النيابة العسكرية في مصر تخلي سبيل الصحافي حسام بهجت بعد انتقادات دولية

تلاسن بين الخارجية وأمين عام الأمم المتحدة على خلفية القضية

الصحافي حسام بهجت
الصحافي حسام بهجت
TT

النيابة العسكرية في مصر تخلي سبيل الصحافي حسام بهجت بعد انتقادات دولية

الصحافي حسام بهجت
الصحافي حسام بهجت

أخلت النيابة العسكرية في مصر سبيل الصحافي والحقوقي البارز حسام بهجت، على نحو مفاجئ، بعد قرار باحتجازه 4 أيام للتحقيق في اتهامه بنشر أخبار كاذبة عن الجيش. وجاءت الخطوة بعد ساعات محمومة شهدت انتقادات دولية واسعة وتلاسنا بين الخارجية المصرية والأمين عام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي أعرب عن بالغ قلقه من «اعتقال» بهجت، فيما رفعت الخارجية من سقف لهجتها الدبلوماسية واتهمت كي مون بعدم الجدية في تناول قضايا متصلة بانتهاكات جماعية مقارنة بمواقفه من مصر.
وقال المحامي خالد علي، الذي حضر التحقيقات مع بهجت أمام النيابة العسكرية، لـ«الشرق الأوسط» إن «بهجت أخلي سبيله، وهذا يعني أن القضية لا تزال معلقة.. يمكن حفظ التحقيق فيها، أو إحالته للقضاء العسكري في الاتهامين الموجهين إليه، أو حتى إحالته بإضافة اتهامات جديدة».
ووقع بهجت قبل خروجه إقرارا نصه: «أقر أنا حسام بهجت، صحافي في (مدى مصر)، بأني أتبع الإجراءات القانونية والأمنية في نشر المواد التي تخص القوات المسلحة، وأني لم أتعرض إلى أي أذى بدني أو معنوي».
واستدعي بهجت إلى المخابرات الحربية الأحد الماضي، وأحيل إلى النيابة العسكرية في اليوم نفسه لاتهامه بنشر وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة، على خلفية تحقيق صحافي حول محاكمة ضباط في الجيش. وقررت النيابة أول من أمس (الاثنين) حبس بهجت 4 أيام على ذمة التحقيقات ولم تفصح عن مكان احتجازه، قبل أن تقرر إخلاء سبيله أمس.
واستقبل قرار احتجاز بهجت بعاصفة انتقادات دولية أبرزها إبداء الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه البالغ من «اعتقال» الصحافي المصري، الذي وصفه بالمدافع عن حقوق الإنسان، مشيرا إلى عضوية بهجت في المجلس الاستشاري لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي العالمي للمجتمع المدني.
وقال كي مون في بيانه: «هذه الخطوة هي الأخيرة ضمن سلسلة من الاعتقالات بحق المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم وهو أمر مقلق للغاية»، مضيفا أن «المجتمع المدني التعددي الذي ينبض بالحيوية هو شرط أساسي لتحقيق الاستقرار في هذا البلد، بما في ذلك ضمان سماع وتمثيل كل الأصوات والآراء التي تعبر عن نفسها على نحو سلمي».
واستنكرت وزارة الخارجية المصرية التصريحات الصادرة عن سكرتير عام الأمم المتحدة، وقال المتحدث باسم الخارجية أحمد أبو زيد، في بيان أمس، إن تلك التصريحات تتضمن تناولا لحالات فردية، وقفزا إلى استنتاجات وفرضيات تتعلق بممارسة حرية التعبير المكفولة لجميع المصريين بنص الدستور، رغم أن أسباب التحقيق تتعلق بمخالفات واضحة وصريحة لنص قانون العقوبات المصري.
وأضاف أبو زيد أنه «كان من الأحرى بحكم المسؤولية الوظيفية للسكرتير العام تحري الدقة والاهتمام بالقضايا العامة المتصلة بانتهاكات جماعية وممنهجة ضد شعوب ما تزال تحرم من حقوقها الأساسية، وهو ما لا ترصد مصر الاهتمام أو الجدية في تناوله بالمقارنة».
وتابع أنه «من المهم أن يتذكر الجميع أن القانون المصري يعتبر المتهم بريئا أمام القضاء حتى تثبت إدانته، وأن احتجاز حسام بهجت قد تم على ذمة التحقيقات التي سمح لمحاميه بالمشاركة فيها احتراما لحقه الدستوري».
وقال محامي بهجت إن إحالته للقضاء العسكري منافية للدستور، الذي يحدد في مادته 204 الشروط التي تسمح بمحاكمة مدني أمام القضاء العسكري.
وتنص المادة 204 على أنه «لا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرا على منشآت القوات المسلحة أو معسكراتها أو ما في حكمها أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد أو الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمالهم الوظيفية، وما يكلفون به من أعمال وطنية».
وأشار المحامي علي إلى أنه لا يجوز اعتبار الحكم القضائي سرا عسكريا، لأن الأصل في الحكم العلنية كما أن عددا من وسائل الإعلام تناوله بالفعل حين صدر في أغسطس (آب) الماضي.
وشهدت الساعات التي أعقبت الإعلان عن احتجاز بهجت إدانات دولية واسعة وأصدرت 16 منظمة غير حكومية بيانا طالبت فيه السلطات بإسقاط كل التهم بحق بهجت.
وأسس بهجت في عام 2005 «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية»، وهي منظمة حقوق إنسان مصرية مستقلة أصبحت واحدة من أكثر منظمات حقوق الإنسان فعالية في مصر. وفي عام 2013، اختارت مجلة «فورين بوليسي» بهجت بين أكثر 100 شخصية مؤثرة في العام.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.