المالكي يتحرك نحو تشكيل كتلة قوية في مواجهة العبادي وإصلاحاته

«الائتلاف» يعترف بوجود «حساسية» بينهما «لا ترتقي إلى مستوى الخلاف»

المالكي يتحرك نحو تشكيل كتلة قوية في مواجهة العبادي وإصلاحاته
TT

المالكي يتحرك نحو تشكيل كتلة قوية في مواجهة العبادي وإصلاحاته

المالكي يتحرك نحو تشكيل كتلة قوية في مواجهة العبادي وإصلاحاته

أقر قيادي في ائتلاف دولة القانون بوجود ما أسماه «حساسية شديدة» داخل الكتلة بين رئيس الوزراء السابق وزعيم «الائتلاف» نوري المالكي ورئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي. وقال عضو البرلمان العراقي عن دولة القانون صادق اللبان في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «لا شك بوجود حساسية قوية بين أعضاء دولة القانون اتجاه الموقف من المالكي والعبادي، لكنها لم ترتقِ إلى مستوى الخلاف الذي يمكن أن يمهد إلى انشقاق».
يأتي ذلك في وقت بدأ فيه المالكي تحركا من أجل ما أسماه «تقوية دولة القانون»، سعيا إلى أن تكون الكتلة الأكبر، وبعد يومين من بدء العبادي تحركا واسع النطاق لتشكيل كتلة برلمانية من كتل مختلفة داخل البرلمان لتمرير إصلاحاته، وهو ما حظي بموافقة رئيس البرلمان سليم الجبوري، وسبق ذلك زيارة قام بها العبادي إلى مدينة النجف حيث التقى ثلاثة من مراجع النجف الأربعة الكبار، إثر رفض المرجع الأعلى علي السيستاني استقباله. والتقى المالكي أمس زعيم منظمة بدر هادي العامري تم خلاله، طبقا لبيان صدر عن مكتب الأخير، بحث موضوعات عدة منها الملف الأمني والحرب على «داعش» والوضع السياسي والأزمة المالية والخدمات.
وأضاف العامري طبقا للبيان إننا «نهدف إلى المزيد من هذه اللقاءات من أجل تنقية الأجواء»، في إشارة إلى الخلاف بين المالكي والعبادي. وأشار إلى أنه «تم أيضا بحث تقوية دولة القانون باعتبارها المنطلق الذي ننطلق منه لتكون كتلة برلمانية قوية قادرة على تشريع القوانين التي تخدم هذا البلد».
من جهته، قال المالكي طبقا للبيان أيضا: «اتفقنا جميعا بالتحليل والمتابعة على ضرورة إدامة هذا الجهد، وأن نقف جميعا خلف الحشد الشعبي وتأييده وتسليحه وتجهيزه». وأضاف: «كما اتفقنا على قضايا أخرى تتعلق بالموازنة وتشريع القوانين».
وتعليقا على هذه التطورات، أشار اللبان إلى أن «الكتلة التي يسعى العبادي إلى تشكيلها ليست خروجا على دولة القانون، رغم الحساسية الموجودة بين الطرفين، لكنها منطلق يشمل التحالف الوطني والكتل الأخرى من أجل أن تتكامل عملية الإصلاح بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتسهل عملية التنفيذ بما يرضي الشارع العراقي والمرجعية الدينية التي دعمت عملية الإصلاح. وبالتالي، فإن هناك فصلا بين جهود العبادي الرامية إلى تمشية الإصلاحات داخل الكتل المؤمنة بها من داخل دولة القانون وخارجها، بمن في ذلك الفضاء الوطني وبالاتفاق مع السنة والأكراد، وبين أية جهود أخرى تبذل هنا أو هناك».
وأوضح أن «هناك جهودا تبذلها أطراف كثيرة لإزالة الحساسية هذه، التي لا ترتقي إلى مستوى الخلاف، وبالتالي نحن لا نخشى على وحدة الائتلاف لأن كلا الطرفين اللذين يمثلان هذه الحساسية مؤمن بأهمية أن تبقى دولة القانون موحدة».
وبشأن ما إذا كانت جهود المالكي الرامية إلى تقوية دولة القانون تهدف إلى عرقلة إصلاحات العبادي مثلما هو شائع ومتداول داخل الطبقة السياسية، قال اللبان إن: «العبادي من الشخصيات الناعمة التي تصل إلى أهدافها دون مواجهات مباشرة. وبالتالي، فإن تحركاته الأخيرة قائمة على أساس تحقيق حزم الإصلاح من خلال كسب ثقة الجميع، وليس من أجل تكوين كتلة مقابل كتلة أو لأجل الاعتراض».
في غضون ذلك، كشف مصدر سياسي مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «عدم استقبال السيستاني للعبادي خلال زيارته النجف الأسبوع الماضي صب في مصلحة المالكي من دون أن يخطط لذلك، خصوصا أن المرجعية اتفقت على عدم منح المالكي دورا في المستقبل».
وأضاف المصدر المطلع الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن «العبادي كان يسعى من خلال لقاءاته مع المراجع في النجف إلى وضع الترتيبات اللازمة للكتلة البرلمانية التي خطط إلى تشكيلها لو كان التقى السيستاني، حيث إن عدم حصول اللقاء كان بمثابة عنصر إحباط له ولو مؤقتا على الأقل». وكان العبادي أعلن أمس استمراره في حزم الإصلاحات متعهدا بتنفيذ ما أعلن منها مع تأكيده على إطلاق حزم جديدة، رغم المواقف المناوئة له من قبل بعض الأطراف السياسية من دون أن يشير إلى طرف معين تحديدا.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.