«نورية» تبتكر طرقًا غريبة للهروب من الموت المشاع في البلاد

شكلت محاولة لاستعادة المسرح النسوي العراقي

الممثلة هناء محمد (يمين) والمؤلفة والمخرجة ليلى محمد
الممثلة هناء محمد (يمين) والمؤلفة والمخرجة ليلى محمد
TT

«نورية» تبتكر طرقًا غريبة للهروب من الموت المشاع في البلاد

الممثلة هناء محمد (يمين) والمؤلفة والمخرجة ليلى محمد
الممثلة هناء محمد (يمين) والمؤلفة والمخرجة ليلى محمد

البحث عن سبيل للتعايش مع فكرة الموت والهروب منها، وصراع امرأة تخشى على ابنها من الموت فتلجأ إلى طريقة غريبة للحفاظ عليه، كانا تيمة العرض المسرحي العراقي الجديد «نورية»، الذي أثار إعجاب وتفاعل جمهور العرض معه، وأعاد الصوت النسوي لريادة المشهد الأدبي والفني من جديد. وكانت مؤلفة ومخرجة العمل الفنانة ليلى محمد، وبطلته الفنانة هناء محمد، في صراع جديد مع مفردات عمل فني وحياة حقيقية.
المسرحية النسوية المونودراما «نورية» عرضت على خشبة المسرح الوطني وسط بغداد، بزمن عرض مدته 50 دقيقة، وسط حضور حافل. وتميزت المسرحية بأداء حرفي عميق جسدته الفنانة هناء محمد في صراعها بين الخوف الطمأنينة والحقد والحب والأمومة والطفولة والرعب والتحدي. هي امرأة تعشق ولدها حتى إنها لجأت بعد عشرين عاما إلى إعادته إلى أحشائها خوفا عليه من الموت المشاع في البلاد، وربما تحديًا لهذا الموت، فيما توالت صور الحروب والاختطاف والحصار والسيارات المفخخة ومغتسل الموتى كمفردات اشتغلت عليها المؤلفة سعيًا للبحث عن فكرة جديدة للهروب من الموت.
تقول مخرجة العمل ومؤلفته الفنانة ليلى محمد: «إن فكرة العمل فلسفية، إذ إنه يطرح أسئلة حول الوجود وماهية الحياة وأسباب مغادرتنا الحياة دون استعدادٍ لذلك، وكذلك تساؤلات حول أسباب القتل والدمار والاغتصاب والفقر. وهذا كله قد يكون مؤذيا للمشاهد، لذلك حاولنا تجميل المأساة بالموسيقى، فقُمت بعزف آلة الجلو لجعل الفكرة أقل حدة ووجعا».
وأضافت ليلى محمد: «لقد تميزت أغلب أعمالي بمناقشة مواضيع المرأة العراقية، إذ أنجزت خمسة أعمال مسرحية تخص المرأة بين تمثيل وإخراج، سواء أكانت مونودراما أو غيرها». وردا على بعض الآراء حول صعوبة وصول العمل للمشاهد البسيط، تقول المؤلفة: «إن العمل فلسفي بالفعل، لكنها ليست الفلسفة الصعبة الوصول للمُتلقي، وذلك لأن كل بيت عراقي اليوم يمتلك شهيدا ومفقودا. فلسفة العمل لم تكُن متعالية، وكانت تُناقش مشكلة الموت، التي وضع الحل لها بأن البطلة تُعيد ابنها إلى رحمها، ليس خوفا عليه من الموت فقط، بل هو رد وتحدٍ وانتفاض على ذلك الغول الكبير الذي يُدعى الموت، والذي بات يقتات علينا الواحد تلو الآخر دون توقف».
وعن زميلتها الفنانة هناء محمد، ولماذا وقع الاختيار عليها بالذات، قالت: «العمل ممتع مع فنانة كبيرة مثل هناء محمد. وقد وقع عليها الاختيار لأننا على دراية بأنها من أكفأ الفنانات القادرات على تجسيد مثل هذا العمل».
بدورها، تقول بطلة العمل الفنانة هناء محمد: «الفكرة تتحدث عن معاناة المرأة العراقية التي أصبحت هَرِمة وقد لامسها الخرف وأصبح الموت يطاردها، إلا أنها حاولت الهروب منه باسترجاع ماضيها بين الطفولة والشباب والأمومة. لقد حاولت حماية ابنها من الموت وإرجاعهُ إلى رحمها بعد ما يقارب العشرين عاما من ولادته لكي لا تصله يد الموت، وبذلك كان العمل يحمل شيئا من السريالية».
وتضيف هناء محمد: «لقد استمر العمل على مسرحية (نورية) أكثر من شهرين ونصف الشهر، وكانت فترة مليئة بالتدريبات والتحضيرات المستمرة بمعدل أربع بروفات في اليوم وفي قاعات مختلفة. وكيفت حركتي وفق الإضاءة لأن القاعة كانت مظلمة والإضاءة غير كافية رغم الجهد الذي بذله مدير الإضاءة».
ويقول الخبير المسرحي يوسف رشيد عن فكرة العمل: «إن الفلسفة نتاج تأمل، وهو موضوع إنساني يمكن أن نصل به إلى المتلقي وفق أساليبنا التي نستخدمها من أجل ملامسة فكر المُتلقي، فالمسافة الجمالية التي من الممكن أن نحققها بيننا وبين المتلقي وكيف يمكن لنا التحكم بهذه المسافة تتركز في الصورة التي نظهرها من خلال العمل لتكون كفيلة بتوصيل الفكرة كما ينبغي». ويضيف قائلا: «من المؤكد نحن بحاجة إلى مدة عرض أطول كأن تكون شهرا أو أكثر، إلا أن الإمكانيات المُتاحة تجبرنا على تقليص مدة العرض، إلا أننا نأمل إطالة المدة وفق الجمهور الحاضر».



إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة
TT

إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة

أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية الروايات المرشّحة للقائمة الطويلة بدورتها عام 2025؛ إذ تتضمّن القائمة 16 رواية. وكانت قد ترشحت للجائزة في هذه الدورة 124 رواية، وجرى اختيار القائمة الطويلة من قِبل لجنة تحكيم مكوّنة من خمسة أعضاء، برئاسة الأكاديمية المصرية منى بيكر، وعضوية كل من بلال الأرفه لي أكاديمي وباحث لبناني، وسامبسا بلتونن مترجم فنلندي، وسعيد بنكراد أكاديمي وناقد مغربي، ومريم الهاشمي ناقدة وأكاديمية إماراتية.

وشهدت الدورة المذكورة وصول كتّاب للمرّة الأولى إلى القائمة الطويلة، عن رواياتهم: «دانشمند» لأحمد فال الدين من موريتانيا، و«أحلام سعيدة» لأحمد الملواني من مصر، و«المشعلجي» لأيمن رجب طاهر من مصر، و«هوّارية» لإنعام بيوض من الجزائر، و«أُغنيات للعتمة» لإيمان حميدان من لبنان، و«الأسير الفرنسي» لجان دوست من سوريا، و«الرواية المسروقة» لحسن كمال من مصر، و«ميثاق النساء» لحنين الصايغ من لبنان، و«الآن بدأت حياتي» لسومر شحادة من سوريا، و«البكّاؤون» لعقيل الموسوي من البحرين، و«صلاة القلق» لمحمد سمير ندا من مصر، و«ملمس الضوء» لنادية النجار من الإمارات.

كما شهدت ترشيح كتّاب إلى القائمة الطويلة وصلوا إلى المراحل الأخيرة للجائزة سابقاً، وهم: «المسيح الأندلسي» لتيسير خلف (القائمة الطويلة في 2017)، و«وارثة المفاتيح» لسوسن جميل حسن (القائمة الطويلة في 2023)، و«ما رأت زينة وما لم ترَ» لرشيد الضعيف (القائمة الطويلة في 2012 و2024)، و«وادي الفراشات» لأزهر جرجيس (القائمة الطويلة في 2020، والقائمة القصيرة في 2023).

في إطار تعليقها على القائمة الطويلة، قالت رئيسة لجنة التحكيم، منى بيكر: «تتميّز الروايات الستّ عشرة التي اختيرت ضمن القائمة الطويلة هذا العام بتنوّع موضوعاتها وقوالبها الأدبية التي عُولجت بها. هناك روايات تعالج كفاح المرأة لتحقيق شيءٍ من أحلامها في مجتمع ذكوريّ يحرمها بدرجات متفاوتة من ممارسة حياتها، وأخرى تُدخلنا إلى عوالم دينيّة وطائفيّة يتقاطع فيها التطرّف والتعنّت المُغالى به مع جوانب إنسانيّة جميلة ومؤثّرة».

وأضافت: «كما تناولت الكثير من الروايات موضوع السلطة الغاشمة وقدرتها على تحطيم آمال الناس وحيواتهم، وقد استطاع بعض الروائيين معالجة هذا الموضوع بنفَسٍ مأساوي مغرقٍ في السوداوية، وتناوله آخرون بسخرية وفكاهة تَحُدّان من قسوة الواقع وتمكّنان القارئ من التفاعل معه بشكل فاعل».

وتابعت: «أمّا من ناحية القوالب الأدبيّة فتضمّنت القائمة عدّة روايات تاريخيّة، تناول بعضها التاريخ الحديث، في حين عاد بنا البعض الآخر إلى العهد العبّاسيّ أو إلى فترة محاكم التفتيش واضطهاد المسلمين في الأندلس. كما تضمّنت القائمة أعمالاً أقرب إلى السيرة الذاتيّة، وأخرى تشابه القصص البوليسيّة إلى حدّ كبير».

من جانبه، قال رئيس مجلس الأمناء، ياسر سليمان: «يواصل بعض روايات القائمة الطويلة لهذه الدورة توجّهاً عهدناه في الدورات السابقة، يتمثّل بالعودة إلى الماضي للغوص في أعماق الحاضر. لهذا التوجّه دلالاته السوسيولوجية، فهو يحكي عن قساوة الحاضر الذي يدفع الروائي إلى قراءة العالم الذي يحيط به من زاوية تبدو عالمة معرفياً، أو زاوية ترى أن التطور الاجتماعي ليس إلّا مُسمّى لحالة تنضبط بقانون (مكانك سر). ومع ذلك فإنّ الكشف أمل وتفاؤل، على الرغم من الميل الذي يرافقهما أحياناً في النبش عن الهشاشة وعن ضراوة العيش في أزمان تسيطر فيها قوى البشر على البشر غير آبهة بنتائج أفعالها. إن مشاركة أصوات جديدة في فيالق الرواية العربية من خلفيات علمية مختلفة، منها الطبيب والمهندس وغير ذلك، دليل على قوّة الجذب التي تستقطب أهل الثقافة إلى هذا النوع الأدبي، على تباين خلفياتهم العمرية والجندرية والقطرية والإثنية والشتاتية». وسيتم اختيار القائمة القصيرة من قِبل لجنة التحكيم من بين الروايات المدرجة في القائمة الطويلة، وإعلانها من مكتبة الإسكندرية في مصر، وذلك في 19 فبراير (شباط) 2025، وفي 24 أبريل (نيسان) 2025 سيتم إعلان الرواية الفائزة.

ويشهد هذا العام إطلاق ورشة للمحررين الأدبيين تنظّمها الجائزة لأول مرة. تهدف الورشة إلى تطوير مهارات المحررين المحترفين ورفع مستوى تحرير الروايات العربية، وتُعقد في الفترة بين 18 و22 من هذا الشهر في مؤسسة «عبد الحميد شومان» بالأردن.