حكومة إسرائيل تحظر نشاط الجناح الشمالي للحركة الإسلامية

«فلسطينيو 48» يتظاهرون ويطالبون بإلغاء القرار وتقديم شكوى دولية

رائد صلاح زعيم {الحركة الاسلامية} - فرع الشمال لحظة وصوله سجن أيالون في الرملة (أ. ب)
رائد صلاح زعيم {الحركة الاسلامية} - فرع الشمال لحظة وصوله سجن أيالون في الرملة (أ. ب)
TT

حكومة إسرائيل تحظر نشاط الجناح الشمالي للحركة الإسلامية

رائد صلاح زعيم {الحركة الاسلامية} - فرع الشمال لحظة وصوله سجن أيالون في الرملة (أ. ب)
رائد صلاح زعيم {الحركة الاسلامية} - فرع الشمال لحظة وصوله سجن أيالون في الرملة (أ. ب)

أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن حظر تنظيم «الحركة الإسلامية الشمالية» في إسرائيل، وداهمت مكاتبها الرئيسية في مدينة أم الفحم. كما جرى حظر 17 مؤسسة وجمعية تابعة لها، بما في ذلك صحيفة «صوت الحق والحرية» الناطقة بلسانها، وجمعيات خيرية.
فقد داهمت قوات كبيرة من الشرطة، فجر أمس (الثلاثاء)، مكاتب الحركة وصادرت كومبيوترات وأجهزة إلكترونية والكثير من الملفات، واعتقلت كلاً من رئيس الحركة، رائد صلاح، ونائبه، كمال خطيب، ومسؤول ملفّ القدس والأقصى، د. سليمان اغبارية للتحقيق معهم. كما اعتقلت مسؤول العلاقات الخارجيّة فيها، د. يوسف عواودة. وردت القيادة السياسية لفلسطينيي 48 على القرار، بإعلان الإضراب ليوم واحد غدا، والتظاهر يوم السبت المقبل.
واتضح أن قرار حظر الحركة والجمعيات المرتبطة بها اتخذ في المجلس الوزاري الأمني المصغر للحكومة، قبل أسابيع، ولكنهم أبقوه سريًّا حتى يفاجئوا قادتها في عمليات الاقتحام، ولكي «يجدوا الوقت الملائم». فكان التوقيت الحالي، بعد عمليات الإرهاب في فرنسا، الأفضل، وفقا لمسؤولين أمنيين تحدثوا إلى «القناة الثانية» في التلفزيون الإسرائيلي، وقالوا إن إسرائيل تريد بهذا القرار الظهور بأنها «حازمة أكثر من الأوروبيين في مكافحة الإرهاب».
وذكرت مصادر سياسية وأمنية، أن القرار اتخذ على الرغم من معارضة جهاز المخابرات العامة (الشاباك)، الذي يرى أن القرار قد لا يصمد في الامتحان القضائي، إذ إنه لا توجد أدلة كافية لإثبات تجاوز الحركة للقانون. ويضيف خبير أمني آخر، أن الشاباك يفضل بقاء الحركة علنية لسببين؛ الأول، أن هناك خطرًا بأن تتحول إلى عمل سري. والثاني أن عملها العلني يتيح كشف المتطرفين من حولها بشكل أسرع وأنجع.
وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد نشر تصريحات له حول الموضوع قال فيها: «يجب على الدولة الديمقراطية أن تدافع عن نفسها، وتحمي نفسها من كل من يسعى إلى تقويضها. إن الجناح الشمالي للحركة الإسلامية في إسرائيل، يعمل ضد الدولة. إنه يحرض على العنف ضد مواطنين أبرياء، ويقيم علاقات وطيدة مع حركة حماس الإرهابية، ويقوض الدولة من الداخل بهدف إقامة خلافة إسلامية بدلا منها. بصفتي المسؤول عن أمن الدولة، لن أسمح بذلك».
وحظي قرار الحظر بتأييد واسع في الأوساط السياسية الإسرائيلية، فقال وزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، إن «على إسرائيل أن تشكل نموذجًا ورأس حربة في محاربة الإسلام المتطرف، الذي رأينا إسقاطاته في قتل الأبرياء في باريس ونيويورك ومدريد وإسرائيل». وشبه الوزير إردان الحركة الإسلامية الشمالية وحركة حماس بتنظيم «داعش»، وقال إنهم يحملون الأفكار نفسها ويتبعون الآيديولوجيا المتطرفة نفسها التي سببت الإرهاب في إسرائيل والعالم، وأكد على أنه «حان الوقت لاستعمال جميع الوسائل المتاحة لمحاربة الإرهاب ومن يحرض عليه».
وأشاد زعيم حزب «ييش عتيد» المعارض، يائير لبيد، بقرار المجلس الوزاري المصغر (الكابينيت)، القاضي بإخراج الحركة الإسلامية عن القانون، حظر مؤسساتها، وقال إنه من غير المعقول أن تسمح الدولة لمن يحرض على الإرهاب في دولة إسرائيل بأن يتحرك بحرية في الشوارع والمساجد، ويستمر بالتحريض على القتل». وتطرق حزب «المعسكر الصهيوني» للقرار بالقول إن «قرار الكابينيت بإخراج الحركة عن القانون صائب جدًا، هذا ما طلبناه منذ شهر، لكن للأسف استغرق نتنياهو الكثير من الوقت لاتخاذ خطوة ضرورية».
وقد عقدت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل، جلسة طارئة لها، صباح أمس، في مكاتب اللجنة في الناصرة، وقررت الإضراب الشامل يوم الخميس المقبل، احتجاجًا. كما دعت إلى مظاهرة قطرية يوم السبت 28 نوفمبر (تشرين الثاني) في مدينة أم الفحم. ودعا رئيس اللجنة، محمد بركة، الحكومة إلى إلغاء القرار فورًا. وأعلن أنه سيتوجه إلى مؤسسات دولية بشكوى ضد هذا القرار وإطلاق حملة تضامنية. واستنكر النائب أحمد الطيبي، من القائمة المشتركة، القرار، وعدّه قرارًا سياسيًا محضًا، لحكومة اليمين المسؤولة عن تدهور الأوضاع، وتريد جعل الحركة الإسلامية كبش فداء. وأضاف أن الحكومة استغلت بشكل تهكمي الاعتداءات الإرهابية البشعة في باريس لتمرير هذا القرار.
ومن جهته، عقب رئيس القائمة المشتركة، النائب أيمن عودة، على قرار المجلس الوزاري قائلا إن نتنياهو يواصل محاولاته التصعيدية والتحريض ضد حركة سياسية، معتبرا أن رئيس الوزراء أطلق حملة لنزع الشرعية عن الجمهور العربي في البلاد. وعقب رئيس الحركة الإسلامية الجناح الجنوبي، الشيخ حماد أبو دعابس، على القرار قائلا إنه يجب وضع الخلافات مع الحركة الشمالية جانبا والوقوف إلى جانبها في محنتها.
وأضاف أن توقيع وزير الدفاع على هذا القرار ليس نهاية المطاف.
ووجهت مؤسسات ميزان لحقوق الإنسان، الناصرة، ومركز عدالة لحقوق الأقلية العربية، والمؤسسة العربية لحقوق الإنسان، وصمود لقضايا الأرض والمسكن، ومؤسسة قدسنا لحقوق الإنسان، ومركز مساواة لحقوق المواطنين العرب، نقدا شديدا ضد قرار الحكومة الإسرائيلية. وقالت: «فيما قامت أجهزة الأمن الإسرائيلية المختلفة بمداهمة بعض مكاتب مؤسسات وجمعيات أهلية خيرية تقدم خدماتها للمجتمع العربي في الداخل الفلسطيني، استنادًا إلى قوانين الطوارئ الانتدابية المشؤومة، نؤكد أن الحركة الإسلامية والمؤسسات التي جرت ملاحقتها، عملت دائما وأبدًا ضمن الإطار القانوني، وضمن المجال المحدود والهامش الضيق للمجتمع العربي».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.