مواقع التواصل الاجتماعي تتفوق على الإعلانات المدفوعة في جذب الناخبين الأميركيين

ظهور ترامب الإعلامي يعزز قيمة الدعاية الانتخابية المجانية

مواقع التواصل الاجتماعي تتفوق على الإعلانات المدفوعة في جذب الناخبين الأميركيين
TT

مواقع التواصل الاجتماعي تتفوق على الإعلانات المدفوعة في جذب الناخبين الأميركيين

مواقع التواصل الاجتماعي تتفوق على الإعلانات المدفوعة في جذب الناخبين الأميركيين

حل المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب ضيفا على برنامج «ساترداي نايت لايف»، في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وأجرى مقابلات مع ما لا يقل عن أربع شبكات تلفزيونية وطنية، أول من أمس، مما مكّنه من الوصول إلى ملايين الناخبين المحتملين من دون إنفاق سنت واحد.
وفي حين يضخ الكثير من المنافسين الجمهوريين مبالغ مالية كبيرة في الحملات الدعائية عبر شبكات التلفزيون بحثا عن مثل هذا الظهور الإعلامي، لم ينفق ترامب أية أموال على ظهوره التلفزيوني منذ أن أعلن ترشحه في يونيو (حزيران) الماضي. ورغم ذلك، يظل ترامب متقدما في معظم استطلاعات الرأي الوطنية.
وقال ديف ليفنثال، المراسل السياسي البارز بمركز النزاهة العامة الأميركي، إن «الإعلانات التلفزيونية ضرورية، ويمكن أن تكون فعالة. لكن أن تحل ضيفا على برنامج (ساترداي نايت لايف) قد يمنحك ناخبين أكثر بـ20 مرة مما يحصل عليه أي مرشح من إعلانات لجنة العمل السياسية».
وفي السابق، كانت الإعلانات التلفزيونية التي تبلغ مدتها 30 ثانية بمثابة دلائل على الثقة والتمويل الجيد للمرشح للوصول إلى البيت الأبيض. أما الآن، فأصبحت تعتبر الملاذ الأخير للحملات المتنافسة التي لم تجذب التغطية الإعلامية المجانية التي رفعت الحظوظ السياسية للحملات، مثل تلك الخاصة بترامب ومنافسه الجمهوري بن كارسون».
وتعد قدرة ترامب على جذب اهتمام وسائل الإعلام والوصول إلى الناخبين من دون استنفاد أموال الحملة، أحدث نموذج لقلب النهج التقليدي للمرشحين في التواصل مع ناخبيهم.
وبالإضافة إلى إجراء عدد لا يحصى من المقابلات، يظل ترامب فعالا في استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي للهجوم على منافسيه، وتعيد وسائل الإعلام الإخبارية التقليدية نشر الكثير من تغريداته اللاذعة والمثيرة للجدل على موقع التدوينات المصغرة «تويتر».
في هذا السياق، يقول مايك شريورز، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «استراتيجيك أميركا» المختصة بالتسويق والإعلان ومقرها ولاية آيوا: «أعتقد أن ترامب وجد السبل التي تمكنه من الحصول على اهتمام وسائل الإعلام المطبوعة والإذاعية من خلال كونه متاحا».
وأضاف: «وقد يكون ترامب المستخدم الأكثر فعالية في وسائل الإعلام الاجتماعي من أي مرشح رئاسي آخر شاهدناه على الإطلاق».
وتجدر الإشارة إلى أن وسائل الإعلام المجانية أصبحت ذات أهمية متزايدة في هذه الدورة الانتخابية لأسباب عدة. فقد جذب ترامب، وهو رجل أعمال تحول من نجم تلفزيون الواقع إلى سياسي، اهتمام معظم وسائل الإعلام بطريقة لم يتمكن أي من منافسيه تحقيقها، من دون إنفاق الأموال على الإعلانات التلفزيونية، حتى الآن.
ورغم ذلك، فقد أطلق ترامب الأسبوع الماضي أول مجموعة إعلانات مدفوعة على وسائل الإعلام، واختار لذلك إذاعة الراديو بدلا من التلفزيون. وتظل الساحة الجمهورية المزدحمة عاملا آخر في تقليص أهمية الإعلانات المدفوعة.
وقال روس شريفر، وهو مستشار إعلامي يعمل لصالح حملة كريس كريستي، حاكم ولاية نيو جيرسي: «في مثل هذا المجال الضخم، تكون الإعلانات الإيجابية (التي تدعم حملة صاحبها) أقل فعالية مما قد تكون عليه إن انحصر عدد المتنافسين في مرشحين أو ثلاثة». وأضاف: «لذلك، أعتقد أن ما نراه الآن هو إنفاق الأموال الطائلة على الإعلانات الإيجابية، دون حصد المزيد من الدعم».
وخلال عام 2011، كان المرشحون الجمهوريون والجماعات الخارجية قد أنفقوا ما يقارب 6.7 مليون دولار فحسب، مقابل نحو 35 مليون دولار في هذه الدورة الانتخابية، حسبما تفيد معطيات «كانتار ميديا» التي تتابع الإعلانات السياسية. ويقول استراتيجيون ونشطاء إن هذا التدفق المالي في موسم الانتخابات التمهيدية لم يسفر بالضرورة عن مكاسب كبيرة في استطلاعات الرأي. وتقول إليزابيث ويلنر، نائبة رئيس إدارة الإعلانات السياسية في كانتار ميديا، إن الإعلانات المدفوعة في الوقت الراهن «هي عرض لنقاط الضعف أكثر منها لمواطن القوة». وتلجأ بعض الحملات الانتخابية إلى متابعة الانطباعات الإعلامية التي حصلت عليها، حيث تولي اهتمامها إلى الأسواق والبرامج الإعلامية التي تحظى بأفضل معدلات مشاهدة بين الناخبين المستهدفين.
أما الجماعات الخارجية والأحزاب، فتركز اهتمامها على توسيع التغطية الإعلامية المجانية.
من جهته، يقول كولين ريد، المدير التنفيذي لـ«أميركا رايزينغ»، وهي لجنة عمل سياسية جمهورية: «ليس لدينا مرشح يمكنه أن يصنع الأخبار، لذا يتعين علينا متابعة ما يجري، والتفكير في السبل التي تمكننا من بث رسائلنا فيما يتداول من أخبار بالفعل». ويتابع ريد أن الإعلانات التلفزيونية تظل مهمة، لكن «الناس يحصلون على معلوماتهم من مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل أخرى، وليس من الإعلانات التلفزيونية فحسب».
* خدمة «نيويورك تايمز»



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.