400 ألف طفل سوري لاجئ خارج المدارس في تركيا بسبب حاجز اللغة

رغم بعض الجهود لدمجهم وآخرها إدخال العربية إلى المنهج

تلاميذ في مدرسة بمنطقة في الغوطة الشرقية في دمشق خاضعة لسيطرة المعارضة (رويترز)
تلاميذ في مدرسة بمنطقة في الغوطة الشرقية في دمشق خاضعة لسيطرة المعارضة (رويترز)
TT

400 ألف طفل سوري لاجئ خارج المدارس في تركيا بسبب حاجز اللغة

تلاميذ في مدرسة بمنطقة في الغوطة الشرقية في دمشق خاضعة لسيطرة المعارضة (رويترز)
تلاميذ في مدرسة بمنطقة في الغوطة الشرقية في دمشق خاضعة لسيطرة المعارضة (رويترز)

أكد عبد الرحمن الحاج معاون وزير التربية والتعليم في حكومة الائتلاف السوري، لـ«الشرق الأوسط»، وجود نحو 700 ألف طفل سوري في تركيا بحاجة للدخول إلى المدارس، يتابع ما يقارب 250 ألفًا تعليمهم فقط، نصفهم في المراكز التابعة للحكومة المؤقتة والنصف الآخر في المدارس التركية.
وقال الحاج إن عوامل عدّة، أبرزها اللغة وعدم توفّر الإمكانات المادية واللوجيستية اللازمة، تقف حاجزًا أمام دخول آلاف التلاميذ السوريين إلى المدارس في تركيا، لا سيما من هم في الصفوف الابتدائية العليا أو المتوسطة، فيما أعلنت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، أن أكثر من 400 ألف طفل من اللاجئين السوريين في تركيا محرومون من التعليم بسبب عدم إتقانهم اللغة التركية بشكل خاص، مما يدفع الكثيرين منهم إلى الهجرة إلى أوروبا، محذرة من أن عدم تأمين التعليم للأطفال السوريين يعرض جيلا كاملا لمخاطر كبرى.
وتفيد أرقام الحكومة التركية، حسب ما نقلت «هيومان رايتس»، بأن 212 ألف طفل من أصل 708 آلاف في سنّ التعليم سُجلوا في مدارس تركية في العام الدراسي 2014 - 2015.
وقال الحاج: «وضعت تركيا خطّة لاستقبال أكبر عدد ممكن من التلاميذ، لكن المشكلة لا تزال تكمن في أن المدارس ليست قادرة وغير مجهزة لاستقبال هذا العدد، كما أن مشكلة اللغة ورغبة الأهل الدائمة في تعلّم أولادهم العربية، تحول في أحيان كثيرة دون التحاق الأطفال بالمدارس»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الحكومة التركية تبذل جهودا لاستيعاب أكبر عدد ممكن من التلاميذ. ولفت الحاج، إلى أن قرار الحكومة التركية قبل شهرين بإضافة اللغة العربية إلى المنهج التعليمي ساهم في تسهيل دخول التلاميذ إلى المدارس، لكن من دون إضافة أي تعديلات خاصة بالسوريين على البرنامج التركي.
وشرح الحاج مهمة الحكومة المؤقتة، لا سيما وزارة التعليم، في داخل سوريا وخارجها، لافتا إلى أنّ «هناك مراكز تعليم خاصة ممولة من منظمات أهلية ودولية، تديرها الحكومة المؤقتة من خلال تطبيق البرنامج السوري الرسمي المعدّل، وهي تمنح شهادات رسمية معترف بها من عدد كبير من الدول العربية والأوروبية»، لافتًا في هذا الإطار إلى دور تركيا الأساسي في تسهيل هذا الأمر، من خلال اعتماد والاعتراف بالوثائق والشهادات الصادرة عن الحكومة المؤقتة، وقد سجّل في السنوات الأخيرة دخول عدد كبير من الطلاب السوريين إلى الجامعات في تركيا وخارجها.
ويوضح الحاج أن مراكز التعليم خارج سوريا تتطلب تكاليف مضاعفة مقارنة مع تلك الموجودة في الداخل، نظرًا إلى توفّر المباني والتجهيزات اللوجيستية الأولية. وأشار إلى أزمة أخرى تواجه قطاع التعليم السوري «وهي وجود نحو 50 ألف أستاذ سوري في تركيا من دون عمل، ونعمل على التواصل مع السلطات التركية المعنية لتوظيف ما أمكن منهم في المدارس بحسب الاختصاصات».
أما فيما يتعلّق بدول اللجوء الأخرى التي يوجد فيها الأطفال السوريون، فقال الحاج إن التقديرات تشير إلى وجود نحو 400 ألف في لبنان، دخل منهم هذا العام 160 ألفًا إلى المدارس، وفي الأردن حيث تتوفر إمكانية التعليم بشكل أسهل في ضوء البرنامج المعتمد، بحسب الحاج، فإنه لا يتجاوز عدد التلاميذ الذين لا يتابعون دراستهم الخمسين أو الستين ألفًا.
وفي تقرير لها، حضت منظمة «هيومان رايتس»، الحكومة التركية وشركاءها الدوليين على بذل جهود سريعة لزيادة نسبة التعليم لدى الأطفال السوريين، منبهة إلى أنه «من دون أمل فعلي بمستقبل أفضل، فإن اللاجئين السوريين اليائسين قد يقررون المجازفة بحياتهم للعودة إلى سوريا أو الهجرة إلى أوروبا».
وبموجب سياسة «الأبواب المفتوحة» التي تنتهجها، استقبلت تركيا رسميا نحو 2.2 مليون سوري منذ عام 2011 أجبروا على الفرار من بلادهم بسبب الحرب. ولا يعيش سوى 250 ألفًا منهم في مخيمات، في حين يقيم الباقون في المدن في أوضاع صعبة للغاية. ويلجأ الكثير من الأطفال السوريين في تركيا إلى التسول أو العمل بشكل غير شرعي بأجور زهيدة.
وسمحت السلطات التركية رسميًا في سبتمبر (أيلول) 2014 للأطفال السوريين بالالتحاق بالمدارس التركية، إلا أن عدد الذين دخلوها بالفعل بقي محدودا بسبب عائق اللغة والنقص بالمعلومات ورفض قسم من السكان الأتراك لهذا القرار، حسب ما نقلت المنظمة غير الحكومية. وشدّدت ستيفاني غي التي شاركت في إعداد التقرير على أنه «على الجهات الممولة والحكومة التركية ضمان دخول الأطفال السوريين المدارس، لتأمين مستوى معين من الاستقرار لهم، ولضمان مستقبلهم على المدى الطويل».
ويقدر صندوق الأمم المتحدة للطفولة عدد الأطفال السوريين المحرومين من التعليم بسبب الحرب، بنحو ثلاثة ملايين داخل سوريا أو خارجها.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.