رئيس حكومة إقليم كردستان: أربيل لن تسمح لبغداد بالسيطرة على نفطها

بارزاني يصف المرحلة التي يمر بها العراق بـ«الجديدة تمامًا»

ملتقى الشرق الاوسط للبحوث في اربيل، حضور رئيس حكومة الإقليم و رئيس البرلمان العراقي و عدد كبير من قادة القوى السياسية في العراق
ملتقى الشرق الاوسط للبحوث في اربيل، حضور رئيس حكومة الإقليم و رئيس البرلمان العراقي و عدد كبير من قادة القوى السياسية في العراق
TT

رئيس حكومة إقليم كردستان: أربيل لن تسمح لبغداد بالسيطرة على نفطها

ملتقى الشرق الاوسط للبحوث في اربيل، حضور رئيس حكومة الإقليم و رئيس البرلمان العراقي و عدد كبير من قادة القوى السياسية في العراق
ملتقى الشرق الاوسط للبحوث في اربيل، حضور رئيس حكومة الإقليم و رئيس البرلمان العراقي و عدد كبير من قادة القوى السياسية في العراق

قال رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني أمس إنه من حق الإقليم الاستقلال عن العراق، مؤكدا أن ذلك سيكون بالتفاهم لا عن طريق الحروب والعنف، واصفا ذلك بالحق الشرعي للأمة الكردية، على حسب تعبيره.
ووصف في مشاركة له ضمن مناظرة بملتقى الشرق الأوسط للبحوث في أربيل المرحلة التي يمر بها العراق بالجديدة تماما، وقال: إن الجميع انتظروا تطبيق الدستور في البلاد لمدة اثني عشر عاما لكنه لم يطبق، مضيفا: «لا يمكننا الانتظار اثنتي عشرة سنة جديدة لنعرف هل سيطبق الدستور أم لا، يجب علينا الجلوس بجدية للتفكير بكيفية إعادة صياغة البلد، وفي أي قرار سيتخذه الكرد ستبقى بغداد الشريك الأساسي لهم لذا يجب أن يتخذ أي قرار بشكل منظم واستراتيجي». وشدد على أن أربيل لن تسمح إطلاقا للحكومة العراقية في بغداد بالسيطرة على نفطها مجددا. أما رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري فأكد أن ضعف الإقليم يعني ضعفا لجميع العراق.
وعن الحرب على «داعش» قال: «هي من أولويات إقليم كردستان، لدينا حدود مع المناطق التي يسيطر عليها التنظيم المتطرف وصل طولها إلى 1100 كيلومتر، ضحينا حتى الآن في الحرب مع التنظيم بنحو 1300 مقاتل من قوات البيشمركة، في حين بلغ عدد جرحى البيشمركة 7000 جريح، نحن نشكر كافة دول العالم التي قدمت لنا المساعدة في هذه الحرب، من بينها تركيا وإيران والدول الأوروبية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية».
أما عن الوضع الداخلي في الإقليم فأكد بارزاني أن كردستان تمر بمرحلة انتقالية تحتاج إلى الصبر والتحمل، مؤكدا أن الحديث عن الديمقراطية وبناء مؤسسات الدولة وسيادة القانون يحتاج جهدا وعملا يوميا ويستغرق سنين للوصول إلى تلك المرحلة وأضاف: «بلا شك لدينا مشاكل داخلية في الإقليم، نحن شكلنا حكومة ذات قاعدة موسعة، ووضعنا أساس هذه الحكومة من أجل العمل على حل المشاكل التي تحدثنا عنها الآن بفريق موحد، والعمل من أجل تحقيق أهدافنا، لكن مع الأسف تقع في بعض الأحيان في موقف بين السيئ والأسوأ ويجب أن تختار أحدهما، نحن اتخذنا خطوتنا في هذا المجال من أجل الحد من توسع المشكلة، لكن هذا لا يعني أن كل شيء انتهى وأننا كقوى سياسية لا يمكننا أن نتحدث مع بعض أو أن نتفاهم مع بعض، لدينا إيمان كامل بأن المشاكل الحالية في الإقليم يجب حلها بالحوار والتفاهم، ونحن بالتأكيد سنختار خيار الاستقرار فيما إذا خُيرنا بينه وبين خيار آخر، مشكلة الإقليم الآن في أنه يحتضن نحو مليون وسبعمائة ألف نازح، ونخوض الحرب ضد داعش، ولدينا أزمة اقتصادية، وهذه المشاكل هي من أولوياتنا ويجب أن نعالجها، وحكومة الإقليم ستعمل كل ما في وسعها من أجل حل هذه المشاكل»، مستدركا الحديث بقوله: «عندما نقول إننا نعود إلى بغداد، هذا لا يعني أن سياسة الإقليم فشلت، فسياستنا لم تفشل أبدا في مجال النفط، واستطعنا أن ننشئ بنية اقتصادية قوية، لكن مسألة انخفاض أسعار النفط أثرت بشكل كبير على أوضاع الإقليم والعراق بشكل عام، نحن الآن أيضا نريد أن نجد طريقة للحل مع بغداد، لكن إذا لم يكن هناك طريقة حل فما العمل». مؤكدا في الوقت ذاته أن: «الإقليم لن يسمح لبغداد مرة أخرى بالسيطرة على نفطه».
بدوره قال النائب الثاني للأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، برهم صالح، في حديث له خلال مشاركته في إحدى مناظرات الملتقى: «العراق يتطلب مرحلة تأسيسية جديدة، ويتطلب حوارا حقيقيا بين مكوناته وأعضاء التيارات الأساسية في هذا البلد، لأن ما بنيناه في السابق لم يعد قادرا على الإدامة، لا اقتصاديا ولا أمنيا ولا سياسيا، يتطلب حوارا للوصول إلى صيغة من التوافق حقيقية تؤمن نظرة مشتركة فعلية، حوارا يتطلب صراحة وجريئة في الحديث لوضع النقاط على الحروف، وعلينا نحن الكرد أن نحسم أمرنا حسما واضحا، هل نحن مع الانفصال عن هذه الدولة، والذهاب إلى ما نتطلع إليه بكل مشاعرنا كدولة مستقلة أسوة بشعوب العالم، وهذا القرار أساسا قرار كردي، ويتطلب حوارا كرديا داخليا، وتوفير المستلزمات له، وأول عاصمة ودولة يجب البت معها في هذا الموضوع والحديث معها هي بغداد، فحتى لو كنا دولة مستقلة فالمرتكز بغداد، فالدولة الأكثر ترابطا وصداقة مع كردستان سيكون العراق العربي، وهذا القرار يتطلب إجراءات كردية داخلية منها توحيد البيشمركة، وإصلاحات اقتصادية جدية وقرارات جريئة تمكن الشعب الكردي من ممارسة هذا الحق الطبيعي»، مشددا بالقول: «بغداد هي الطرف الذي يتطلب هذا النقاش الحقيقي، ونصل إلى آلية للفصل الأخوي والصديق بيننا، لكن إن ارتضينا أن نعيش معا ضمن دولة عراقية اتحادية أو كونفدرالية أو أي شكل آخر، فهناك التزامات متبادلة بيننا وبين بغداد والأطراف الأخرى، التزامات واضحة اقتصادية سياسية أمنية».
أما رئيس مجلس النواب العراقي، سليم الجبوري، فقال خلال كلمة له في الملتقى: «الحرب مع داعش سوف تستمر فترة أطول مما هو متوقع»، ملمحا إلى أن العراق يمر بمرحلة حرجة من ناحية الملف الأمني، مضيفا بالقول: «إن وجود السلاح خارج إطار الحكومة وانتشار الميليشيات أثر سلبا على عدم استقرار العراق»، موضحا أن احتياجات المعارك أثقلت كاهل الدولة، وعن العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، بين الجبوري بالقول: الخلاف السياسي بين بغداد وأربيل أثر كثيرا على العملية السياسية، مؤكدا أن ضعف إقليم كردستان يعني ضعف العراق أجمع.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.