الميليشيات تفر من مريس وتخلف وراءها أسلحتها.. والمخلوع يمنح المشايخ رتبًا عسكرية

قوة إماراتية تتسلم حراسة قصر «معاشيق».. والمقاومة تشرف على القاعدة البحرية بعدن

الميليشيات تفر من مريس وتخلف وراءها أسلحتها.. والمخلوع يمنح المشايخ رتبًا عسكرية
TT

الميليشيات تفر من مريس وتخلف وراءها أسلحتها.. والمخلوع يمنح المشايخ رتبًا عسكرية

الميليشيات تفر من مريس وتخلف وراءها أسلحتها.. والمخلوع يمنح المشايخ رتبًا عسكرية

اشتدت المواجهات المسلحة بين المقاومة الشعبية وميليشيات الحوثي المسنودة بعناصر عسكرية موالية للرئيس المخلوع في بلدة مريس التابعة إداريًا لمحافظة الضالع جنوب اليمن، بعد محاولة الحوثيين التقدم نحو مريس من جهة قرية الزيلة التي تبعد ثلاثة كيلومترات إلى جنوب مركز البلدة «جبارة». وأفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» بأن رجال المقاومة تمكنوا، أمس، وقبل أول من أمس، من السيطرة على قرية القهرة وموقع يعيس وتبة الحمراء الملاصقة لأعلى جبل في المنطقة الملقب «ناصة» الذي بات تحت سيطرة المقاومة وقوات الجيش الوطني الموالي للسلطة الشرعية، بعد إجبار الميليشيات المسلحة على الانسحاب.
وأضافت أن الميليشيات أقدمت على قصف القرية بقذائف «آر بي جي»، في محاولة منها لإعاقة تقدم رجال المقاومة، كاشفة عن مقتل مسلحين اثنين من الميليشيات وأسر ثلاثة آخرين، علاوة على اغتنام المقاومة عربة عسكرية مزودة بمدفع مضاد أرضي 23 ملليمترًا، إلى جانب أسلحة أخرى متوسطة وخفيفة. وقال مصدر في المقاومة الشعبية في مريس لــ«الشرق الأوسط» إن مشايخ في مريس ودمت، سهلت دخول الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس المخلوع إلى مدينة دمت ومن ثم بلدة مريس. وأشار بهذا الصدد إلى أن هذه التسهيلات جاءت بعد إبرام الرئيس المخلوع والمشايخ لوثيقة سموها بوثيقة «الشرف» مطلع الشهر الماضي، والتزم الموقعون فيها على ما اعتبروه حماية الوحدة ومكتسبات الثورة والجمهورية، وبموجبها منح كل شيخ رتبة عسكرية في الجيش والأمن.
إلى ذلك، عززت المقاومة الجنوبية المسنودة بقوات اللواء 33 مدرع، جبهاتها القتالية المتاخمة لمدينة قعطبة، استعدادًا لأي محاولة عدوان جديدة من الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس المخلوع.
وشوهدت ارتحال الدبابات وراجمات الصواريخ وعشرات الأطقم المزودة بأسلحة الدوشكا والمضادات الأرضية والمقاتلين، وهي في طريقها إلى منطقة سناح، 20 كلم شمال مدينة الضالع. وأوضحت مصادر في المقاومة لـ«الشرق الأوسط» أن هذه التعزيزات أخذت موضعها القتالي، فور وصولها إلى مواقعها المقررة من القيادات العسكرية في محافظة الضالع. وأكدت أن جاهزية هذه القوات قادرة على ردع أي حماقات قد تقدم عليها الميليشيات المسلحة.
وفي سياق آخر، يتعلق بترتيب الأوضاع الأمنية والإدارية في محافظة عدن، تسلمت القوات الإماراتية رسميا مهام حراسة وتأمين قصر «المعاشيق» الرئاسي في مدينة كريتر جنوب عدن بعد إعادة تأهيله وترميمه من أضرار الحرب التي شهدتها مدينة عدن خلال الفترة من نهاية مارس (آذار) وحتى منتصف يوليو (تموز) الماضي، حين تمكنت المقاومة وبدعم من قوات التحالف من تحرير المدينة من الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس المخلوع.
وقالت مصادر في المقاومة الجنوبية لـ«الشرق الأوسط» إن وحدتين عسكريتين إماراتيتين معززتين بكامل عتادهما وتقنياتهما الحديثة المتطورة، تسلمتا كل المواقع والأماكن الموجودة بداخل قصر الرئاسة، وكذا تلك الموجودة في محيط وخارج المكان، مشيرة إلى أن هذه القوات الخاصة شرعت وفور وصولها بمهمة حماية وتأمين مقر الحكم.
وأكدت المصادر أن القوات الإماراتية قوامها 100 جندي وضابط، وتم تزويدها بمدرعات حديثة تم توزيعها على كامل المساحة، منوهة بانسحاب كل الأفراد التابعين للمقاومة والحراسة الرئاسية مع عتادهم الذي كان في النقاط والمواقع المنتشرة في مداخل ومحيط القصر الرئاسي، الذي يقيم فيه حاليا نجل الرئيس هادي، ناصر عبد ربه منصور، وتوقعت أن تكون هذه الترتيبات الأمنية، تمهيدا لعودة الرئيس هادي وحكومته إلى عدن خلال الفترة المقبلة، لافتة إلى أن الرئاسة والحكومة تعرضت لانتقادات حادة في الآونة الأخيرة، جراء بقائها في العاصمة السعودية الرياض، إذ اعتبرت أوساط سياسية ومجتمعية بقاء الرئاسة والحكومة خارج البلاد، سببًا مباشرًا في إعاقة وتعثر تطبيع الأوضاع في المحافظات المحررة ومنها العاصمة المؤقتة عدن.
في غضون ذلك، سلمت المقاومة الجنوبية بمديرية التواهي بمحافظة عدن أمس القاعدة البحرية إلى السلطات الحكومية، وذلك في خطوة عدها مراقبون بداية لتسليم مؤسسات ومواقع أخرى ما زالت تسيطر عليها جماعات المقاومة. وأكد مصدر عسكري في المنطقة الرابعة لـ«الشرق الأوسط» تسليم القاعدة البحرية المعروفة إلى ما قبل توحد الجنوب والشمال بكونها مقرًا لقوات البحرية الجنوبية، إلى قيادة البحرية، لافتًا إلى قيام قيادة البحرية بوضع الحراسات فيها ونشر عتادها الحربي في مداخلها ومخارجها ومحيطها، وقال العميد أحمد عبد الرحمن اليافعي، قائد القاعدة البحرية في المدينة في تصريح صحافي، إن جميع أفراد القاعدة البحرية سيباشرون عملهم في القاعدة خلال الأيام المقبلة، مطالبا كل المنتمين لقوات القاعدة بالعودة إليها.
وكانت الحكومة اليمنية شرعت أخيرًا في تنفيذ عملية دمج عناصر المقاومة الشعبية بشكل تدريجي في الجيش الوطني. وأوضحت الحكومة في بيان لها أن عناصر المقاومة الشعبية الجاري تدريبهم وتأهيلهم سيجري ضم المتخرجين منهم إلى الألوية العسكرية في إطار المنطقة الرابعة التي تضم محافظات عدن ولحج وأبين والضالع وتعز.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم