اتفاق على تكليف الأردن مهمة تنسيق قائمة المنظمات الإرهابية في سوريا

المعارضة السورية تنقسم في رؤيتها لمحادثات فيينا

سكان دوما المحاصرة ينظفون مبنى تعرض للدمار بعد ان استهدفه طيران النظام السوري أمس (إ.ب.أ)
سكان دوما المحاصرة ينظفون مبنى تعرض للدمار بعد ان استهدفه طيران النظام السوري أمس (إ.ب.أ)
TT

اتفاق على تكليف الأردن مهمة تنسيق قائمة المنظمات الإرهابية في سوريا

سكان دوما المحاصرة ينظفون مبنى تعرض للدمار بعد ان استهدفه طيران النظام السوري أمس (إ.ب.أ)
سكان دوما المحاصرة ينظفون مبنى تعرض للدمار بعد ان استهدفه طيران النظام السوري أمس (إ.ب.أ)

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس (الأحد)، إن المشاركين في اجتماع فيينا بشأن سوريا اتفقوا على أن يقوم الأردن بتنسيق جهود وضع قائمة بالجماعات الإرهابية في سوريا، في حين اعتبر وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني، أن «اختيار الأردن للقيام بتنسيق جهود وضع قائمة بالجماعات الإرهابية في سوريا، يدل على الثقة والمكانة المرموقة للأردن وأجهزته الأمنية والاستخباراتية». وأضاف في تصريح لـ«لشرق الأوسط»، أن «المجتمعين طلبوا منا القيام بهذا الدور، ونحن وافقنا».
وطرحت الولايات المتحدة وروسيا وقوى من الشرق الأوسط وأوروبا خطة يوم السبت الماضي، في في اجتماع استضافته فيينا لعملية سياسية في سوريا تفضي إلى إجراء انتخابات خلال عامين، لكن الخلافات لا تزال قائمة حول مصير الرئيس بشار الأسد. وتباينت مواقف المعارضة السياسية والعسكرية من البيان ومقررات الاجتماع.
وتحدث لافروف للصحافيين على هامش قمة العشرين في أنطاليا بتركيا، أمس، وقال: «بغض النظر عن أولئك الذين وردوا في قرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.. سيتم تنسيق العمل على استكمال قائمة الجماعات الإرهابية وسيتولى الأردن مهمة التنسيق».
وحول المعايير التي سيعتمدها الأردن في تحديد من هي الجماعات الإرهابية، قال الوزير المومني إن «هذه المهام متروكة للأجهزة الأمنية التي لها القدرة على تحديد ذلك، ومن المبكر الحديث عن المعايير». وأكد أن «الأردن بأجهزته الأمنية، يقوم بالتنسيق مع الدول العربية الشقيقة والصديقة من أجل هذه المهمة»، من دون أن يحدد أسماء هذه الدول.
من جانب آخر، قال مصدر أردني مطلع، إن الأجهزة الأمنية الأردنية تقوم منذ احتلال العراق في 2003 بمراقبة التنظيمات الإرهابية على الأرض، سواء في العراق أو دول الجوار. وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن نشاط الأجهزة بمراقبة التنظيمات المتطرفة ازداد منذ اندلاع الأزمة في سوريا وحركتها على الأرض. على صعيد متصل، قال المحلل السياسي والخبير في الجماعات الإسلامية الدكتور محمد أبو رمان، إن اختيار روسيا للأردن لتقديم قائمة بأسماء التنظيمات الإرهابية في سوريا، كونه الأقرب بعلاقاته إلى الدول العربية والولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبا، ولديه أجهزة استخباراتية قوية تدرك ماهية التنظيمات الموجودة على الأرض السورية وتعرف مصدر تمويلها ونشاطاتها وحجمها.
وأضاف أبو رمان لـ«لشرق الأوسط»، أن التنظيمات الإرهابية الرسمية المعلن عنها لدى الأردن، هي تنظيم داعش، وجبهة النصرة، وأحرار الشام، مشيرا إلى أن الأردن سينسق وسيتشاور مع السعودية والولايات المتحدة الأميركية ودول أخرى، لفرز المنظمات التي تعمل في شمال سوريا، وخاصة أن الأردن لم يحدد موقفه من عدد كبير من هذه التنظيمات، مثل الجبهة الشامية وجيش الفتح.
وأشار إلى أن المشكلة الرئيسية في الجبهة الجنوبية، هو جيش الإسلام إضافة إلى حركة المثنى.
واعتبر أبو رمان أن تكليف الأردن بهذا الملف يعد «فخًا له»، فإذا إذا وضع تنظيمات جديدة على القوائم الإرهابية، فهذا يعني أن هناك مزيدا من الأعداء والأعباء على أمنه واستقراره.
وانقسمت المعارضة السورية في رؤيتها لنتائج محادثات فيينا بين القوى الكبرى حول مرحلة انتقالية تنهي النزاع في البلاد، فاعتبرها البعض «غير واقعية» فيما تحدث آخرون ببعض من الإيجابية.
وقال المعارض السوري وعضو الائتلاف السوري سمير النشار، إن بيان «جنيف1» ينص على تشكيل هيئة حكم انتقالية بكامل الصلاحيات، وهو ما يفتقده بيان فيينا، موضحًا في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، أن الخلاف أساسًا «تمحور حول مصير الرئيس بشار الأسد ودوره في المرحلة الانتقالية، وأن بيان فيينا اقترح فكرة إجراء انتخابات رئاسية خلال 18 شهرًا، ولم يحدد إذا كان يحق للأسد أن يترشح للانتخابات أم لا».
وإذ رأى النشار أن البيان «محبط ومخيب للآمال بالنسبة لكثير من السوريين»، قال إن الروس «فرضوا مشروعهم»، في إشارة إلى «تجاهل بيان فيينا الكثير من النقاط، أبرزها وجود حزب الله في سوريا والميليشيات الشيعية والعراقية التي تقاتل إلى جانب النظام»، مشددًا على أنه «لا يمكن وقف إطلاق النار في سوريا، في ظل بقاء الأسد في السلطة». وقال: «إننا نطالب باستئناف المحادثات من النقطة التي توقفت فيها في مؤتمر جنيف2، وهي تشكيل هيئة حكم انتقالي بالتوازي مع محاربة الإرهاب». واعتبر النشار أن الدخول في مرحلة انتقالية تسبق الانتخابات، يعني «يضع السوريين أمام خيارين، هما نظام الأسد أو (داعش)». واتفقت الدول المشاركة في محادثات فيينا، السبت، وبينها روسيا والولايات المتحدة، على جدول زمني في إطار الحل السياسي للنزاع السوري بعد أكثر من أربع سنوات على اجتماعات ولقاءات متنوعة لم تسفر عن نتيجة.
وينص الجدول الزمني المتفق عليه على تشكيل حكومة انتقالية في سوريا خلال ستة أشهر وإجراء انتخابات خلال 18 شهرا، على أنه يعقد لقاء بين ممثلين عن المعارضة والنظام بحلول الأول من يناير (كانون الثاني). ويرافق العملية الانتقالية وقفا لإطلاق النار، وفق ما قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي أشار إلى أن الخلاف حول مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد لم يحل حتى الآن. وبدا أنس العبدة العضو في الائتلاف السوري المعارض، حذرا من نتائج محادثات فيينا. ورأى أن البيان الصادر عنها «ليس واضحا»، مشيرا في الوقت ذاته لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن الحديث عن وقف لإطلاق النار «أمر إيجابي بشكل مبدئي على اعتبار أنه يخفف من معاناة الناس، لكن الأهمية تكمن في تنفيذه».
ورحبت هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، التي تعد من أبرز مكونات المعارضة المقبولة من النظام، بمحادثات فيينا. وقال المنسق العام للهيئة حسن عبد العظيم، إن تلك الجهود تقع على «طريق الحل السياسي»، مضيفًا: «نحن موافقون على كل ما يجري في فيينا، خصوصا أنه ينسجم مع رؤية هيئة التنسيق الوطنية للحل السياسي وآلياته».
وبالنسبة له فإن «مسألة تطبيق المرحلة الانتقالية تأخذ وقتا، أما المهم اليوم فهو الخطوات الأولية التي تمهد لها وتتعلق بإجراءات بناء الثقة ووقف إطلاق النار والإفراج عن المعتقلين والأسرى ووصول الإغاثة إلى كل المناطق وعودة المهجرين والنازحين». ورأى عبد العظيم أن «من يرفض ما يجري في فيينا يعزل نفسه عن العملية السياسية».
بدورها، رأت نائبة رئيس الائتلاف السوري المعارض نغم الغادري، «إذا لم تقر طهران وموسكو ببيان جنيف بحسب الفهم الدولي، فمعنى ذلك أن لا شيء واقعيًا حتى الآن». وقالت: «أي قرار لا يشمل بيان جنيف1 والقرار 2118 بخصوص المرحلة الانتقالية، فإننا لن نقبل به».
وإذ أشادت بموقف السعودية على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير عقب مؤتمر فيينا، تابعت بالقول، إن «موقف السعودية لطالما كان مناصرًا للشعب السوري، وما سمعناه يثلج الصدر، وعليه نؤكد أن أصدقاءنا يعبرون عن صوتنا ومطالبنا حتى في غيابنا».
واجتماع فيينا هو الثاني خلال خمسة عشر يوما بين 17 دولة وثلاث منظمات دولية تسعى جميعها لوضع أطر انتقال سياسي في سوريا التي تشهد نزاعا مسلحا منذ أكثر من أربع سنوات أسفر عن مقتل 250 ألف شخص على الأقل.
وعقد الاجتماعي الثاني غداة اعتداءات استهدفت العاصمة الفرنسية باريس، التي تبناها تنظيم داعش. وبعيدا عن المعارضة السياسية، أبدت فصائل مقاتلة أيضًا حذرها من نتائج محادثات فيينا. وقال قائد لواء «فرسان الحق» فارس بيوش لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «هناك صعوبة كبيرة في تنفيذ قرار وقف إطلاق النار بسبب وجود أطراف عدة لا تخضع للقرارات الدولية».
وتنتشر على الأرض السورية فصائل مقاتلة وإسلامية عدة، بينها جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، وتخوض جميعها معارك مع قوات النظام تضاف إلى التنافس في ما بينها. ورأى بيوش أن «القرارات التي صدرت من فيينا بعيدة عن الواقع، وهي تحتاج إلى آليات جدية وسريعة حتى يتم تنفيذ ولو جزء منها». وأبدى أسعد حنا المتحدث باسم الفرقة 101 المقاتلة، رفضه لاجتماعات فيينا متسائلا: «الثورة على الأرض، فكيف تعقد اجتماعات لا تضم صناع القرار على الأرض؟».
وبالإضافة إلى تلك المجموعات المسلحة، يسيطر تنظيم داعش على جزء كبير من الأراضي السورية، ويخوض اشتباكات مع الجيش من جهة والفصائل المقاتلة من جهة ثانية.
ومن هنا يقول حنا إنه «إذا عقد المجتمع الدولي مؤتمرا صحافيا، فلا يعني ذلك أنه سيوقف (داعش)».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.