ضاحية سان دوني تتحول إلى ساحة حرب وأنباء عن مقتل أباعود

الحكومة تسعى إلى تمديد حالة الطوارئ.. والرئيس الفرنسي متوجهًا إلى مواطنيه: لا تخافوا

ضاحية سان دوني تتحول إلى ساحة حرب وأنباء عن مقتل أباعود
TT

ضاحية سان دوني تتحول إلى ساحة حرب وأنباء عن مقتل أباعود

ضاحية سان دوني تتحول إلى ساحة حرب وأنباء عن مقتل أباعود

استفاق سكان ضاحية «سان دوني» الفرنسية، في الرابعة والنصف من صباح الأمس، على أصوات الانفجارات وتبادل إطلاق النار. وشيئا فشيئا، تكاثرت سيارات الشرطة ووصلت فرق النخبة من قوات الشرطة والدرك وسيارات المؤللة وسيارات الإسعاف، فيما حومت طوافة فوق المكان الذي عرف تبادلا غزيرًا لإطلاق النار وإلقاء المتفجرات.
وبعد سبع ساعات ونصف من الغموض، أفاد فرنسوا مولينس، المدعي العام المكلف التحقيق في مجزرة ليل الجمعة - السبت في باريس أن العملية «انتهت» بمقتل اثنين وتوقيف 8 أشخاص.
وقالت صحيفة «واشنطن بوست» نقلا عن مسؤولين أوروبيين رفيعين بالمخابرات، إن عبد الحميد أباعود الذي يشتبه في كونه العقل المدبر لهجمات باريس، قُتل في المداهمة. ولم تذكر الصحيفة تفاصيل العملية، بما في ذلك جنسية مسؤولي المخابرات.
ويبدو أن تأكيد خبر مقتله جاء بعد أن أجرى خبراء الطب الشرعي فحوصات في موقع المداهمة، شملت ما تبقى من النوافذ والأرضيات التي انهار بعضها بعد انفجار امرأة بحزام ناسف، ساعين إلى الحصول على أدلة مفترضة وعلى عيّنات الحمض النووي. وتحدّث المسؤولون إلى الصحيفة شريطة التكتم على هوياتهم.
من جهته، قال مدعي عام باريس، فرنسوا مولان، في مؤتمر صحافي مساء أمس، إن المحققين الفرنسيين لا يستطيعون في هذه المرحلة تحديد هويات القتلى في مداهمات الشرطة بضاحية سان دوني، وأن المشتبه بأنه العقل المدبر لهجمات باريس عبد الحميد أباعود لم يعتقل في العملية. كما لفت إلى أن المحققين لا يستطيعون تحديد هويات الرجال الثلاثة الذين اعتقلوا في المداهمة، وأنه ألقي القبض على ثمانية أشخاص في الشقة أو على مقربة منها.
وطيلة خمسة أيام، لم تتوقف عمليات الدهم التي تقوم بها الأجهزة الأمنية الفرنسية في كل أنحاء البلاد. لكن ما كانت تطمع به من عملية الدهم في سان دوني هو توقيف «الدماغ المخطط» لما جرى في العاصمة نهاية الأسبوع الماضي، أي المواطن البلجيكي من أصول مغربية عبد الحميد أباعود الملقب أبو عمر السوسي أو أبو عمر البلجيكي والذي أثبتت التحقيقات أنه كان على علاقة باثنين على الأقل من منفذي العمليات الإرهابية. وهما إبراهيم وصلاح عبد السلام، المواطنان الفرنسيان من أصل جزائري، اللذان كانا يعيشان في ضاحية مولنبيك في بروكسل. الأول، فجر حزامه الناسف قريبا من قاعة الباتاكلان، والثاني الذي استأجر السيارات التي استخدمت في العمليات والشقق التي أوت الإرهابيين، نجح في الفرار إلى بلجيكا ولم يعثر له على أثر حتى الآن.
ووصلت الأجهزة الأمنية إلى الاستدلال على شقة سان دوني من خلال مراقبة الهاتف الجوال لامرأة تربطها علاقة قرابة بعبد الحميد أباعود، ويقال إنها قريبته. ويتبيّن أنه كلما استكملت الأجهزة الأمنية تحقيقا معينا، اكتشفت خيوطا جديدة. وبعد أن كان الاعتقاد السائد أن عدد الانتحاريين سبعة، وهم انقسموا إلى ثلاث مجموعات توزعت لزرع الموت في باريس وسان دوني، يتبين اليوم أن العدد أكبر بكثير، لا بل إن رئيس الحكومة مانويل فالس اعترف بنفسه أن «الصورة غير واضحة تماما».
ومداهمة أمس في سان دوني تقترب من حالة حرب حقيقية عاشتها الضاحية الواقعة في مدخل باريس الشمالي، والقريبة من مطار «رواسي» والبعيدة رمية حجر عن استاد فرنسا الكبير الذي شهد ثلاث عمليات انتحارية ليل الجمعة/ السبت، موازاة مع العمليات الإرهابية الست المتزامنة التي ضربت العاصمة تلك الليلة.
وولجت فرنسا ليل الجمعة إلى السبت مرحلة جديدة من الإرهاب، لأنها شهدت للمرة الأولى العمليات الانتحارية التي جاءت تلك الليلة جماعية. أما صبيحة الأمس، فقد جاءت بجديد لأنها المرة الأولى التي تشهد فيها فرنسا عملية انتحارية تنفذها امرأة، إذ إن قريبة أبو عمر البلجيكي فجرت نفسها بالحزام الناسف الذي كانت تحمله قبل طلوع الضوء وعند محاصرة قوة التدخل الشقة التي كانت فيها. وأفضت عملية الدهم الصباحية إلى إغلاق الشوارع المحيطة، ومنع السير، وإغلاق المدارس الموجودة وسط ضاحية سان دوني، وحصول حالة هرج ومرج والطلب من السكان في المنطقة عدم الخروج من منازلهم. وتدخّل 110 رجال في العملية، وفق وزير الداخلية، وألقوا القبض على 7 أشخاص، منهم اثنان مصابان بجروح بليغة في عملية تبادل إطلاق النار، فيما قتل شخصان هما المرأة الانتحارية ورجل أصيب بشظايا قنبلة أو برصاصة أطلقها أحد قناصة الشرطة.
وحتى بعد ظهر أمس، لم تكشف السلطات رسميا عن هوية الأشخاص الثمانية الموقوفين أو الشخصين اللذين قتلا، ولا عن دورهم في العمليات الإرهابية الأسبوع الماضي، وما إذا كانوا يخططون لمهاجمة حي الأعمال «لا ديفانس» الواقع على مدخل باريس الغربي وفق الأخبار التي تناقلتها وسائل إعلامية فرنسية نقلا عن «مصادر» لم تحددها.
لكن الثابت، مع الكشف عن هذه الخلية قوية التسليح والتي استطاعت أن تقاوم قوات التدخل طيلة سبع ساعات، أن التهديد الأمني في فرنسا أكبر مما كان متوقعا، مما يدعم قول رئيس الحكومة مانويل فالس إن ما حصل ليل الجمعة إلى السبت «يمكن أن يتكرر»، لأن فرنسا «في حالة حرب حقيقية».
بهذا الصدد، إن خلو لائحة الأشخاص التسعة من اسم أبو عمر البلجيكي من شأنه أن يسبب خيبة لدى الأجهزة الأمنية، خصوصا أن الإرهابي الآخر الذي تأكدت مشاركته في مجزرة باريس ما زال مختفيا عن الأنظار، رغم أنه وقع صدفة في أيدي الدرك الفرنسي قريبا من الحدود الفرنسية البلجيكية لدى توقيف السيارة التي كان يركبها مع شخصين آخرين ألقت السلطات البلجيكية القبض عليهما لاحقا.
في سياق متصل، قدّمت الحكومة إلى البرلمان، أمس، مشروع تمديد حالة الطوارئ ثلاثة أشهر إضافية تنتهي مع نهاية شهر فبراير (شباط) القادم، مما سيعطي الأجهزة الأمنية كل الصلاحيات للقيام بعمليات الدهم من غير عوائق من أجل تعطيل الخلايا النائمة أو توقيف الأشخاص الذين يشتبه بانتمائهم إلى مجموعات راديكالية يمكن أن تشكل خطرا على أمن البلاد. فضلا عن ذلك، تعد الحكومة مشروع قانون مستعجل، بناء على طلب الرئيس فرنسوا هولاند، يتضمن تعديلات دستورية من شأنها تمكين السلطات من اللجوء إلى تدابير أمنية بالغة التشدد يمكن البدء بتطبيقها عقب انتهاء مدة الأشهر الثلاثة، ومن غير الحاجة لفرض حالة الطوارئ مجددا.
ويذكر أن الأجهزة الأمنية قامت، خلال الأيام الخمسة الماضية، بحسب أرقام وزارة الداخلية، بـ414 عملية دهم في كل أنحاء فرنسا. ألقت بموجبها القبض على 60 شخصا، وعثرت على 60 قطعة سلاح. وفيما بينت استطلاعات الرأي أن 73 في المائة من الفرنسيين يعتبرون هولاند «بمستوى المسؤولية» الملقاة على عاتقه كرئيس للسلطة التنفيذية والقائد الأعلى للقوات المسلحة والمسؤول عن السياسة الخارجية والدفاع وواسطة العقد في النظام الجمهوري الفرنسي، ما زال الرئيس يوجد على كل الجبهات.
من جهته، ألقى هولاند، أمس، أمام رؤساء بلديات فرنسا المجتمعين في باريس خطابا مطولا، استعاد فيه ما كان قد شدد عليه في كلمته أمام مجلس النواب والشيوخ مجتمعين في قصر فرساي. وحملت كلمة هولاند رسالتين أساسيتين: الأولى، دعوة مواطنيه لعدم الخوف من الإرهاب وعدم الانطواء والانغلاق، والثانية تلافي الانقسام والشقاق وتغليب الوحدة الوطنية على النزعات الحزبية والمصالح السياسية الضيقة.
وفيما يبدو أن الرسالة الثانية موجهة للمعارضة اليمينية، خصوصا الكلاسيكية الممثلة أساسا بحزب «الجمهوريين» الذي يقوده الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، بعد الانتقادات التي دأبت على توجيهها لأداء الحكومة متهمة إياها بالليونة وعدم قدرتها على مواجهة الإرهاب، وإخفاقها في حماية الفرنسيين، فإن الرسالة الأولى تشكل دعوة ضمنية لعدم استهداف المسلمين وعدم الخلط بينهم وبين الإرهاب والإرهابيين.
أما على الصعيد الخارجي، فإن الدبلوماسية الفرنسية مستمرة في تحركها لبناء تحالف دولي «موحد» لمحاربة «داعش»، يمر عبر التقارب مع موسكو ومحاولة إيجاد أرضية مشتركة بين التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية وذلك الذي تقوده روسيا. وفي 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. وبموازاة إبحار حاملة الطائرات «شارل ديغول» إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، واستمرار الضربات الجوية المكثفة ليلا ضد مواقع «داعش»، سيتوجه هولاند إلى واشنطن يوم 24 نوفمبر الحالي للقاء الرئيس أوباما، قبل أن يتوجه بعدها بيومين إلى موسكو للاجتماع بنظيره بوتين.
لكن هذه الانعطافة في السياسة الخارجية باتجاه التقارب مع روسيا بعد سنوات من الانتقادات الموجهة لها بحجة الحرص على حماية النظام السوري والتدخل العسكري المكثف لضرب المعارضة المسلحة المعتدلة، أخذت تسمع أصوات تنتقد «غياب الرؤية الواضحة» و«التخبط» في التحالفات المتناقضة. وجاءت أبرز الانتقادات من صحيفة «لو موند» المستقلة في طبعتها ليوم أمس، حيث تساءلت عن «الغرض» المستهدف من تشديد الضربات العسكرية وحول الانعطافات في الدبلوماسية الفرنسية وتبعاتها.



الأمير أندرو يعود إلى الواجهة... شخص مقرّب منه يشتبه في تجسسه لصالح الصين

الأمير أندرو (رويترز)
الأمير أندرو (رويترز)
TT

الأمير أندرو يعود إلى الواجهة... شخص مقرّب منه يشتبه في تجسسه لصالح الصين

الأمير أندرو (رويترز)
الأمير أندرو (رويترز)

تصدّر الأمير أندرو الذي استُبعد من المشهد العام بسبب علاقاته مع الخبير المالي الأميركي جيفري إبستين الذي يشتبه في ارتكابه جرائم جنسية والذي انتحر في السجن عام 2019 قبل أن تتم محاكمته، عناوين الأخبار في وسائل الإعلام البريطانية أمس (الجمعة)، على خلفية قربه من رجل أعمال متهم بالتجسس لصالح الصين، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وصادقت محكمة في لندن الخميس على قرار للسلطات البريطانية صادر عام 2023 بمنع هذا الرجل الذي يوصف بأنه «مقرب» من أندرو شقيق الملك تشارلز الثالث من دخول أراضيها.

واشتبهت وزارة الداخلية في أن هذا الشخص كان متورطاً في «نشاطات سرية ومضللة» نيابة عن الحزب الشيوعي الصيني وأنه يمثل على الأرجح تهديداً للأمن القومي.

وطعن المشتبه به البالغ 50 عاماً والذي عرّف عنه ببساطة بـ«إتش 6» في القرار، لكن لجنة الاستئناف المكلّفة شؤون الهجرة رفضت استئنافه، إذ اعتبر القضاة أنه في وضع يسمح له «بإقامة علاقات بين كبار المسؤولين الصينيين وشخصيات بريطانية يمكن استغلالها للتدخل السياسي من قبل الدولة الصينية».

وأصبح هذا الرجل مقرباً من أندرو لدرجة أنه دعي لحضور عيد ميلاده في العام 2020، وفُوِّض بالتصرف نيابة عنه للبحث عن مستثمرين صينيين محتملين، وفق ما كُشف خلال جلسة استماع في يوليو (تموز).

من جهته، أكّد الأمير أندرو مساء الجمعة أنه «استمع لنصائح» الحكومة و«أوقف كل الاتصالات» مع الشخص المعني «بمجرد إثارة مخاوف» حوله، وفق ما ذكر مكتبه في بيان مقتضب.

وأوضح أن الأمير أندرو التقى هذا الشخص «عبر قنوات رسمية ولم تُناقَش أمور حساسة» بينهما.