شقيقة خالد سعيد: القضاء رد اعتبار «ملهم الثورة» المصرية

الشرطيان المتهمان بقتل خالد سعيد يتحدثان مع الموجودين بقاعة المحكمة في الإسكندرية أمس عقب النطق بالحكم (أ.ف.ب)
الشرطيان المتهمان بقتل خالد سعيد يتحدثان مع الموجودين بقاعة المحكمة في الإسكندرية أمس عقب النطق بالحكم (أ.ف.ب)
TT

شقيقة خالد سعيد: القضاء رد اعتبار «ملهم الثورة» المصرية

الشرطيان المتهمان بقتل خالد سعيد يتحدثان مع الموجودين بقاعة المحكمة في الإسكندرية أمس عقب النطق بالحكم (أ.ف.ب)
الشرطيان المتهمان بقتل خالد سعيد يتحدثان مع الموجودين بقاعة المحكمة في الإسكندرية أمس عقب النطق بالحكم (أ.ف.ب)

قضت محكمة مصرية أمس بمعاقبة شرطيين بالسجن المشدد عشر سنوات في قضية مقتل الشاب السكندري خالد سعيد، الذي تعد واقعة مقتله جراء العنف البالغ والتعذيب أحد أسباب تفجر الثورة في مصر قبل ثلاث سنوات، ليطلق عليه لاحقا «أيقونة الثورة المصرية». وهو الحكم الذي علقت عليه شقيقة سعيد لـ«الشرق الأوسط» بوصفه بـ«رد الاعتبار». يأتي ذلك في وقت تسارعت فيه وتيرة استهداف أفراد الشرطة من قبل مسلحين مجهولين يستقلون دراجات نارية، وشهدت البلاد أمس أربع عمليات في ثلاث مدن أدت إلى مقتل شرطيين، وإصابة اثنين آخرين.
وأدين الشرطيان عوض سليمان ومحمود صلاح، في وقت سابق، في قضية مقتل خالد سعيد، وحكم عليهما بالسجن سبع سنوات، لكن المحكمة قبلت الطعن على الحكم وشددت العقوبة، وقضت أمس بسجنهما عشر سنوات مشددة على جريمة التعذيب، كما قضت برفض قبول الدعوى المدنية بالنسبة للمتهم الثالث؛ رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف بصفته، لرفعها من غير ذي صفة. وقال دفاع المتهمين إنه سيطعن على الحكم أمام محكمة النقض، بعد وضع المحكمة لأسباب وحيثيات الحكم.
وقالت زهرة شقيقة خالد سعيد لـ«الشرق الأوسط»، أمس عقب صدور الحكم، إنه «ما من شيء يمكن أن يعيد لنا خالد، لكننا ننظر للحكم باعتباره رد اعتبار للشهيد بعد سلسلة من الشائعات والتلفيقات حول القضية.. كنا نأمل في أقصى عقوبة (15 سنة)، لكننا مرتاحون بهذا الحكم خاصة أنه عدل الاتهام (الموجه للشرطيين) من ضرب أفضى إلى موت إلى التعذيب حتى الموت».
وتعود قضية سعيد إلى منتصف عام 2010، وظلت تثير الجدل في أوساط الرأي العام طيلة السنوات الثلاث الأخيرة. وبدأ اهتمام الرأي العام بالقضية منذ بدايتها حين بث نشطاء صورا لجثمان الشاب السكندري الذي بدت عليه آثار التعذيب، لكن وزارة الداخلية نفت حينها تلك الاتهامات وقالت إنه مات اختناقا جراء ابتلاعه لفافة احتوت على مواد مخدرة.
وأثارت الواقعة غضب الناشطين من أجل الديمقراطية على مواقع التواصل الاجتماعي، وانطلقت صفحة على موقع «فيسبوك» سميت باسم «كلنا خالد سعيد»، ووجهت من خلالها أولى الدعوات إلى الثورة على نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي أجبر على التنحي في فبراير (شباط) 2011.
وعلى مدار السنوات الأربع الماضية شهدت جلسات المحاكمة مناوشات بين نشطاء سكندريين وقوات الأمن. وأدين أخيرا عدد من النشطاء بتهمة التجمهر وحكم عليهم بالسجن لعامين، أبرزهم الناشط الحقوقي حسن مصطفى الذي لعب دورا بارزا في إثارة قضية خالد سعيد، والناشطة السياسية ماهينور المصري.
على صعيد ذي صلة، حجزت محكمة استئناف القاهرة، التي انعقدت أمس بمعهد أمناء الشرطة بمنطقة سجون طرة (جنوب القاهرة)، الطلب المقدم من القيادي الإخواني محمد البلتاجي، والداعية الإسلامي صفوت حجازي، لرد هيئة محكمة جنايات شمال في قضيتي «التخابر» و«اقتحام السجون» المتهم فيهما الرئيس السابق محمد مرسي، وآخرون من قيادات الإخوان، لجلسة 9 أبريل (نيسان) المقبل للنطق بالحكم.
وكان المتهمان البلتاجي وحجازي، قد تقدما بطلب إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة لرد هيئة المحكمة (تنحيتها عن نظر القضية)، اعتراضا على تجهيز المحكمة بقفص زجاجي، وبطلان إجراءات المحاكمة، على حد قولهما.
وعلى الصعيد الميداني، قتل شرطيان وأصيب اثنان آخران في أربع وقائع منفصلة في ثلاث مدن، برصاص مجهولين يستقلون دراجات نارية، في ظاهرة بدأت وتيرتها تتسارع في البلاد منذ مطلع العام الجاري. وتتهم وزارة الداخلية جماعة الإخوان المسلمين بالوقوف خلف هذه الجرائم، وتقول إنها أوقفت بالفعل عددا من الخلايا المرتبطة بالجماعة، وهو ما دأب قادة الإخوان على نفيه قائلين إن تحركاتهم سلمية.
ونعى رئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب، رقيب الشرطة الذي قتل أمس، مؤكدا أن «وزارة الداخلية سوف ترعى أسرة الشهيد، كما ستعمل بكل قوة على القبض على عناصر الإرهاب التي استهدفته وتقديمهم للعدالة».
وكان محلب وضع مهمة استعادة الأمن ودحر الإرهاب كأولوية لحكومته التي أدت اليمين الدستورية مطلع الأسبوع الجاري. ويرى مراقبون أن زيادة وتيرة استهداف أفراد الشرطة ربما تكون متعمدة لإحراج رئيس الحكومة.
وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أمس إن رقيب شرطة تابع لمديرية أمن بني سويف قتل إثر قيام مجهولين بإطلاق أعيرة نارية عليه أثناء توجهه لمقر عمله، مشيرا إلى أن المسلحين كانا يستقلان دراجة نارية، بينما لقي أمين شرطة مصرعه إثر قيام مسلحين بإطلاق الرصاص عليه أثناء مرور سيارة نجدة تابعة لمركز قسم شرطة البدرشين بمنطقة الحوامدية بمحافظة الجيزة المتاخمة للعاصمة. وأضاف أن عنصرين آخرين أصيبا أمس أيضا، في محافظتي الجيزة، والدقهلية (بدلتا مصر)، مشيرا إلى أن مجهولين يستقلان دراجة نارية باغتا أمين شرطة ضمن قوة مباحث الصف بمحافظة الجيزة بوابل من الأعيرة النارية، قرب قرية «أسكر» في منطقة الصف، مما أسفر عن إصابته بطلق ناري في فكه، وجرى نقله إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة (غرب القاهرة) لتلقي العلاج.
واستهدف مجهولان أمين شرطة بالنجدة أثناء وجوده أمس أمام مبنى محافظة الدقهلية وفرا هاربين، ونقل الشرطي إلى مستشفى بمدينة المنصورة بعد إصابته بطلق ناري في الرأس. وشهدت مدينة المنصورة تفجير مبنى مديرية الأمن نهاية العام الماضي في واحدة من أعنف العمليات النوعية التي نفذتها جماعات إسلامية متشددة في البلاد عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان. وتجمهر عشرات من المواطنين وأمناء وأفراد الشرطة بشارع قناة السويس بمدينة المنصورة التي شهدت عدة عمليات لاستهداف أفراد الشرطة. وردد المتجمهرون هتافات معادية لجماعة الإخوان ومنددة بـ«العمليات الإرهابية» التي تستهدف أفراد وضباط الشرطة.
وعلى صعيد آخر، قال المتحدث الرسمي باسم الجيش العقيد أحمد محمد علي، في بيان له على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن «قوات الجيش ألقت القبض على 21 فردا من العناصر التكفيرية والإجرامية الموالية لجماعة الإخوان الإرهابية» في شمال سيناء، بحسب وصف البيان، مشيرا إلى أن قوات الشرطة مدعومة بعناصر من الجيش تمكنت أيضا من توقيف تسعة من «العناصر الإجرامية والإرهابية» بمحافظة المنيا بصعيد مصر وبحوزتهم خمس بنادق خرطوش، وسلاح آلي، وكميات من الذخائر والأسلحة البيضاء.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.