النزاع في «نداء تونس».. أزمة حزب أم أزمة حكم؟

جناحان يساري و «بورقيبي» في قلب المشهد

النزاع في «نداء تونس».. أزمة حزب أم أزمة حكم؟
TT

النزاع في «نداء تونس».. أزمة حزب أم أزمة حكم؟

النزاع في «نداء تونس».. أزمة حزب أم أزمة حكم؟

ألقت الأزمة الداخلية التي مرت بها حركة «نداء تونس» الفائزة في انتخابات 2014 بظلالها على المشهد السياسي في تونس، وسرعان ما ظهرت سيناريوهات تطورات الأزمة لتطرح فرضية انقسام الحزب الذي تشكل على عجل سنة 2012 إلى أكثر من حزب سياسي ومن ثم فقدانه للأغلبية البرلمانية، وهو ما يجعل مواصلته لرئاسة الحكومة مطروحة بقوة. وهو كذلك ما جعل عودة حركة «النهضة»، ممثلة التيار الإسلامي، إلى الحكم وتمسكها بحقها الدستوري في تشكيل الحكومة فرضية واردة، وكذلك على الرغم من تأكيدات قيادات «النهضة» على أنها في حل مما يحدث داخل هذا الحزب وأن لا ناقة لها ولا جمل في ما حصل.

لدى متابعة ما جد من جدل سياسي وحزبي في تونس، فإن الأزمة القائمة داخل حركة «نداء تونس» صورت على أساس وجود شقين سياسيين متناقضين في الحزب السياسي الحاكم الذي يتزعمه الرئيس الباجي قائد السبسي:
الشق الأول شق يساري ونقابي يتبنّى منطق «من فاز في الانتخابات عليه أن يتحمل مشكلات الحكم بوضوح ويتحمل المسؤولية كاملة» مع ما يتطلبه ذلك من تغيير السياسات الحالية التي جعلت «النداء» يبتعد عن أهداف تأسيسه ويتخلى عن جانب كبير من وعوده الانتخابية. ويتمسك هذا الشق باحترام شرعية الحزب الفائز بالحكم وتنفيذ مجموع وعوده، وهذا لن يتم إلاّ بعقد تحالفات قوية داخل البرلمان تسمح لـ«النداء» بالحكم الواضح دون مشاركة «النهضة» المستفيدة من حالة الضعف والوهن الذي ظهر عليها الحزب الفائز في الانتخابات قبل أشهر من إجراء انتخابات بلدية ستكون حاسمة على مستوى الحكم المحلي. وفي هذه الحالة لن يبحث هذا الشق عن شرعية «أغلبية» الأصوات داخل البرلمان لفائدة الحكومة، بل سيكتفي بالنسبة الدنيا المطلوبة، أي 50 في المائة زائد واحد. ولكن هذا التأويل لن يكون واقعيًا إلا إذا قبلت الكتل النيابية المعارضة حاليًا، وخصوصا منها «الجبهة الشعبية» (اليسارية) بزعامة حمّة الهمّامي الانضمام للتشكيل الحكومي، وهو أمر يكاد يكون مستحيلا في ظل خلافات جوهرية حول التوجه الاجتماعي والاقتصادي.
أما الشق الثاني فيرنو إلى توفير كل الحظوظ الممكنة للفوز في المؤتمر التأسيسي للحزب، ويرى أن فوزه في الانتخابات سيضمن له السيطرة على مفاصل الحزب. وهو الذي سيحدد سياسة البلاد بقية الفترة النيابية من خلال البرلمان، وهي فترة كافية للفعل والتأثير على المشهد السياسي والعودة إلى الواجهة. ويرى هذا الشق في المؤتمر التأسيسي المقبل الفرصة الذهبية للتحكم والتأثير في السياسات المستقبلية للبلاد والعمل على البحث عن «أبوة» مشتركة بين الدستوريين (البورقيبيين وبقاياهم) والإسلاميين، بعيدًا عن منطق تقاسم الحكم بأغلبية مريحة بين حركة «نداء تونس» وحركة «النهضة»، وبالتالي التخلّي عن المكوّنات غير الدستورية (اليسارية، بالأساس) في «نداء تونس». وفي هذه الحالة، يكون من المجدي للدستوريين والإسلاميين استعادة الثقة في ما بينهم واستبدال حالة العداء التاريخي بينهما بصيغة حكم متآلفة، وهي فرصة للمحافظة على حالة التوافق السياسي الحاصلة بعد ثورة 2011.

* حركة تحمل بذور انقسامها
ولقد ذهب أكثر من محلل سياسي تونسي إلى القول إن حركة «نداء تونس» كانت تحمل بذور انشطارها وانقسامها إلى أكثر من توجه سياسي منذ نشأتها، إذ إن هذه الحزب الذي أسسه الباجي قائد السبسي منتصف عام 2012 جمع سياسيين من مختلف المشارب السياسية والاتجاهات الفكرية لا تجمعهم سوى فكرة «معاداة حركة النهضة والاتفاق على قطع الطريق أمام عودتها إلى السلطة» أكثر مما يجمعها برنامج سياسي ورؤى اقتصادية واجتماعية واضحة.
وإذا حاولنا استعراض ظروف نشأة «نداء تونس» كحزب سياسي، فإن مؤسسه قائد السبسي، السياسي التونسي المحنك المخضرم، اعتبر نفسه منذ البداية «امتدادا للحركة الإصلاحية التونسية التي تعود جذورها لما قبل الاستعمار الفرنسي لتونس». ونادى خلال الحملة الانتخابية التي قادها نهاية السنة الماضية بمواصلة نفس النهج الإصلاحي الذي اعتمده الزعيم الوطني الحبيب بورقيبة خلال السنوات الأولى لبناء الدولة الحديثة بعد 1956 سنة الاستقلال عن فرنسا، وبالتالي صورت الحركة الجديدة على أنها حزب علماني وسطي ليبرالي يؤمن بمبدأ فصل الدين عن السلطة، كما يتبنى الأفكار المتعلقة بمدنية الدولة وتمسك بتحرير المرأة. ويعتبر الحزب نفسه أيضًا جامعا للقوى السياسية التي تدافع عن النظام الجمهوري في مواجهة النماذج الأخرى، خصوصا منها التيارات الإسلامية.
وما يذكر أن الباجي قائد السبسي، الزعيم المؤسس، نشأ في كنف عائلة قريبة من البايات الحسينيين (حكام تونس من العثمانيين)، ولم يكن مقربا من الزعيم السابق الراحل بورقيبة بسبب قربه من البايات. كما أنه ينتمي إلى عائلة من سكان حي باب الأقواس بتونس العاصمة، وهي منطقة سكن أعيان البلاد، ولقد عاش يتيمًا إذ توفي والده وهو يبلغ من العمر نحو عشر سنوات.
مع هذا أو بسبب هذا، وجّهت إلى قائد السبسي انتقادات كثيرة وهاجمت ماضيه السياسي، لا سيما أنه شغل منصب وزير داخلية أثناء حكم بورقيبة، في مطلع عقد الستينات من القرن الماضي، والداخلية وزارة ارتبطت بالانتهاكات ضد حقوق الإنسان والتعذيب، خصوصا لأتباع الزعيم التونسي صالح بن يوسف الذي خالف الحبيب بورقيبة إبان الاستقلال عام 1956. غير أن بن يوسف تعرض للاغتيال السياسي ولوحق أتباعه ومن بينهم عائلة المنصف المرزوقي، أول رؤساء تونس بعد انتفاضة 2011، الذي اضطر إلى الهجرة القسرية والعيش في المغرب.
ولكن عند تأسيس حركة «نداء تونس»، فتح قائد السبسي باب حزبه الجديد أمام وجوه سياسية من مختلف التيارات وكان حلمه الوصول إلى قصر قرطاج الذي منع في فترة تاريخية من دخوله. وضمت الحركة وجوهًا نقابية تنتمي إلى الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر النقابات العمالية في البلاد) ووجوهًا من التيار اليساري وعددًا لا بأس به من الدستوريين - نسبة إلى الحزب الاشتراكي الدستوري الذي أسسه بورقيبة - واستقبلت مسؤولين سابقين من حزب التجمّع الدستوري الديمقراطي المنحل ممن عرفوا بانتمائهم الصريح إلى نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. كما ضمت أيضًا مجموعة من ناشطي المجتمع المدني ووجوهًا تدعم الحركة النسوية التونسية.
ونتيجة لهذه التركيبة الشاملة المتآلفة ظاهريا، والمتناقضة المصالح على أرض الواقع، توقع لها كثيرون من الخبراء أن تتعرض للتشتت في أول اختبار سياسي، وأنها وإن كانت ستعمل على الفوز في انتخابات الرئاسية والبرلمانية - التي أجريت بالفعل عام 2014 – فإنها ستتوقف عند أول امتحان حقيقي في مواجهة عدة أحزاب وتيارات سياسية فضلت اختيار المعارضة على دعم حزب سياسي يحمل بذور تشتته من الداخل.
وحقًا، حاولت حركة «نداء تونس» تجاوز الخلاف الذي برزت مؤشراته مبكرًا بين قياداتها، خصوصا في ما يتعلق بإشراك حركة «النهضة» في الحكم. وهكذا انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض لهذا التوجه، ولكن حساسية الوضع السياسي والاضطراب السياسي والأمني دفعا بالرئيس الباجي قائد السبسي إلى التحالف مع راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» إقرارا منه بثقلها السياسي والاجتماعي، وهو تحالف لقي معارضة من معسكري الحركتين «النهضة» و«النداء» في وقت واحد.
كذلك ظهرت بوادر خلاف سياسي في صفوف قيادات «نداء تونس» أثناء عملية تشكيل الحكومة، إذ تمسك الطيّب البكّوش، وزير الخارجية الحالي (الشق النقابي)، بتحمّل مسؤولية الحكم واختيار أحد القيادات السياسية لتولي المسؤولية، إلا أن الاتهامات التي وجهت إلى «نداء تونس» بمحاولة «التغول السياسي»، والسعي لاحتكار الساحة بتولي قياداتها رئاسة الجمهورية (الباجي قائد السبسي) ورئاسة البرلمان (محمد الناصر) ومحاولة الاستحواذ أيضًا على رئاسة الحكومة، جعل المخاوف من عودة النظام السابق واردة، وهو ما جعل الخلافات تؤجل لتظهر من جديد بمناسبة الكلام عن تحديد موعد نهائي لعقد المؤتمر التأسيسي للحزب.
وفي ظل حسابات انتخابية، في الأساس، وبانتظار حسم موضوع إسقاط «النهضة» وحلفائه وإخراجهم من الحكم، تأجل انعقاد المؤتمر من شهر يونيو (حزيران) 2014 إلى نهاية العام الحالي لتزامن هذه الفترة مع التحضيرات للانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) 2014. ولكن جذور الخلاف بين التيار اليساري على وجه الخصوص ممثلاً في محسن مرزوق الأمين العام لـ«نداء تونس» والتيار الدستوري ممثلاً بحافظ قائد السبسي (نجل الرئيس التونسي) المسؤول على هياكل الحزب والتعبئة، بقيت على ما هي عليه دون أن يتوصل الطرفان إلى حل يرضيهما ويستجيب لطموحات كل طرف منهما.
ولتقريب الصورة أكثر لنأتِ على السيرة الذاتية لكلا التوجهين الأساسيين اللذين يمثلهما محسن مرزوق وحافظ قائد السبسي.

* محسن مرزوق
محسن مرزوق، من مواليد 1965 بمنطقة صفاقس (وسط شرقي تونس)، ونشأ في محيط فقير وعائلته من الطبقة العاملة العادية في تونس. ونتيجة نشاطه الطالبي طرد من عدد من معاهد التربوية التونسية التي التحق بها. ومن ثم، عُرف نقابيًا وناشطًا بارزًا في صفوف الاتحاد العام لطلبة تونس، إحدى أقدم المنظمات الطلابية المستقلة التي تسيطر عليها توجهات يسارية. وهو ما نجم عنه التجنيد القسري لمحسن مرزوق في «رجيم معتوق» (المنطقة الصحراوية جنوب تونس) أواسط عقد الثمانينات، وذلك على خلفية نشاطه الطالبي المعارض لتوجهات السلطة في قمع الحريات ومنع ممارسة التعدد السياسي. بعدها حصل مرزوق على الإجازة الجامعية في العربية وشهادة التعمق في البحث العلمي بتخصص علم الاجتماع. ثم تولّى مسؤولية منسق تنفيذي عام لمركز الكواكبي للتحوّلات الديمقراطية الذي يوجد مقره في العاصمة الأردنية عمّان، وهو يشغل منصب الأمانة العامة للمؤسسة العربية للديمقراطية منذ شهر مارس (آذار) 2008.
خلال فترة حكم النظام السابق، لم يُذكَر اسم محسن مرزوق من بين الأسماء السياسية المعارضة لـ«بن علي»، لكنه كان من مؤسسي حركة «نداء تونس». ثم قاد بنجاح الحملة الانتخابية للرئيس الحالي الباجي قائد السبسي، وتمكن من خلال جولاته في المدن التونسية من الحد من تحرّكات المنصف المرزوقي، منافس الباجي المباشر في الانتخابات الرئاسية، وأسهم بفوزه من خلال خطاب محذّر من «عودة الأصولية الإسلامية إلى قصر قرطاج». وعلى الأثر صار مرزوق رقمًا صعبًا في معادلة الحزب الحاكم وإحدى ركائزه الصلبة. ونتيجة مساهماته في إرساء الحزب ومعرفته بنقاط ضعف خصومه السياسيين، خصوصا من الإسلاميين، فهو يرى أنه أحقّ من غيره بقيادة حركة «نداء تونس»، وأنه صاحب شرعية سياسية تؤهله لتولي أهم المناصب القيادية.

* حافظ قائد السبسي
أما حافظ قائد السبسي فيمثل – كما سبقت الإشارة – التيار أو الشق الدستوري في «نداء تونس». وهو رجل أعمال، ونجل الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي.
ولد عام 1961 في تونس العاصمة، ودرس في العاصمة الفرنسية باريس حيث حصل على شهادة الدراسات العليا في العلاقات الدولية والدبلوماسية. ولم يذكر اسمه خلال فترة حكم الزعيم السابق الراحل الحبيب بورقيبة ومن بعده زين العابدين بن علي، لكنه برز بعد انضمامه إلى حركة «نداء تونس» إلى جانب والده مؤسس الحزب. وتولى عضوية المكتب التنفيذي إضافة إلى ترؤسه الإدارة المركزية للهياكل والتعبئة. كذلك عينه المكتب السياسي للحزب نائبا للرئيس، وبعد ظهور مشكلة توريث رئاسة الحزب، اتهمه مرزوق بالاعتماد على «شرعية السلالة» للسيطرة على مقدراته. ونتيجة لهذا الخلاف الحاد تتالت التصريحات والتصريحات المضادة، وبدأ اصطفاف أعضاء المكتب السياسي والمكتب التنفيذي والكتلة النيابية في البرلمان، قبل تفاقم الأمور وإعلان 32 من نواب «نداء تونس» الاستقالة من كتلة الحزب البرلمانية بعد أسبوع من ظهور الخلاف على العلن.
وفي محاولة لكشف ملابسات هذا الخلاف، قال مهدي عبد الجواد، عضو المكتب التنفيذي لـ«نداء تونس»، في تصريح إعلامي إن «كل مخرجات أزمة نداء تونس ممكنة»، نافيًا «وجود جناح يساري بالمعنى الآيديولوجي للكلمة، شأنه شأن بقية الروافد الفكرية». وتابع موضحًا: «إن من يقفون مع حافظ قائد السبسي لا علاقة لهم بالدستوريين، كما أن الذين يصطفون بجانب محسن مرزوق من بينهم دستوريون».
واعتبر عبد الجواد أن «الصراع في نداء تونس هو في حقيقة الأمر صراع حول المستقبل. وهو يدور بين مشروع وطني عصري يعمل على بناء دولة المواطنة والحوكمة ويقاوم الفساد و(المافيا)، ويضمن دولة الكفاءة والجدارة، وتوجّه آخر يقوم على الانتهازية وحدود تماسّه مع مافيا الفساد غير واضحة وارتباطاته مع حركة الإخوان غير واضحة المعالم كذلك، وفيها كثير من اللبس» على حد تعبيره.

* بديل جاهز ينتظر
من ناحية ثانية، خسرت حركة «نداء تونس» كثيرا في معركتها السياسية الداخلية في ظل تأزم الأوضاع الاقتصادية وتراجع مؤشرات التنمية، وهو ما دفع بكثيرين من القيادات السياسية إلى البحث عن حزب سياسي بديل. واستفاد حزب «المبادرة الدستورية»، الذي يقوده كمال مرجان وزير الخارجية السابق في عهد بن علي من الأزمة، والتحقت عدة قيادات سياسية من الصفوف الأولى في «نداء تونس» بحزب المبادرة.
وفي هذا الشأن، قال عادل الشاوش، النائب البرلماني السابق في عهد بن علي والقيادي في حركة «نداء تونس»، في لقاء مع «الشرق الأوسط»، إنه بالفعل التقى أعضاء المكتب السياسي لحزب «المبادرة الدستورية» بزعامة كمال مرجان، وهو ينتظر «توضيح معالم المشروع السياسي الذي يمكن تبنّيه من قبل الوافدين السياسيين الجدد وعددهم نحو 28 قياديًا».
وعن قرار تخليه عن «نداء تونس» ومدى تأثير هذا الالتحاق على مستقبل الحزب الحاكم، قال الشاوش: «إن الحزب الذي فاز في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الماضية لم يقدر على التحول الفعلي إلى حزب سياسي قادر على تجاوز خلافاته الداخلية»، في إشارة إلى الخلاف الحاد الحالي. وتابع: «إن حركة نداء تونس عرفت تعاطفًا سياسيًا هامًا من قبل الفئات الاجتماعية والقاعدة الانتخابية لأنها نادت قبيل الانتخابات بضرورة إنقاذ تونس، ووحدت الصفوف ضد تحالف (الترويكا) بزعامة حركة (النهضة)، وتمكنت من الفوز في انتخابات 2014، غير أنها لم تقدر على تحمّل أعباء الحكم وحل الخلافات الداخلية في نفس الوقت».
وتابع الشاوش أنه كان قد دعا عقب الانتخابات إلى «تشكيل حكومة وحدة وطنية لا تهيمن عليها حركة نداء تونس، وتبقى خارج دائرة الصراعات وأن تسعى إلى تشكيل هياكلها وتحديد ملامح مشروعها المدني التحديثي، لكن هذا المقترح لم يجد آذانا صاغية» على حد قوله. واستطرد قائلاً: «إن نظرة التونسيين تغيرت تجاه الحزب الحاكم، وطغت الخلافات بين قيادات حركة نداء تونس على المشهد العام، ما جعل الخلاف يأخذ شكل النزاع على المصالح. وحوّل بعض المجموعات إلى ما يشبه (المافيات) التي تسعى إلى السيطرة على كل شيء، وهذا لا يفيد في البناء الديمقراطي»، على حد تعبيره.
أما في ما يتعلق بانضمامه إلى حزب «المبادرة الدستورية»، فقال الشاوش: «إن الأفكار التي تجمع بين الحزبين لا تختلف كثيرًا، ولكن حزب المبادرة تمكن من صياغة فكر إصلاحي واضح المعالم، ولم يبقَ سجين الفكر البورقيبي في شكله التقليدي، بل بنى مشروعًا سياسيًا قابلا للتنفيذ بعيدًا عن الخلافات والجدل العقيم».
في مختلف الحالات يرى مراقبون أن الحسم سيكون حتميًا وضروريًا كي لا تُصاب دواليب الدولة بالخمول والتردد، وخصوصا بغياب الرؤية والبرنامج والأهداف الواضحة. فالحكومة التي يقودها رئيس الوزراء الحبيب الصيد، التي عيّنها «نداء تونس» لا تجد تجاوبا من أكثر قياداته السياسية، وهو ما أثر على ظروف عملها وأصاب كثيرا من برامجها بالشلل التام. وهنا، ترى المحللة السياسية التونسية جيهان لغماري أنه «مهما كانت النتيجة بين شقي الصراع في (النداء) فإن تبعاته ستكون كبيرة لتمسّ مكونات (النداء) نفسه، إما بالاستمرار السياسي وإما بالتشظي إلى أكثر من حزب. وهذا ما سيؤثر على التشكيل الحكومي. وقد يكون الحزب الفائز في انتخابات 2014 مطالبًا بإعادة صياغة تحالفات سياسية جديدة تمس كل الأحزاب، بكبيرها وصغيرها، بشكل غير متوقع ما دام المشهد السياسي الجديد قد عوّد التونسيين على المفاجآت التي تتجاوز الآليات التقليدية للتحليل السياسي».
ومع أن أي تهدئة لن تكون إلاّ مُسَكِّنًا وقتيًّا وهدنة لن تطول ما دام الاختلاف جوهريًّا يخصّ هوية الحزب وتصور شكل ومكونات الحكومة التي تستجيب لضرورة المرحلة المقبلة، دون إغفال طبيعة التحالفات السياسية المستوجب حصولها، فإن هذه المسائل الرئيسية هي المحددة لمستقبل «نداء تونس». ويبدو من الصعب في الظروف الحالية إيجاد نقاط التقاء بين شقّي الصراع، ما سيدفع - ولو بعد هدنة مؤقتة - إلى حل الأمور نحو الحسم لمصلحة أحد الطرفين.



خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

خافيير ميلي (أ.ب)
خافيير ميلي (أ.ب)
TT

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

خافيير ميلي (أ.ب)
خافيير ميلي (أ.ب)

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار والطروحات «التخريبية» التي حملها برنامجه وباشر بتطبيقها منذ توليه المنصب في مثل هذه الأيام من العام الفائت. حالة لم يتح لها الوقت الكافي بعد كي تفجّر كل «مواهبها» ومفاجآتها التي لا يوفّر ميلي مناسبة ليتوعّد بها، خاصة بعد نيله «بركة» مثاله الأعلى، دونالد ترمب، الذي يستعد للعودة قريباً إلى البيت الأبيض.

في مقابلة أجرتها معه مجلة «الإيكونوميست» نهاية الشهر الماضي، قال ميلي إنه يشعر بازدراء لا نهاية له تجاه الدولة، مؤكداً أنه سيفعل كل ما بوسعه للقضاء على تدخل الدولة في شؤون المواطنين وتنظيم حياتهم «لأن ذلك يشكّل أسرع الطرق إلى الاشتراكية». لكن اللافت أن «الإيكونوميست»، الموصوفة برصانتها، تعتبر أن ما يقوم به هذا «المخرّب الأكبر» - كما يحلو له أن يطلق على نفسه – يجب أن يكون قدوة للولايات المتحدة وحكومتها الجديدة التي يبدو أنها مستعدة لتحذو حذو الرئيس الأرجنتيني وتكليف هذه المهمة إلى الملياردير إيلون ماسك.

تدلّ كل المؤشرات على أن الهدف الأساسي من وصول ميلي إلى الحكم، أواخر العام الفائت، هو «تدمير» الدولة من الداخل. ألغى 13 وزارة، وسرّح ما يزيد على ثلاثين ألفاً من الموظفين العموميين، وخفّض بنسب وصلت إلى 74% مخصصات الرواتب التقاعدية والتعليم والصحة والعلوم والثقافة والتنمية الاجتماعية. وعلى هذه الخلفية، سارعت أسواق المال للاحتفاء بالفائض المالي وتراجع التضخم الذي ليس سوى ثمرة واحدة من أكبر الجراحات المالية في التاريخ. لكن الوجه الآخر لهذه العملة البرّاقة كان انضمام 5 ملايين أرجنتيني إلى قافلة الفقراء الذين يعيش معظمهم على المعونة الغذائية في واحد من أغنى البلدان الزراعية والغذائية في العالم، وانكماشا اقتصاديا... من غير أن تتراجع شعبية ميلي الذي يفاخر بأنه الرئيس الأوسع شعبية على وجه الكرة الأرضية.

لا يكفّ ميلي عن مخاطبة مواطنيه عبر وسائط التواصل التي لعبت دوراً أساسياً في وصوله إلى الرئاسة، ويقول إن «القوى السماوية» التي تسدد خطاه وتقود كفاحه ضد الطبقة السياسية التقليدية والاشتراكية ستجعل من الأرجنتين قريباً «قوة عالمية كبرى».

رئيسة الأرجنتين السابقة كريستينا كيرشنر (أ.ب)

لا يعترف الرئيس الأرجنتيني بالتغيّر المناخي، ولا بالمساواة بين الرجل والمرأة، أو بالعدالة الاجتماعية، وينكر الذاكرة التاريخية لأنظمة الاستبداد التي تعاقبت على بلاده، ويعتبر أن كل ذلك ليس سوى بدع يسارية يتوعّد بالقضاء عليها في «حرب ثقافية» يتبّلها بكل أنواع الشتائم التي توقد الحماسة في صفوف أنصاره وتزرع الحيرة في أوساط المعارضة المشتتة.

الأغرب في كل ذلك هو أن ميلي لا تؤيده سوى أقلية في مجلسي الشيوخ والنواب، فضلاً عن أن جميع حكّام الولايات الذين يتمتعون بصلاحيات واسعة، ليسوا من حزبه «الحرية تتقدم». كما أنه اضطر للإبقاء على العديد من كبار موظفي الحكومة اليسارية السابقة في مناصبهم لعدم وجود كوادر مؤهلة كافية في حزبه. لكن رغم هذا العجر الهائل، تمكّن ميلي من إقرار حزمة قوانين يعتبرها أساسية لمشروع تفكيك الدولة ورفع القيود عن العجلة الاقتصادية، من غير أن يتضّح بعد إذا كانت هذه السنة الأولى من ولايته مدخلاً لإحكام سيطرته على الدولة، أو هي تمهيد لهيمنة اليمين المتطرف على المشهد السياسي.

يعتمد ميلي على التأييد الشعبي الواسع الذي ما زال يلقاه، وعلى حاجة حكّام الولايات لموارد الدولة، وبشكل خاص على الحلف التشريعي الذي أقامه مع اليمين المعتدل ممثلاً بالحزب الذي يقوده رئيس الجمهورية الأسبق ماوريسيو ماكري. ومنذ نزوله المعترك السياسي، بعد أن كان ينشر أفكاره وطروحاته عبر البرامج التلفزيونية التي كان يقدمها، استمد شعبيته وقوته ضد ما يسميه «السلالة»، أي الطبقة السياسية التقليدية. أما الاتفاقات أو الائتلافات التي سعى إليها، فهي لم تكن سوى تكتيكية، ولم يفاوض على برنامجه مع الأحزاب أو القوى التي تحالف معها، بل بقي تحالفه الأساسي مع القاعدة الشعبية التي ما زالت تدعمه، والتي يرجّح أن تكون هي أيضاً نقطة ضعفه الرئيسية التي ستؤدي إلى سقوطه عندما تتوقف عن دعمه بعد أن تفقد الأمل الضئيل الذي ما زال يحدوها في أن تتحسن الأوضاع المعيشية.

وصفة ميلي تحقق نتائجها

يقول المقربون من ميلي إن سر استمرار شعبيته التي توقع كثيرون أنها إلى زوال سريع، هو أنه ينفّذ كل الوعود التي قطعها في حملته الانتخابية، فيما بدأ بعض منتقديه يعترفون بأن «وصفته» تحقق النتائج التي وعد بها.

وقد شهدت الأشهر الأخيرة انشقاق بعض رموز الحزب البيروني واصطفافهم إلى جانب ميلي، مثل العضو البارز في مجلس الشيوخ كارلوس باغوتو، وهو قريب من الرئيس الأسبق كارلوس منعم. وقال باغوتو: «إن ميلي هو الشخص الذي تحتاجه الأرجنتين للتخلص من الموجة الشعبوية الاشتراكية التي حكمتها طيلة العقدين المنصرمين... كنا في حال من التحلل الاجتماعي الذي بلغ مستويات يصعب تصورها. وبعد أن أصبحت الدولة تتدخل في جميع مسالك الحياة، عاجزة عن توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية لشريحة واسعة من المواطنين، وبعد أن أخفقت جميع المحاولات لضبط التضخم الهائل، أدركت الطبقات المتواضعة أن الخلاص لا يمكن أن يأتي من غير تضحيات... وكان ميلي».

"يقول ميلي إن «القوى السماوية» تسدد خطاه وتقود كفاحه ضد الطبقة السياسية التقليدية والاشتراكية ستجعل من الأرجنتين قريباً «قوة عالمية كبرى»."

خدمة مصالح رجال الأعمال

لكن قراءة المعارضة للمشهد الاجتماعي تختلف كلياً، إذ يرى وزير الداخلية السابق إدواردو دي بيدرو المقرّب من الرئيسة السابقة كريستينا كيرشنر، أن ميلي قضى على حقوق وخدمات أساسية، مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، بينما خدم، في المقابل، مصالح رجال الأعمال والمراكز المالية. ويضيف: «إن قرارات مثل قطع الأدوية عن مرضى السرطان في المراحل الأخيرة، أو الكف عن توفير التغطية العلاجية للمتقاعدين، أو إقفال المطاعم الشعبية التي كانت تؤمن وجبات أساسية لحوالي 19% من السكان يعيشون على المعونة الغذائية، هي دليل ساطع على قسوة هذه الحكومة وعدم إحساسها».

يردّ ميلي على هذه الانتقادات بوصفها من أفعال الشيوعيين المناهضين للحرية، ويكرر أنه يقود «أفضل حكومة في التاريخ»، مقتنعاً بأنه مكلّف مهمة سماوية، ويقترح حرباً نضالية عالمية تحت راية «اليمين الدولي» من أجل القضاء نهائياً على اليسار، يجوز فيها استخدام كل الوسائل، بما في ذلك العنف. كما أكّد مؤخراً في أحد المهرجانات السياسية: «لست في وارد اللياقة أو الوفاق. لن أتراجع أبداً، وسأواصل السير نحو النار، لأن الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع. لسنا ملزمين بتبرير أفعالنا، وإذا فعلنا فسوف يعتبرون ذلك من باب الضعف. كلما تعرضنا لضربة من خصومنا، سنردّ الواحدة بثلاث».

تكيف وبراغماتية

الهجوم الدائم هو العلامة الفارقة في أسلوب الرئيس الأرجنتيني، لكن ميلي أظهر قدرة لافتة على التكيّف والبراغماتية التفاوضية كلّما وجد نفسه بحاجة إلى أصوات المعارضة، في مجلسي الشيوخ والنواب وبين حكام الولايات، خاصة عندما طرح «قانون الأساسات» الذي يتضمّن مئات المواد التي تعتبرها الحكومة ضرورية لتنفيذ برنامجها. يفعل ذلك وهو يدرك جيداً أن الأحزاب التقليدية فقدت شعبيتها، وهي في حال من الانهيار السريع الذي يمكن لحزبه أن يستفيد منه في الانتخابات العامة المرحلية في خريف العام المقبل ليقلب المعادلة البرلمانية الحالية التي تشكّل عائقاً كبيراً أمام مشروعه «التخريبي».

ستكون انتخابات العام المقبل حاسمة بالنسبة لميلي ليقلب المعادلة البرلمانية ويضمن الأغلبية التي تحرره من التفاوض مع المعارضة كلما أقدم على خطوة اشتراعية لتنفيذ برنامجه، خاصة أن التأييد الشعبي ليس مضموناً في المدى الطويل.

ويخشى معاونوه من أن جنوحه الشديد نحو التعصب والصدام العنيف مع خصومه السياسيين قد يبعده عن تحقيق هدفه الأساسي الذي كان وراء فوزه في الانتخابات الرئاسية، وهو معالجة الأزمة الاقتصادية المزمنة التي تتخبط فيها البلاد منذ عقود. وينصحه المقربون بعدم التمادي في «الحروب الثقافية» مع حلفائه الغربيين الذين حصرهم منذ اليوم الأول بالولايات المتحدة وإسرائيل والدول «الحرة»، وسمّى الاشتراكيين واليساريين خصومه إلى الأبد.

لكن رغم خطابه الناري والتهديدي الذي لا يخلو أبداً من الألفاظ البذيئة، والذي بدأ مستشاروه يواجهون صعوبة في تبريره بالقول إن هذا هو أسلوبه والناس تعرف ذلك، بدأ ميلي يعطي مؤشرات على أنه ليس غريباً كلياً عن البراغماتية والواقعية. وهو اعترف قبل أيام أنه تعلّم الكثير في السياسة خلال هذه السنة الأولى من ولايته. وقال إنه لم يعد لديه أعداء سياسيون في الأرجنتين، بل خصوم يريدون الخير للبلاد. وبعد أن كان صرّح مراراً خلال الحملة الانتخابية بأن الصين هي في معسكر الأعداء وبأنه لن يتعامل مع «القتلة»، قال مؤخراً: «إن الصين شريك رائع لا يطلب شيئاً سوى التبادل التجاري الهادئ» وإن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي كان وصفه غير مرة بأنه «يساري فاسد»، لن يصبح صديقه، لكن مسؤوليته الدستورية تقتضي منه التعامل معه.

الأرقام الاقتصادية في نهاية العام الأول من ولاية ميلي تظهر أن الشركات الكبرى في قطاع المحروقات، وكبار المستثمرين في أسواق المال والمصارف، هم الذين حققوا أرباحاً استثنائية خلال هذه السنة، وأن الجائزة الكبرى كانت من نصيب المتهربين من دفع الضرائب الذين استفادوا من خطة «التبييض» التي وضعها، بما يزيد على 20 مليار دولار، أي نصف القرض الذي حصلت عليه الأرجنتين منذ سنوات من صندوق النقد الدولي لوقف الانهيار الاقتصادي التام وما زالت حتى اليوم عاجزة عن سداده أو حتى عن جدولته. أما في الجهة المقابلة فكان المتقاعدون والموظفون العموميون وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هم الأكثر تضرراً من النموذج الذي خفّض الإنفاق العام وألغى القيود على الواردات بهدف احتواء التضخم الجامح الذي يقضّ مضاجع ملايين الأسر منذ سنوات، فضلاً عن الفقراء (19% من السكان حسب الإحصاء الأخير) الذين حُرموا فجأة من المعونة الغذائية التي كانت تقدمها الدولة.

أرباح الشركات الكبرى في قطاع الطاقة بلغت أرقاماً قياسية هذا العام بفضل زيادة الإنتاج وتحرير الأسعار والتدابير الضريبية والجمركية والقانونية التي أعلنها ميلي الذي يريد لهذا القطاع أن يكون المحرك الأساسي لاقتصاد الأرجنتين في العقود الثلاثة المقبلة، انطلاقاً من منطقة «باتاغونيا» الشاسعة في أقصى الجنوب التي تختزن، بحسب تقديرات، ثاني أكبر احتياطي من الغاز ورابع احتياطي من النفط في العالم. وفي نهاية الشهر الماضي كانت أسعار أسهم شركة النفط الرسمية قد ارتفعت بنسبة 140% عن العام الفائت، فيما ارتفعت أسعار أسهم الشركات الخاصة 75%.

تمديد الإنفاق

في موازاة ذلك قرر ميلي تجميد الإنفاق على المشاريع العامة، بينما كان الاستهلاك يتراجع إلى أدنى مستوياته والصناعة الأرجنتينية تعاني على جبهات ثلاث: انخفاض المبيعات، وتدفق السلع المستوردة بأسعار تصعب منافستها، وتراجع الصادرات بسبب ارتفاع سعر البيزو مقابل الدولار الأميركي. إلى جانب ذلك، سحب ميلي جميع إجراءات الدعم التي كانت اتخذتها الحكومات السابقة لمساعدة الطبقات الفقيرة، ما أدّى إلى ارتفاع أسعار النقل العام بنسبة 1000% وفواتير الغاز والكهرباء والتأمين الطبي والتعليم الخاص بنسب تزيد على 500%. وكانت الأشهر الستة الأولى من ولاية ميلي هي الأكثر صعوبة، إذ تزامنت مع نسبة تضخم قاربت 30% شهرياً بحيث تجاوزت نسبة المصنفين فقراء بين السكان 53%.

ستكون الأشهر الأولى من العام الثاني لولاية ميلي، حاسمة في تقدير عدد من المراقبين، لأنها ستبيّن مدى صمود شعبيته أمام انهيار الخدمات الأساسية والمساعدات التي تعيش نسبة عالية من السكان عليها، فيما يصرّ هو على رهانه بأن الفشل الذريع الذي تتخبط فيه القوى السياسية الأرجنتينية منذ عقود سيكون الخزان الذي سيغرف منه لترسيخ شعبيته حتى نهاية الولاية.