وفد الشرعية يلتقي ولد الشيخ لبحث أعمال «جنيف2» وموعد انعقاد المشاورات

مصدر يمني لـ {الشرق الأوسط} : جدول الأعمال يتضمن تنفيذ القرار {2216} بموجب تعهد الأمم المتحدة مسبقا

وفد الشرعية يلتقي ولد الشيخ لبحث أعمال «جنيف2» وموعد انعقاد المشاورات
TT

وفد الشرعية يلتقي ولد الشيخ لبحث أعمال «جنيف2» وموعد انعقاد المشاورات

وفد الشرعية يلتقي ولد الشيخ لبحث أعمال «جنيف2» وموعد انعقاد المشاورات

عقد وفد الحكومة اليمنية المشارك في المباحثات مع الانقلابيين، الاجتماع الأول مع إسماعيل ولد الشيخ، المبعوث الأممي لليمن، للتباحث حول آلية زمان ومكان عقد المباحثات مع المتمردين على الشرعية، والاتفاق على جدول الأعمال، وذلك لتنفيذ القرار الأممي «2216»، بعد موافقة 14 دولة في مجلس الأمن الدولي.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، التقى أمس المبعوث الأممي ولد الشيخ، بحضور خالد بحاح نائب الرئيس رئيس مجلس الوزراء، وذلك لبحث المستجدات على الساحة الوطنية وآفاق السلام المتاحة والمرتكزة على قرارات مجلس الأمن الدولي، خصوصا القرار «2216».
وأوضح مصدر يمني لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماع وفد الحكومة اليمنية المشارك في المباحثات مع الانقلابيين، لا تزال مستمرة، حيث كان اليوم (أمس)، الاجتماع الأول الذي ضم أعضاء الوفد برئاسة عبد الملك المخلافي، عضو مجلس الشورى، وذلك لإيجاد اتفاقية على تحديد موعد زمان ومكان المباحثات مع الانقلابيين، وكذلك جدول الأعمال، وقواعد المباحثات التي ستجري خلال المباحثات الثانية مع المتمردين، خصوصا وأن الشرعية اليمنية، وهي أحد الطرفين، اختارت جنيف مكانًا للمباحثات.
وقال المصدر في اتصال هاتفي إن الاجتماعات مع المبعوث الأممي قبل بدء المباحثات، ضرورية، بحيث إنه لا بد أن يكون الاتفاق على جميع جدول الأعمال بين الطرفين، حتى يكون موعد المباحثات بين الشرعية والانقلابيين، هو مكان لتحديد آليات تنفيذ القرار «2216» فقط.
وأشار المصدر إلى أن الانقلابيين لم يحددوا الوفد الذي سيمثلهم في المباحثات، وكذلك الرد، حيث وعد المتمردون إسماعيل ولد الشيخ أحمد خلال اليومين المقبلين، بتسليم أوراقهم بشأن التمثيل في المباحثات مع طرف الشرعية، برعاية الأمم المتحدة. وأكد المصدر أن جدول الأعمال يتضمن نقطة أساسية وهي تنفيذ القرار «2216»، بموجب تعهد الأمم المتحدة مسبقًا، والتأكيد عليه للحكومة الشرعية، بأنه أساس المشاورات.
وذكر المصدر أن الموعد الذي حدد مسبقًا من قبل الأمم المتحدة لعقد المباحثات بين طرف الشرعية مع طرف الانقلابيين، في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، سيرحل إلى موعد آجل، سيحدد فيما بعد، وذلك لأن المتمردين الذين يمثلون الميليشيات الحوثية، وأتباع المخلوع علي عبد الله صالح، لم يلتزموا في جديتهم للسلام من أجل اليمن، وتحقيق الأمن والاستقرار، حيث أنجزنا الوفد، ووافق عليه الرئيس اليمني هادي، ولم يتبقَ إلا أن يحددوا وفدهم، ونيتهم للذهاب إلى المباحثات.
وكان الرئيس هادي، وضع إسماعيل ولد الشيخ، خلال لقائه معه أمس بالرياض، المعاناة التي يتجرعها أبناء الشعب اليمني جراء عمليات الحرب التي تمارسها ضد المدنيين ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية في مختلف القرى والمدن والمحافظات وما ترتب عنها من قتل الأبرياء وتشريد الآلاف من الأسر من قراهم ومدنهم ناهيك بعمليات الدمار التي طالت البنية التحتية.
وأشار الرئيس اليمني إلى أن المعاناة التي يعاني منها موظفو الدولة على الصعيد المعيشي والحياة اليومية جراء الممارسات الانقلابية من خلال مصادرة مقدرات الدولة ومعاقبة المحافظات التي لا تخضع لسيطرتهم بوقف مستحقاتها المالية المعتمدة كافة من خزينة الدولة وتحويل كل تلك المستحقات لمصلحة مجهودهم الحربي تجاه المجتمع.
وأكد هادي أن صبر الحكومة اليمنية وحلمها في كل ما يتعرض له الوطن والمواطن من ممارسات همجية من قبل الميليشيا، يأتي انطلاقًا من مسؤولياتها الوطنية والإنسانية تجاه الشعب اليمني كافه لتخفيف معاناته التي فرضتها تداعيات الأعمال الانقلابية، لافتًا إلى مقدرة الدولة في وضع حد لذلك، وبوسائل وأشكال مختلفة، وستتحمل الميليشيا الانقلابية وحدها تبعات ذلك.
وجدد الرئيس اليمني الرغبة الصادقة في السلام باعتبار ذلك مشروعًا وخيارًا كفيلاً بإنهاء كل المعاناة، مؤكدًا أن الدولة قدمت من أجل ذلك التضحيات في سبيل بناء ورسم معالم مستقبل اليمن الجديد المبني على العدالة والمساواة والحكم الرشيد.
بينما أثنى إسماعيل ولد الشيخ، المبعوث الأممي لليمن، على جهود الحكومة من خلال معطيات حسن النيات، والشروع في تحديد أعضاء فريق المشاورات والفريق الاستشاري.
يذكر أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي شكّل وفد الحكومة الشرعية للتباحث مع الانقلابيين، خلال اجتماع استثنائي للهيئة الاستشارية، والمكون من عبد الملك المخلافي، عضو مجلس الشورى، رئيسًا للوفد، وعضوية كل من الدكتور أحمد بن عبيد بن دغر، وعبد العزيز جباري، وياسين مكاوي، ومحمد العامري (مستشارو الرئيس هادي)، إضافة إلى خالد باجنيد، وزير العدل، ومحمد السعدي، وزير التجارة والصناعة في حكومة بحاح، إضافة إلى أربعة آخرين يمثلون فريقًا للدعم الفني للوفد.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.