بوش الأب ينتقد ابنه وتشيني ورامسفيلد

بسبب غزو العراق وقرارات أخرى

بوش الأب مع الابن
بوش الأب مع الابن
TT

بوش الأب ينتقد ابنه وتشيني ورامسفيلد

بوش الأب مع الابن
بوش الأب مع الابن

رغم أن الرئيس السابق جورج دبليو بوش قال، مرات كثيرة، إن والده، الرئيس الأسبق، جورج ووكر بوش، لم يتدخل في قراره حول غزو العراق عام 2003، قال الوالد، في كتاب عن سيرة حياته سيصدر في الأسبوع القادم، إن ذلك لم يكن كل الحقيقة. وشن بوش الأب هجوما على ابنه، وعلى نائب ابنه ديك تشيني، وعلى وزير دفاع ابنه، دونالد رامسفيلد.
شن بوش أكثر الهجوم على رامسفيلد. ووصفه بأنه «زميل متغطرس. أعتقد أنه خدم الرئيس (ابنه) خدمة سيئة». وأضاف: «لم أكن أبدا قوي العلاقة معه. ينقصه التواضع. ولا يضع اعتبارا لرأي الشخص الآخر. ويميل نحو (كيك إس) /يقصد تأديب الناس/، ووضع أسماء، وأرقام (للانتقام من أعدائه)».
وأضاف بوش الأب: «أعتقد أنه دفع ثمنا لذلك (إشارة إلى أن رامسفيلد استقال من وزارة الدفاع بسبب سياسته في العراق بعد الغزو)».
وشن بوش الأب هجوما عنيفا، أيضا، على ديك تشيني، وزير الدفاع في عهد بوش الأب نفسه، ثم في عهد بوش الابن. وقال بوش الأب عن تشيني: «صار متشددا جدا، ومختلفا جدا عن ديك تشيني الذي عرفته، وعملت معه».
وربط بوش الأب بين هذا التغيير وهجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001. وقال إنها أثرت على آرائه. ووصفه بأنه صار «ايارن اس» (حمار من الحديد). و«انحدر إلى مستوى المتشددين الذين يريدون محاربة كل شيء. ويريدون استخدام القوة لتنفيذ سياستنا في الشرق الأوسط».
وقال بوش الأب إن شيني تأثر، أيضا، بآراء زوجته وابنته المحافظتين. و«كانت له إمبراطورية خاصة به، وسار على دقات طبولها».
بعد أن انتقد بوش الأب رامسفيلد وتشيني، انتقد ابنه الرئيس السبق، وقال إنه يتحمل مسؤولية أخطاء الذين اختارهم ليساعدوه.
وأضاف: «الخطأ الكبير الذي حدث هو السماح لشيني بأن يؤسس ما يشبه وزارة الخارجية في مكتبه في البيت الأبيض. لكن، ليس هذا خطأ شيني. هذا خطأ الرئيس». استعمل بوش الأب العبارة الأميركية «ذا باك ستوبز هير» (المسؤولية تقع هنا).
وانتقد بوش الأب ابنه، أيضا، بأنه كان يستعمل عبارات وشعارات حماسية وعاطفية. وقال بوش الأب: «أحس بالقلق للخطابات والكلمات الساخنة في ذلك الوقت. بعضها منه هو. وبعضها من الذين كانوا حوله». وأضاف: «سهل على الكلمات الساخنة أن تتصدر صفحات الصحف، ونشرات الأخبار. لكنها، بالضرورة، لا تحل المشكلة الدبلوماسية».
في الكتاب: «ديستاني آند باور» (القدر والسياسة: ملحمة أميركية لجورج هيربرت ووكر بوش) الذي كتبه الأستاذ الجامعي جون ميشام، تعليق من بوش الابن عن ما قال عنه والده. قال الابن: «صحيح أن خطبي وتصريحاتي الحماسية كانت قوية جدا، وأزعجت بعض الناس. ومنهم والدي، رغم أنه لم يقل ذلك لي».
وأضاف بوش الابن: «لم توقع أن يقول لي والدي إنك يجب أن تسيطر على تشيني، لأنه يسيطر على إدارتك. ليست هذه من عادات والدي».
لكن، رد بوش الابن بقوة على ما قال عنه والده: «في كل الأحوال، أنا أختلف معه في وصفه لما كان يحدث. أنا الذي وضعت السياسة، وأنا الذي أمرت بأن تنفذ. كانت سياستي، وكانت فلسفتي».
أمس الخميس، سال تلفزيون «فوكس» رامسفيلد عن ما قال عنه بوش الأب، ورفض التعليق. وسالت تشيني عن ما قال عنه بوش الأب، وأجاب: «كانت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) أفظع من الهجوم على قاعدة بيرل هاربر (هجوم اليابان الذي زاد اشتعال الحرب العالمية الثانية). أعتقد أن كثيرا من الناس أيدوني، ويؤيدونني حتى اليوم، بأنني كنت متشددا في ردود الفعل التي كانت هي المطلوبة لحماية الوطن».
ونفى تشيني ما قال بوش الأب بأن زوجته وبنته المتطرفتين أثرا عليه. وقال: «ضحكنا، زوجتي وابنتي، على ذلك. لكن، أنا مسؤول عن ما قلت وما فعلت».
وعن الكتاب نفسه، قال تشيني إن «فيه يوميات بوش (الأب)، وهي مثيرة. تحس بماذا كان يفكر خلال لحظات حرجة في حياته.. وأنا فخور بما جاء في الكتاب عني».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.