اسرائيل تقتل فلسطينيين في اقتحام مخيم قلنديا.. والسلطة تتهمها بتأجيج الأوضاع

غالبية فلسطينية تؤيد انتفاضة ثالثة وترفض العودة الى المفاوضات

اسرائيل تقتل فلسطينيين في اقتحام مخيم قلنديا.. والسلطة تتهمها بتأجيج الأوضاع
TT

اسرائيل تقتل فلسطينيين في اقتحام مخيم قلنديا.. والسلطة تتهمها بتأجيج الأوضاع

اسرائيل تقتل فلسطينيين في اقتحام مخيم قلنديا.. والسلطة تتهمها بتأجيج الأوضاع

اتهمت السلطة الفلسطينية إسرائيل بالعمل على تصعيد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، بعد اقتحامها مخيم قلنديا، الواقع بين رام الله والقدس، فجر أمس، مما أدى إلى قتل فلسطينيين اثنين، وإصابة 18 آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي، في واحدة من أعنف المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ اندلاع الهبة الفلسطينية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وقد قتل الجيش الإسرائيلي، ليث أسعد مناصره (21 عاما) وأحمد أبو العيش (28 عاما)، وأصاب آخرين في المواجهات التي اندلعت بسبب اقتحام المخيم وتفجير إسرائيل منزل الأسير محمد أبو شاهين، الذي تتهمه بقتل المستوطن داني غونين قرب قرية دَيْر بزيغ قضاء رام الله، في يونيو (حزيران) الماضي.
وقالت مصادر فلسطينية، إن مئات الجنود اقتحموا المخيم الصغير المكتظ بالسكان، وسط مشاركة قناصة وطائرات، قبل أن يشتبك مسلحون فلسطينيون معهم، وتتوسع المواجهات، في محاولة لمنع تفجير المنزل الذي أجبر الجنود جميع السكان القريبين منه على مغادرة منازلهم، إلى ساحات النوادي وملاعب كرة القدم في المخيم.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول مناصرة وأبو العيش إلى مجمع فلسطين الطبي، وقد فارقا الحياة إلى جانب 18 إصابة. وادعى ناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أن جنوده تعرضوا لإطلاق النار في المخيم فردوا على مصادر الرمي.
وأدان الناطق باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، الجريمة الجديدة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخيم قلنديا، بقتل مواطنين بدم بارد، أثناء اقتحام المخيم وهدم أحد المنازل. وقال: «إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي ما زالت تصر على المضي بالسياسة ذاتها، من عمليات القتل والإعدامات الميدانية، وإنزال أشد العقوبات الجماعية بحق أبناء شعبنا وممتلكاته، بما يتناقض مع الشرعية والقوانين الدولية الإنسانية». ودعا أبو ردينة «المجتمع الدولي ومؤسساته وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي، إلى توفير الحماية الدولية لتخليص شعبنا من بطش حكومة الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاتها، وقطع الطريق على سياساتها التي ستشعل حربا دينية ستطال الجميع، بما في ذلك شوارع أوروبا وما بعدها». وأكد في بيان، على «ضرورة وقف الغطرسة الإسرائيلية، وعمليات القتل اليومية، والانتهاكات المستمرة لحقوق شعبنا الفلسطيني، والاستخفاف بالشرعية الدولية، وتحقيق العدالة على الساحة الفلسطينية، بإقامة الدولة المستقلة، التي أصبحت حاجة ضرورية للسلم والأمن الدوليين».
ومن جهته، حمل رئيس الوزراء رامي الحمد الله، الحكومة الإسرائيلية، المسؤولية الكاملة عن استمرار الجرائم اليومية في الأراضي الفلسطينية.
وعلق وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي على قتل إسرائيل لفلسطينييْن في مخيم قلنديا، باتهام إسرائيل بالرغبة في تصعيد الأوضاع.
ومع مقتل فلسطينيين اثنين، يرتفع عدد ضحايا الاعتداءات الإسرائيلية، منذ الثالث من أكتوبر الماضي، بحسب بيان وزارة الصحة الفلسطينية، إلى «88 شهيدًا، بينهم 18 طفلاً و4 سيدات، فيما بلغت حصيلة المصابين نحو 10 آلاف مصاب». وأضافت الوزارة أن «69 (شهيدًا) ارتقوا برصاص قوات الاحتلال في الضفة الغربية، و18 في قطاع غزة، فيما (استشهد) شاب من النقب». وأشارت في بيانها، إلى أن أكثر من 1422 مواطنًا أصيبوا منذ بداية الهبة بالرصاص الحي في الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما أصيب 1053 آخرون بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وعولجوا جميعًا في المستشفيات، إضافة إلى أكثر من 1100 إصابة بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط عولجت ميدانيًا، عدا عن نحو 6300 إصابة بالاختناق نتيجة الغاز المسيل للدموع. كما أصيب 255 مواطنًا بكسور ورضوض نتيجة اعتداءات جنود الاحتلال والمستوطنين عليهم بالضرب المبرح، فيما أصيب نحو 25 آخرين بالحروق. وأضافت الوزارة، أن 416 طفلاً كانوا من بين مجموع المصابين بالضفة الغربية.
واستمرت المواجهات في مناطق مختلفة في الضفة الغربية أمس، أشدها كان في رام الله، بعد تشييع جثامين مناصرة وأبو العيش.
وشيع الآلاف من أبناء مخيم قلنديا الجثمانين وسط هتافات الغضب المطالبة بالانتقام. وشارك مسلحون في الجنازة وأطلقوا النار في الهواء.
وأصيب 5 فلسطينيين على الأقل بالرصاص الحي، بينهم مسعف، وأربعة آخرون بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، بينهم صحافيان، خلال المواجهات العنيفة، مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، في حي البالوع شمال مدينة البيرة. وأصيب عدد آخر في مواجهات وقعت على جسر حلحول شمال مدينة الخليل، وفي قرية بدرس في رام الله.
وطالبت القوى الوطنية والإسلامية بتصعيد ميداني اليوم ويوم الجمعة أيضًا، في كل مناطق التماس والاستيطان والحواجز العسكرية والجدار، وأعلنتهما يومي غضب شعبي ضد الاحتلال ومستوطنيه الاستعماريين.
وجاء في بيان صادر عن اجتماع للقيادة الوطنية والإسلامية، «اعتبار يوم الجمعة المقبل، يوم غضب في فلسطين ومخيمات اللجوء والشتات والعواصم العربية والإسلامية وعواصم العالم، وذلك بالمشاركة في الفعاليات التي تخرج بعد صلاة الجمعة للتعبير عن استمرار هبة شعبنا حتى دحر الاحتلال ومستوطنيه».
كما أكدت القوى على أهمية «الالتزام الوطني بمقاطعة الاحتلال، ووضع كل الآليات الكفيلة بعدم تسريب بضائعه إلى أراضينا الفلسطينية المحتلة، وتوسيع رقعة مقاطعته، وفرض العقوبات عليه، وسحب الاستثمارات من دولة الاحتلال، في إطار حركة B.D.S في العالم، من أجل عزل حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة، والتأكيد على خطوة الاتحاد الأوروبي بوسم منتجات المستعمرات الاستيطانية، التي تتطلب توسيع رقعة المقاطعة الشاملة لحكومة الاحتلال وعزلها ومحاسبتها على جرائمها».
وجاء التصعيد في وقت بين فيه أحدث استطلاع للرأي، نشره المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي، أن (50.4 في المائة) من الجمهور الفلسطيني يؤيدون قيام انتفاضة ثالثة. وأظهر الاستطلاع ارتفاعًا ملحوظًا في تأييد الجمهور الفلسطيني لانتفاضة ثالثة بمقدار (21.7 في المائة) مقارنةً باستطلاع سابق نشر في يونيو الماضي. وعارض (62.3 في المائة) من الجمهور الفلسطيني العودة إلى المفاوضات السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين في ظل الظروف الحالية، في حين أيّد (22.3 في المائة) منهم ذلك، وامتنع (15.4 في المائة) عن الإجابة.
وردًا على سؤال: «قال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إن القيادة تريد الوصول إلى حلّ سياسي بالطرق السلمية وليس بغيرها إطلاقا، حتى نجنِّب هذه البلاد المخاطر التي ستعود على كل الأطراف بالويل والثبور وعظائم الأمور. هل تؤيد ذلك القول أم لا؟»، أجاب: (56.1 في المائة) لا أؤيد، (28.0 في المائة) أؤيد، (15.9 في المائة) أجابوا «لا أعرف».
وحول سؤال «بعض الناس في الضفة الغربية وقطاع غزة يؤيدون بقاء الرئيس محمود عباس في منصبه رئيسًا للسُلطة الفلسطينية، وبعضهم يؤيدون استقالته من رئاسة السُلطة الفلسطينية، أي من الموقفين أقرب إلى رأيك؟»، أجاب: (30.8 في المائة) بقاء الرئيس في منصبه، (47.8 في المائة) استقالة الرئيس من منصبه، (21.4 في المائة) أجابوا «لا أعرف».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.