واشنطن ترصد 5 ملايين دولار لاعتقال منسق تنقلات «داعش»

التركي لـ«الشرق الأوسط»: الجربا سعودي بالتجنيس ومطلوب للأجهزة الأمنية

طراد الجربا المسؤول عن تنقلات المقاتلين الأجانب إلى صفوف «داعش» («الشرق الأوسط»)
طراد الجربا المسؤول عن تنقلات المقاتلين الأجانب إلى صفوف «داعش» («الشرق الأوسط»)
TT

واشنطن ترصد 5 ملايين دولار لاعتقال منسق تنقلات «داعش»

طراد الجربا المسؤول عن تنقلات المقاتلين الأجانب إلى صفوف «داعش» («الشرق الأوسط»)
طراد الجربا المسؤول عن تنقلات المقاتلين الأجانب إلى صفوف «داعش» («الشرق الأوسط»)

رصدت الحكومة الأميركية، مكافأة مالية، بنحو 5 ملايين دولار، لمن يدلي بمعلومات تساعد في القبض على السعودي، طراد الجربا المكنى بـ«أبو محمد الشمالي»، وذلك بعد أن وصفته واشنطن بأنه مسؤول رئيسي في لجنة الهجرة والخدمات اللوجيستية في تنظيم داعش.
وأوضحت وزارة الخارجية الأميركية أمس، أن السعودي طراد الجربا (36 عاما)، يعمل مسؤولا رئيسيا في لجنة الهجرة والخدمات اللوجيستية في تنظيم داعش، التي تشرف على تنقلات المقاتلين الأجانب، وتدير تنسيق التهريب، والتحويلات المالية، والنقل، والإمدادات، إلى سوريا والعراق بين الدول الغربية، وشمال أفريقيا، والشرق الأوسط.
وقالت الخارجية الأميركية، إن المكنى بـ«أبو محمد الشمالي»، هو عضو مهم في تنظيم داعش، حيث وصفته واشنطن بـ«الإرهابي»، وجرى تجميد ممتلكاته، ومنعه من السفر، وكان عضوا في تنظيم «القاعدة» في وقت سابق.
ووصفت مذكرة البحث الصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية، أن السعودي طراد الجربا، مسؤول في «داعش»، ويعيش في إحدى المدن بشمال سوريا على الحدود مع تركيا.
وبحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن طراد الجربا، هو سعودي من أصول سورية، وسبق أن جرى اعتقاله في أحد الدول الخليجية، لانخراطه في تنظيم «القاعدة»، عبر التجنيد، ثم وصل إلى سوريا بطريقة غير مشروعة، وانضم إلى «داعش».
وأكدت المصادر للصحيفة، أن «أبو محمد الشمالي» عمل في تدريس عناصر التنظيم الجدد، ومعظمهم من صغار السن، على الفكر المتطرف، واستهداف قادة الدول، والعلماء الإسلاميين في الدول العربية.
يذكر أن المدن الشمالية في سوريا على الحدود مع تركيا، تنظم مرور المقاتلين الأجانب القادمين من أستراليا وأوروبا أو الشرق الأوسط للانضمام إلى صفوف تنظيم داعش.
وكان تلفزيون «سي إن إن»، ذكر الأربعاء الماضي، أن أكثر من 25 ألف مقاتل إرهابي أجنبي من أكثر من مائة دولة شرقية وغربية، انتقلوا إلى العراق وسوريا، وهناك يوفر له «داعش» خبرات قتالية، وتدريبات على أسلحة ومتفجرات، والتنسيق مع شبكات إرهابية تخطط لهجمات تستهدف الدول الغربية.
وفي عام 2014 قام الشمالي بتسهيل السفر من تركيا إلى سوريا للمقاتلين المحتملين لـ«داعش» من أستراليا، وأوروبا، والشرق الأوسط، وقام بإدارة مركز تجهيز «داعش» للمجندين الجدد في أعزاز بسوريا. وتوفر ساحات المعارك في العراق وسوريا للمقاتلين الإرهابيين الأجانب خبرة قتالية، والتدريب على الأسلحة والمتفجرات، والوصول إلى الشبكات الإرهابية التي قد تخطط لهجمات تستهدف الغرب.
من جهة أخرى، أكدت الخارجية الأميركية أول من أمس، اعتقال خمسة سوريين يحملون جوازات سفر يونانية في هندوراس، في أميركا الوسطي، وهم في طريقهم إلى الولايات المتحدة، وبحسب صحيفة «لابرنسا»، التي تصدر في تيغوسيغالبا (عاصمة هندوراس) كانوا يخططون للسفر شمالا إلى غواتيمالا، ثم المكسيك، ثم الولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة إن الاستخبارات اليونانية أبلغت الاستخبارات الهندوراسية مسبقا بتحركات السوريين، وبعد اعتقالهم في العاصمة تيغوسيغالبا، زارهم مسؤولون في سفارة اليونان هناك، واكتشفوا أنههم لا يعرفون اللغة اليونانية.
إلى ذلك، قالت صحيفة «واشنطن بوست»، إن الإجراءات الأمنية في واشنطن صارت مثل التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وذلك لأن بيان «داعش» قال إن واشنطن هي الهدف التالي بعد باريس، إلا أن توم كروسون، المتحدث باسم البنتاغون الأميركي، أكد أنه منذ شهور، ونحن حذرون، من قبل هجمات باريس. وصدرت في ولايتي فرجينيا وماريلاند، المجاورتين لواشنطن العاصمة، أوامر لبعض المدارس بألا ترسل رحلات مدرسية إلى واشنطن.
وأوضح اللواء منصور التركي، المتحدث الأمني في وزارة الداخلية السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، أن طراد محمد الجربا، الذي أعلنت عنه أميركا، هو سعودي بالتجنس، مطلوب للجهات الأمنية لمغادرته من المملكة بطريقة غير نظامية وانضمامه لتنظيم داعش الإرهابي.
وقال اللواء التركي إنه في إطار اهتمام وحرص السعودية على التعاون مع المجتمع الدولي لمواجهة ظاهرة الإرهاب، فقد سبق في هذا الإطار مشاركة معلومات عن نشاطات المذكور مع النظراء الدوليين.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.