الفنانة النرويجية بريت بطرس غالي تكشف جوهر الأنوثة عبر فن البورتريه

«نساء في عالمي» معرض فني بالقاهرة يجسد المرأة بعيونها في غاليري بيكاسو

«نساء بريت» يعكسن جوهر الأنوثة بدفء وحيوية
«نساء بريت» يعكسن جوهر الأنوثة بدفء وحيوية
TT

الفنانة النرويجية بريت بطرس غالي تكشف جوهر الأنوثة عبر فن البورتريه

«نساء بريت» يعكسن جوهر الأنوثة بدفء وحيوية
«نساء بريت» يعكسن جوهر الأنوثة بدفء وحيوية

في تجربة فنية مغايرة في عالمنا العربي، يشهد غاليري بيكاسو بالزمالك معرض «نساء في عالمي» الذي يضم 35 لوحة، آثرت الفنانة النرويجية المقيمة بمصر بريت بطرس غالي، زوجة شقيق الدكتور بطرس غالي، أمين عام الأمم المتحدة الأسبق، أن تكشف فيها عن جوهر الأنوثة بعيدا عن المنظور النسوي Feminism، حيث تظهر النساء ببهاء ودفء وقوة كبرياء نابعين من يقين الفنانة المعاصرة بأن المرأة هي «كل شيء في هذا العالم.. هي سر قوته» لكنها لم تجسد ضعفها وانكساراتها، كما اعتاد عدد كبير من الفنانين سواء من رواد الفن التشكيلي أو المعاصرين.
يستمر المعرض حتى 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وتتميز لوحات البورتريه فيه بجمعها بين عدة مدارس فنية، فهي تجمع بين توجهات فناني الكلاسيكية التعبيرية بالتركيز على ملامح الوجه عبر الألوان والظلال التي تعكس تفاصيل شخصية نسائها، لكن يبدو تأثرها بأعمال الروسي ألكسي فون غافلينسكي (1864 - 1941) في تحديدها لزوايا الضوء وإعطاء الأبعاد المناسبة على اللوحة، فنجحت بالخطوط ومساحات الألوان في توضيح سمات الوجه الأفريقي والآسيوي والمصري بل والنوبي أيضا. وبنظرة مدققة للوحات ستجد أيضا تأثرها بالفنان الفرنسي الشهير الفرنسي هنري ماتيس (1869 - 1954)، حيث نجد استخداما واضحا للألوان في تعابير الوجه، ولكنها خالفته في اهتمامها أيضا بالتركيز على تفاصيل خلجات الوجوه، كما يتضح أيضا تأثرها بالمدرسة التجريدية التشخيصية. فمن الملفت حقا كيف جسدت «بريت» المرأة، إنها تعمدت إضفاء انسيابية على أجسادهن فلم تبد فرشاتها بالاً لتعاريج جسد نسائها، أو إبراز مفاتنهن، بل برعت في إبراز تفاصيل وجوههن وملامحهن ومنحتهن نظرات معبرة تشي بالأمل والتفاؤل والبهجة، وتعكس سلاما داخليا ودفئا يصل للمتلقي.
«نساء بريت» يتحدثن لغة عالمية، فهن من المصريات والآسيويات والأفارقة، سواء كن أرستقراطيات أو بسيطات، تتجسد عبر ملامحهن خلفياتهن الثقافية وموروثاتهن، فهن نساء استدعهن ذاكرتها ومخيلتها من الماضي لا تعلم هي شخصيا أين ومتى انطبعت ملامحهن في ذاكرتها في حالة أشبه بمخاض الكتابة الأدبية حينما تطل الشخوص عبر كلمات يخطها الأديب تراوده وتراوغه، فتكشف عن أسرارها وخفاياها. ويستشعر المتلقي بروح الفنانة تطل من بين ملامح شخوصها سواء عبر العيون أو تقوسات الحاجبين أو الشفاه المكتنزة، حيث إنها تشع بالطاقة والحيوية، وتؤكد على أهمية وزخم التنوع البشري. وتعكس اللوحات اهتمام المرأة الفنانة التي ترسم النساء بأدق التفاصيل الجمالية، سواء في ملامح شخوصهن أو أزيائهن وتصميماتها، وحرصت على إضافة أشكال زخرفية كي تملأ المسطح اللوني للوحة، حيث تبدو ضربات فرشاتها متأنية وهادئة. ويمتاز أسلوب بريت غالي الفني ببراعتها في توظيف فراغ اللوحة لتعادل بساطة ملامح الوجه، حيث يبرز اهتمامها بقطع الحلي وانحناءات خصلات شعرها، فتقدم وجبة بصرية دسمة متكاملة العناصر.
تقيم الفنانة بريت غالي، نرويجية الأصل، في مصر منذ قرابة ثلاثين عامًا، وقد درست النحت والرسم على يد الفنانين ألين كرستنس وفرناند لند في أوسلو بالنرويج في الفترة ما بين عامي (1959 - 1962). وأقامت أول معارضها عام 1965 في باريس، وفي عام 1996 حصلت على أرفع وسام في النرويج «سان أولاف» لإسهاماتها المتميزة في الفن المعاصر.
كما عرضت أعمالها في عدة دول أوروبية منها النرويج، وإنجلترا، وإسبانيا، وألمانيا، إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية، وهي تحرص على تقديم إبداعاتها بشكل منتظم في غاليري بيكاسو، وكان من أبرز محطاتها معرض «نساء في الثورة» الذي عبرت فيه عن تأثير النساء المصريات في ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، ودورهن الإيجابي في تلك اللحظات الحرجة التي مرت بها مصر.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».