مؤتمر في أبو ظبي لتعزيز التعاون الألماني ـ العربي في مجال البحوث

إحدى جلسات المؤتمر
إحدى جلسات المؤتمر
TT

مؤتمر في أبو ظبي لتعزيز التعاون الألماني ـ العربي في مجال البحوث

إحدى جلسات المؤتمر
إحدى جلسات المؤتمر

عقدت أكاديمية الشباب الألمانية - العربية للعلوم والإنسانيات (AGYA) أخيرا مؤتمرا دوليا بعنوان «التعاون الألماني - العربي في مجال البحوث: فرص وتحديات جديدة في الأوساط الأكاديمية الدولية»، في أبوظبي، باستضافة من الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان.
وقام عدد من أعضاء الأكاديمية من العلماء الناشئين اللامعين العرب والألمان، في 24 أكتوبر (تشرين الأول) في جامعة زايد، مع مجموعة من الخبراء الدوليين رفيعي المستوى، بمناقشة موضوعات مثل: الإبداع والتجديد كمحرك رئيسي لصناعة المستقبل، التقنيات الناشئة والمثيرة للجدل الجديدة، إشراك الشباب في أنشطة تنافسية في العلوم والرياضيات، التحديات في علم المتاحف لترجمة التراث الثقافي بطريقة عابرة للثقافات، والقضايا المشتركة في مجال التعليم العالي. وقد تم التطرّق إلى كل هذه المواضيع بمقاربة مشتركة (تبادلية) متعددة التخصصات ضمن إطار المؤتمر وما بعده. وكان اختيار مدينة أبوظبي لعقد المؤتمر بالنظر إلى المجتمع القائم على المعرفة فيها واقتصادها المبني على الإبداع والتجديد.
افتتح المؤتمرَ كلّ من الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بالإمارات العربية المتحدة، وسفير ألمانيا لدى الإمارات العربية المتحدة. وتبع كلمات الترحيب من رئيسي الأكاديمية وبعض المعزوفات الموسيقية محاضرة رئيسية لزياد ميقاتي (ممثل مؤسسة ميقاتي، لبنان) حول الأعمال الخيرية الفعالة وقوة التشبيك. وتموّل الوزارة الألمانية الاتحادية للتعليم والبحوث المؤتمر. كما نُظّم الحفل الافتتاحي بدعم من السفارة الألمانية في أبوظبي.
وقد اتفق كلّ من الشيخ نهيان والسيد زياد ميقاتي على أن بطالة الشباب واحدة من التحديات الكبرى في العالم العربي اليوم، وهي تحتاج إلى معالجة عن طريق تشجيع مزيد من الشباب على المثابرة في دراستهم للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. وأشار الشيخ نهيان إلى انجذابه لفكرة المسابقات الدولية لأنها تبسط الموضوعات وتخلق مجتمعًا عالميًا يعكس العالم الحقيقي للعلم.
وفي ملاحظاته الختامية، أعرب عن تقديره لمفهوم الأكاديمية، وثقته بنجاح جهودها لتعزيز التعاون الألماني - العربي في مجال البحوث، مشيرًا إلى أن هذا المؤتمر سيساعد في تقديم نموذج للتعاون للمجتمع العالمي، وشاكرًا الحاضرين على اجتماعهم في أبوظبي لإنجاز مثل هذا العمل الهام.
تأسّست أكاديمية الشباب الألمانية - العربية للعلوم والإنسانيات (AGYA) في عام 2013 كأول أكاديمية ثنائية للشباب في العالم. وهي تهدف إلى إنشاء مجتمع من الباحثين العرب والألمان البارزين ممّن هم في مرحلة مبكرة من مسيرتهم الأكاديمية (بعد 3 - 10 سنوات من نيلهم الدكتوراه). وتدعم الأكاديمية مشاريعهم المبتكرة عبر تخصصاتهم المختلفة، ومبادراتهم المشتركة في مختلف مجالات البحث العلمي، وسياسات العلم والتعليم. كذلك تعزّز الأكاديمية التجربة الثقافية المتنوعة لأعضائها الخمسين من العالم العربي وألمانيا، وتشجّعهم على أن يكونوا سفراء للعلوم والثقافة.



3 قطع برونزية من موقع مليحة في الشارقة

3 كُسور برونزية من محفوظات هيئة الشارقة للآثار مصدرها موقع مليحة
3 كُسور برونزية من محفوظات هيئة الشارقة للآثار مصدرها موقع مليحة
TT

3 قطع برونزية من موقع مليحة في الشارقة

3 كُسور برونزية من محفوظات هيئة الشارقة للآثار مصدرها موقع مليحة
3 كُسور برونزية من محفوظات هيئة الشارقة للآثار مصدرها موقع مليحة

أسفرت عمليات التنقيب المتواصلة في موقع مليحة الأثري التابع لإمارة الشارقة عن العثور على مجموعات كبيرة من اللقى المتعدّدة الأشكال والأساليب، منها مجموعة مميّزة من القطع البرونزية، تحوي 3 كسور تحمل نقوشاً تصويرية، ويعود كلّ منها إلى إناء دائري زُيّن برسوم حُدّدت خطوطها بتقنية تجمع بين الحفر الغائر والحفر الناتئ، وفقاً لتقليد جامع انتشر في نواحٍ عدة من شبه جزيرة عُمان، خلال الفترة الممتدة من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث للميلاد.

أصغر هذه الكسور حجماً قطعة طولها 4.5 سنتيمتر وعرضها 10 سنتيمترات، وتمثّل رجلاً يركب حصاناً وآخر يركب جملاً. يظهر الرجلان في وضعية جانبية ثابتة، ويرفع كلّ منهما رمحاً يسدّده في اتجاه خصم ضاع أثره ولم يبقَ منه سوى درعه. وصلت صورة راكب الحصان بشكل كامل، وضاع من صورة راكب الجمل الجزء الخلفي منها. الأسلوب متقن، ويشهد لمتانة في تحديد عناصر الصورة بأسلوب يغلب عليه الطابع الواقعي. يتقدّم الحصان رافعاً قوائمه الأمامية نحو الأعلى، ويتقدّم الجمل من خلفه في حركة موازية. ملامح المقاتلين واحدة، وتتمثّل برجلين يرفع كل منهما ذراعه اليمنى، شاهراً رمحاً يسدّده في اتجاه العدو المواجه لهما.

الكسر الثاني مشابه في الحجم، ويزيّنه مشهد صيد يحلّ فيه أسد وسط رجلين يدخلان في مواجهة معه. يحضر الصيّادان وطريدتهما في وضعيّة جانبية، ويظهر إلى جوارهم حصان بقي منه رأسه. ملامح الأسد واضحة. العين دائرة لوزية محدّدة بنقش غائر، والأنف كتلة بيضاوية نافرة. فكّا الفم مفتوحان، ويكشفان عن أسنان حادة. تحدّ الرأس سلسلة من الخصل المتوازية تمثل اللبدة التي تكسو الرقبة. يتكون الصدر من كتلة واحدة مجرّدة. الظهر مقوّس بشكل طفيف، ويظهر في مؤخرته ذيل عريض، تعلو طرفه خصلة شعر كثيفة. الجزء الأسفل من البدن مفقود للأسف، وما بقي منه لا يسمح بتحديد وضعية القوائم الأربع.

في مواجهة هذا الليث، يظهر صياد يرفع بيده اليمنى ترساً مستديراً. في المقابل، يظهر الصياد الآخر وهو يغرز خنجره في مؤخرة الوحش. بقي من الصياد الأول رأسه وذراعه اليمنى، وحافظ الصياد الآخر على الجزء الأعلى من قامته، ويتّضح أنه عاري الصدر، ولباسه يقتصر على مئزر بسيط تعلوه شبكة من الخطوط الأفقية. ملامح وجهَي الصيادين واحدة، وتتبع تكويناً جامعاً في تحديد معالمها. من خلف حامل الخنجر، يطل رأس الحصان الذي حافظ على ملامحه بشكل جلي. الأذنان منتصبتان وطرفهما مروّس. الخد واسع ومستدير. الفم عريض، وشق الشدقين بارز. اللجام حاضر، وهو على شكل حزام يلتفّ حول الأنف. تعلو هذه الصورة كتابة بخط المسند العربي الجنوبي تتألف من ستة أحرف، وهي «م - ر - أ - ش - م - س»، أي «مرأ شمس»، ومعناها «امرؤ الشمس»، وتوحي بأنها اسم علم، وهو على الأرجح اسم صاحب الضريح الذي وُجد فيه هذا الكسر.

تتبع هذه الكسور الثلاثة أسلوباً واحداً، وتعكس تقليداً فنياً جامعاً كشفت أعمال التنقيب عن شواهد عدة له في نواحٍ عديدة من الإمارات العربية وسلطنة عُمان

الكسر الثالث يمثّل القسم الأوسط من الآنية، وهو بيضاوي وقطره نحو 14 سنتيمتراً. في القسم الأوسط، يحضر نجم ذو 8 رؤوس في تأليف تجريدي صرف. وهو يحل وسط دائرة تحوط بها دائرة أخرى تشكّل إطاراً تلتف من حوله سلسلة من الطيور. تحضر هذه الطيور في وضعية جانبية ثابتة، وتتماثل بشكل تام، وهي من فصيلة الدجاجيات، وتبدو أقرب إلى الحجل. تلتف هذه الطيور حول النجم، وتشكّل حلقة دائرية تتوسط حلقة أخرى أكبر حجماً، تلتف من حولها سلسلة من الجمال. ضاع القسم الأكبر من هذه السلسلة، وفي الجزء الذي سلم، تظهر مجموعة من ثلاثة جمال تتماثل كذلك بشكل تام، وهي من النوع «العربي» ذي السنام الواحد فوق الظهر، كما يشهد الجمل الأوسط الذي حافظ على تكوينه بشكل كامل.

تتبع هذه الكسور الثلاثة أسلوباً واحداً، وتعكس تقليداً فنياً جامعاً، كشفت أعمال التنقيب عن شواهد عدة له في نواحٍ عديدة من الإمارات العربية وسلطنة عُمان. خرجت هذه الشواهد من المقابر الأثرية، ويبدو أنها شكلت جزءاً من الأثاث الجنائزي الخاص بهذه المقابر في تلك الحقبة من تاريخ هذه البلاد. عُثر على هذه الكسور في موقع مليحة، وفي هذا الموقع كذلك، عثر فريق التنقيب البلجيكي في عام 2015 على شاهد يحمل اسم «عامد بن حجر». يعود هذا الشاهد إلى أواخر القرن الثالث قبل الميلاد، ويحمل نقشاً ثنائي اللغة يجمع بين نص بخط المسند الجنوبي ونص بالخط الآرامي في محتوى واحد. يذكر هذا النص اسم «عمد بن جر»، ويصفه بـ«مفتش ملك عُمان»، ونجد في هذا الوصف إشارة إلى وجود مملكة حملت اسم «مملكة عُمان».

ضمّت هذه المملكة الأراضي التي تعود اليوم إلى الإمارات العربية المتحّدة، كما ضمّت الأراضي التي تعود إلى شمال سلطنة عُمان، وشكّلت استمرارية لإقليم عُرف في النصوص السومرية باسم بلاد ماجان. جمعت هذه المملكة بين تقاليد فنية متعدّدة، كما تشهد المجموعات الفنية المتنوّعة التي خرجت من موقع مليحة في إمارة الشارقة، ومنها الأواني البرونزية التي بقيت منها كسور تشهد لتقليد فني تصويري يتميّز بهوية محليّة خاصة.