نائب أردني يروي تفاصيل مقتل ابنه في عملية انتحارية بالعراق

الضلاعين طالب الحكومات بوضع استراتيجيات لمحاربة فكر «داعش» المتطرف

نائب أردني يروي تفاصيل مقتل ابنه في عملية انتحارية بالعراق
TT

نائب أردني يروي تفاصيل مقتل ابنه في عملية انتحارية بالعراق

نائب أردني يروي تفاصيل مقتل ابنه في عملية انتحارية بالعراق

طالب النائب الأردني مازن الضلاعين، الذي توفي نجله محمد في عملية انتحارية في العراق، نفذها لصالح تنظيم داعش المتطرف، الحكومات العربية بالعمل على وضع استراتيجيات فكرية وثقافية لمحاربة الفكر المتطرف، لأنه يشكل خطرا على المجتمعات العربية والإسلامية وحتى العالمية.
وقال الضلاعين، الذي روى لـ«الشرق الأوسط» قصة التحاق نجله بـ«داعش»، إن «هذا التنظيم يشكل خطرا على مجتمعاتنا لأنه يستقطب الشباب، ويخدعهم بأفكار متطرفة بدعوى أنها نابعة من الإسلام، والإسلام منها براء»، وشدد على ضرورة نزول الحكومات والهيئات والمؤسسات إلى الميدان لمجابهة أفكار «داعش»، وفضحها وإبراز أنها لا تمت إلى الإسلام بصلة.
وأوضح الضلاعين أن تجربته مع التنظيم كانت جد قاسية لأن نجله كان بعيدا عن مواقع التنظيم المتطرف، حيث كان يدرس الطب في أوكرانيا، وقال إنه توجه قبل شهر رمضان الماضي إلى أوكرانيا للاطمئنان على نجليه اللذين يدرسان الطب، وهناك اكتشف أن ابنه أصبح يميل إلى اعتناق أفكار متطرفة، وأن زوجة ابنه الأوكرانية الأصل أصبحت تلبس النقاب بعد أن أصبحت مسلمة.
ويضيف الضلاعين موضحا كيف ترك ابنه دراسته ليلتحق بالتنظيم المتشدد «خلال مكوثي في أوكرانيا تحدثت مع ابني محمد حول الإسلام والجهاد لإقناعه بأن تنظيم داعش إرهابي، وأوضحت له أنه يقتل المسلمين في سوريا والعراق، وأنه لا يوجد جهاد في تلك البلدان، ولكني في اليوم التالي تفاجأت بأن ابني سافر إلى تركيا مع زوجته الأوكرانية، فقمت على الفور بمغادرة أوكرانيا والتوجه إلى إسطنبول من أجل اللحاق به، ثم اتصلت بالجهات الرسمية الأردنية، التي باشرت الاتصال مع السلطات التركية من أجل منعه من المغادرة إلى سوريا، ولكن ابني كان قد تمكن من دخول سوريا، ومنها إلى العراق، حيث نفذ هناك عملية انتحارية».
وبخصوص مقتل ابنه في الهجوم الإرهابي، قال الضلاعين «بعد وفاة ابني اتصلت بي حماة ابني الأوكرانية تطلب مني مساعدتها في إعادة ابنتها إلى أوكرانيا، وأبلغتني أن زوجة ابني حامل، فأخبرتها بأنني لا أستطيع فعل أي شيء، كما أخبرتني أن ابنتها ستسلم المولود إلى المسؤولين في التنظيم لرعايته، وأنها ستقوم بعملية انتحارية هي الأخرى لتلحق بمحمد».
وخلال هذه التجربة التي قادته إلى تركيا، تمكن النائب الضلاعين من إعادة فتاة أردنية من إسطنبول، تركت أهلها في الكرك، وسافرت إلى تركيا للالتحاق بتنظيم داعش، وبهذا الخصوص يقول الضلاعين «عندما اتصل بي أهل الفتاة، وطلبوا منه المساعدة في إعادتها إلى الأردن، بدأت بالاتصال بها من خلال تقنية (واتس آب).. في البداية حاولت إقناعها بأنها تسلك طريقا خاطئا، وأنها ستسيء إلى أهلها بانضمامها إلى هذا التنظيم، الذي يعتمد على التضليل، لكنها رفضت، وبعدما شرحت لها قصة ابني اقتنعت بالعودة، ولكنها طلبت ضمانات بألا يؤذيها أي أحد، وفعلا تعهدت لها بضمان ذلك، ثم طلبت منها بعد ذلك التوجه إلى فندق في إسطنبول، بعدما أعطيتها اسمه وحجزنا لها غرفة بداخله، وبعد ذلك ذهب إليها موظفون من السفارة الأردنية، وتم إنقاذ الفتاة من هذا التنظيم، وعادت إلى أهلها بعمان».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.