عاد الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح إلى هوسه بالظهور في وسائل الإعلام، في محاولة لكسر العزلة المفروضة عليه من قبل الحكومة الشرعية بمساندة من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، وظهر أول من أمس، بمقر السفارة الروسية في صنعاء شاحبا ومضطربا يبحث عن حل سلمي للمحنة التي أوقع نفسه وبلده فيها، بحسب ما بثته قناته «اليمن اليوم».
وبدا صالح خلال اللقاء في المقطع الذي لا يتجاوز دقيقة ونصف، مرتديا بدلة عادية، وربطة عنق مخططة، وامتلأ وجهه بتجاعيد كبر السن الذي يتجاوز سبعين عاما. ويعرف عن صالح هوسه بالظهور في وسائل الإعلام، وهو ما يعتبره مراقبون مرضا نفسيا يحاول من خلاله الخروج من العزلة التي ختم بها حياته السياسية، حيث ظهر مؤخرا في لقاء تلفزيوني مع إحدى القنوات التابعة لإيران وتبث من بيروت، وبدا فيه متناقضا مع نفسه، وقبلها ظهر في قنوات مصرية وروسية، إضافة إلى محاولته إظهار نفسه في صورة الصمود عندما تم قصف منزله في مايو (أيار) الماضي، وأعلن من فوق ركام منزله تحالفه مع الحوثيين بشكل رسمي.
وعلى غير العادة ظهر صالح بمقر السفارة الروسية في صنعاء دون اصطحاب أي من القيادات الموالية له في حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي قرر خلال اجتماع في العاصمة السعودية الرياض، عزله من الحزب، أو أي من أقاربه أو حراسه، وظهر، بحسب ما بثت قناة «اليمن اليوم» المملوكة له، وحيدا مع اثنين من العاملين في السفارة الروسية في صنعاء، فيما لم يعرف إن كان اللقاء بتنسيق مع حلفائه الحوثيين أم لا.
وقدمت القناة المخلوع علي عبد الله صالح بصفته رئيس الجمهورية اليمنية السابق، ورئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، وهو ما يشير إلى محاولة استعطاف أتباعه والتأثير عليهم. وأظهرت القناة هوس صالح بنفسه، ومحاولة التشبث بالتقاليد الدبلوماسية وتصوير نفسه بأنه لا يزال يحتفظ بالحكم، مقدما تعازيه الشخصية إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمقتل 224 روسيًا في سقوط الطائرة الروسية في مصر.
وذكرت القناة أن صالح أشاد بعمق علاقة حزب المؤتمر الشعبي، مع حزب «روسيا الموحدة»، والتي تمتد إلى عقود، كما قال. وتغيرت لهجة التحدي التي كان يظهرها صالح في مقابلاته التلفزيونية الأخيرة، وكشفت القناة عن سعى صالح لحل الأزمة التي ورط اليمن والشعب فيها، سلميا، بعد أن وصلت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية لمناطق تحيط بالعاصمة صنعاء، وقرب تحرير مدينة تعز التي تسيطر على أغلب مناطقها قوات الشرعية. فبحسب القناة، فإن صالح ثمن موقف روسيا في دعم الحلول السلمية للصراع في اليمن وحرصها على إخراجه من محنته، وهو ما يعنى محاولة من صالح للبحث عن حل سلمي لخروجه بشكل آمن، بعد أن فقد القدرة العسكرية على التحكم في الأحداث بعد الانقلاب على الشرعية في سبتمبر (أيلول) 2014.
وقد أفادت مصادر يمنية بتقديم صالح طلبا إلى القيادة الروسية للتحرك بمبادرة سياسية تضمن خروجا آمنا له مع إمكانية أن تكون موسكو هي وجهته الاختيارية في حال حصلت ترتيبات لخروجه من البلاد. وبحسب وسائل إعلامية، فإن المصادر اليمنية لم تؤكد إذا ما كانت الخطوة التي قام بها صالح انفرادية، أم باسمه واسم حلفائه الحوثيين، لكنها أوضحت أن الطلب تم تقديمه تحت غطاء الزيارة التي قال الموقع الرسمي لحزبه إنه قام بها أمس إلى مقر سفارة روسيا الاتحادية في صنعاء لتقديم واجب العزاء في ضحايا الطائرة الروسية التي سقطت في سيناء المصرية قبل أيام.
وتأتي زيارة صالح إلى مقر السفارة الروسية وحديثه عن دور روسي للوصول إلى حل سلمي للأزمة، بعد أسبوعين من تحركات دبلوماسية للحوثيين في موسكو، قبيل انطلاق المشاورات المقررة أواخر الشهر الحالي في جنيف بين الأطراف اليمنية برعاية من الأمم المتحدة. وقالت الخارجية الروسية إن اللقاء تم بين ميخائيل بوغدانوف المبعوث الشخصي للرئيس فلاديمير بوتين ونائب وزير الخارجية الروسي، وعدد من ممثلي التنظيمات السياسية اليمنية ومنها «أنصار الله»، والحراك الجنوبي، والحزب الاشتراكي اليمني. وتناول اللقاء «تطورات الوضع الراهن في اليمن، وخلص الجانبان إلى ضرورة الاعتراف بأنه لا حل آخر للأزمة الراهنة سوى التسوية السياسية للقضايا العالقة في الساحة اليمنية». لكن مراقبين أكدوا أن الوفد الحوثي حمل مطالب حوثية بدعم دبلوماسي روسي وبتدخل أكبر في الوضع القائم في اليمن، خاصة بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا، وطلبوا من روسيا مدهم بأسلحة وذخائر وخبراء، خصوصا أن السلاح اليمني في معظمه روسي وقد توقفت عمليات صيانته منذ مغادرة كل الخبراء الروس والأجانب اليمن مع اندلاع الحرب والمواجهات. وأشار المراقبون إلى أن الطائرات الروسية سبق أن حطت في مطار صنعاء عدة مرات في أوج النزاع المسلح، دون قيود من دول التحالف.
كما أجرت الحكومة الشرعية خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكثر من أربعة لقاءات مع السفير الروسي في الرياض أوليغ أوزيروف، وركزت لقاءات أوزيروف بالرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه رئيس الحكومة خالد بحاح، على حرص روسيا على أمن واستقرار ووحدة اليمن وشرعيته الدستورية، والتأكيد أن تنفيذ القرارات الأممية؛ وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن رقم «2216»، يمثل خارطة طريق لأمن واستقرار اليمن.
من جانبه، عد نجيب غلاب، المحلل السياسي، ظهور صالح في هذا التوقيت محاولة فاشلة للبحث عن منقذ له ولأسرته، وقال غلاب في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن «صالح وصل لقناعة بأنه عاجز وفاشل، بعد أن فقد كل أوراقه في الفوضى والقتل، ولم يعد له أي خيار سوى البحث عن طوق نجاة لإنقاذ رقبته من حبل المشنقة الذي وضعه حولها».
وأشار إلى أن صالح «صنع مشنقته بيديه، بتحالفه مع الحوثيين لتخريب بلاده وتشويه سمعته»، موضحا أن «روسيا مؤيدة للشرعية، ولها ثقلها الدولي؛ إذ إنه من الصعوبة أن يتجه صالح إلى أي خصم للشرعية أو معاد للتحالف العربي»، ولفت إلى أن «صالح يهدف إلى استغلال علاقته القديمة مع روسيا، لكي تكون داعمة للانقلاب، لكن روسيا أكدت له أنها مع التحالف، ومع الشرعية، وأنها لا تتعامل وفق العواطف والعلاقات، وإنما وفق المصالح الخاصة بحكومتها»، وتابع: «صالح لم يعد يمثل لها أي مصلحة، لذا يحاول أن تساعده للخروج من النهاية التي ختم بها حياته».
وشدد على أن «الرسالة التي أراد صالح توصيلها من خلال ظهوره في السفارة الروسية موجهة إلى أتباعه فقط، ومفادها أنه يمكن لروسيا أن تكرر تجربة سوريا وتحاول أن تنقذه.. لكن ذلك لن يحصل»، واعتبر المحلل السياسي غلاب «هروب صالح من أزمته إلى الظهور العلني، حالة نفسية يعيشها الرجل بعد أن وصل إلى مرحلة التخبط والخوف من نهاية قد تكون شبيهة بنهاية معمر القذافي في ليبيا».
صالح يبحث عن حل سلمي لدى الروس لإخراجه من «ورطته»
التقى وحيدًا بموظفين من السفارة الروسية في صنعاء.. وتحدث عن الخيار السلمي للأزمة
صالح يبحث عن حل سلمي لدى الروس لإخراجه من «ورطته»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة