التجمع العربي ـ الأميركي يرسم خريطة طريق للعلاقات الاقتصادية بين المجموعتين

وزير المالية السعودي: مستمرون في برنامج الإصلاح الاقتصادي.. والتعاون بين الإقليمين يزيدنا قوة

جانب من أعمال المنتدى الرابع لرجال الأعمال في البلاد العربية ودول أميركا الجنوبية («الشرق الأوسط»)
جانب من أعمال المنتدى الرابع لرجال الأعمال في البلاد العربية ودول أميركا الجنوبية («الشرق الأوسط»)
TT

التجمع العربي ـ الأميركي يرسم خريطة طريق للعلاقات الاقتصادية بين المجموعتين

جانب من أعمال المنتدى الرابع لرجال الأعمال في البلاد العربية ودول أميركا الجنوبية («الشرق الأوسط»)
جانب من أعمال المنتدى الرابع لرجال الأعمال في البلاد العربية ودول أميركا الجنوبية («الشرق الأوسط»)

قال الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي، إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وجه بتواصل برنامج الإصلاح الاقتصادي، مشيرا إلى توجيهه بفتح المجال أمام الشركات العالمية بالاستثمار مباشرة في سوق التجزئة السعودية.
وأضاف العساف أن الاقتصاد السعودي، يشهد نموا متواصلا مدعوما بقطاع خاص يتسم بالحيوية والنمو الجيد، في ظل توافر فرص استثمارية كبيرة في الكثير من المجالات خاصة في مجال الطاقة والصناعات التحويلية.
جاء ذلك في كلمة لوزير المالية السعودي، لدى افتتاحه أعمال المنتدى الرابع لرجال الأعمال في البلاد العربية ودول أميركا الجنوبية الذي نظمه مجلس الغرف السعودية أمس بالرياض، مشددا على ضرورة العمل لمزيد من التنسيق والتعاون بين القطاع الخاص في الإقليمين.
وقال العساف: «على الرغم من أن التعاون القائم بين دولنا العربية ودول أميركا الجنوبية قطع شوطا لا بأس به في عدد من المجالات، فإنه لم يرق إلى ما يتطلع إليه الجميع خاصة في المجالات التجارية والاستثمارية، عطفا على ما تتمتع به دولنا من فرص واعدة في كافة المجالات كالطاقة والبناء والتشييد والصناعات التحويلية، والمكانة التي تحتلها في الاقتصاد العالمي».
ولفت إلى أن القطاع الخاص يمثل الأداة الفاعلة لزيادة التبادل التجاري والاستثماري بين الجانبين، مؤكدا على حرص بلاده على تعزيز هذا التعاون، مشيرا إلى أن محاور أعمال المنتدى تعكس الرغبة الأكيدة لرجال وسيدات الأعمال في المنطقتين في المساهمة في زيادة حجم التجارة والاستثمار بالاستفادة من الإمكانات التي تتمتع بها اقتصادات دول الإقليمين.
وأعرب وزير المالية السعودي، عن تطلع الجميع إلى نتائج ملموسة تسهم في تقوية التعاون والتنسيق بين قطاعات الأعمال في دول الإقليمين، لافتا إلى ما يبعث على التفاؤل بنمو التجارة الخارجية للدول العربية مع دول أميركا الجنوبية في العقد الأخير.
ووفق العساف، بلغ متوسط النمو السنوي في الصادرات العربية لدول أميركا الجنوبية خلال الأعوام الأخيرة 17 في المائة، فيما تتمثل أهم الصادرات العربية لدول أميركا الجنوبية في النفط ومشتقاته والأسمدة والحديد والصلب، في حين بلغ متوسط نمو الواردات العربية من دول أميركا الجنوبية 20 في المائة.
وتتمثل أهم الواردات العربية من أميركا الجنوبية وفق العساف، في اللحوم والحبوب وخامات المعادن والمواد الغذائية، مشددا على ضرورة تعزيز الربط البحري بين الجانبين نظرا لطبيعة المنتجات المتبادلة وبعد المسافة بينهما.
من جانبه أكد الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة السعودي في كلمة له أمام المشاركين في المنتدى، على أهمية هذه المناسبة، موضحا أنها تأتي استكمالا للجهود المبذولة بين الجانبين لتعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري والتي تحرص على تطويرها وتنميتها حكومة السعودية وجميع حكومات الدول العربية من خلال الأطر والآليات المتخصصة في هذا الشأن.
ولفت الربيعة إلى أن المنتدى يسعى لإعداد رؤية مشتركة يتبناها قطاع الأعمال العربي والأميركي الجنوبي حيال الموضوعات والقضايا الرامية لتطوير العلاقات التجارية والاستثمارية بين الإقليمين، منوها أن المنتدى فرصة لإطلاع الجانبين على التطور الاقتصادي لدى كل جانب والمشاريع الكبيرة.
وزاد بأن القمم العربية مع دول أميركا الجنوبية شكلت مصدر دعم قوي للعلاقات الاقتصادية بينهما، ولمنتديات قطاع الأعمال للجانبين التي تبنت عددا من التوصيات في هذا الشأن ما انعكس على ارتفاع مستوى التبادل التجاري بين كثير من الدول العربية ودول أميركا الجنوبية، داعيا إلى ضرورة تذليل العقبات التي تحد من زيادة المبادلات التجارية بين الإقليمين.
وأكد الربيعة أن التعاون بين الجانبين في القطاعات الاقتصادية المختلفة سيؤدي إلى وجود تكتل اقتصادي قوي ومنافس يسهم في ترسيخ علاقات دولية قائمة على الإنتاج والتعاون ومبنية على تكافؤ وتبادل المصالح والاستفادة من حجم السوق الاستهلاكية الكبيرة للجانبين، مشيرا إلى أن حجم السكان لهذه المنطقة مجتمعة يتجاوز 800 مليون نسمة. وفي الإطار نفسه، قال الدكتور نبيل العـربي الأمـين العـام لجامعة الدول العربية في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه الســفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام للجامعة أمام المشاركين في المنتدى، إن مجالات التعاون العربي الأميركي - الجنوبي تقف على أرضية صلبة، قوامها الإرادة السياسية المشتركة، والرؤية الاستراتيجية لتحقيق مصالح الطرفين.
وأضاف بن حلي أن آلية منتدى رجال الأعمال تشكل رافدا مهما ودعامة أساسية في بناء شراكة حقيقية بين دول العالم العربي والأميركي الجنوبي، مؤكدا قدرة المنتدى على ترجمة توجيهات القمم المشتركة في مشاريع تكاملية ذات عائد مربح.
وطالب الجهات الرسمية في المجموعتين بتسهيل عملية التواصل المباشر والتعارف بين المتعاملين الاقتصاديين وتوفير البيئة الجاذبة والرابحة والمشجعة للاستثمارات وإتاحة المجال للاطلاع على المعلومات والإحصائيات اللازمة لإنجاز المشاريع المشتركة.
كما دعا إلى أهمية فتح مجالات تنمية التجارة، مع تسهيل الخدمات المالية والمصرفية، والاستفادة من الاتفاقيات المبرمة في الإطار الثنائي لتوسيع آفاقها على مستوى المجموعتين بغية زيادة انسياب السلع والبضائع والخدمات وتنشيط الحركة الاقتصادية بشكل عام.
وأقرّ بوجود تحديات مشتركة، تواجهها دول المنطقتين في سبيل تحقيق التنمية المستدامة في أبعادها المتعددة، منوها بأن دول الإقليمين النامية تشكل فئة الشباب فيها الغالبية العظمى، ما يستدعي إعطاءها كل الفرص الممكنة، وفتح أمامها أبواب الأمل والعمل لتوظيف طاقاتها الشابة في الإنتاج وتحقيق الازدهار، وبناء المستقبل، وإنقاذها من سراب، ومغامرات الهجرة غير الشرعية، أو سقوطها في يد تجار الإرهاب والجريمة المنظمة.
وشدد على ضرورة العمل المشترك على إحكام سبل التنسيق على المستوى الدولي في المواقف والرؤى بين دول الإقليمين لتعزيز دور هذه الدول في المنظومة الاقتصادية الدولية والحفاظ على المصالح المشتركة، وتأكيد الإرادة بأن تكون هذه الدول قوة مشاركة ومؤثرة في تشكيل النظام الاقتصادي العالمي.
ونادى بأهمية لعب أدوار محركة في الملفات المطروحة على الأجندة العالمية مثل قضايا المناخ وتداعياتها على عالمنا، وإصلاح النظام الاقتصادي الدولي، وتحريك الركود الاقتصادي والعمل على تحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة لفترة 2015 – 2030 التي أقرتها الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.
من جانبه، أكد الدكتور عبد الرحمن الزامل رئيس مجلس الغرف السعودية عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف العربية أن المنتدى والقمة، يكمّلان مسيرة التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والمالي والثقافي والعلمي والتكنولوجي، وحتّى السياسي، التي بدأت مع القمم الثلاث السابقة وما نتج عنهم من مُقررات أكّدت على أهميّة التعاون المشترك، بين الجانبين، في شتّى المجالات وعلى المديين القصير والطويل.
ولفت إلى أن العالم العربي وأميركا الجنوبيّة يتقاسمان الكثير من الجوانب المشتركة، كما تشترك المنطقة العربيّة وأميركا الجنوبيّة الرؤى ذاتها فيما يخص تحقيق التنمية والعدالة، وأن المنطقتين تحويان أكثر من ثلثي الاحتياطي المعروف من النفط، وموارد اقتصادية مهمّة.
ودعا الزامل إلى أهمية قيام منطقة تجارة حرّة بين العالم العربي وأميركا الجنوبيّة يخلق ديناميكية جديدة في الواقع الاقتصادي لكلا المنطقتين، لا سيّما في مجالات تبادل الاستثمارات المباشرة، والتعاون الصناعي والزراعي، وفتح أسواق كبيرة للتبادل التجاري، واستقطاب التكنولوجيا المتطوّرة من دول أميركا الجنوبيّة.
زاد بأنّ الإنتاج الصناعي العربي يحتاج إلى مكونات تكنولوجية ذات مستويات وسيطة حتّى يتم توطينها واستيعابها بسهولة، مبينا أن هذا المنتدى والقمّة الرابعة للدول «الأسبا ASPA»، بمثابة فرصة ثمينة لبحث وتطوير التعاون السياسي والاقتصادي بين الطرفين من أجل تفعيل دور الدول الناشئة المحوريّة، وخلق نظام مالي عالمي جديد أكثر عدالة وإنصافًا وشفافية.
وقال الزامل إن مجتمع الأعمال في العالم العربي بصفة عامة والسعودية بصفة خاصة يتابع باهتمام وعن كثب التطورات الاقتصادية في دول أميركا الجنوبية، بما في ذلك انضمام البرازيل إلى مجموعة البريكس BRICS في 16 يونيو (حزيران) 2009م، وانضمام كل من بيرو وتشيلي إلى اتفاقية الشراكة الاقتصادية عبر المحيط الهادي TPP في 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2015م.
ومن الأهمية بمكان وفق الزامل، دراسة آثار هذه الاتفاقية، داعيا حكومات المجموعتين العربية وأميركا الجنوبية للإسراع في تحرير التجارة وتشجيع وضمان الاستثمارات تفاديا للازدواج الضريبي، لما لهذه الخطوة من آثار إيجابية في تنمية التجارة والاستثمار بين الطرفين. من ناحيته، أوضح الدكتور مارسيلو نبيه سلوم رئيس الغرفة التجارية العربية البرازيلية أن هذا المنتدى سيعزز علاقات التعاون والتكامل بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية، لافتا إلى التطور والنمو الكبير الذي شهدته العلاقات التجارية بين الإقليمين نتيجة للعمل الدؤوب وتبادل الزيارات وإقامة المعارض ولقاءات العمل.
ولفت إلى أنه قفز حجم المبادلات التجارية من 13.6 مليار دولار إلى 35 مليار دولار بزيادة 156 في المائة، داعيا كلا الجانبين لمواصلة الجهود والعمل على إبرام الاتفاقيات الرامية لتنمية وازدهار العلاقات الاستثمارية خاصة أن دول الإقليمين تمتلك أكبر احتياط للنفط والغاز ناهيك عن المواقع الجغرافية الاستراتيجية والبنية التحتية للمطارات وغيرها والمقومات السياحية ورأس المال البشري الفعال.
وفي السياق نفسه، أكد الدكتور إسماعيل عبد الغفار رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، أن العائق الأساسي أمام تعزيز التجارة البينية بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية هو الارتفاع الشديد في تكلفة النقل وإهمال النقل البحري كأحد وسائط النقل منخفضة التكلفة.
وأشار إلى أن التجارة العربية لأميركا الجنوبية المنقولة بحرا لا تزيد في أحسن الأحوال عن 15 في المائة، لافتا إلى أنه من المزايا الطبيعية أن أغلب دول المجموعتين تطل بشكل أو آخر على منافذ بحرية مما يجعلها مؤهلة لتنفيذ مشروع الربط البحري.
ونوه عبد الغفار بتكليف مجلس وزراء النقل للأكاديمية بإعداد دراسة حول تطوير دور النقل البحري في دعم منظومة التجارة بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية التي قامت الأكاديمية بإنجازها ورفعها لمجلس وزراء النقل العرب الذي اعتمدها ورفعها للمجلس الاقتصادي وبدوره وافق عليها وسيقوم بعرضها خلال القمة العربية الأميركية الجنوبية، كما نوه بعمل الأكاديمية دراسة بشأن إنشاء شركة مشتركة للخدمات اللوجستية بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية سيتم رفعها للقمة.
يشار إلى أنه شارك أكثر من 350 شخصية من المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال والسفراء من الدول العربية ودول أميركا الجنوبية في فعاليات المنتدى الرابع لرجال الأعمال في الدول العربية ونظرائهم في دول أميركا الجنوبية، الذي ينظمه مجلس الغرف السعودية بالتعاون مع جامعة الدول العربية واتحاد الغرف العربية، وذلك لبحث سبل تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين.



مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
TT

مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)

توقن مصر بـ«حتمية» عودة حركة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها، بصفتها «الخيار الأول» لشركات الشحن العالمية، في حال استقرار الأوضاع في المنطقة.

وأقر رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، في كلمته خلال الاحتفال بذكرى «اليوم البحري العالمي»، مساء السبت، تحت شعار «الملاحة في بحار المستقبل: السلامة أولاً»، بأن «الأوضاع الراهنة والتحديات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة البحر الأحمر تُلقي بظلالها على معدلات الملاحة بقناة السويس».

وأشار إلى «انخفاض أعداد السفن المارة بالقناة من 25887 سفينة خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 20148 سفينة خلال العام المالي 2023 - 2024».

ولفت ربيع إلى «تراجع إيرادات القناة من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024». مضيفاً أن «إحصائيات الملاحة بالقناة منذ بداية العام الحالي حتى الآن سجلت انخفاضاً في أعداد السفن المارة بالقناة بنسبة 49 في المائة، وانخفاض الإيرادات المحققة بنسبة قدرها 60 في المائة، مقارنةً بالمعدلات المحققة خلال ذات الفترة من العام الماضي»، مرجعاً السبب إلى «اتخاذ عديد من السفن طرقاً بديلة في ظل التحديات الأمنية في المنطقة».

وأشار رئيس هيئة قناة السويس إلى «تأثير التداعيات السلبية للأوضاع الراهنة في المنطقة على استدامة واستقرار سلاسل الإمداد العالمية، وما ترتب عليها من تحديات ملاحية واقتصادية تمثلت في تجنب الإبحار في المنطقة، واتخاذ طرق ملاحية بديلة بعيداً عن قناة السويس».

وقال ربيع: «أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة رسوم التأمين البحري، إضافةً إلى تحديات أمنية وبيئية ومخاوف من حدوث تسرب للنفط وللمواد الكيميائية وتهديد الحياة البحرية».

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيَّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد الماضي، إن «بلاده فقدت ما بين 50 في المائة إلى 60 في المائة، من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال الأشهر الثمانية الماضية».

ولمواجهة التحديات أوضح ربيع، في كلمته، أن «قناة السويس عكفت على فتح خطوط اتصال مباشرة مع الأطراف المعنية كافة، عبر عقد لقاءات موسعة مع كل المؤسسات البحرية الدولية والخطوط الملاحية، والتشاور مع العملاء حول تداعيات الأزمة الراهنة»، مشيراً إلى أن تلك اللقاءات «شهدت طرح الرؤى المحتملة لمواجهة التحديات المختلفة المرتبطة بالأزمة في محاولة لتقليل تأثيرها على حركة التجارة العالمية».

وقال ربيع: «خلصت نتائج المباحثات المشتركة مع العملاء إلى عدم وجود بديل مستدام للقناة على المدى المتوسط أو البعيد»، لافتاً في هذا الصدد إلى ما أكده أكبر الخطوط الملاحية بأن «قناة السويس ستظل الخيار الأول، وأن عودتهم حتمية للعبور عبر القناة فور استقرار الأوضاع في المنطقة».

وشهدت الفترة الماضية اتصالات مصرية مكثفة مع شركات الشحن أو قادة المجتمع الدولي لوضع حد لتوترات البحر الأحمر، كما أعلنت هيئة قناة السويس حوافز تسويقية وتخفيضات لتنشيط حركة الملاحة وتجاوز تداعيات تراجع الإيرادات.

وقال ربيع إن «قناة السويس بذلت جهوداً نحو تنويع مصادر الدخل، وتلبية متطلبات المرحلة الراهنة عبر تقديم حزمة متنوعة من الخدمات الملاحية الجديدة التي لم تكن متاحة من قبل؛ مثل خدمات التزود بالوقود في مدخلي القناة الشمالي والجنوبي، وخدمات مكافحة التلوث وإزالة المخلفات الصلبة والسائلة من السفن، فضلاً عن خدمات الإنقاذ البحري وصيانة وإصلاح السفن في الترسانات التابعة للهيئة وغيرها».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وسبق وتوقع «البنك الدولي»، في أبريل (نيسان) الماضي، أن «يتسبب استمرار الأزمة في خسائر بنحو 3.5 مليار دولار في العائدات الدولارية لمصر، أي ما يعادل 10 في المائة من صافي الاحتياطيات الدولية في البلاد».

ورغم اتفاقه على «حتمية» عودة الملاحة في قناة السويس لطبيعتها فور استقرار الأوضاع، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، إلى أن «الأمر لن يكون بهذه السهولة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لو توقفت الحرب اليوم، فإن عودة الملاحة لطبيعتها في السويس قد تستغرق فترة تصل إلى عامين».

وأوضح بدرة أن «الأمر مرتبط بتقييم شركات الشحن الكبرى للمخاطر وهو أمر لا يحدث بين يوم وليلة»، مشيراً إلى أن «تداعيات حرب غزة الاقتصادية على قناة السويس كانت متوقَّعة حتى قبل بدء هجمات (الحوثي)، لا سيما مع عدم الاستقرار السياسي في المنطقة».

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن أي جهود تُبذل لمواجهة التداعيات سواء من قبيل تخفيضات الرسوم أو تقديم خدمات جديدة في قناة السويس «لن تستطيع الحد من الخسائر»، وذلك لأن «النشاط الرئيسي للقناة هو عبور سفن الشحن، أما باقي الأنشطة فيدخل في نطاق ما يستجد من أعمال»، محذراً من «استمرار نزيف الخسائر لا سيما مع اتساع نطاق الحرب في المنطقة، وعدم وجود أفق واضح لحل الصراع حتى الآن».