خبراء: الإرهابيون يتعلم بعضهم من بعض.. ويبحثون عن «الأهداف السهلة»

سعى القتلة في هجمات باريس وراء أناس خرجوا للاستمتاع بأوقاتهم

جانب من عمليات إزالة الآثار التي خلفتها اعتداءات الإرهابيين على مسرح باتاكلان في باريس (إ.ب.أ)
جانب من عمليات إزالة الآثار التي خلفتها اعتداءات الإرهابيين على مسرح باتاكلان في باريس (إ.ب.أ)
TT

خبراء: الإرهابيون يتعلم بعضهم من بعض.. ويبحثون عن «الأهداف السهلة»

جانب من عمليات إزالة الآثار التي خلفتها اعتداءات الإرهابيين على مسرح باتاكلان في باريس (إ.ب.أ)
جانب من عمليات إزالة الآثار التي خلفتها اعتداءات الإرهابيين على مسرح باتاكلان في باريس (إ.ب.أ)

للوهلة الأولى تبدو محطة بن في مدينة نيويورك، يوم السبت، كعهدها دائمًا، مكتظة بالأشخاص المتعجلين للانتقال إلى مكان آخر، الذي يحتشد الكثيرون منهم تحت لوحة المغادرة في انتظار النداء على قطارهم، لكنك إذا أمعنت النظر، فستقع عيناك على الجنود.
وينتشر هؤلاء الجنود في ملابسهم العسكرية المموهة ودروعهم الواقية للأبدان وسط الحشود، ويستند أحدهم إلى حائط حاملاً بندقية آلية يضمها إلى صدره، بينما فوهتها مصوبة للأسفل. ويوجد هؤلاء الجنود تحسبًا لظهور أي من الإرهابيين.
تشديد الإجراءات الأمنية حدث لأن محطة بن تمثل نموذجًا لما بات يعرف بـ«الأهداف السهلة». إنها عبارة عن تجمع للمدنيين لا يوجد به أجهزة كاشفة عن المعادن أو نقاط تفتيش يتعين عليك أن تخلع حزامك وحذاءك عندها. كما يفترض بالمدنيين أن يساعدوا في حفظ الأمن عبر التحلي بالحذر. بطاقة السلامة الملصوقة على ظهور المقاعد في قطارات أمتراك تحمل عبارة تقول «لو رأيت شيئًا مريبًا أو غير مألوف، لا تسكت!»
لكن عندما يحكم الخوف قبضته على الناس، يصبح كل شيء مريبًا وغير مألوف. الغرائب التي ربما كانت في الماضي تبدو جذابة أصبحت تثير القلق والتوتر. ذلك الشخص ممتلئ الجسم رث الملابس الذي يسير وسط الحشود، يتحدث إلى نفسه ويتبادل النظرات مع الغرباء. هل هو مجنون؟ شرطي متخف؟ أو مجرد شخص ينفض عن نفسه آثار السكر. وفي أرض الأهداف السهلة، نعيش وظلال العنف المحتمل تخيم علينا، إذ يدرك الجميع أنه يمكن أن يزورنا دون سابق إنذار أو واعظ من ضمير أو منطق. وفي أميركا، يأتي التهديد في السنوات الأخيرة من الإرهابيين المحليين والمسلحين المختلين، الذين يسعون في العادة إلى اكتساب شهرة رديئة عبر إطلاق النار من أسلحتهم غير مكترثين ببراءة ضحاياهم. وبالنسبة لمطلق النار العشوائي، شأنه شأن المتشدد، كل ما يهم هو عدد الجثث. واختار مهاجمو باريس ليلة الجمعة الماضية عدة أهداف سهلة. ولم يكن هناك أي ادعاء منهم بمهاجمة نقاط قوية حصينة.
هؤلاء المهاجمون لم يحاولوا تفجير سفينة بحرية أو سفارة أو ثكنة عسكرية. كما لم يهاجموا مباني حكومية أو مراكز شرطية. بل سعى القتلة وراء أناس خرجوا للاستمتاع بأوقاتهم - يتناولون العشاء مساء الجمعة أو يرتادون حفلاً موسيقيًا أو يشاهدون مباراة «ودية» بين فرنسا وألمانيا في ملعب لكرة القدم.
الضحايا كانوا، بحسب بيان نسب إلى «داعش» ويعلن فيه التنظيم مسؤوليته عن الهجمات، «كفارًا» و«صليبيين». لكن البيان لم يذكر أي معلومات لم تكن متاحة بالفعل من خلال وسائل الإعلام، وبعض خبراء مكافحة الإرهاب لم يكونوا على استعداد للجزم بأن «داعش» هو الذي دبر الهجوم.
القتلة لم يكونوا مسلحين بالبنادق فحسب، بل بالأحزمة الناسفة أيضًا.
يستغل الحزام الناسف الرغبة الإنسانية في التجمع والاختلاط الاجتماعي، ويستثمر المفجر الانتحاري تلك النزعة الاجتماعية أسوأ استثمار، ولا يميز الحزام الناسف بين الضحايا، فالقرب المكاني هو كل ما يهم في الأمر.
ويشبه خبراء مكافحة الإرهاب هجمات باريس بما حدث في مومباي في نوفمبر 2008، عندما أقسم فريق مؤلف من 10 متشددين إسلاميين على القتال حتى الموت، وروعوا المدينة على مدار 4 أيام وقتلوا 164 شخصًا.
وكتب محلل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، بروس ريديل، على مدونة تابعة لمعهد بروكينغز المتخصص في سياسات الشرق الأوسط: «هجمات باريس ومومباي استخدمت جماعات صغيرة من الإرهابيين جيدي التسليح الذين وجهوا ضرباتهم بشكل متزامن ومتتابع إلى عدة أهداف سهلة في منطقة حضرية. هجمات باريس أضافت فحسب الأحزمة الناسفة لتزيد حصيلة الضحايا». ويؤكد بيتر بيرغين، نائب رئيس مركز نيو أميركا للأبحاث، أن هذا التشابه ليس عرضيًا. ويقول بيرغين إن مطلقي النار في المدارس بالولايات المتحدة يدرسون أقرانهم من مرتكبي هذه الحوادث، وهذا ينطبق على الإرهابيين أيضًا. ويتابع: «إنهم يدرسون الأساليب التي حققت نجاحًا من قبل».
من جانبه، يقول ويليام ماكنتس، مؤلف كتاب عن «داعش»، إنه حدث تطور بطيء في الأساليب المتبعة من جانب الإرهابيين الذين يميلون الآن إلى استخدام الأسلحة النارية أكثر من صناعة القنابل. ويقول ماكنتس: «مصدر القلق الكبير هو أن مزيدًا من الناس سوف يقررون الهجوم باستخدام المسدسات والبنادق ولا يركزون على القنابل. يبدو ذلك منافيًا للمنطق، لكنك عندما تصنع القنبلة، يشارك في العادة الكثير من الأشخاص ويتعين عليك أن تشتري المواد التي أخضعتها الحكومة بالفعل للرقابة، فمن الأسهل أن ترصد وتفشل مؤامرة تتعلق بقنبلة».
وينسب ماكنتس أيضًا الفضل إلى مومباي في تغير أساليب الإرهابيين. ويقول: «كان لديك عدد قليل نسبيًا من الرجال الذين استحوذوا على اهتمام العالم وذبحوا الكثير من الناس باستخدام أسلحة صغيرة». لكن لا يوجد قالب منفرد للإرهاب، في الأسبوعين الماضيين، وقعت 3 حوادث كبرى، اتبعت كل منها أسلوبها الخاص، فقد تحطمت طائرة ركاب روسية على متنها 224 شخصًا في شبه جزيرة سيناء المصرية، ويؤكد (داعش) مسؤوليته عن تفجيرها. كما قتل مفجرون انتحاريون 43 شخصًا في بيروت. والآن وقع ذلك الرعب في باريس».
ويقول بيرغين إن على الأميركيين أن يضعوا نصب أعينهم الأمن النسبي الذين يتمتعون به مقارنة بأوروبا الغربية. صحيح أن الإرهابيين يمكنهم أن يوجهوا ضرباتهم هنا أيضًا، لكن ليس بالقدر نفسه من السهولة. ويستطرد: «التهديد الأكثر معقولية يأتي من مواطنك الذي تصادف أنه معتوه ولديه القدرة على الوصول إلى أسلحة شبه أوتوماتيكية».

* خدمة: «واشنطن بوست»ــ خاص بـ {الشرق الأوسط}



الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.


تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال رئيس الأركان السابق للجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.