في تمام التاسعة و20 دقيقة أول من أمس، سمع الجمهور الذي حضر مباراة لكرة القدم في «ستاد دو فرانس» بين فريقي فرنسا وألمانيا، صوت الانفجار الأول المدوي الذي غطى على هتافات المشجعين الذين تصوروه مفرقعات عادية. واستمرت المباراة دون انتباه حتى دوى تفجير ثان بعد 10 دقائق، أي في التاسعة ونصف، ثم ثالث في التاسعة و53 دقيقة. وفيما بعد تبين أن 3 انتحاريين فجروا أحزمتهم الناسفة في محيط الملعب الواقع شمال العاصمة، في ضاحية سان دوني. ولم يشعر الجمهور بما حدث وواصل اللاعبون اللعب رغم أن فرقة للطوارئ دخلت المنصة الرئيسة وتولت إجلاء الرئيس هولاند من الملعب، حيث كان يحضر المباراة. ومن هناك انتقل الرئيس الفرنسي إلى وزارة الداخلية ليقود «خلية أزمات».
خلال ذلك، بالتزامن مع تفجيرات الملعب، اقتحم 4 شبان مكشوفو الوجوه ومسلحون برشاشات سريعة الطلقات، مسرح «الباتاكلان» في الدائرة الحادية عشرة من باريس. وكانت الصالة تضم نحوًا من ألف مستمع ذهبوا لحضور حفل موسيقي لفريق «إيغلز أوف ديث ميتالز» الأميركي، أي «نسور الموت»، وهو فريق لموسيقى الروك من كاليفورنيا. وقد فتح المقتحمون النار على الحضور بهدوء بالغ، حسب شهادات الشهود، وكانوا يستبدلون شحنات العتاد كلما فرغ مشط من الطلقات ويصوبون على الموجودين الذين انبطحوا أرضا أو حاولوا الهرب. وقام 3 من المهاجمين بتفجير أنفسهم مع اقتحام قوة أمنية للمكان بينما أصيب الرابع برصاص الشرطة. وذكر موقع التواصل الاجتماعي الخاص بعازفي الفريق الموسيقي أن الشرطة قامت بتأمينهم ولم يصب أحد منهم بأذى.
في الوقت نفسه، فتح مسلحون النار في شارع «أليبير»، على رواد حانة «لوكاريلون» ومطعمي «لا بتيت كومبود» و«كازا نوسترا». وهاجم مسلح آخر الجالسين يدخنون على الرصيف خارج حانة «لا بيل إكيب» في شارع «شارون». هذا بالإضافة إلى الضحايا في مسرح «الباتاكلان» ويقدر عددهم بأكثر من 100 في تقديرات أولية. وكانت حصيلة تشمل كل القتلى قد بلغت 128 ضحية حتى عصر أمس، وهو عدد مرشح للارتفاع بسبب الحالة الخطيرة لعشرات الجرحى الذين نقلوا إلى مستشفيات «سان أنطوان» و«جورج بومبيدو» و«لا بيتييه» و«سان لوي». أما المهاجمون فقد سقط 8 منهم.
وكان استهداف مسرح «الباتاكلان» لا يخلو من مغزى نظرًا لعراقته التاريخية وشهرته في حياة الليل الباريسي. فقد تم تشييده في عام 1864 على يد المهندس شارل دوفال. واتخذ المسرح اسمه من أوبريت شهير للموسيقار الفرنسي، الألماني الأصل، جاك أوفنباخ، بعنوان «با تا كلان». وفي عام 1933 أتى حريق كبير على المسرح لتتوقف حفلاته قبل أن يجري ترميمه في خمسينات القرن الماضي ويستعيد نشاطه لتصدح الألحان والعروض الراقصة فيه مجددًا. لكن مجزرة الأمس لم تفلح في إخراس الموسيقى الضاجة في أرجاء المكان.
وكان من المشاهد المؤثرة في باريس، ظهر أمس، ذلك الموسيقي الذي جاء ساحبًا آلة البيانو ذات الذيل الطويل إلى وسط الجادة المقابلة لمسرح «الباتاكلان»، حيث بدت وكأنها ساحة معركة، ثم جلس ليعزف مقطوعة «إيماجين» الحزينة لعضو فريق «البيتلز» جون لينون.
سيناريو مجزرة باريس
صوت الانفجار الأول المدوي غطى على هتافات المشجعين في «ستاد دو فرانس»
سيناريو مجزرة باريس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة