القوات الكردية تقتحم قضاء سنجار بإسناد أميركي.. والهدف المقبل استعادة الموصل

تتوخى قطع خطوط إمدادات «داعش» بين العراق وسوريا

مقاتلون أكراد يتمترسون خلف حاجز ترابي عند مشارف مدينة سنجار خلال معارك ضد «داعش» أمس (رويترز)
مقاتلون أكراد يتمترسون خلف حاجز ترابي عند مشارف مدينة سنجار خلال معارك ضد «داعش» أمس (رويترز)
TT

القوات الكردية تقتحم قضاء سنجار بإسناد أميركي.. والهدف المقبل استعادة الموصل

مقاتلون أكراد يتمترسون خلف حاجز ترابي عند مشارف مدينة سنجار خلال معارك ضد «داعش» أمس (رويترز)
مقاتلون أكراد يتمترسون خلف حاجز ترابي عند مشارف مدينة سنجار خلال معارك ضد «داعش» أمس (رويترز)

شنت قوات البيشمركة، أمس، عملية عسكرية واسعة النطاق من ثلاثة محاور لتحرير قضاء سنجار ذي الغالبية الإيزيدية، بمشاركة أكثر من 7 آلاف مقاتل، وبإسناد جوي من طيران التحالف الدولي، وتمكنت من محاصرة المدينة من كل الجهات، وسيطرت على الطرق الرئيسية في المنطقة.
وقال رئيس أركان قوات البيشمركة الفريق جمال محمد، الموجود في الخط الأمامي لجبهات القتال في سنجار، لـ«الشرق الأوسط» إن «العملية بدأت منذ الساعة السابعة من صباح أمس، وتمكنت قواتنا من تحقيق تقدم كبير خلال مدة قياسية، حيث سيطرت على الطريق الرابط بين سنجار وتلعفر عند مفرق (أم الشبابيط) الاستراتيجي والمؤدي إلى محافظة الرقة في سوريا، وهو الطريق الذي كان مسلحو تنظيم داعش يستخدمونه لنقل إمداداتهم إلى المدينة، كما قطعت الطريق الرابطة بين سنجار وقضاء بعاج، بحيث أصبح من المتعذر على التنظيم التنقل من الموصل إلى الرقة، كما حررت مساحة من الأراضي بعمق 20 كيلومترًا. أما من الناحية الغربية لسنجار، فوصلت تلك القوات إلى داخل معسكر اللواء القديم ومجمع دوميز، لتحاصر بذلك المدينة من جهاتها الأربع».
وعن سؤال حول موعد اقتحام مركز المدينة، أجاب محمد بالقول: «يجب أن ننتهي أولا من تطهير المناطق الواقعة عند الأطراف بشكل كامل من المسلحين، قبل البدء بعملية تحرير المركز، نظرًا لأن المعركة داخل المدينة ليست كخارجها، ولأن التنظيم زرع عددًا كبيرًا من العبوات الناسفة فيها، وفخّخ الأبنية، لذا علينا أن ندخل مركز سنجار خطوة بخطوة لتفادي وقوع الخسائر في صفوفنا». وأشار إلى أن العرقلة الوحيدة التي واجهتها قوات البيشمركة في تقدمها أمس تمثلت في كثرة العبوات الناسفة التي زرعها «داعش» في الطرق المؤدية إلى المدينة، لكن فرق الهندسة العسكرية عالجت الوضع وفتحت الطرق.
وأشرف رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني شخصيًا على قيادة المعركة التي شارك فيها 7 آلاف وخمسمائة مقاتل. وحسب مصادر مطلعة في الجبهات، فإن الهجوم حرر خلال مرحلته الأولى نحو 70 كيلومترًا من الأراضي من «داعش» ضمن حدود القضاء، وقُتل خلال المعارك أكثر من مائة مسلح من التنظيم، فيما لاذ الآخرون بالفرار إلى داخل الموصل. وأكدت تلك المصادر أن البيشمركة وضعت خطة محكمة لتحرير عموم سنجار في أقرب وقت ممكن، وسيتم تصفية أي عنصر من التنظيم قرر البقاء في مركز المدينة.
من جهته، قال قائد قوات المقاتلين الإيزيديين المنضوية في قوات البيشمركة قاسم ششو لـ«الشرق الأوسط»: «نبشر العالم بانتصار البيشمركة على إرهابيي (داعش) وتحرير سنجار منهم. لا يوجد في القضاء الآن سوى بعض الانتحاريين وعدد من قناصة التنظيم، وسيتم تحرير مركز المدينة بالكامل خلال الساعات القليلة المقبلة».
وأضاف أن قوات البيشمركة وطيران التحالف الدولي أحبطا أمس 16 هجومًا انتحاريًا. سنجار مطوقة الآن من كل الجهات، ولا منفذ لهروب المسلحين منها.
وبالتزامن مع التقدم الذي أحرزته البيشمركة في سنجار، أعلن المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لإدارة التحالف الدولي بريت مكغورك في تغريدة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن قوات التحالف الدولي شنت 40 غارة جوية على مسلحي «داعش» في سنجار وتلعفر، خلال 24 ساعة الماضية. وأضاف أن عملية استعادة سنجار تتزامن مع عملية قريبة لاستعادة مدينة الرقة السورية عاصمة التنظيم الإرهابي.
وكان الناطق باسم الجيش الأميركي الكولونيل ستيف وارن ذكر في تصريح صحافي نقلته عنه «رويترز» إن هناك مستشارين عسكريين أميركيين مع القادة الأكراد قرب جبل سنجار لكنهم بعيدون عن مسرح القتال.
وأضاف أن المستشارين الأميركيين يعملون أيضًا في جبل سنجار مع قوات البيشمركة الكردية لتقديم المشورة والمساعدة في تحديد أهداف الضربات الجوية.
وأوضح أن «هذا جزء من عملية عزل الموصل المعقل الرئيسي للتنظيم في شمال البلاد»، مشيرا إلى أن «سنجار تقع على الطريق السريع 47 وهو طريق رئيسي ومهم للإمدادات» لأنه يربط الموصل بسوريا. وأضاف أن «السيطرة على سنجار ستمكّننا من قطع خطوط الاتصال، ونعتقد أن ذلك سيسمح بتحجيم قدرتهم على الحصول على الإمدادات، وسيشكل خطوة مهمة في نهاية المطاف لتحرير مدينة الموصل».
لكن طرد المقاتلين ليس العائق الوحيد الذي يقف أمام العملية، إذ يتوجب على القوات إزالة المئات من العبوات الناسفة والتعامل مع المنازل المفخخة ضمن شبكة دفاعية أقامها التنظيم منذ أكثر من عام للسيطرة على المدينة. وقال وارن إن العمليات المتفرقة ضد التنظيم في البلاد «ستشل العدو وتجعله أمام قرار صعب في توجيه تعزيزاته».
وفر آلاف الإيزيديين إلى جبل سنجار الذي يطل على المدينة، وواجهوا حصارًا من قبل مقاتلي «داعش». وشكل هجوم التنظيم ضد الإيزيديين في صيف 2014، أحد الأسباب المعلنة لبدء الضربات الجوية الأميركية ضده في العراق، التي توسعت لاحقًا لتشمل مواقعه في سوريا ضمن ائتلاف ضم دولاً غربية وعربية.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.