
وتمنى العرادة أن «يلتزم الحوثيون بالقرارات الأممية والمحلية وأن يكفوا عن حمل السلاح»، لكنه أعرب عن اعتقاده، أن مشاركة الحوثيين «في المشاورات المرتقبة، ما هي إلا تسويف وتمييع للقضايا ولديهم أجندات وأهداف يريدون تمريرها عبر الحوارات، ولكن، في اعتقادي، لا يمكن أن يفوا بأي التزام محلي أو إقليمي أو دولي».
وفسّر المحافظ العرادة فتح المتمردين الحوثيين لعدد من جبهات القتال في أكثر من محافظة يمنية بـ«أنهم يسعون إلى خلق المشكلات في كل مكان وإيهام الرأي العام المحلي والدولي بأنهم موجودون في كل مكان»، مشيرا إلى أن الحوثيين «يزجون بأبناء الشعب اليمني المغرر بهم الذين في صفوفهم إلى المحارق، يدفعون بهم إلى مناطق لا يمكن عسكريا الزج بعناصرك فيها، لكنهم يزجون بهم إلى طريق اللاعودة».
وتابع: «إنهم يحاولون الوجود في تعز وإب وبيحان شبوة وغيرها من المناطق التي لا يوجد لديهم فيها أي حاضنة اجتماعية، لكن في الأخير سوف ينطبق عليهم المثل اليمني الشهير (وعلى نفسها جنت براقش)».
وتطرق محافظ مأرب إلى التصرفات التي برزت، بشكل كبير، للميليشيات الحوثية في كثير من المحافظات، وهي اعتقال وقتل المخالفين لهم في الرأي والمواقف السياسية ونهب ممتلكاتهم وأموالهم وتفكيك معاملهم ومصانعهم ونقلها إلى المناطق التي ينتمي إليها أفراد الميليشيات في صنعاء وعمران وذمار وصعدة، وغيرها من المناطق في أقصى شمال البلاد، وهو ما حدث في محافظة الحديدة، بغرب البلاد.
وكذلك ما حدث من نهب لأملاك المواطنين والمغتربين في مناطق كثيرة في محافظة إب ومداهمة المنازل ونهب المقتنيات الثمينة ومصادرتها بحجة دعم «المجهود الحربي».
وقال العرادة إن «هذا هو مشروعهم وحقيقة ما لديهم من حقد وتصفية الخصوم الذين لا يؤمنون بفكرتهم التي يؤمنون بها والعقلية التي تسيرهم ويمتثلون لأوامرها، وإنهم (الحوثيين) لا يمكن أن يبقوا على شاب أو كهل أو امرأة أو طفل، حتى وإن لم نكن ننتمي لشعب وبلد واحد وعقيدة واحدة، على الأقل التعامل بالإنسانية».
وشدد محافظ مأرب، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، على أنه «لا بد للشعب اليمني أن يتحمل مسؤوليته في استعادة دولته المختطفة ويعيد بناءها من جديد وأن يخضع الجميع تحت ظل النظام والقانون والشرعية». وحول إمكانية مشاركة المتمردين في الحياة السياسية مجددا في ضوء تسوية سياسية، أكد العرادة على أن الأديان والقوانين والأعراف، في العالم أجمع، لا تقبل أن «يعود أي مجرم إلى ممارسة حياته الطبيعية في إطار تسوية، لكن يجب أن يحاكموا وفقا للعدل والأنظمة والقوانين النافذة».



العليمي يتابع مستوى إعادة تطبيع الأوضاع في حضرموت

موالون للمجلس الانتقالي الداعي إلى استعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)
موالون للمجلس الانتقالي الداعي إلى استعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)
TT

العليمي يتابع مستوى إعادة تطبيع الأوضاع في حضرموت

موالون للمجلس الانتقالي الداعي إلى استعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)
موالون للمجلس الانتقالي الداعي إلى استعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)

على خلفية التوترات التي شهدتها المحافظات الشرقية في اليمن، أجرى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، الخميس، اتصالاً هاتفياً بمحافظ حضرموت سالم الخنبشي؛ لمتابعة الأوضاع الأمنية والمعيشية في المحافظة، والاطلاع على مستوى التقدم في الجهود الجارية لإعادة تطبيع الأوضاع، وبما يضمن استقرار المحافظة واستمرار عمل مؤسسات الدولة. وفق ما أفاد به الإعلام الرسمي.

وخلال الاتصال، استمع العليمي إلى تقرير من المحافظ الخنبشي حول مستجدات الوضع العام في حضرموت، وسير عمل السلطات المحلية في ظل التطورات الأخيرة، والإجراءات المتخذة للحفاظ على الأمن والسكينة العامة، وضمان استمرار تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.

وأكد العليمي دعم الدولة الكامل لقيادة السلطة المحلية في محافظة حضرموت، وتمكينها من أداء مهامها وصلاحياتها القانونية في رعاية المصالح العامة، وتعزيز حضور مؤسسات الدولة، بما يرسخ الأمن والاستقرار، ويحمي النظام والقانون.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وشدد رئيس مجلس القيادة على مكانة حضرموت في المعادلة الوطنية، بصفتها ركناً أساسياً في مسار التعافي والاستقرار الوطني، ونموذجاً للتعايش والسلم الاجتماعي، مؤكداً التزام الدولة بحماية أمنها واستقرارها، وصون مصالح أبنائها، والحفاظ على خصوصيتها ووحدة نسيجها الاجتماعي.

وجدد العليمي موقف الدولة الرافض لأي إجراءات خارج الصلاحيات الحصرية المنصوص عليها في الدستور والقانون ومرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمها إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض، مؤكداً ضرورة الالتزام بهذه المرجعيات بصفتها الإطار المنظم للعمل السياسي والأمني.

إشادة بجهود التحالف

أشاد العليمي خلال الاتصال بالجهود التي يبذلها تحالف دعم الشرعية، بقيادة السعودية والإمارات، لإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية إلى سابق عهدها، وحرصهم على حماية التوافق القائم، وتجنب أي تداعيات من شأنها الإضرار بمصالح الشعب اليمني ومفاقمة معاناته الإنسانية.

وأفاد الإعلام الرسمي بأن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي جدد توجيهاته بضرورة توثيق جميع انتهاكات حقوق الإنسان التي رافقت الإجراءات الأحادية في محافظة حضرموت، وفتح تحقيق شامل بشأنها، ومساعدة المواطنين المتضررين، وضمان المحاسبة والمساءلة، وعدم إفلات مرتكبي تلك الانتهاكات من العقاب.

موكب خلال مسيرة في محافظة لحج جنوب اليمن دعماً للمجلس الانتقالي الجنوبي (أ.ف.ب)

وثمّن وعي أبناء حضرموت ومواقفهم في تغليب المصلحة العامة، والالتفاف حول قيادة السلطة المحلية، وتفويت الفرصة على الجماعات والميليشيات المتربصة بأمن المحافظة واستقرارها، مؤكداً أن حضرموت ستظل ركيزة للدولة والتنمية، وسيادة النظام والقانون.

لقاء خليجي في الرياض

كان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني استقبل في الرياض الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي؛ لبحث تطورات الأوضاع في اليمن، والجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى خفض التصعيد، وتعزيز فرص الاستقرار.

وأكد العليمي خلال اللقاء عمق العلاقات بين اليمن ومنظومة مجلس التعاون، معبراً عن تقديره لمواقف المجلس وأمانته العامة الداعمة للشعب اليمني وشرعيته الدستورية، ودوره في مناصرة القضية اليمنية سياسياً ودبلوماسياً، والحفاظ على حضور اليمن في الأجندة الإقليمية والدولية.

وأشار إلى أن اليمن يمثل العمق الاستراتيجي الطبيعي لدول مجلس التعاون، وأن استقراره جزء لا يتجزأ من أمن الخليج واستقراره، معبراً عن ثقته بقدرة الشعب اليمني على تجاوز التحديات، وتعزيز مسارات التكامل والاندماج في المنظومة الخليجية.

العليمي استقبل في الرياض الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي (سبأ)

ووضع رئيس مجلس القيادة الأمين العام لمجلس التعاون في صورة التطورات الأخيرة، والمساعي التي تقودها السعودية والإمارات المتحدة لخفض التصعيد، وإعادة تطبيع الأوضاع إلى سابق عهدها.

كما أشاد بما ورد في بيان مجلس التعاون الأخير من تأكيد دعم مجلس القيادة والحكومة، والدور المتوازن الذي تضطلع به الأمانة العامة إلى جانب الشعب اليمني وقيادته السياسية، مذكّراً بالدور الخليجي في رعاية جهود السلام، بدءاً بالمبادرة الخليجية، واتفاق الرياض، وصولاً إلى المشاورات اليمنية – اليمنية التي أفضت إلى إعلان نقل السلطة.

وأكد العليمي التزام مجلس القيادة بحل القضية الجنوبية وفق مخرجات مشاورات الرياض والمرجعيات الضامنة كافة، بصفتها قضية وطنية عادلة، تضمن تحقيق التطلعات المشروعة وفق الإرادة الشعبية.

تحذير أممي

على الصعيد الدولي، حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن الإجراءات أحادية الجانب في المحافظات الشرقية اليمنية لن تمهد الطريق للسلام، بل ستؤدي إلى تعميق الانقسامات، وزيادة خطر التصعيد والتشرذم.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (سبأ)

وقال غوتيريش، في تصريحات للصحافيين عقب مشاركته في اجتماع مغلق لمجلس الأمن الدولي، إن التطورات الجديدة في المحافظات الشرقية تزيد من حدة التوتر، داعياً جميع الأطراف إلى الانخراط البنَّاء مع المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، وإعطاء الأولوية للحوار، وتجنب أي إجراءات من شأنها تأجيج الوضع الهش.

وأكد الأمين العام أن اليمن يحتاج إلى تسوية سياسية مستدامة يتم التوصل إليها عبر المشاورات، وتلبي تطلعات جميع اليمنيين، مشدداً على أهمية خفض التصعيد، وضبط النفس، وحل الخلافات عبر الحوار، بما في ذلك دور الجهات الإقليمية المعنية في دعم جهود الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة.


الانفلات الأمني يفتك بمناطق سيطرة الحوثيين

زيادة متسارعة لجرائم الإعدام الميداني في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اتساع رقعة الفوضى الأمنية (إ.ب.أ)
زيادة متسارعة لجرائم الإعدام الميداني في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اتساع رقعة الفوضى الأمنية (إ.ب.أ)
TT

الانفلات الأمني يفتك بمناطق سيطرة الحوثيين

زيادة متسارعة لجرائم الإعدام الميداني في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اتساع رقعة الفوضى الأمنية (إ.ب.أ)
زيادة متسارعة لجرائم الإعدام الميداني في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اتساع رقعة الفوضى الأمنية (إ.ب.أ)

يتجه الانفلات الأمني في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية إلى مزيد من التصعيد المفتوح، حيث تتداخل سلطة السلاح المفروضة بالأمر الواقع مع الجريمة المنظمة؛ إذ شهدت الأسابيع الأخيرة إعدامات ميدانية بحق مدنيين عُّزَّل خارج القانون، بالتزامن مع اغتيالات وتصفيات داخلية تضرب قيادات أمنية وميدانية وتهدد تماسك الجماعة.

في هذا السياق، أقدَم قيادي حوثي في محافظة صعدة (شمال) على قتل مدني ينتمي إلى محافظة ريمة (213 كيلومتراً جنوب غربي صنعاء) أثناء وجوده في موقع عمله في مديرية منبّه، بإطلاق النار عليه، في واقعة تسببت بإصابة شخصين آخرين. وحسب مصادر محلية، فإن الجماعة اكتفت بإجراء شكلي تمثل في توقيف الجاني قبل الإفراج عنه لاحقاً.

وذكرت المصادر أن هذه الجريمة تأتي في سياق استهداف مناطقي من قِبل عناصر وقيادات في الجماعة ضد المنتمين إلى محافظات أخرى، مبينة أن أكثر من 10 أفراد ينتمون إلى محافظة ريمة قُتلوا في محافظة صعدة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة على يد مسلحين حوثيين، إلى جانب ضحايا آخرين من محافظات أخرى.

ورغم تزايد المطالب الشعبية والحقوقية بسرعة كشف ملابسات هذه الانتهاكات وضبط الجناة، تواصل الجماعة الحوثية التعامل معها بسياسات لا تحقق العدالة والإنصاف للضحايا أو أقاربهم؛ إذ تكتفي في أحسن الأحوال بتبني صلح ودفع تعويضات مالية ضئيلة.

متسوقون في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية (رويترز)

وإلى جانب القتل خارج القانون، يتعرض عشرات الوافدين إلى محافظة صعدة، وهي معقل الجماعة الرئيسي، للاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، في حين يخضع أي وافد لرقابة أمنية مشددة، دون إبداء الأسباب.

وتفيد مصادر حقوقية بأن الانتهاكات بحق المدنيين في مختلف مديريات محافظة صعدة لا يمكن حصرها أو الحصول على معلومات كافية حولها، بسبب وقوع المحافظة تحت سطوة أمنية وحالة طوارئ حوثية غير معلنة، ورقابة مشددة على مواقع التواصل الاجتماعي ومنع تداول المعلومات، وترهيب السكان بشأن النشر واستخدام هذه المواقع.

إفلات من العقاب

وتشهد محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، موجة غضب واسعة بعد مقتل شاب في الثامنة عشرة من عمره برصاص مسلح حوثي، من خلال وقفات احتجاجية حاشدة طالبت بضبط الجاني ومحاسبته.

تشييع قيادي حوثي توفي بشكل غامض في إب وسط تكهنات باغتياله جراء خلافات مالية (إعلام حوثي)

ورفض القيادي الحوثي المكنى أبو علي الكحلاني، المعيَّن من قِبل الجماعة مديراً لأمن المحافظة، لقاء المشاركين في الوقفات الاحتجاجية أو الاستجابة لمطالبهم بضبط المسلح الحوثي يعقوب العزي المتهم بالواقعة، والذي أقدَم على إطلاق النار على المجني عليه في وسط أحد شوارع مركز المحافظة.

وحذَّر المشاركون في الاحتجاجات من عدم ضبط المتهم وإحالته إلى العدالة، بعد أن شهدت المحافظة سوابق جنائية مشابهة، تم فيها إطلاق الجناة والتلاعب بالقضايا، في ظل تغييب متعمد لسلطة القضاء العادل، وسياسة حماية العناصر المسلحة؛ ما أسهم في تفشي الفوضى الأمنية وارتفاع جرائم القتل.

وتشهد محافظة إب انفلاتاً أمنياً غير مسبوق منذ سيطرة الجماعة الحوثية عليها، مع انتشار واسع للعصابات المسلحة والأفراد المطلوبين للأمن والمفرج عنهم من السجون الرسمية عقب وصول الحوثيين.

التنافس على الجبايات وممتلكات السكان والمزارعين من أسباب الصراع بين القيادات الحوثية (إعلام حوثي)

ولا يقتصر الانفلات على الجرائم التي يروح ضحايا الأبرياء من المدنيين؛ إذ قُتل القيادي الأمني الحوثي جلال دماج، المعين نائباً لمدير أمن فرع مديرية العدين، أمام منزله، برصاص مجهولين لاذوا بالفرار، دون أن تتمكن الجماعة، التي نفذت انتشاراً أمنياً واسعاً من القبض عليهم أو الكشف عن هوياتهم.

خلافات وتصفيات

أثارت وفاة قيادي حوثي آخر في المحافظة، وهو عبد الجليل الشامي، الذي عينته الجماعة مديراً عاماً لمديرية النادرة، تكهنات بشبهة تصفية داخلية مرتبطة بخلافات مالية مع قيادات حوثية أخرى. وعزز من تلك التكهنات عدم الإعلان الصريح عن أسباب الوفاة أو ملابساتها.

ولف الغموض أيضاً وفاة القيادي البارز محمد محسن العياني، والتي لم تعلن الجماعة سبباً لها، مع ترجيحات بمقتله في ضربة جوية سابقة دون إعلان رسمي، خصوصاً وأنه أحد أبرز القيادات المؤسسة، وكان أحد مسؤولي جمع الأموال والسلاح.

وكانت محافظة الجوف (شمال شرق) مسرحاً لمقتل قائدين ميدانيين في الجماعة، حيث قُتل القيادي ضيف الله غيلان، المكنّى أبو حمزة، مع عدد من مرافقيه، برصاص مسلحين قبليين في ظل توتر تشهده المحافظة بسبب سياسة الجماعة بفرض مشرفين من خارجها.

تشييع القيادي الحوثي البارز محمد محسن العياني في صعدة دون الإفصاح عن سبب وفاته (إعلام حوثي)

وينتمي أبو حمزة إلى مديرية سنحان في محافظة صنعاء، وكان يعمل سابقاً في حراسة إحدى المحاكم في العاصمة اليمنية المختطفة.

كما قُتل المشرف الأمني الحوثي أحمد وازع الفرجة، وأُصيب أحد مرافقيه، برصاص مسلحين حوثيين آخرين، بعد رفضه تنفيذ توجيهات قيادات عليا في المحافظة.

وأرسلت القيادات العليا مجموعة مسلحين لإلزامه بتنفيذ التوجيهات أو القبض عليه، إلا أن الخلافات تطورت إلى إطلاق نار أدى إلى مقتله.

وتشير المصادر، إلى أن محافظة الجوف تشهد خلافات حادة بين قادة الجماعة حول النفوذ وتقاسم موارد الجبايات والسطو على ممتلكات السكان.


المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

تجتمع المعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند التي تشهد خلافات حادة مع الحكومة الفيدرالية بمقديشو، وسط توترات سياسية متصاعدة حول الانتخابات المباشرة واستكمال الدستور.

هذا الاجتماع، الذي يستمر من 17 إلى 20 ديسمبر (كانون الأول)، يراه خبير في الشأن الأفريقي والصومال تحدث لـ«الشرق الأوسط» أقرب إلى «محطة سياسية ذات تأثير محدود، ما لم يتمكن من تجاوز الانقسامات الداخلية والتوترات مع الحكومة وتقديم خطاب وطني جامع يستجيب لتطلعات الشارع الصومالي في الاستقرار والأمن والديمقراطية».

وتحتضن مدينة كيسمايو، العاصمة المؤقتة لولاية غوبالاند، الوفود المشاركة في مؤتمر المعارضة؛ فيما استقبل الأمين العام لمنتدى الإنقاذ الصومالي المعارض، محمد آدم كوفي، وزير الداخلية في غوبالاند، محمد إبراهيم أوغلي، وعدداً من المسؤولين بإدارة الولاية، بحسب ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد».

وأوضح أوغلي في تصريحات إعلامية، الثلاثاء، أن المؤتمر سيركز على وضع اللمسات الأخيرة على هيكل مجلس مستقبل الصومال وتحليل الوضع السياسي الذي تمر به البلاد.

وقال كوفي في تصريحات وقتها إن مؤتمر كيسمايو سيناقش قضايا مهمة في ظل المرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وتستضيف الولاية هذا المؤتمر، الذي لم تعلق عليه مقديشو، بعد نحو 10 أيام من إعلان رئيس برلمان غوبالاند، عبدي محمد عبد الرحمن، أن غوبالاند انتقلت من ولاية إقليمية إلى دولة، في تصعيد للتوتر السياسي القائم بينها وبين الحكومة الفيدرالية التي تصف الإدارة الحاكمة حالياً في غوبالاند بأنها غير شرعية بعد إجرائها انتخابات أحادية الجانب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أعادت رئيسها أحمد مدوبي الذي يحكم غوبالاند منذ عام 2012 إلى السلطة.

توتر واحتقان

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، علي محمود كلني، أن المؤتمر ينعقد في توقيت بالغ الحساسية، وسط احتقان سياسي متصاعد وخلافات مزمنة بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وبعض الإدارات الإقليمية.

وتأتي أعمال المؤتمر، بحسب كلني، في ظل قطيعة طويلة بين إدارة غوبالاند والحكومة الفيدرالية؛ وهي قطيعة هيمنت على المشهد السياسي طوال معظم فترة رئاسة حسن شيخ محمود، مشيراً إلى أن العلاقة بين الرئيس الفيدرالي ورئيس غوبالاند أحمد محمد إسلام (مدوبي) اتسمت بتوتر حاد وصل في بعض المراحل إلى مستوى المواجهة السياسية المفتوحة، ما أفقد أي مسعى للتنسيق أو الشراكة معناها العملي.

وعن التحديات التي تواجه مخرجات المؤتمر، لفت كلني إلى التباين الواضح في مواقف القوى المشاركة في المؤتمر، سواء بشأن شكل نظام الحكم، أو آليات إدارة الدولة، أو مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد، مشيراً إلى أن هذا التباين يقلّص فرص الخروج برؤية سياسية موحدة، ويجعل من الصعب تحويل المؤتمر إلى منصة ضغط فعالة في مواجهة الحكومة الفيدرالية.

وتأتي تلك التحركات المعارضة، بينما يشتد منذ عام الجدل بشأن الانتخابات الرئاسية المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي اعتمدت بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، وجرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 هي الشرارة الأبرز لتفاقم الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

هل من مخرجات ملموسة؟

كانت الخلافات بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والمعارضة قد اشتدت بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

وفي ضوء هذه المعطيات والخلافات المتصاعدة، يرى خبير الشؤون الأفريقية كلني أن تأثير مؤتمر كيسمايو سيظل محدوداً على مشروع الانتخابات المباشرة الذي تعمل حكومة حسن شيخ محمود على الإعداد له.

وتبقى القيمة السياسية للمؤتمر مرهونة بما قد يصدر عنه من مخرجات ملموسة، وبمدى قدرة المشاركين على توحيد مواقفهم حيال القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها استكمال جهود تحرير البلاد من الجماعات المسلحة، ومسار الانتخابات العامة وإعادة تصميمها على أسس توافقية، وإدارة الخلافات السياسية القائمة والسعي إلى مواءمتها ضمن إطار وطني جامع.

وفي النهاية، يؤكد كلني أن التحدي الحقيقي لا يكمن في عقد المؤتمرات بحد ذاتها، بل في القدرة على تحويلها إلى أدوات فاعلة لإنتاج حلول سياسية قابلة للحياة.