احتمال تعرّض الطائرة الروسية لتفجير إرهابي ينذر بإزدياد خطر «داعش»

الهجوم يمثل نقلة نوعية من حيث الاستهداف والقوة

جنود مصريون يجمعون حقائب ضحايا ركاب الطائرة الروسية في صحراء سيناء (أ. ب)
جنود مصريون يجمعون حقائب ضحايا ركاب الطائرة الروسية في صحراء سيناء (أ. ب)
TT

احتمال تعرّض الطائرة الروسية لتفجير إرهابي ينذر بإزدياد خطر «داعش»

جنود مصريون يجمعون حقائب ضحايا ركاب الطائرة الروسية في صحراء سيناء (أ. ب)
جنود مصريون يجمعون حقائب ضحايا ركاب الطائرة الروسية في صحراء سيناء (أ. ب)

تثير الاحتمالات المتزايدة بسقوط طائرة الركاب الروسية فوق شبه جزيرة سيناء المصرية، نتيجة تفجير إرهابي، المخاوف بأن التهديدات الصادرة عن تنظيم داعش الإرهابي قد توسعت وبشكل كبير، كما أنها تشير إلى الأدوار القاتلة التي قد يلعبها الإرهابيون الذين قد أعلنوا ولاءهم وتحالفهم مع التنظيم المتطرف، في جميع أنحاء العالم.
تتزايد المخاوف بأن تكون طائرة شركة «متروجيت» الروسية المحملة بالسياح، والمتجهة من شرم الشيخ في شبه جزيرة سيناء إلى مدينة بطرسبرغ، قد استهدفت من قبل إرهابيين يوم الجمعة الماضي إثر التقارير الفرنسية التي تفيد بأن الصناديق السوداء للطائرة المنكوبة تحتوي على أصوات انفجارات.
جاءت تلك التقارير الإخبارية بعد إعلان روسيا تعليق جميع رحلات طائراتها إلى مصر، في إشارة قوية من جانب الكرملين، الذي ظل إلى وقت قريب يرفض قبول إضفاء ملامح العملية الإرهابية على الحادث. وبات يخشى الآن جديًا من أن تكون قنبلة إرهابية وراء سقوط الطائرة نهاية الأسبوع الماضي، وهي الحادثة التي أسفرت عن مقتل كل الـ224 راكبا الذين كانوا على متنها.
وإذا ما أثبتت التحقيقات أن تنظيم داعش وراء تلك العملية، فمن شأن ذلك أن يضرب عرض الحائط بكل التوقّعات التي تفيد بأن التنظيم محاصر وقد تعرّض لهزائم مروعة في العراق وسوريا، وهي المنطقة التي استولى فيها التنظيم المتطرف على مساحات شاسعة من الأراضي وأعلن «خلافته» المزعومة.
كذلك، كما يقول المحلّلون، فإن من شأن تلك العملية أن تعكس كيفية تمكن تنظيم داعش من تحويل روافده البعيدة إلى أذرع عملياتية فاعلة، إذ ألقي القبض على عدد من التابعين للتنظيم الإرهابي في إقليم كوسوفو وفي ألبانيا خلال الشهور الأخيرة إثر مزاعم عن تخطيطه لشن هجمات داخل أوروبا، كما يقول بروس هوفمان، خبير الإرهاب لدى جامعة جورجتاون الأميركية، الذي أضاف «ولكنها المرة الأولى التي تجاوز فيها تنظيم داعش عتبته المحلية منطلقًا لشن عملياته الإرهابية فعليًا على الساحة الدولية».
الرئيس الأميركي باراك أوباما، من جهته، صرح الخميس الفائت بأن قنبلة إرهابي قد تكون السبب وراء تحطم الطائرة الروسية وأن ذلك احتمال قائم، وأردف «نحن نأخذ الأمر على محمل الجدية». غير أن المسؤولين حذروا من أن هناك كثيرا من التساؤلات ما زالت من دون إجابة، بما في ذلك درجة التنسيق الحالية ما بين قيادة «داعش» في سوريا من جهة والمتطرفين المسلحين في مصر وليبيا واليمن وغيرها من جهة أخرى، وكل هؤلاء يرفعون رايات التنظيم الإرهابي السوداء.
ومن جهة ثانية، صرح أحد المسؤولين في الإدارة الأميركية، شريطة التكتم على هويته لدى مناقشته التقديرات الاستخبارية بأنه «إذا ما أسفرت التحقيقات عن أن إثبات أنها عملية إرهابية، وحتى إذا كانت إحدى الجماعات التي ترتدي عباءة (داعش) وراءها، سيظل هناك سؤال مهم حول ما إذا كانت تلك الجماعة تعمل حقًا بناءً على أوامر من (داعش)، أم بصورة مستقلة تماما، وما مدى السيطرة العملياتية، إن وجدت، التي يمارسها قادة تنظيم داعش في سوريا على مثل تلك الهجمات الإرهابية؟».
مع ذلك، سواء كانت تلك العملية مستقلة أو موجّهة، فإن ذلك الهجوم سيمثل «نقلة نوعية من حيث الاستهداف وقوة الهجوم»، على حد وصف ويليام ماكانتس، خبير الإرهاب ومؤلف كتاب جديد حول تنظيم داعش بعنوان «يوم الانكشاف مع داعش». وحسب كلام ماكانتس فإن الهجمات الإرهابية المنفردة هي الأكثر إثارة للقلق، لكنها لا تشيع القدر نفسه من الخوف الذي يبعثه استهداف طائرات الركاب المدنية، «وإذا ما استمرت تلك الأنماط من الهجمات ضد الدول التي تقاتل (داعش)، فستشكل ضغوطا كبيرة للغاية» على التحالف الدولي.
يوم السبت ادعت جماعة «أنصار بيت المقدس»، الذراع التابعة لـ«داعش» في شبه جزيرة سيناء، مسؤوليتها عن إسقاط طائرة الركاب الروسية. وزعمت الجماعة المتطرفة في بيانها المقتضب «لقد تمكن جنود الخلافة من إسقاط طائرة الركاب الروسية فوق سيناء»، وفقا لموقع «مجموعة سايت الاستخبارية».
كما هو معروف، روسيا تدخلت أخيرًا في الصراع السوري، وادعت أن غاراتها الجوية ركزت على مهاجمة مواقع «داعش» في سوريا، وهذا على الرغم من أن غالبية الضربات الجوية قد استهدفت حقًا جماعات متمردة أخرى تقاتل حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، حليف موسكو القديم. أما جماعة «أنصار بيت المقدس»، التي تطلق على نفسها الآن مسمى «ولاية سيناء»، فإنها نشأت من صفوف تنظيم محلي متطرف ومسلح تشكلت في أعقاب ثورة عام 2011 في مصر، قبل تأسيس تنظيم داعش في العراق وسوريا. وفي أواخر العام الماضي، أعلنت هذه الجماعة المصرية المتطرفة ولاءها لـ«أبو بكر البغدادي» زعيم «داعش»، بيد أن مستوى الدعم الذي يتلقاه المتطرفون المسلحون في سيناء من قيادة «داعش» المركزية في العراق وسوريا لا يزال مجهولا.
ولكن مع هذا، نفذت الجماعة المتطرفة في مصر مجموعة من الهجمات المروّعة، شملت عمليات نسف خط أنابيب الغاز الطبيعي بين مصر وإسرائيل، إلى جانب عدة هجمات على السياح الإسرائيليين في سيناء. وخلال الصيف المنصرم، ادعت الجماعة المتطرفة مسؤوليتها عن سلسلة من الهجمات الكبيرة التي طالت أهدافا مصرية وأخرى أجنبية، بما فيها عمليات نفذت في العاصمة المصرية القاهرة.
بروس ريدل، وهو محلل سابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ومن خبراء الإرهاب لدى معهد بروكينغز يقول شارحًا: «تتمتع هذه الجماعة بقوة ملحوظة. ولذا لا يعتبر امتدادًا ضخمًا بالنسبة لها الانتقال من مهاجمة الأهداف (الكافرة) إلى ملاحقة الروس بالذات».
هذا التطور قد يُعدّ مؤشرًا على وجود تهديد جديد للغرب من منطقة لم تكن في الماضي موضع تركيز كبير من جانب جهود مكافحة الإرهاب. وهنا يتابع ريدل قائلاً إن «ذراعًا لتنظيم إرهابي في دولة كبيرة بحجم مصر يسكنها أكثر من 80 مليون مواطن، وتضم قناة السويس، وتنشط فيها صناعة السياحة، تشكل معضلة كبيرة جدًا هي حتمًا أخطر وأكثر تهديدًا بكثير من ذراع أخرى تعمل في الأرياف النائية بجنوب اليمن أو أعماق الصومال. فليست هناك رحلات جوية يومية إلى مقديشو، لكن هناك المئات من تلك الرحلات اليومية إلى مطار القاهرة الدولي».
إن القدرة الواضحة عند «داعش» على تهريب قنبلة أو مواد متفجرة إلى داخل طائرة ركاب روسية محمّلة بالسياح، لا شك، من الأمور المزعجة والمقلقة لمسؤولي الأمن الأميركيين، الذين كانوا قد طمأنوا أنفسهم في الآونة الأخيرة إلى الفكرة القائلة بأن التنظيم المتطرّف منشغل جدًا بتوطيد أركان «خلافته» المزعومة، وبالتالي، ما عاد مستعدًا لتوجيه ضربات خارج مجال عملياته الحالي، أو قادرًا على ذلك.
عودة إلى بروس هوفمان، فإنه يرى أن «هذه الحادثة هي أكبر حادثة إرهابية ذات صلة بالطيران التجاري منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، ولذا ستكون تداعياتها عميقة للغاية». ويضيف أنه من خلال الاستيلاء على فرصة ما في سيناء «فالتنظيم الإرهابي يتخذ خطوة أخرى على طريق تدويل الجماعة».
من بعض النواحي، فإن تنظيم داعش الذي أبصر النور إثر انقسام داخل تنظيم القاعدة، يبدو أنه يقرأ من كتاب قواعد لعبة «القاعدة» عبر رعايته للجماعات الخارجية الموالية له. وعلى الرغم من أن القيادة المركزية لتنظيم «القاعدة» تعرّضت لاهتزازات مدمّرة خلال العقد الماضي بنتيجة ضربات الطائرات من دون طيار الأميركية، فإن الأذرع الحليفة التي أنشأتها «القاعدة» في اليمن وشمال أفريقيا وغيرها من المواضع ساعدت كثيرا في الحفاظ على زخم نشاطه حتى الآن.
وختامًا، يعلق ماكانتس بالقول: «بالإمكان أن نلحظ محاولة من (داعش) للتحوّط من غدرات المستقبل وضمان تأمين عمق استراتيجي له. فإذا ما حوصروا في منطقة ما، سيكون لديهم الوسائل لتوجيه الضربات في مكان آخر، بمعنى أنهم إذا ما تعرضوا للضرب في سوريا سيردون الصاع صاعين في مصر».

*مراسلة شؤون الأمن الوطني في جريدة «واشنطن بوست»



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».